هكذا تُهان "إسرائيل" أمام بطل من أبطال فلسطين
العملية البطولية التي قام بها عدي التميمي أصبحت شُعلة النضال البطولي ضد المستعمر الصهيوني، وأضحى عُدي بطلاً قومياً وعربياً وإسلامياً لم يستسلم للعدو.
تشرق شمس الجهاد في فلسطين مع كل عملية يقوم بها بطلٌ من حطّين أو فرد من مجموعة "عرين الأسود"، لتظهر مدى حنق الصهاينة المجرمين على كل مقاوم شابّ أو طفل صغير يمسك حجارة في وجه جنود مدججين بالسلاح، وتبيِّن أن هؤلاء المعتدين الصهاينة لن يكونوا بأمان ما داموا يقتلون ويعتدون ويسلبون ويسرقون وينتهكون ولا يلتزمون أيّ قانون محلّي ولا عالمي ولا أممي.
أدرك الفلسطينيون أنّ مزاعم السلام تبخّرت ولم يعد لها مكان، وأن العالم صار مشغولاً بقضاياه الأخرى المتعددة والكثيرة والمتباينة، وأنَّ الألم عمّ ربوع الأرض، بعد الأحداث المتتالية والخطرة التي مسّت البشرية من أقصاها إلى أقصاها، ولم يعد أحد بمأمن من تأثيراتها المباشرة وغير المباشرة، وأنَّ الوقت حان أكثر من أي زمن مضى للعمل المسلّح ضد طائفة لا تعرف إلا القوة سبيلاً لزعزعة عرشها من الداخل.
وعلِم الشباب في فلسطين أن لا مجال للدّعة والراحة، ولا مجال للتسويف وتعطيل حكمٍ شرّعه الله تعالى للدفاع عن الأرض والمقدّسات، ولا حديث إلا عن مطاردة جنود الاحتلال في أي مكان، وفي أي حاجز، وفي أي أرض، لأنهم أهل حرب ومحارِبون وقطّاع طرق لا تنطبق عليهم مبادئ السلام العامة العالمية وقوانينها، ولأنهم استعمروا المنطقة منذ 70 عاماً، وليس لديهم نية للخروج منها بأمان، بل كانوا، وما زالوا، مصرّين على أنها بلادهم وقطعة من تاريخهم الذي لا تاريخ له.
في هذه اللحظة التاريخية، قرّر الشباب النضال ضد عدوٍّ يتربّص به من كل جانب، ويضيّق عليه الخناق كل يوم، ولا يدعه يتنفّس كبقية الشعوب المتحررة التي تنعم بالحرية في بلادها، لكن العزّة لا تباع بثمن، إنما تُكتسب أو بالأحرى تُفتكّ بالقوة عندما لا يدرك العدو خطر ما يقوم به، وحين يتمادى في غيّه وغطرسته وجبروته من دون أدنى احترام لحقوق الإنسان ولمبادئ التعامل مع أصحاب الأرض الحقيقيين.
وانبرى عددٌ منهم لأخذ الحقّ بالقوة، وذلك بإثارة العدو الصهيوني وشغله عن اعتداءاته المتكررة على الفلسطينيين من دون وجه حق، وجذب نظر العالم إلى أنَّ من حق الفلسطينيين أن ينعموا بدولة حرة ومستقلة كبقية الشعوب، بل إنَّ كل الشعوب المستعمرة ناضلت من أجل التحرير، وكان العالم برمته إلى جانبها يساعدها ويساندها بكل الوسائل والسبل الممكنة والمعلومة سلفاً عند الجميع، ولم يقف في وجهها إلا العدو الَّذي يعتبر أنها حق له، وإن تمرّد عليه كلّ الشعب، فلم لا ينطبق هذا القول على الشعب الفلسطيني اليوم، الذي ما زال يرزح تحت نيران العدو الصهيوني!؟
العملية البطولية التي قام بها عدي التميمي أصبحت شُعلة النضال البطولي ضد المستعمر الصهيوني، وأضحى عُدي بطلاً قومياً وعربياً وإسلامياً في عين كل فلسطيني وعربي ومسلم. لم يستسلم للعدو الصهيوني، وظل يقاوم إلى آخر لحظة من حياته، ونذر حياته فداء للوطن مخلصاً مناضلاً ينشد الهدف السامي من خلال هذه العملية البطولية، وهو تحرير فلسطين، فالثورة تشتعل من شرارة، والتحرير يتحقق من نضال ومقاومة واستمرار وثبات.
ما نراه من الشبان الفلسطينيين اليوم هو عين الجهاد الذي نادى به الشرع الحنيف في وجه قوة غاشمة لا تعرف إلا القوة سبيلاً للتحرير. وإذا استمرت هذه العمليات الفردية والجماعية، فإن العدو سيرتعش أمامها، وسيضعف يوماً بعد يوم، وسيستسلم في النهاية، فهو أجبن جيش في العالم، ولا بدّ من أن تستمر هذه العمليات في التدفق نحو المستوطنات الصهيونية، وبين الأزقة، وعند الحواجز، وفي كل مكان، وبأساليب متعددة ومتكررة ومختلفة.
عدي شاب فلسطيني اختار أن يكون شهيداً في هذه العملية، واستشهد شباب كثيرون غيره، وستطول القائمة أمام تعنت الجيش الصهيوني. وقد قدّم الوطن الفلسطيني قائمة طويلة وكبيرة بأبطال شهداء نذروا أنفسهم لفلسطين والقدس، وبيّنوا للعالم أجمع أن ما أُخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، فتراجعت أستراليا عن الاعتراف بالقدس عاصمة لـ"إسرائيل"، وتتالت النداءات المتكررة لبني صهيون لتحرير فلسطين، وتعكّرت العلاقات بين روسيا و"إسرائيل"، وغيرها من الأحداث المتتالية، وهي كلها تدعو هذا العدو الغاشم إلى الخروج فوراً، وإلا فإنه سيلاقي الأمرّين، ولن ينعم بالسلام مدى الحياة.