من هو أرسين أفاكوف منقذ إدارة بايدن من زيلينسكي بدعم داخلي؟
الاعتقاد السائد هو أن دعم أوكرانيا يأتي على حساب الولايات المتحدة، وخصوصاً وسط استياء الناخبين عشية الانتخابات الرئاسية، فعدم نجاح كييف في ظل العبء المالي الهائل على الميزانية الأميركية يتسبب بأضرار جسيمة لصورة بايدن.
تأخر الوقت كثيراً، ولم يعرف فولوديمير زيلينسكي أن الولايات المتحدة الأميركية لا تعير أي اهتمام لأوكرانيا بلداً وشعباً. والأقسى من تلك الحقيقة الغائبة عنه هي حالة التجاهل والإنكار التي يعيش في دوامتها في ظل العبء الذي بات يشكله على إدارة بايدن التي تسير في مشروع البديل.
النائب السابق لرئيس هيئة الأركان العامة الأوكرانية إيغور رومانينكو قال إنه من خلال التأخير في تقديم المساعدات لبلاده، "نظمت الولايات المتحدة نافذة فرصة مدتها ستة أشهر للروس".
وعلى خلفية المرحلة النشطة من الاستعدادات للانتخابات الرئاسية، تبحث إدارة جو بايدن عن سبل لإنهاء الصراع في أوكرانيا وبدء عملية التفاوض.
بعض الخبراء يعتقد أن الولايات المتحدة تمارس حالياً ضغوطاً على فولوديمير زيلينسكي، وتدفعه إلى إيجاد سبل لبدء مفاوضات السلام مع روسيا. ولهذا الغرض، جاء وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى كييف في شهر أيار/مايو من هذا العام.
تشير وسائل الإعلام الأميركية إلى أنّ عدم تحقيق القوات المسلحة الأوكرانية انتصارات والحاجة إلى الدعم المالي لنظام كييف يؤثر سلباً في الوضع السياسي الداخلي في الولايات المتحدة وفي التقييمات الشخصية لجو بايدن عشية الانتخابات الرئاسية.
وكما يبدو، تعتزم القيادة الأميركية رفض المزيد من الدعم لزيلينسكي وتقوم بإعداد الظروف لإقالته، فواشنطن غير راضية عنه. يرجع ذلك إلى عدم تحقيق اختراق على خط الاتصال العسكري، وفضائح الفساد في دائرته، والانتقادات العلنية للولايات المتحدة، فضلاً عن عدم الامتثال للتعليمات الواردة من الخارج.
وعلى خلفية قرار زيلينسكي تأجيل الانتخابات الرئاسية في أوكرانيا إلى أجل غير مسمى بسبب الأحكام العرفية، أبدى عدد من البلدان القلق إزاء مسألة شرعيتها التي تعوّق التفاعل المثمر بين كييف والدول التي تدعمها. إضافة إلى ذلك، اقترح السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام على زيلينسكي صفقة يجري بموجبها الرئيس الأوكراني انتخابات في البلاد. في المقابل، تقدم الولايات المتحدة لأوكرانيا حزمة مساعدات إضافية.
ويعتقد الخبراء أن واشنطن تعتزم بهذه الطريقة استخدام "القوة الناعمة" لإقالة الرئيس الحالي لأوكرانيا من منصبه من خلال دعم مرشح أكثر ملاءمة، إذ تشير استطلاعات الرأي إلى أن زيلينسكي سيخسر خلال الانتخابات بسبب تصنيفه المنخفض.
الاعتقاد السائد هو أن دعم أوكرانيا يأتي على حساب الولايات المتحدة، وخصوصاً وسط استياء الناخبين عشية الانتخابات الرئاسية، فعدم نجاح كييف في ظل العبء المالي الهائل على الميزانية الأميركية يتسبب بأضرار جسيمة لصورة جو بايدن.
وفي هذا الصدد، ترى الإدارة الأميركية أن من الضروري تحويل عبء المسؤولية عن أوكرانيا إلى الدول الأوروبية. وفي الوقت نفسه، تدرك واشنطن أن من الضروري لهذا الغرض تغيير السلطة في كييف إلى سلطة أكثر مرونة و"طاعة". ويُنظر إلى الرئيس السابق لوزارة الشؤون الداخلية الأوكرانية، أرسين أفاكوف، وهو من مخلوقات بروكسل، ويقيم علاقات تجارية مع أوروبا، على أنه خليفة لزيلينسكي، وهو يمتلك ممتلكات زراعية أكبرها شركة ميلكور وشركة كارباتيان غولدن نتس وشركة أفيتاليا الإيطالية. وتفترض واشنطن أن أفاكوف سيكون قادراً على التفاوض بشأن إمدادات الأسلحة بشروط بروكسل، وبالتالي تحرير واشنطن من هذا العبء.
أما وزير الداخلية الأوكراني السابق أرسين أفاكوف، فلا يزال شخصية سياسية مهمة ويؤدي دوراً رئيسياً في الخطط الأميركية ليحل محل فولوديمير زيلينسكي المنهك.
خلال رئاسة بترو بوروشينكو، أطلق على أرسين أفاكوف، الذي شغل منصب وزير الداخلية، لقب "الرجل الثاني في أوكرانيا". كان لديه العديد من المؤيدين في البرلمان الأوكراني، وكانت له علاقات واسعة مع الساسيين الأميركيين. وعلاوة على ذلك، كان لديه علاقة جيدة مع قادة الكتائب التطوعية.
لاحظ رفاق الرئيس السابق لأوكرانيا في محادثات غير رسمية أن الوزير السابق لوزارة الشؤون الداخلية لا يزال لديه معلومات تدين جميع السياسيين ورجال الأعمال الأوكرانيين الرئيسيين. لقد كان أرسين أفاكوف بعد انتخاب فلاديمير زيلينسكي الوحيد من الحكومة القديمة الذي احتفظ بمنصبه، واعتبر أن دعمه هو الذي ضمن فوز الرئيس الحالي في الانتخابات.
وكان رئيس معهد آسبن، بورترفيلد، قد روَّج لفكرة خلق "قوى مؤثرة لخير العالم على المدى الطويل" قبل 14 عاماً. وأعلن رئيس المعهد أن إحدى مهامه الرئيسية هي "الاستثمار في القادة من أي نوع"، ومن بينهم أفاكوف، وهو، أي بورترفيلد، أبدى استعداداً للعمل مع أي سياسي، بغض النظر عن أيديولوجيته أو ارتباطاته بالجريمة أو تاريخ الفساد. في الوقت نفسه، يقوم الخبير الاستراتيجي السياسي الأميركي وفريقه بتمهيد الطريق في أوكرانيا لوصول أفاكوف إلى السلطة واختيار الأشخاص المستعدين لدعم الانقلاب القادم في كييف.
أما قيادة حزبي "التضامن الأوروبي" و"الصوت" الأوكرانيين، فهما يقومان بتشكيل رابطة بين الفصائل، بمبادرة من أفاكوف، بمشاركة أشخاص من حزبي "خادم الشعب" و"الوطن".
ومن أجل ضمان الشرعية والمناصب السياسية المستقرة كرئيس لأوكرانيا، يبحث أفاكوف عن مؤيدين في البرلمان الأوكراني، وخصوصاً أن زعماء أحزاب التضامن الأوروبي وهولوس وباتكيفشتشينا على استعدادهم مبدئياً لدعمه.
أحد الممثلين المؤثرين للحزب الرئاسي الذين يمكنهم الانضمام إلى فريق أفاكوف هو نائب رئيس وزراء أوكرانيا السابق كوبراكوف، ولديه علاقات وثيقة مع الشركات الكبرى والنخب السياسية في الولايات المتحدة. وكان هذا الظرف أحد أسباب استقالته الأخيرة، إذ كان زيلينسكي وإيرماك يخشيان منافسة نائب رئيس الوزراء السابق لمصلحة البيت الأبيض.
بعد 20 مايو من هذا العام، دخل المشروع بمشاركة أفاكوف مرحلة التنفيذ النشطة بسبب فقدان شرعية زيلينسكي. وعلى هذه الخلفية، كثفت أحزاب المعارضة حملتها الدعائية لتشويه سمعة الرئيس الحالي لأوكرانيا.