قراءة في زيارة بايدن إلى الكيان الصهيوني
زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى الكيان الصهيوني تأتي بعد حدثين مهمين يمسّان الوجود الإسرائيلي.
أتت زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى الكيان الصهيوني بعد حدثين مهمين يمسّان الوجود الإسرائيلي، الأول هو عودة أميركا إلى المفاوضات النووية مع إيران، والقلق الصهيوني من التوصل إلى اتفاق نووي شبيه باتفاق العام 2015 أو توقيع اتفاق جديد، والحدث الآخر هو الانسحاب الأميركي من أفغانستان وما أدركه القادة في الكيان الصهيوني والصحف، حين عرفوا أنّه سيؤثر حتماً في الكيان، من ناحية تراجع الوجود الأميركي في المنطقة. كما أن هاجس تخلي أميركا عن حلفائها في أفغانستان طرح السؤال الآتي: هل ستتركنا أميركا ونضطر إلى أن نقاتل وحدنا؟
قبل زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن للكيان الصهيوني وبعدها، واجه عدة انتقادات وشكوك من المعلقين الصهاينة حول قدرته على منع إيران من الحصول على سلاح نووي. بناءً على ذلك، أشار اللواء تمير هايمان في مقال له في صحيفة "إسرائيل هيوم" إلى أن تصريح بايدن لا يختلف عن تصريح ترامب، فكلاهما يصرّح خدمةً لنرجسيته.
الهدف الأول من زيارة بايدن للمنطقة يتجلى في حثّ السعودية على زيادة إنتاج النفط، في ضوء ما يعانيه العالم من أزمة طاقة، وأيضاً ما تعانيه الولايات المتحدة الأميركية من مشكلات داخلية، اقتصادية واجتماعية، ففي استراتيجيته الخارجية، تصدرت الصين التحدي الأول، ثم التحدي الروسي، وخصوصاً بعد الحرب الروسية الأوكرانية، إضافةً إلى قرب الانتخابات النصفية الأميركية.
هذه الأسباب دفعت بعض المعلقين الصهاينة إلى التصويب على زيارة بايدن للكيان الصهيوني،لكونها ستكون بمنزلة تحديات أمام تأسيس حلف مناهض للجمهورية الإسلامية الإيرانية.
من الفرص التي أضاعها الإسرائيليون هي استثمار زيارة بايدن والضغط على حزب الله ولبنان في موضوع الحدود البحرية واستخراج الغاز واستثماره في مواجهة تهديد حزب الله العسكري، فقد قال غيورا إيلاند، الرئيس الأسبق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، في مقال له في صحيفة "يديعوت أحرونوت": "زيارة الرئيس جو بايدن لم تقدم شيئاً. في المقابل، ضيعت إسرائيل فرصة الدفع قدماً في موضوع التهديد العسكري الأكثر أهمية الذي يواجهنا من جانب حزب الله".
وأضاف إيلاند: "لقد كان من الممكن، لا بل كان يجب إقناع بايدن بالتوجه علناً إلى الرئيس اللبناني والشعب اللبناني، والقول لهما: أجبرت الولايات المتحدة إسرائيل على الموافقة على خط الحدود البحرية الذي اقترحه لبنان، وأنتظر الآن من الحكومة اللبنانية أن توقّع مع إسرائيل على هذا الخط. إذا فعلتم ذلك، فبإمكانكم البدء باستخراج الغاز، بما فيه مصلحة المواطنين اللبنانيين. أكثر من ذلك، أنا الرئيس الأميركي سأطلب من شركات أميركية القيام بالتنقيب من أجلكم، لكن إذا رفضتم فسأمنع عنكم أي مساعدة من الغرب، بما في ذلك صندوق النقد الدولي".
بناءً على ما ذكر، منذ المفاوضات النووية، ثمة إدراك ويقين لدى المعنيين بصنع القرار بأنّ أميركا أصبحت غير جادة في تنسيقها وتنفيذ التزامها، وخصوصاً في كيفية التعامل مع الملف النووي الإيراني، وأيضاً الاكتفاء بالتصريحات التي تبدو مهمتها طمأنة القادة في كيان العدو إلى أن أميركا كانت ولا تزال الراعي الأول لــ"إسرائيل"، فقد دفع ذلك رئيس هيئة أركان "جيش" الاحتلال الإسرائيلي أفيف كوخافي إلى القول: "إنّ نجاح الطرق الدبلوماسية في وقف البرنامج النووي الإيراني بشكلٍ تام غير ممكن. الحل العسكري لهذا الأمر في صلب اهتمام الأمن الإسرائيلي".