سوء نية المغرب وحملاته العدائية مستمران.. والآن ضد الجمهورية التونسية
هل قاطع المغرب القمم السابقة التي شاركت فيها الصحراء الغربية، والجواب ببساطة لا، بل شارك المغرب، وكان حاضراً ولم يحتجّ.
ترتكز الدول في بناء علاقاتها على الاحترام المتبادل والثقة وحسن النية، لتمضي قدماً نحو بناء صداقاتها بما يخدم مصالح شعوبها، وهذا هو المدخل الطبيعي والسليم الذي تستند إليه التفاهمات والتوافقات الخارجية مهما كانت حساباتها السياسية والاقتصادية.
وقد تحدث في سياق ذلك عثرات لا تخدم التقاطعات الأساسية في أفقها المنظور، ومع ذلك تستمر العلاقات بين الدول لتجسيد طموحات الشعوب، التي قد تكون متباعدة جغرافياً ولغوياً ودينياً وثقافياً وفكرياً، ومع ذلك تتكثّف الجهود لمصلحة تقريب الشعوب بشرط ألا تكون السياسات والمعاملات عدائية، وألا تكون ضد استمرار العلاقات الطبيعية.
أما إذا كانت الشعوب متقاربة جغرافياً ولغوياً ودينياً وثقافياً وفكرياً وتاريخياً لتشترك في مصيرها ومستقبلها، فالوضع هنا يتطلب الاهتمام أكثر والترفع عن الحسابات الخطأ وتجنّب التعاطي السلبي مع الأحداث السياسية الإقليمية والدولية التي تجري بالأساس في سياقات جد عادية وطبيعية، وهذا ما تعتمد عليه الجزائر وتونس وموريتانيا وليبيا في معاملاتها البينية، وفي محيطها العربي والأفريقي.
لكن طريقة تعامل المملكة المغربية مع جيرانها كانت سلبية ومبنية على سوء نية مبيتة ضد القيم ولا تتماشى والأعراف المعمول بها، إذ تعمّدت الخارجية المغربية خلق أزمة دبلوماسية مع تونس على هامش قمة طوكيو للتنمية الأفريقية "تيكاد 8"، وذلك على خلفية مشاركة الصحراء الغربية في الموعد، واستقبال الرئيس قيس سعيد للرئيس الصحراوي غالي إبراهيم.
والسؤال، هل قاطع المغرب القمم السابقة التي شاركت فيها الصحراء الغربية، والجواب ببساطة لا، بل شارك المغرب، وكان حاضراً ولم يحتجّ ولم يستدعِ سفيره لدى الدول التي سبق أن نظّمت قمماً كهذه، فقد سبق أن شاركت الصحراء الغربية في الدورة السادسة لـ"التيكاد" المنعقدة في نيروبي بكينيا عام 2016، وفي الدورة السابعة المنعقدة بيوكوهاما باليابان عام 2019، وشاركت كذلك في اجتماعات إقليمية أخرى على غرار القمة الأفريقية-الأوروبية المنعقدة في فيفري عام 2022 ببروكسيل والمغرب شارك في جميع هذه القمم، فما الذي اختلف؟ وما الذي استجد؟
الظاهر أن الأمر الوحيد المستجد في السياسة المغربية هو السقوط في مستنقع الرهانات الفاشلة بالتطبيع ليحجز لنفسه بذلك موقعاً معادياً لكل دول شمالي أفريقيا، وليبعث بأفكار مسمومة موجّهة داخلياً إلى الشعب المغربي للتغطية على سياسة بلاده المتعثّرة داخلياً وخارجياً، ولإظهار عداوات وهمية، غرضها الإلهاء المقصود لتوجيه أنظار الشعب المغربي عن عدوه الحقيقي، وما جرى إبرامه من اتفاقيات خطرة مع الكيان المحتل، عنوانها العدائية الممنهجة والموجهة بنية مبيتة ضد الجيران، فبعد الجزائر وموريتانيا جاء دور التكالب المغربي على تونس.
كل ما تبع ذلك من سقطات مغربية بيّنته الأحداث والتطورات الإقليمية في المنطقة، حيث أوقعت السياسة العدائية المغربية هذا البلد في مآزق دبلوماسية، وصلت حد قطع الجزائر علاقاتها بجارتها المغرب بسبب سوء نيتها وأفعالها الشائنة المسجلة والمؤكدة على مدار السنين والعقود. فهل تتجه العلاقات التونسية والموريتانية مع المغرب إلى الخيار الحتمي نفسه، لأن السلوك المغربي العدائي لا يمكن إصلاحه بخطابات أو وساطات لحظية وظرفية، مع تزايد التراكمات السلبية، ما سيفرض وضعية عصية تتحمّل تبعاتها الإدارة المغربية.
وخلاف ذلك ما من خيار للمغرب سوى احترام حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، وترك القضية الصحراوية تأخذ مسارها القانوني والطبيعي بحسب القرارات الأممية، والابتعاد عن العلاقات المشتبه فيها، وإعلان توبة نصوح بترك التخابر والتآمر على الجيران، وخصوصاً تعاونه المخزي مع الكيان المحتل ضد استقرار المنطقة وحق الشعب الفلسطيني.