حكومة إيطالية جديدة..هل تصمد في وجه التحديات؟

التحديات أمام الحكومة الإيطالية تبقى كثيرة وصعبة على اختلاف من يرأسها، فهناك تحديات داخلية على جميع الصعد.

  • حكومة إيطالية جديدة..هل تصمد في وجه التحديات؟
    حكومة إيطالية جديدة..هل تصمد في وجه التحديات؟

سريعاً، استطاع تحالف أحزاب اليمين الوسطي في إيطاليا تشكيل حكومته، بعد أقل من شهر على إجراء الانتخابات النيابية. الحكومة الجديدة ترأسها جورجا ميلوني، زعيمة حزب Fratelli d’Italia، والتي حصدت العدد الأكبر من الأصوات في الانتخابات الأخيرة مسجلة 26٪؜. حزب ميلوني ولد عام 2012 من رحم حليفه حزب Forza Italia  بزعامة سيلفيو برلسكوني، إلى جانب حزب "الرابطة" Lega بزعامة ماتيو سالفيني، والذي انخفضت شعبيته بعدما كان في مقدمة هذا التحالف نفسه في انتخابات عام 2018، على عكس جورجا ميلوني التي حصدت حينها 4٪؜ من الأصوات فقط. اختيار الناخب الإيطالي لجورجا ميلوني في الانتخابات الأخيرة أتى نتيجة تمسكها بموقف المعارضة طيلة المرحلة السابقة. واليوم، تحظى ميلوني بدعم من أكثرية نيابية في مجلسي النواب والشيوخ مع تسمية رئيسيهما، وتتولى رئاسة الحكومة مع 9 وزراء لها، و10 وزراء لحلفائها، (حزب برلسكوني وحزب سالفيني)، مع 5 وزراء تقنيين.

التحديات أمام هذه الحكومة تبقى كثيرة وصعبة على اختلاف من يرأسها، فهناك تحديات داخلية على جميع الصعد، ما يحتّم إقرار أول مرسوم حكومي بعد أول جلسة حكومية بقيمة 4.7 مليارات يورو، للمساهمة جزئياً في خفض أضرار غلاء أسعار الطاقة والتضخم المستمر، وذلك للأشهر الثلاثة المقبلة. أما اللافت في الوزارات المستحدثة في هذه الحكومة، فهو ضم عبارة "السيادة الغذائية" إلى جانب وزارة الزراعة، الأمر الذي من المتوقع أن يكون حديث المرحلة المقبلة من ناحية الأمن الغذائي الدولي.

أما على الصعيد الخارجي، فالتحديات تكمن في الحرب الأوكرانية والموقف من القيام بمفاوضات سلام بين الطرفين، بوساطة إيطالية، خصوصاً بعدما أعطيت وزارة الخارجية إلى أنطونيو تاياني، الذي شغل منصب رئيس البرلمان الأوروبي بين عامي 2017 و2019، وهو اليد اليمنى لزعيم حزب Forza Italia سيلفيو برلسكوني، الذي يعدّ من أصدقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المقربين، الأمر الذي امتعض منه الجانب الأوكراني في مناسبات عدة، آخرها انتقاد مستشار الرئيس الأوكراني زلينسكي لبرلسكوني، بعد تسريب تسجيلات صوتية للأخير متعلقة بمسألة الاعتداءات الأوكرانية على منطقة الدونباس في الأعوام الماضية. 

أما على المستوى الأوروبي، وعلى خلاف من سبقها، فإنَّ جورجا ميلوني هي الوحيدة التي تجرأت أن تنتقد بشكلٍ مباشر إيمانويل ماكرون ودور فرنسا في الخارج، وميلوني تؤمن بالاتحاد الأوروبي بوجود أحزاب مشابهة لها في إسبانيا، وفرنسا وهنغاريا، ليس بالضرورة قريبة من روسيا على حساب أميركا، ولكن أكثر وطنية ومحافظة على الجانب الديني المسيحي والتقاليد، ورافضة للهجرة غير الشرعية. 

وكان موقف حزب ميلوني طوال السنوات الماضية، داعماً للسيادة الوطنية السورية، ومدافعاً عن وحدة أراضيها مقابل أطماع تركيا في وقتها، حتى إن حزب ميلوني نجح بضغطه السياسي الداخلي في سحب القوات الإيطالية من الشمال السوري، مع عدم التجديد لبقائها. ويفضل حزب ميلوني التعامل مع الحكومة السورية الشرعية كونها دافعت عن الوجود المسيحي في سوريا، وتحديداً في معلولة.

يعوّل على هذه الحكومة القيام بالكثير من الخطوات لمواجهة تحديات غير عادية، مرهونة بتطور مجريات الحرب الأوكرانية والموقف الأوروبي بشأن مسألة الطاقة ومصادرها، والحفاظ على ديمومة الصناعة واحتواء ارتفاع التضخم. العلاج في المرحلة السابقة كان بضخ سيولة عبر المساعدات الاجتماعية، والتي أتت أكلها إلى حين، أما الآن فسيتوجب طرح حلول مثل وضع سقف للأسعار والخدمات، كالإيجارات وغيرها، فهل تصمد الحكومة أمام هذه التحديات؟ وهل ستغير من الموقف الأوروبي بشأن ضرورة التفاوض لإنهاء الحرب الأوكرانية؟