جنوب لبنان أرض الخير والمقاومة وعنوان الهوية الوطنية
جنوب لبنان سيظل منارة تُلهم الأجيال، بأرضه الطيبة، وتاريخه المشرف، وأبنائه الذين جعلوا من حب الوطن عقيدة، ومن التضحية طريقاً نحو الحرية والكرامة.
يتميز هذا الركن العزيز من الوطن بجماله الطبيعي الآسر، إذ يضمّ القرى الساحرة والتضاريس المتنوعة، من سهول خصبة وجبال شامخة إلى أودية عميقة تحمل معها عبق التاريخ وروح التضحية. هذه الأرض التي ارتوت من عرق الفلاحين وصيحات المقاومين، ومن دماء الشهداء الذين استبسلوا دفاعاً عن الكرامة وحب الوطن، إنه جنوب لبنان..
يتميز الجنوب بمناخ معتدل وأرض مباركة تفيض بالخيرات، حيث تنتج بساتين الزيتون والتين والرمان والليمون، وقرى ساحلية تمتاز بزراعة الموز وجميع أنواع الحمضيات، وترسم الحقول لوحة بديعة من الألوان التي تعكس روح الأرض وأصالتها. قراه تزخر بعبق الضيافة والكرم، وأهله الذين يحملون قلوباً كبيرة ووجوهاً مشرقة تعكس حبهم للحياة وللوطن.
منذ أقدم العصور، كان جنوب لبنان شاهداً على مراحل مهمة في التاريخ. مع وصول الصحابي الجليل أبي ذر الغفاري إلى جبل عامل، ارتسمت معالم روحية وثقافية تركت أثراً لا يُمحى. هذه الأرض كانت ميداناً للحضارات والقادة الذين حكموا جبل عامل، وجعلوا منه رمزاً للصمود والعلم.
في العصور الحديثة، كان الجنوب موطناً لشخصيات رائدة شكلت محطات مضيئة في تاريخ لبنان. السيد عبد الحسين شرف الدين، العالم المقاوم، كان له الدور البارز في مواجهة الاحتلال الفرنسي، حيث قاد شعبه بحكمة وشجاعة ضد الظلم والطغيان.
ثم جاء الإمام السيد موسى الصدر، الذي أرسى أسس مقاومة الاحتلال الإسرائيلي، وزرع في نفوس الجنوبيين حب الأرض والدفاع عنها والتضحية في سبيل الوطن، انطلاقاً من ثورة جده الإمام الحسين(ع)، قائد ثورة عاشوراء التي خلّدها التاريخ، إذ كان له الفضل في إعادة إحياء مراسمها سنوياً منذ الأول من شهر محرم إلى يوم العشرين من صفر . وبفضل جهوده، أصبح الجنوب وفي قلبه البقاع أيقونة للصمود، وتجلت مقاومته في أبهى صورها.
ولا يمكن الحديث عن الجنوب من دون الإشارة إلى الدور التاريخي للزعيم الوطني الكبير الرئيس نبيه بري، الرجل الذي نقل الجنوب من هامش الوطن إلى قلبه، وأعاد الوطن إلى الحضن العربي وفي قلبه القضية المركزية "فلسطين" الدولة العربية وعاصمتها القدس الشريف. وقد شكّل من خلال عمله وجهوده "رمزاً للتنمية وبناء الإنسان"، ومن خلال حكمته وفكره الوطني المعتدل، استطاع تحقيق أهداف وإنجازات استحال تحقيقها، سواء على مستوى التحرير والمقاومة، أو على صعيد بناء المؤسسات وتحقيق التنمية المستدامة، أو من خلال رعايته لصناعة العمليات السياسية في لبنان أو تشكيله خط الدفاع الأول عن الوحدة الوطنية والعيش المشترك.
إن جنوب لبنان ليس مجرد جغرافيا بل هو رمز الهوية اللبنانية و الانتماء إلى الوطن، هو حكاية وطنية تمتزج فيها التضحيات بالآمال. من تراب الأرض الذي ارتوى بدماء الشهداء إلى زغاريد الأمهات في الحقول، هو رمز لكرامة شعب لا يرضى بالذل. هنا، تعانقت الطبيعة مع التاريخ، وتلاحمت التضحية مع الإيمان، ليبقى الجنوب نبضاً خالداً في وجدان لبنان وأهله.
جنوب لبنان سيظل منارة تُلهم الأجيال، بأرضه الطيبة، وتاريخه المشرف، وأبنائه الذين جعلوا من حب الوطن عقيدة، ومن التضحية طريقاً نحو الحرية والكرامة.