استراتيجية الضاحية... وعقيدتها
ما أرادته استراتيجية أزينكوت، هو القول بوقاحة، إن كل المؤمنين بفكرة المقاومة هم هدف، وإن مصيرهم سيكون القتل، إن لم يكن لأرواحهم فلأرزاقهم، ستنالون عقاباً كبيراً بالجملة، من دون رحمة أو هوادة.
أوّل مواجهة مباشرة مع "الحروب غير المتماثلة"، كانت حرب تموز عام 2006، ذلك بعد انسحاب العدو الإسرائيلي من لبنان عام 2000، فكانت بداية التجارب القاسية بين العدو وفكرة المقاومة في الحروب.
بحسب تقرير "فينوغراد" فإنّ "إسرائيل هزمت"، التقرير علّل الأسباب ومنها الوجودية بالنسبة للكيان، لكن الحقد المتأصل بالشخصية الإسرائيلية، ترك أثراً إجرامياً انتقامياً في ذهن العدو، فلم يستطع هضم الهزيمة، أو تقبّل فكرة أن لا نجاعة عملانية عسكرية أو سياسية من حروبه الإبادية، سوى القتل لمجرد القتل.
غادي أزينكوت، رئيس أركان الجبهة الشمالية في "الجيش" الإسرائيلي، خرج بنظرية لحروب "إسرائيل".
(الخطة وضعت للحروب مع العرب، أما تسمية الضاحية فأتت استلهاماً من حرب تموز أولى الانتكاسات) أزينكوت عام 2008، اجترح حلاً وفقاً لعقيدته، فاستراتيجية الضاحية وفق غادي هي أنّ ضرب المقاتلين كأنّه مضيعة للوقت على أهميته العسكرية، لكنّ الجوهر الإسقاطي الحدثي اليوم مثلاً، هو اعتبار كل مؤمن بفكرة العداء لـ "إسرائيل" هدفاً، أي، كل فرد من بيئة المقاومة في لبنان حسن نصر الله، كما كل من هم في غزّة اليوم يحيى السنوار وقيسوا على ذلك!.
الصحافة العبرية قالت حينها، إن استراتيجية الضاحية ليست اجتهاداً نظرياً من ضابط، بل أصبحت خطة رسمية معتمدة لدى الحكومة الإسرائيلية.
ما أرادته استراتيجية أزينكوت، هو القول بوقاحة، إن كل المؤمنين بفكرة المقاومة هم هدف، وإن مصيرهم سيكون القتل، إن لم يكن لأرواحهم فلأرزاقهم، ستنالون عقاباً كبيراً بالجملة، من دون رحمة أو هوادة.
أبعد من الاستراتيجية، هو ضرب البيئة الحاضنة للمقاومة وتحذير لمن يمكن أن يفكّر بها نهجاً، لكن كالعادة ثمّة خلل في أيّ نظرية إسرائيلية، وهو غياب المعرفة بماهية الإنسان، وتجربة معادة مراراً وتكراراً بفشل، مفادها أن التأديب بالقتل والإفراط به، من الممكن أن يكون استثناء تاريخياً لحركة الشعوب التي قرّرت التحرّر.
من كتب مقتنعاً ومسوقاً بخصوص خطة الحكومة الإسرائيلية والتي هي عنوان مقالنا استراتيجية الضاحية فاته أمر مهمّ، باعتبار أنّ البعض نظر إلى الموضوع على أنه تطوّر ناجع في آليات المواجهة، لكن فاته أيضاً أن تطوّرهم الرجعي، لا يوقف التاريخ أو يبدّل أركانه، فكانت النتائج تأخّراً أحمق في التنظير، لسبب لن أزيد عليه، هو أن الجبهة الداخلية الإسرائيلية هشاشتها غير معممة وفريدة لدرجة أنها لا تشبه أي بيئة أخرى، والمقاومة تطوّرت أيضاً وجمهورها واكب تطوّرها بحيث التصق أكثر بالفكرة، وزاد إيمانه بهشاشة العدو وبأحقية الاستمرار بقناعاته.
عقيدة الضــاحية
ستكون أيضاً استلهاماً حقيقياً بين استراتيجية أزينكوت وعقيدة جمهور المقاومة العريض، لأن تلك النظرية المجرمة الحمقاء تاهت بين أمرين وهما "المقاومون والمقاولون"، المقاومون لا يمكن تأديبهم بالقتل، لأنّ كلّ من انتهج التحرّر ومقاومة الغطرسة والطغيان، لم يعد نفسه ولم يعده أحد، بطريق مفروش بالورود، بل هو يعلم أنّ طريق الحقّ وعر وسلوكه صعب وأثمانه باهظة، لذا يظن العدو، وبعض من الذين استسلموا لغطرسته أن تلك الاستراتيجية ممكنة من حيث النتائج، وسلوك تطبيقها مضمون النتائج، بتحدٍ أحمق لسيرورة التاريخ وصيرورته المتحررة.
تلك الاستراتيجية تنفع المقاولين الذين لسنا منهم، ولن نكون.