أيّ نتائج منتظرة من "انتخابات مجلس سوريا الديمقراطية"... وأيّ مستقبل؟
الأمر الواقع في سوريا، مرتبط بحالة الحرب عليها، وسيزول مع زوال الاحتلال عن الأراضي السورية، كونه سبب وجود تلك القوى.
فيما تتصاعد الهجمات التي تشنّها قوات العشائر العربية التي اتحدت مطلع تشرين الثاني/نوفمبر الفائت تحت "قيادةٍ عسكريةٍ" موحّدةٍ، على حواجز ونقاط تمركز ميليشيا "قوات سوريا الديمقراطية – قسد" المدعومة من قوات الاحتلال الأميركي، في أرياف محافظة دير الزور، وتركّزت هذه الهجمات أخيراً على مواقع "قسد" في ريف دير الزور الشرقي.
وسط هذه الأجواء، أعلنت "الإدارة الذاتية" الكردية التي تسيطر عليها "قسد"، العمل على تشكيل مفوضية عليا للانتخابات، تشرف على "الانتخابات المحلية" المزمع إجراؤها في نطاق "سلطة مجلس سوريا الديمقراطية-مسد" على الأراضي السورية، بما يتوافق مع مضمون ما يسمّى "العقد الاجتماعي".
أي محاولة إعادة صياغة هذا العقد، بالتالي السعي إلى تحويل "الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا إلى "أقاليم شمال وشرق سوريا". وفي محاولةٍ لإرضاء العشائر العربية، انتخب "مجلس سوريا الديمقراطية" محمود المسلط رئيساً "للمجلس"، كونه ابن إحدى أكبر العشائر العربية السورية، غير أن هذا الإجراء لم يكن له أي تأثيرٍ في موقف "قوات العشائر" ونهجها، التي لم توقف هجماتها على مواقع "قسد" وحواجزها، بحسب مجريات الواقع الميداني في شرق سوريا، على اعتبار أن العشائر العربية تمثّل نحو 75% من المواطنين في شمال وشرق سوريا، بالتالي لن نقبل أن تحكم من "إدارة محلية"، يديرها مكوّن ذو أقلية نسبية.
فيما يخصّ الموقف الرسمي السوري، لم تعر السلطات السورية أهميةً لهذه "الانتخابات" المرتقبة، فموقفها واضح من مختلف الحركات الانفصالية، وقوى الأمر الواقع التي برزت في سوريا، في إثر الحرب الكونية التي شنّت على الأخيرة في منتصف آذار/مارس من العام 2011، كـ "قسد" المدعومة من الاحتلال الأميركي، أو التنظيمات الموالية لأنقرة في الشمال، وقد عبّر الرئيس بشار الأسد عن هذا الموقف، إذ أكد أن "سوريا تتعامل مع الأسياد، لا الأتباع".
بالتالي فإنّ أجل قوى الأمر الواقع المذكورة، مرتبط بانتهاء الحرب على سوريا، بعد توصّل القوى الدولية والإقليمية المؤثّرة في الساحة السورية إلى تسويةٍ تنهي هذه الحرب. أما لجهة التعاطي الدولي مع حالة "مسد" وانتخاباتها المرتقبة، فمن الناحية القانونية، إن الدولة السورية ذات سيادة على أراضيها، ولديها حدود معترف فيها دولياً، وهي لا تزال ممثّلة في الأمم المتحدة والمحافل الدولية، لذا لا قيمة في القانون الدولي العام لأي محاولةٍ انفصالية على الأراضي السورية. بل إنّ السلطات السورية بإمكانها مقاضاة كل من يحاول المس بوحدة الأراضي السورية أمام المحاكم المختصة في البلاد، ووفقاً للقانون الجزائي السوري.
وفي شأن الحالة الكردية في سوريا، لا ريب أن هذه الحالة لن تعود إلى ما كانت عليه قبل الحرب الكونية على سوريا، ولا يمكن وضع أي تصوّرٍ لهذه الحالة من الآن، ولكن لا ريب أيضاً أنها مرتبطة بتفاهماتٍ إقليميةٍ، على اعتبار أن محاولة نشوء "كيان كردي" في شمال شرق سوريا، سيلقى رفضاً قاطعاً من غالبية الدول المؤثّرة في الواقع السوري راهناً، وفي مقدّمهم روسيا وإيران المتمسّكتان بوحدة الأراضي السورية.
أما تركيا التي تعتبر أن نشوء "كونتون كردي" على الأراضي السورية، هو خطر يهدّد الأمن القومي التركي، فلن تسمح بذلك على الإطلاق، رغم الدعم الأميركي لمطلب "قسد"، أي (تحويل الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا إلى "إقليم").
ولا تزال تجربة كردستان العراق ماثلةً أمام الجميع، يوم طرح الاستفتاء على "استقلال" كردستان العراق في أيلول/سبتمبر 2017، وأظهرت النتائج إدلاء الغالبية من الأصوات لصالح "الاستقلال"، وصرّحت يومها "حكومة" إقليم كردستان بأن الاستفتاء سيكون ملزماً، لأنه سيؤدي إلى" بدء بناء الدولة" ويكون بداية للمفاوضات مع العراق، بدلاً من إعلان الاستقلال الفوري. ولقد رفضت حكومة العراق الاتحادية شرعية الاستفتاء آنذاك، لأنها تصرّ على أن الإقليم جزء من الأراضي العراقية.
إذاً، الأمر الواقع في سوريا، مرتبط بحالة الحرب عليها، وسيزول مع زوال الاحتلال عن الأراضي السورية، كونه سبب وجود تلك القوى.