"الثنائي الوطني" حماة السيادة الوطنية... حماة الوفاق الوطني

بطولات المقاومة في الميدان أدّت إلى منع هزيمة المقاومة أو كسر بيئتها في لبنان، مما جعل نتائج العدوان غير قابلة للصرف في الداخل اللبناني، كما طلبت وأوصت السفيرة الأميركية في لبنان.

  • عن الاستثمار السياسي في الداخل اللبناني.
    عن الاستثمار السياسي في الداخل اللبناني.

يوماً بعد يوم، يتجلّى انحسار اندفاعة بعض الأفرقاء في لبنان للاستثمار السياسي في الداخل اللبناني انطلاقاً من نتائج العدوان الإسرائيلي على لبنان من جهة، وتغيير النظام في سوريا وترقّب وصول الرئيس الأميركي المُنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض من جهة أخرى، على قاعدة أنّ ما جرى يصحّ أن يُبنى عليه الكثير من الآمال للانقضاض على الفرقاء الآخرين، والتخلّص من نفوذ الخصوم في الداخل عبر سحقهم سياسياً، وتالياً إخراجهم من المعادلة السياسية. وما استحقاق انتخاب رئيس للجمهورية سوى الخطوة الأولى على طريق تصفية الحساب.

انتهى العدوان الإسرائيلي على لبنان بـ "لا" مدوّية لفرضيّة انتصار العدوّ، الذي أراد من خلال حربه على لبنان المضي قُدماً في تغيير المعادلات والتوازنات في الشرق الأوسط، بعد الغرق في وحول غزة على مدى أكثر من عام، و"لا" لفرضيّة هزيمة المقاومة التي أراد العدوّ سحقها وترتيب وقائع سياسية في لبنان تنسحب بالضرورة على الداعمين للمقاومة في المنطقة وفي مقدّمتهم الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

وعليه، أدّت بطولات المقاومة في الميدان وإفشال العدوّ من تحقيق أهداف الحرب، إلى منع هزيمة المقاومة أو كسر بيئتها في لبنان، مما جعل نتائج العدوان غير قابلة للصرف في الداخل اللبناني، كما طلبت وأوصت السفيرة الأميركية في لبنان ليزا جونسون حلفاء أميركا في لبنان خلال العدوان، أي بالاستعداد لمرحلة ما بعد "حزب الله"، تاركة في أذهان الجميع آنذاك أنّ المعركة حُسمت قبل انتهائها، لصالح العدوّ الإسرائيلي. 

وبالتالي على الجميع أن يتعاطى مع هذه الفرضيّة على أنها الأمر الواقع بعد الحرب، وأنّ ما بعد الحرب ليس كما قبلها، على قاعدة "الأمر لنا"، وأنّ لبنان سيدخل ليس في العصر الأميركي فحسب، بل في العصر الإسرائيلي وبقوة من خلال اختلال موازين القوى العسكرية بشكل تام لمصلحة العدوّ، وستكون لحلفاء أميركا في لبنان الفرصة غير المسبوقة لتغيير المعادلات وموازين القوى السياسية لصالحهم.

وعليه، ما حصل، أطلق العنان لآمال البعض، وأمنياتهم الفردية والحزبية والطائفية والمناطقية وغيرها، حتى بلغ الأمر بوقاحة رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، اعتبار الذهاب إلى انتخاب رئيس للجمهورية من دون شريحة واسعة من اللبنانيين وطائفة أساسية، أمراً وارداً وممكناً دستورياً، بمعزل عن ميثاقيّته، فضلاً عن حيثيته بأنه يأتي بعد حرب غير مسبوقة على لبنان بشكل عامّ وعلى طائفة ومناطق بعينها بشكل خاص.

ما تقدّم يُظهر وبما لا يدع مجالاً للشكّ، أنّ ذهنية بعض اللبنانيين القائمة على الاستقواء بالخارج على أفرقاء سياسيّين آخرين لتصفية الحسابات أو الإلغاء، على قاعدة غالب ومغلوب، لا تفارق هذا البعض، برغم التجارب العديدة والمريرة التي اختبرها اللبنانيون مراراً وتكراراً، والتي دفع ثمنها الجميع من دون استثناء.

وبرغم اللجوء الفجّ من هؤلاء "المستأسدين" بالاستقواء بالخارج، لتثبيت وقائع ونتائج سياسية داخلية، فشل البعض مرة أخرى بفرض منطق الاستقواء اللامشروع واللاشرعي، للثأر والتفرّد بالسلطة من بوابة انتخابات رئاسة الجمهورية، حيث استطاع الفريق الذي شكّل رأس حربة في إفشال أهداف العدوان الإسرائيلي الأخير على لبنان، بمقاومته الميدانية والسياسية، أن يمنع فرض وقائع سياسية يمكنها أن تكون تكملة لمشروع هزيمة وسحق المقاومة وبيئتها، وذلك من خلال انتخاب رئيس للبلاد، يذهب بعيداً في الطموحات والآمال لتنفيذ القرارات الدولية، والتي من شأنها أن تضع البلاد على حافة الانزلاق نحو أتون الاقتتال الطائفي والمناطقي، على غرار القرار 1559.

ما ذهب اليه "الثنائي الوطني" بانتخاب الرئيس جوزاف عون، في الدورة الثانية، بعد إيصال الرسالة "البالستية" إلى كلّ من يعنيهم الأمر داخلياً وخارجياً، أنّ الشريحة اللبنانية التي أجهضت عبور مشروع الشرق الأوسط الجديد من لبنان، بدماء شبابها وتضحيات أهلها وبيئتها، لا يمكن تجاوزها أو كسرها، هي حامية للتوافق والسلم الأهلي، بعيداً عن أيّ استثمار لنتائج المعركة والميدان مع العدوّ. 

وبالموازاة، الفئة إياها، ستبقى حامية للتوافق الذي يصبّ في مصلحة الوطن، والذي تُجمع عليه غالبية اللبنانيين كما قال رئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد على قاعدة أنّ "حماة السيادة الوطنية هم حماة الوفاق الوطني".