من غسان كنفاني إلى شيرين أبو عاقلة.. تاريخ "إسرائيل" في اغتيال الحقيقة!

وفق تقرير الاتحاد الدولي للصحافيين، قتلت "إسرائيل" 46 صحافياً وإعلامياً منذ العام 2000 وحتى العام 2021، ووصف بيان الاتحاد الاغتيال بأنه "استهداف ممنهج ومنظم" من جانب قوات الاحتلال، وهدفه التغطية على ما ترتكبه تلك القوات من جرائم بحق الفلسطينيين.

  • غطت الشهيدة أبو عاقلة الإرهاب الإسرائيلي في الأراضي المحتلة على مدى ربع قرن
    غطت الشهيدة أبو عاقلة الإرهاب الإسرائيلي في الأراضي المحتلة على مدى ربع قرن

لم تكن جريمة اغتيال الصحافية شيرين أبو عاقلة سابقة في سجل العدو الصهيوني الإرهابي، فقد اغتالت "إسرائيل" حوالى 83 صحافياً من جنسيات مختلفة. قُتل البعض أثناء تغطيتهم القصف الإسرائيلي، واغتيل آخرون عن سبق إصرار عبر مسدسات كاتمة الصوت أو تفجيرات.

لم يستهدف العدو الصحافيين الفلسطينيين حصراً، بل اغتال كل من أراد أن يظهر حقيقة إرهابه للعالم، فمنهم من كان يحمل الجنسية اللبنانية، وآخرون كانوا يحملون الجنسيات الإيطالية أو العراقية أو الأميركية أو الفلسطينية.

وفق تقرير الاتحاد الدولي للصحافيين، قتلت "إسرائيل" 46 صحافياً وإعلامياً منذ العام 2000 وحتى العام 2021، ووصف بيان الاتحاد الاغتيال بأنه "استهداف ممنهج ومنظم" من جانب قوات الاحتلال، وهدفه التغطية على ما ترتكبه تلك القوات من جرائم بحق الفلسطينيين.

وقد قتلت "إسرائيل" خلال حرب غزة، التي استمرت 11 يوماً العام الماضي، 16 صحافياً.

في ما يلي أبرز الصحافيين المتعددي الجنسيات الذين اغتالهم العدو إما عن سبق إصرار وإما خلال الحرب:

غسان كنفاني

يعدّ غسان كنفاني من أشهر الكتاب الفلسطينيين. اغتيل في بيروت في 8 تموز/ يوليو 1972، عن عمر ناهز 36 عاماً.

قامت مجموعة من عملاء الموساد بزرع عبوات متفجرة في سيارة كنفاني قرب منزله في بيروت. وفي صباح اليوم التالي، توجه نحو سيارته من نوع الأوستين، بيضاء، برفقة بنت شقيقته لميس، فانفجرت السيارة عند إدارة المحرك، ما أدى إلى استشهاد غسان ولميس في انفجار كبير هز بيروت.

بحسب جريدة "الشرق الأوسط" السعودية، صدر قرار عن رئيسة الوزراء الإسرائيلية آنذاك غولدا مائير في العام 1972 بتصفية عدد من أعلام الفلسطينيين وقياداتهم. وقد ضمت القائمة: وديع حداد، كمال عدوان، كمال ناصر، أبو يوسف النجار، بسام أبو شريف، وأنيس الصايغ مدير مركز الأبحاث الفلسطيني آنذاك، إضافة إلى الكاتب والصحافي غسان كنفاني، وامتدت فترة الاغتيالات سنة كاملة.

غسان كنفاني روائي وكاتب سياسي، نال جائزة "أصدقاء الكتاب" في لبنان في العام 1966، عن روايته "ما تبقى لكم" التي تعتبر من أفضل رواياته، كما حصل على جائزة منظمة الصحافيين العالمية، وجائزة اللوتس في العام 1974، والتي منحه إياها اتحاد كتاب أفريقيا وآسيا عام 1975.

وائل عادل زعيتر

كان وائل عادل زعيتر دبلوماسياً وأديباً فلسطينياً، عمل ممثلاً لمنظمة التحرير الفلسطينية في روما. انضم إلى حركة فتح في أعقاب حرب حزيران/يونيو 1967، فاختارته ممثلاً لها في روما، وتفرغ مطلع في العام 1970 للعمل الإعلامي والدبلوماسي في منظمة التحرير الفلسطينية. كان زعيتر يشرح عن القضية الفلسطينية وتاريخها وثقافتها للأوروبيين، ولأصدقائه من كبار الفنانين والأدباء، كالروائي ألبرتو مورافيا والكاتب المسرحي الفرنسي جان جينيه والمؤرخ مكسيم رودنسون والموسيقي برونو كاليي.

  أسس وائل مع أصدقائه من قوى إيطالية مختلفة لجنة للتضامن مع القضية الفلسطينية، وربطته علاقات وثيقة مع الحزبين الاشتراكي والشيوعي الإيطاليين. اغتيل عند الساعة العاشرة من صباح يوم 16 تشرين الأول/أكتوبر 1972 عند مدخل شقته في ساحة هانيبال، في حي راق في وسط روما على يد الموساد، ويعتقد أن اغتياله كان انتقاماً للهجوم على الرياضيين الإسرائيليين في عملية ميونيخ في العام 1972 على يد منظمة "أيلول الأسود".

 لم يسمح الاحتلال الإسرائيلي بدفن جثمانه في مدينته نابلس، فدُفن في مخيم اليرموك في دمشق.

 ميشيل النمري

ميشال النمري هو كاتب وصحافي أردني، وأحد مؤسسي "رابطة الكتاب الأردنيين". كان ناشطاً طالبياً بارزاً منذ المرحلتين الإعدادية والثانوية. ساهم في توحيد الحركة الطلابية، وتسلم مسؤولية الإعلام في المكتب التنفيذي للاتحاد العام لطلبة الأردن، وعاد بعد حرب أكتوبر 1973 إلى الأردن، وشارك في إنشاء رابطة الكتاب الأردنيين وعضوية إدارتها، وعمل في الصحافة الأردنية، ثم عاد مرة أخرى إلى بيروت، ولمع في عالم الصحافة.

أنشأ لجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية في الأردن، فكان من رواد فكرة العمل من أجل تحول ديمقراطي سلمي في الأردن. وخلال حصار بيروت في العام 1982، كان ميشال إعلامياً مقداماً على خطوط النار مع المقاومين، وعمل مع إعلام المقاومة الفلسطينية، وشارك في إنشاء وتحرير صوت المعركة التي أدت دوراً مهماً خلال فترة الحصار.

بقي ميشال في بيروت بعد الاجتياح، وأسس "النشرة" لتكون منبراً متخصصاً في خدمة قضايا التحرر الوطني والحريات الديمقراطية، ومنصة لنشر بيانات الفصائل والأحزاب السياسية ووثائقها وأخبارها ونشاطاتها، وما يدور حولها من كِتابات وتعليقات ومناقشات.

اغتيل نمري في أثينا في العام 1985 وهو يهمّ بالدخول إلى مكتبه في مجلة "النشرة". وقد جاء اغتياله بعد نشره مقالات حول الحريات في سوريا، ما دفع الكثيرين إلى اتهام المخابرات السورية بالمسؤولية عن قتله.

 شهدت العاصمة الأردنية في عمان، ومدينة المفرق، مسقط رأس الشهيد، تظاهرة شعبية حاشدة في وداعه إلى مثواه الأخير.

 جيمس ميلر

جيمس ميلر، صحافي بريطاني قتل بالرصاص أثناء تصويره فيلماً وثائقياً في غزة في أيار/مايو 2003. بحسب "واشنطن بوست"، نقلاً عن شهود عيان، كان ميلر يحاول مغادرة منزل في غزة، ففتحت دبابة إسرائيلية النار عليه، ونفذت القوات الإسرائيلية عمليات هدم لمنازل في المنطقة، بزعم أنها تضم أنفاقاً لحماس.

الجدير بالذكر أنَّ ميلر والطاقم الذي يرافقه كانوا يرتدون ملابس واقية وسترات تميزهم بأنهم صحافيون.

نفى "الجيش" الإسرائيلي مسؤوليته عن مقتل ميلر، وأشار إلى أنه قتل برصاص فلسطينيين في تبادل لإطلاق النار، في حين توصلت محكمة في لندن في العام 2006 إلى أن ميلر قُتل عمداً.

شيرين أبو عاقلة

شيرين أبو عاقلة صحافية تعمل في قناة "الجزيرة". عادت بعد التخرج إلى فلسطين، وعملت في عدة مواقع، مثل وكالة الأونروا، وإذاعة صوت فلسطين، وقناة عمان الفضائية، ثم مؤسسة مفتاح، وإذاعة مونتي كارلو.

 كانت شيرين أبو عاقلة تغطي اقتحام "جيش" العدو الإسرائيلي مخيم جنين عندما قتلت برصاصة استقرت بين أذنيها ورقبتها، رغم ارتدائها الخوذة الصحافية. بثت على حسابها في "تويتر"، قبل وقت قصير من اغتيالها، فيديو قصيراً التقطته من السيارة، بعنوان "الطريق إلى جنين".

غطت أبو عاقلة الإرهاب الإسرائيلي في الأراضي المحتلة على مدى ربع قرن. وفي حديث سابق إلى شبكة "الجزيرة"، قالت أبو عاقلة إن السلطات الإسرائيلية دائماً ما كانت تتهمها بتصوير مناطق أمنية، وأضافت أنها كانت تشعر باستمرار بأنها مستهدفة، وأنها في مواجهة قوات "الجيش" الإسرائيلي والمستوطنين المسلحين.