الميادين مقاوم في جبهة الوعي.. لا ينكسر
تبرز الميادين حقيقة الصّورة في الوقت الذي يصدّر الاحتلال للعالم فكرة "الدولة الديمقراطيّة" وسرديّة تأسّست على فعل التزييف والكذب.
منذ انطلاق الميادين قناةً إعلاميّة، انطلق معها مشروع إسناد واحتضان لفلسطين القضيّة، وهذا في ثوابت انطلاقتها. وقد نقلت للعالم تفاصيل مظلوميّة الشّعب الفلسطيني، وعملت على إبراز الرواية الفلسطينية، وهي تتجاوز مسألة نقل الحدث والصّورة فقط.. لتكون الميادين مشروعاً إعلامياً نهضوياً تعبوياً يضع البوصلة باتجاه قضيّة فلسطين ومكانتها في التّاريخ الحديث.
وعن هذا الجانب أسّست ضمن تغطياتها فكراً توعوياً، وشكّلت حاضنة للإعلام المقاوم الحرّ.
ليس من السّهل أن تعتمد قناة عربيّة نهجاً مقاوماً مسانداً لفلسطين في ظلّ انتهاج بعض القنوات الفضائيّة التي أنتجت فعلاً إعلامياً يتبنّى مسار التّطبيع بكل أشكاله في محاولة لتقويض الإعلام العربي العام في خطٍّ أقلّ ما يقال عنه إنه ماكينة إعلاميّة تحاكي السّرديّة الإسرائيليّة وتتبناها فعلاً طبيعيّاً ضمن معادلة الرأي والرأي الآخر، والتي تبدو بطبيعتها مساً صارخاً بالعمل الإعلامي الأخلاقي والوطني.
تحارب "إسرائيل" الميادين "المشروع والمسار"، وفي ذلك إقرار بقوّة هذا المسار، وليس العكس. تدرك إسرائيل قوّة هذا المشروع في معركة الوعي في الوطن العربي، وأنّ فعل الملاحقة والحظر للميادين يأتي انطلاقاً من قناعة إسرائيليّة فاشلة لتصفية هذا النهج واغتياله.
ما يقلق الاحتلال هو فعل التأثير لنهج الميادين ولمسارٍ يؤسّس لمستقبل أقرب إلى فلسطين، وأنّ "إسرائيل" مارقة ولا مكان لها.
يأتي هذا الاستهداف من الاحتلال على كلّ مقوّمات الفعل الوطني والمقاوم في المنطقة. وقد تكون سياسة الاغتيالات التي يتّبعها الاحتلال ضمن فرض قوّته وسيطرته التي باءت بفشل ذريع على المستوى السّياسي، يأتي بها الاحتلال على شكل آخر من أجل النّيل من قناة عربية في سبيل اغتيالها ضمن معادلة الحرب على الإعلام المقاوم.
لا تخشى "إسرائيل" الكاميرا بقدر ما تخشى الفكر والسّياق الذي تطرحه الميادين ضمن مقارعتها اليوميّة في الميدان وفي كلّ مكان، ونقل المشهد الذي رسمته جبهات الإسناد اللبنانية واليمنية والعراقية. تريد إسرائيل أن تحاصر الميادين لأنها كشفت عن عورتها ضمن تغطياتها، وأشارت إلى أن في فعل الإبادة إجراماً ممنهجاً، وأن "إسرائيل" ماضية في قتل كلّ شي في قطاع غزّة. هذا له دلالة كبيرة في فعل تأسيس المعنى السّياسي للمرحلة الحاليّة، و"إسرائيل" فعليّاً تقاتل أيضاً على صورتها ما بعد حرب الإبادة. لذلك، الميادين دائماً تكشف صورة "إسرائيل" كمنظومة احتلال وكيان إجرام ممأسس ومتورّط في جريمة الإبادة.
تبرز الميادين حقيقة الصّورة في الوقت الذي يصدّر الاحتلال للعالم فكرة "الدولة الديمقراطيّة" وسرديّة تأسّست على فعل التزييف والكذب.
رغم كل محاولات إسكات صوت الحقيقة واستهداف الإعلام عبر محاولات الحجب والإغلاق، وحتى الاغتيال، ونستذكر شهداء الميادين فرح عمر وربيع معماري وحسين عقيل، فإن الثقة بأن جمهور الميادين وفكره المتجذّر في فلسطين والوطن العربي لا يمكن تصفيته ولا يمكن تغييبه عن هذا الواقع، بل فكر الميادين أصبح نهج الشّرفاء والأحرار في المنطقة والعالم، ومنذ أن انضممت إلى عائلة الميادين وأن ألمس عن قرب حضور فلسطين في وجدانها وفي العمل اليومي، كما يوميّات غزّة التي تنقلها الميادين إلى العالم كما هي بقساوتها وصعوبتها، ولكن أيضاً بسياقها المقاوم والوطني والإنساني. ويقيناً، الميادين ثابتة كما فلسطين، وستبقى رايتها عالية في جبهة الإسناد والفكر والوعي.