كيف أنقذ المصور البرازيل وأهّلها إلى كأس العالم؟

شهدت المباراة الحاسمة بين منتخب البرازيل وتشيلي في تصفيات كأس العالم 1990، واحدة من أغرب القصص، حيث كان الحارس روبرتو روخاس قريبا من إبعاد البرازيل عن كأس العالم للمرة الأولى في تاريخها.

  • البرازيل في كأس العالم.. المصور الأرجنتيني الذي أنقذ
    اعتدى حارس تشيلي روبرتو روخاس على نفسه في مباراة البرازيل في تصفيات كأس العالم

اشتهرت كرة القدم منذ إقرار قوانينها بحماية اللاعبين فوق أرضية الملعب من أي تدخل أو اعتداء جسدي، سواء من الفريق المنافس أو من الجماهير، لتشكل البطاقات الصفر والحمر وعقوبات الإيقاف رادعاً أمام اللعب الخشن أو غير النظيف.

إلّا أن تلك القوانين، وعلى الرغم من دقتها، شهدت واحدة من أغرب القصص التي تمثلت في اعتداء حارس منتخب تشيلي روبرتو روخاس على نفسه في المباراة الفاصلة التي جمعت منتخب بلاده بمنتخب البرازيل ضمن منافسات تصفيات أميركا الجنوبية المؤهلة لكأس العالم 1990، في واحدة من أشهر قصص التمثيل في تاريخ كرة القدم التي كان من شأنها إبعاد منتخب البرازيل عن نهائيات كأس العالم للمرة الأولى في تاريخه.

مسار التصفيات

  • البرازيل في كأس العالم.. المصور الأرجنتيني الذي أنقذ
    أوقعت قرعة التصفيات منتخب تشيلي، البرازيل وفينزويلا في مجموعة واحدة

تعود جذور القصة إلى تصفيات أميركا الجنوبية المؤهلة لنهائيات كأس العالم 1990 التي أقيمت في إيطاليا، وكان نظام التصفيات حينذاك يتكوّن من 3 مجموعات تضم 3 منتخبات بنظام تأهل المتصدر.

جمعت قرعة التصفيات كلاً من منتخب تشيلي، البرازيل وفينزويلا، لتحتدم المنافسة على بطاقة التأهل بين منتخبَي "السامبا" الذي يمتلك تاريخاً كبيراً في البطولة و"لا روخا" الذي امتلك قائمة مميزة من اللاعبين.

وفي مباريات التصفيات تصدر منتخب البرازيل المجموعة برصيد 5 نقاط (بانتصارين على فينزويلا وتعادل مع تشيلي)، بفرق الأهداف عن منتخب تشيلي (الذي حقق نتائج مشابهة لنظيره البرازيلي) مع بقاء مباراة أخيرة تجمع المنتخبين في ملعب "ماراكانا" في مدينة ريو دي جانيرو.

روخاس ومسرحية ملعب الماراكانا

  • البرازيل في كأس العالم.. المصور الأرجنتيني الذي أنقذ
    فوجئت الجماهير بسقوط روخاس مضرجاً بدمائه

تميزت المباراة بين المنتخبين بأجواء صاخبة وحضور جماهيري قدّر بنحو 140 ألف متفرج، نظراً إلى كونها مباراة حاسمة إذ احتاجت البرازيل إلى التعادل فقط من أجل ضمان تأهلها، في حين ارتبط مصير تشيلي بتحقيق الانتصار على الأراضي البرازيلية.

وفي التفاصيل قدم المنتخبان مستويات مميزة في شوط المباراة الأول، ووقف حارس منتخب تشيلي روبرتو روخاس سداً في وجه الفرص البرازيلية.

في شوط المباراة الثاني تقدم المنتخب البرازيل بواسطة مهاجم نادي نابولي كاريكا في الدقيقة الـ49، ليقترب منتخب "السامبا" أكثر من التأهل إلى مونديال إيطاليا.

وفي الدقيقة الـ67 فوجئت جماهير ملعب ماراكانا بسقوط الحارس التشيلي مضرجاً بدمائه على أرضية الملعب، بعد إلقاء شعلة مفرقعات من المدرجات البرازيلية، ما تسبب بحال من الفوضى انتهت بتوقف المباراة وانتظار صدور حكم نهائي من الاتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" يحدد هوية المنتخب المتأهل.

 إقرأ أيضاً..بعد كأس العالم 1994.. بيركامب أصبح "الهولندي غير الطائر"!

وتبادل المنتخبان الاتهامات المتعلقة بإصابة روخاس، لتظهر براءة المنتخب البرازيلي بعد ذلك على يد المصور الأرجنتيني ريكاردو ألفيري، الذي التقط سلسلة صور أظهر فيها سقوط المفرقعات بعيداً عن روخاس.

واستفيد من مشاهد النقل التلفزيوني التي أظهرت عدم تعرض روخاس لإصابة بالمفرقعات، وكشفت التحقيقات مع الحارس التشيلي استخدامه قطعة حادة كان قد أخفاها في قفازه بهدف عرقلة المباراة في حال كانت النتيجة معاكسة لتطلعاته.

وباكتشاف ملابسات القضية شعر الاتحاد الدولي لكرة القدم بأن الحكاية مدبّرة قبل انطلاق المباراة، ليعتبر البرازيل فائزة بنتيجة 2-0 في المباراة.

ولم يكتفِ الاتحاد الدولي بإقصاء تشيلي من التصفيات، بل اتخذ إجراءات إضافية تمثلت في شطبها من تصفيات كأس العالم 1990 وكأس العالم 1994، وكانت العقوبة الكبرى من نصيب الحارس روبرتو روخاس، والمدير الفني للمنتخب أرفينيا وطبيب المنتخب دانييل رودريغيز بالإيقاف مدى الحياة.

وفي حديث له عما جرى انتقد روخاس القرار الصادر في حقه قائلاً: "لقد جرحت نفسي بشفرة حلاقة، وجرحت كرامتي، لكنني لو كنت من الأرجنتين أو الأوروغواي، أو البرازيل، لما عوقبت".

مسيرة حافلة بالفساد

  • البرازيل في كأس العالم.. المصور الأرجنتيني الذي أنقذ
    تميزت مسيرة روخاس بالعديد من قضايا الفساد والتزوير أبرزها في بطولة أميركا الجنوبية للشباب

وتميز روخاس خلال مسيرته بارتباطه بعدد من قضايا التزوير والتلاعب، أبرزها فضيحة بطولة أميركا الجنوبية للشباب (دون 20 عاماً)، التي شارك فيها وهو في 21 من العمر باستخدام جواز سفر مزور.

وسافر روخاس مع المنتخب المشارك إلى أوروغواي وحققوا المركز الثالث في مجموعتهم، إلا أن حيلتهم اكتشفت فيما كانت منافسات البطولة مستمرة.

وتسببت القضية بإلقاء القبض على الفريق بأكمله عند عودته إلى تشيلي، كما حكم على المدرب بيدرو غارسيا بالسجن لمدة 1084 يوماً، وتم إقالة رئيس الاتحاد المحلي إنريك غوردون.

بعد تلك الحادثة بخمس سنوات كشفت فحوصات طبية أجراها اللاعب تعاطيه منشط "الستيرويد" (الممنوع على اللاعبين)، عقب مباراة ودية مع منتخب بلاده أمام منتخب إنكلترا، كلفه حرمانه من المشاركة في دورة الألعاب الأولمبية في الولايات المتحدة الأميركية 1984.

العودة إلى كرة القدم

  • البرازيل في كأس العالم.. المصور الأرجنتيني الذي أنقذ
    ناشد الاتحاد البرازيلي لكرة القدم "الفيفا" من أجل السماح لروخاس بالعود إلى الملاعب من بوابة التدريب

للمفارقة وعلى الرغم من الخطر الكبير الذي شكلته مؤامرة روخاس على تواجد البرازيل في كأس العالم، إلّا أن الاتحاد البرازيلي لكرة القدم ناشد "الفيفا" في العام 2000 للسماح لروخاس بالعودة إلى الملاعب من بوابة التدريب.

ليخوض بعد ذلك الحارس "المحتال" تجارب تدريبية قصيرة في أندية ساو باولو، إتويتوبا ،غواراني وسبورت ريسيفي، بعد ذلك أصبح روخاس محللاً لإحدى القنوات الرياضية في بلاده.

تعتبر حادثة روخاس من أشهر "الفضائح" في تاريخ كرة القدم، والتي بقي صداها يطارده ليومنا هذا، لكن ماذا لو نجحت المؤامرة في إيصال تشيلي لكأس العالم؟ هل كان روخاس حينها ليصنف بطلاً وطنياً في بلاده؟

إقرأ أيضاً.. زاغالو وبكنباور وديشان.. مجد كأس العالم لا نظير له