البقاعيون يتغلبون على الجرح ويعيدون حياة المدن والقرى إلى طبيعتها
هي حياة استعادت طبيعتها في البقاع بعد ساعات قليلة من وقف إطلاق النار، "ومباشرة سنرفع ركام المنزل ونباشر بالبناء". وفي يومين تراجع عدد النازحين في مراكز الإيواء في محافظة البقاع.
هي عودة اختلط فيها الحزن مع الفرح، حزن على أحبة فقدها العائدون إلى البقاع وفرح بالسلامة. وفيما يعود بعض النازحين إلى ركام وحطام منازلهم، كما هي حال عبد الله من الخضر في قضاء بعلبك، إلا أنه يؤكد أن العودة انتصار جديد وإرادة لا تلين.
مع الدقائق الأولى لسريان هدنة وقف إطلاق النار كان المئات من البقاعيين قد أنهوا استعدادات العودة من مراكز الإيواء في البقاع أو المنازل والأمكنة التي لجأوا إليها إلى قراهم على امتداد البقاع ومحافظة بعلبك الهرمل. كل الطرقات الرئيسية في البقاع كانت تتشابه بالازدحام المطمئن والحلو، وفق تعبير أسامة من بلدة شمسطار .
تزينت مواكب العائدين بعلامات النصر وأعلام حزب الله وصور السيد الشهيد حسن نصر الله، وتحولت طريق شتورة - بعلبك إلى سلسلة متواصلة من مواكب وسيارات العائدين، وكلها تتشارك في مشهد الأمتعة والفرش على صناديق السيارات مع وجوه ملؤها الفرح توزع الابتسامات وعبارة "الحمد لله على السلامة". وبالرغم من أن بعض مشاهد الدمار التي خلّفها الاحتلال محزنة في مدن البقاع، "ولكن الحياة والسلامة والعودة أهم"، يقول بلال، العائد إلى الخضر، "لأننا سنعيد بناء ما تدمر وهذا هو النصر".
مع الوصول إلى قرى بعلبك يتراجع الازدحام، ويبدأ الناس بمحاولات إعادة الحياة إلى أحيائهم ومنازلهم، ففي بلدة بدنايل هناك من أسرع إلى فتح نوافذ منزله لخروج روائح مخلفات الغارات والصواريخ. وفي سرعين باشر إبراهيم بتركيب الصوبيات والمواقد، بالإضافة إلى من شرع بنفض الغبار وإصلاح بعض الأضرار البسيطة، كتركيب زجاج على النوافذ والأبواب التي تضررت.
هي حياة استعادت طبيعتها في البقاع بعد ساعات قليلة من وقف إطلاق النار، "ومباشرة سنرفع ركام المنزل ونباشر بالبناء"، يقول حسن عبد الله من سرعين، الذي كان يتفقد ما تبقى من منزله الذي سوته الطائرات الإسرائيلية بالأرض. وفي يومين تراجع عدد النازحين في مراكز الإيواء في محافظة البقاع، والتي يبلغ عددها 123 نت 14 ألف نازح إلى 2400 نازح لا يزالون في 12 مركزاً فقط، وهذا الرقم يتراجع يوماً بعد يوم بحسب ما يؤكد محافظ البقاع القاضي كمال أبو جودة.
في المقابل يقدر محافظ بعلبك الهرمل بشير خضر حجم العائدين إلى قرى بعلبك - الهرمل بأكثر من 60% من حجم الذين تركوا هذه المحافظة. في حين أعلن رئيس بلدية بعلبك مصطفى الشل أن لجان البلدية باشرت بإجراء مسح شامل للأضرار، وهذا الإجراء ينطبق على كامل قرى المحافظة.
أما طريق العودة الأروع رسمته خطوات القادمين من سوريا والعراق، فعند ساعات الفجر الأولى من وقع إطلاق النار قبل يومين، اختار العشرات منهم السير على الأقدام على الطريق الدولية التي تربط منطقة المصنع عند الحدود اللبنانية وجديدة يابوس السورية. لم ينتظر علي حسن من بلدة علي النهري ردم الحفر على الطريق الدولية، بل اختار الوصول إلى هنغار المصنع على رجليه مع عائلته وبعض الأمتعة ومن هناك انتقل بحافلة إلى علي النهري.
يقدر مصدر أمني أن عدد الوافدين اللبنانيين من سوريا والعراق أكثر من 7 آلاف لبناني خلال اليومين الماضيين، وهذا الرقم يتصاعد ساعة بعد ساعة بحسب المصدر الأمني. وتشهد الطريق الدولية زحمة تدفق لبنانيين، لا سيما بعد الانتهاء من ردم الحفرتين، وخلال الساعات القليلة المقبلة سيتم فلش الإسفلت، مما يعني طي كامل لآثار العدوان.
العودة لم تقتصر على حركة الأشخاص بل شكّل الإعلان عن فتح المعابر عودة ايضاً لحركة الاستيراد والتصدير الزراعي والصناعي، مما أشاع جو من الارتياح كان له الفعل في وقف انهيار القطاع الزراعي. ويستعد الآن مزارعو ومصدرو العنب والتفاح والأفوكادو والقشطة إلى تسيير شاحنات التصدير من لبنان باتجاه العراق.
هي عودة متسارعة للحياة الطبيعية في البقاع بزمن قياسي، في وقت لم يحل الركام في تأخير تدفق الناس إلى قراهم.