آلاف النازحين في رفح جنوبي غزة بلا مأوى.. والخيمة حلم!
يوجد في مدينة رفح جنوب القطاع نحو مليون و300 ألف نسمة معظمهم أجبروا بفعل الحرب الإسرائيلية على النزوح من منازلهم بمدينة غزة أو شمالها، وعدد كبير منهم لم يجد حتى خيمة لتؤويه.
"أعيش وعائلتي في الشارع بلا مأوى مثل الآلاف من الذين نزحوا مؤخّراً إلى مدينة رفح، ولم يجدوا خيمة تؤويهم، ولا أملك المال لشراء واحدة"، هذه المعاناة التي لا توصف بالكلمات يعيشها النازح من أقصى شمال قطاع غزة لأقصى جنوبه، جعفر الشنباري.
الشنباري اضطرّ للنزوح أكثر من سبع مرات، وعاش فصولاً صعبة من المعاناة، وأجبر على المبيت في العراء بسبب الاكتظاظ الهائل للنازحين جنوبي القطاع، وعدم إمكانية استيعابهم في مراكز الإيواء، علاوة على تجاهل المؤسسات الإغاثية والدولية.
ويوجد في مدينة رفح جنوب القطاع نحو مليون و300 ألف نسمة معظمهم أجبروا بفعل الحرب الإسرائيلية على النزوح من منازلهم بمدينة غزة أو شمالها، حيث تؤكد التقارير الدولية أن 85% من سكان القطاع نزحوا من منازلهم.
حلم الخيمة
وكأحلام اليقظة يبذل الشنباري جهداً يومياً للحصول على خيمة لعائلته، ويفيد لـلميادين نت، بأنّ "عائلته ومئات العائلات التي نزحت مؤخّراً إلى رفح لم تجد مأوى لها في مراكز الإيواء، كما أنها لم تحقّق حلم الحصول على خيمة".
ثمن الخيمة الواحدة في الوقت الحالي بلغ نحو 700 دولار أميركي، وهو الأمر الذي يفوق قدرة النازحين، الذين يعتمدون على المساعدات الإنسانية، فيما تواصل حكومة الاحتلال الإسرائيلي منع إدخال البضائع والمواد الغذائية.
ومساحة رفح تبلغ 151 كيلو متراً مربعاً، ولا تكفي لهذا العدد الكبير من النازحين والسكان، وبمجرد التنقّل في شوارعها تجد أنّ النازحين موجودون في كل مكان، وأنهم لم يتركوا مكاناً إلا ونصبوا فيه خيمة تتحدّث عن معاناتهم ومأساتهم.
وعلى الرغم من توجه الشنباري إلى عدد من المؤسسات الإغاثية وطلبه المساعدة في إيجاد مأوى لأسرته النازحة؛ إلا أن طلباته قوبلت جميعها بالتجاهل، بزعم أن هناك مئات الآلاف من النازحين، وأن ما يدخل إلى القطاع لا يكفي لهم.
معاناة مشتركة
ويشترك الفلسطيني صلاح سكيك بالمعاناة ذاتها، فبعد أسابيع من البحث والجهد من أجل إيجاد مأوى لأسرته أو خيمة من الخيام التي تصل إلى غزة على شكل مساعدات عبر معبر رفح البري، اضطر الفلسطيني ذو الأربعين ربيعاً لمشاركة أقربائه في إحدى الخيام.
ويفيد سكيك، لـلميادين نت، أنه "طلب من قريب له مشاركته الخيمة التي تسكن فيها عائلته في مدينة رفح بعد عدم قدرته على توفير خيمة"، متهماً الجهات الإغاثية بالمتاجرة بخيام النازحين وبيعها لمن يدفع مبلغاً مالياً أكبر.
وهذه الاتهامات الموجّهة من سكيك أصبحت مؤخراً حديث الشارع في غزة، الذي يؤكد أن عدداً من المؤسسات الإغاثية تقوم ببيع الخيام للنازحين، فيما ترفض جميع المؤسسات الرد على مثل هذه الاتهامات وتعتبرها انتقاصاً من جهودها.
"البرد القارس يأكل أجساد أطفالنا، والوضع صعب للغاية، نعاني الأمرّين لتوفير الخيام والأغطية اللازمة، وكل ذلك لا يتوفّر إلا بجهد وعناء كبيرين، بتنا نعيش حياة المشرّدين والشوارع مليئة بمئات الآلاف من النازحين"، يقول سكيك.
وبحسب النازح الفلسطيني، فإنّ "تعمّد الاحتلال حصر السكان في مدينة رفح يأتي بهدف خلق وضع صعب للغاية لديهم، وإجبارهم على اقتحام الحدود المصرية وترك قطاع غزة"، قائلاً: "برغم ما يحدث فهذا حلم صعب المنال ولن نترك أرضنا للمحتل".
مساعدات مقنّنة
الاتهامات التي طالت المؤسسات الإغاثية في غزة، دفعت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني للرد عليها، بتأكيد أنّ "المشكلة الأساسية تتمثّل في تحكّم الاحتلال الإسرائيلي بطبيعة دخول المساعدات للقطاع عبر معبر رفح البري".
ويسمح الاحتلال الإسرائيلي بدخول مساعدات مقنّنة للقطاع لا تكفي لنحو 10% من سكانه والنازحين للوسط والجنوب"، الأمر الذي يحرم هذه الفئة من الخدمات الإغاثية، وفق ما يؤكده الناطق باسم الجمعية رائد النمس لـ"الميادين نت".
ويفيد النمس، بأن "الاحتلال الإسرائيلي وبالرغم من المطالبات الدولية يرفض زيادة المساعدات والاحتياجات اليومية، كما أن أعداد الخيام التي تدخل للقطاع لا تقارن بأعداد النازحين وحاجة العائلات لها".
"تدخل يومياً أقل من 200 شاحنة لقطاع غزة معظمها من المساعدات العاجلة والطبية والغذائية مع عدد قليل من الخيام والوقود وغاز الطهي، متابعاً: "هذه الكميات لا يمكن أن تسد احتياجات القطاع والنازحين من سكانه"، يقول النمس.
ويؤكد المسؤول الإغاثي، أن "جمعية الهلال الأحمر في الوقت الحالي تؤدي دور الوسيط عبر تسليم المساعدات من خارج القطاع للمؤسسات العاملة فيه، ولا يمكن لها أن تحاسب أو تراقب آلية عمل تلك المؤسسات".
وينذر استمرار الوضع الراهن في مناطق مراكز الإيواء بتفشّي الأمراض المزمنة والمعدية والأوبئة بين النازحين، خاصة وأن وزارة الصحة في غزة سجّلت إصابة 400 ألف منهم بتلك الأمراض حتى اللحظة، في وقت يتواصل فيه الصمت الدولي.