قائد فرقة إسرائيلي استعان بأشقائه لتشكيل عصابة في غزة.. ماذا في التفاصيل؟
تحقيق لصحيفة "هآرتس" يكشف أنّ قائد الفرقة (252) في "الجيش" الإسرائيلي سمح لأحد أشقائه بتشكيل عصابة هدفها هدم منازل الفلسطينيين في شمال قطاع غزة.
نشرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، اليوم الثلاثاء، تحقيقاً يُسلّط الضوء على سلوكيات العميد يهودا فاخ، قائد الفرقة 252 مدرّعات في "الجيش" الإسرائيلي، الذي "نُسبت إليه قرارات فردية بتنفيذ عمليات إبادة في قطاع غزة وتهجير سكانه".
وأفاد التحقيق أيضاً بأنّ "العميد فاخ سمح لأحد أشقائه بتشكيل عصابة هدفها هدم منازل الفلسطينيين في القطاع بعيداً عن سلطة الجيش الإسرائيلي".
ووفقاً لما أوردته الصحيفة الإسرائيلية، فإنّ فاخ أجرى ترتيبات غير مألوفة فور تسلّمه قيادة الفرقة (252) التي كانت تعمل في ممر "نتساريم" في مدينة غزة، في آب/أغسطس الماضي، حيث أحضر أشقاءه إلى داخل القطاع، ومنحهم امتيازات خاصة.
كما نقلت "هآرتس" عن ضابط يعمل في قيادة الفرقة (252) (لم تكشف هويته) قوله: "فاخ أدخل أشقاءه إلى غزة حيث كانوا يُعاملون معاملة كبار الشخصيات"، مضيفاً أنه "كان واضحاً أنّ التعليمات تقضي بالسماح لهم بدخول محور نتساريم من دون خضوع للإجراءات المعتادة التي تُفرض على الآخرين".
وتابع الضابط: "على سبيل المثال، لم يكن مطلوباً مرافقة عسكرية أو تسجيل دخول وخروج عند مرور أشقاء فاخ عبر المحور، وهو أمر إلزامي في جميع الحالات الأخرى التي تشمل دخول الجنود إلى غزة".
عقيد في "جيش" الاحتلال مقاول الهدم في غزة
وتطرّقت "هآرتس" إلى الجرائم التي ارتكبها أحد أشقاء فاخ، ويدعى جولان في غزة، وقالت إنّ "جولان هو عقيد في قوات الاحتياط، وقائد وحدة الإنقاذ الوطنية في الجيش الإسرائيلي، لكنه تولّى في غزة دوراً غير رسمي ومثيراً للجدل" وُصف بأنه "مقاول الهدم في غزة"، وفقاً لشهادات قادة وجنود من الفرقة (252).
ونقلت الصحيفة عن ضابط بارز في الفرقة (لم تكشف عن هويته) قوله: "جولان شكّل قوة مكوّنة من جنود ومستوطنين، يشبهون جماعة شباب التلال، وكان هدفها الأساسي تدمير غزة وتسويتها بالأرض".
و"شباب التلال" جماعة إسرائيلية تتكوّن من مستوطنين يتصفون بعنفهم الشديد، يعملون على إقامة بؤر استيطانية في الضفة الغربية المحتلة، ويدمّرون البلدات الفلسطينية هناك، كما أنهم يشنّون عمليات قتل وحرق جماعي بحقّ سكانها.
وتابع الضابط الإسرائيلي: "في أحد الأيام، شاهدنا قوة هندسية تقوم بتدمير مبانٍ في منطقة عملياتنا من دون أن نعرف هويّتها، وحتى الضابط الهندسي المسؤول في الفرقة لم يكن على علم بها".
وتابع: "بعد استفسارات متعدّدة، قيل لي إنّ هذه القوة تتبع جولان شقيق قائد الفرقة، وأنه من الأفضل عدم إثارة الكثير من الضجيج حول الأمر".
فريق في "الجيش" الإسرائيلي يعمل كجهة مستقلة
ولفتت "هآرتس" إلى أنه في آب/أغسطس الماضي، كثّف "الجيش" الإسرائيلي جهوده لتدمير المباني والمنازل الفلسطينية في منطقة محور "نتساريم" وتسويتها بالأرض.
ومع ذلك، كان "هناك فريق معيّن يعمل كجهة مستقلة لها أهدافها الخاصة، من دون أن تتمكّن قيادة الفرقة (252) أو القيادة الجنوبية في الجيش من تحديد هوية أفراده أو صلاحياتهم بشكل دقيق"، وفق الصحيفة.
وأشارت الصحيفة أيضاً إلى أنّ "فاخ هو من كان يعرف كل شيء؛ فهو من فعّل الفريق، وأعطى التعليمات للعمل في محور نتساريم بهدف تدميره وتوسيعه - حتى في المناطق التي لا تحمل أولوية عملياتية".
كذلك نقلت الصحيفة عن جندي احتياط، كان ضمن فريق مكلّف بحماية تلك القوة، قوله: "كانت مهمتهم بالكامل تتمثّل في تسوية غزة بالأرض بأسرع وقت ممكن.. هذا ما كانوا يفعلونه طوال اليوم".
وبحسب "هآرتس" أضاف الجندي (من دون الكشف عن هويته): "سرعان ما أدركنا أنّ هذه المهمّة تمّ تنفيذها من دون علم القيادة الجنوبية أو هيئة الأركان العامّة للجيش".
تفجيرات في ممرّ "نتساريم"
وعن أعضاء فرقة قوة الهدم في غزة، قال الجندي ذاته: "كانوا أشخاصاً مشحونين بالكراهية، ومزيجاً من جنود ومستوطنين، معظمهم متديّنون. شعروا أنهم في مهمة جنونية واعتبروا ذلك شرفاً عظيماً لهم".
وأضاف الجندي أنّ أعضاء الفريق كشفوا له ولفريق الحراسة أهدافهم بوضوح، وأقرّ: "قيل لنا إنّ الهدف تدمير 60 مبنىً يومياً".
وعن طريقة العمل ومعايير اختيار المباني والمنازل المستهدفة، أوضح جنود من اللواء (16) في الفرقة (252)، الذين كانوا مكلّفين بتأمين الفريق، أنه "لم تكن هناك أيّ معايير، فقد كانوا يحصلون على شريط محدّد في ممرّ نتساريم ويقومون بتسوية كلّ مبنى بداخله بالأرض".
وأضاف أحد الجنود (لم يكشف عن هويته): "كانت المهمة ببساطة الانتقال من منزل إلى آخر والتأكّد من أنّ كل شيء جاهز للهدم"، و"كان واضحاً أنّ الهدف هو منع أيّ إمكانية لعودة السكان للعيش هناك".
وتروي "هآرتس" واقعة مثيرة أخرى حدثت للقائد جولان أثناء تنفيذ عمليات الهدم الممنهجة في غزة، وفقاً لشهادة ضباط وجنود. وذكرت الصحيفة أنّ "جولان اكتشف فتحة لنفق، فطلب من الجنود إنزاله إلى داخله، متجاهلاً الإجراءات الأمنية المعتادة للتأكّد من عدم وجود أفخاخ أو خطر الانهيار"، مضيفةً أنّ "جدران النفق انهارت على جولان أثناء دخوله ودُفن تحت الرمال، مما تسبّب في انقطاع الاتصال به لمدة ساعتين وسط مخاوف حقيقية من احتمال أسره".
وتابعت الصحيفة أنه "بعد جهود مكثّفة، تمّ إنقاذ القائد جولان مصاباً بجروح متوسطة".
فيما قال مصدر عسكري كان حاضراً أثناء هذه الحادثة: "لقد عرّض نفسه والجنود الذين كانوا معه للخطر"، مضيفاً أنّ "الفرق الطبية خاطرت بحياتها لإنقاذه من دون سبب مفهوم حتى الآن".
وعقب هذا الحادث، تقرّر حلّ "قوّة الهدم" بشكل كامل، ولم تعد إلى العمل في غزة منذ ذلك الوقت، وفقاً لضابط كبير في الفرقة (252).
القائد فاخ ينفّذ "خطة الجنرالات"
وتابعت "هآرتس": بالعودة إلى فاخ، إنّ "إحدى القضايا التي شغلته بشكل كبير خلال تلك الفترة كانت تحقيق صورة النصر"، مشيرةً إلى أنها "لم تكن صورة نصر لإسرائيل ككلّ، بل له شخصياً".
وبحسب مصادر مطلعة للصحيفة "زعم فاخ في محادثات مع قادة الجيش أنّ إنهاء عمل الفرقة بينما يكون شمال قطاع غزة خالياً من السكان سيُعدّ انتصاراً للفرقة بقيادته".
وأضافت الصحيفة: "في البداية، تحدّث فاخ عن تهجير جميع سكان شمال القطاع إلى الجنوب"، مشيراً إلى نيّته "تنفيذ خطة الجنرالات بنفسه".
و"خطة الجنرالات" خطة اقترحها مطلع أيلول/سبتمبر الماضي الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي اللواء احتياط غيورا أيلاند، ودعمها العشرات من كبار الضباط الحاليين والسابقين في "الجيش" الإسرائيلي.
وتهدف إلى إعادة احتلال قطاع غزة بشكل مرحلي، بدءاً من تهجير سكان شمال القطاع وتحويله إلى منطقة عسكرية مغلقة، ثم تعميم ذلك على باقي مناطق القطاع.
فخّ الزيتون يوقع بعصابة القائد فاخ
هذا وتطرّق تحقيق "هآرتس" إلى السلوكيّات المتهورة للقائد فاخ والتي أدّت إلى مقتل جنود تحت إمرته.
ووفقاً لشهادات ضباط من الفرقة (252)، فقد قُتل 8 جنود بين 17 و28 آب/أغسطس الماضي، عندما قرّر فاخ دخول حيّ الزيتون جنوب مدينة غزة، في إطار محاولاته المستمرة للوصول إلى مواقع أبعد نحو الشمال، من دون التخطيط الميداني الكافي.
وصرّح أحد قادة الفرقة (لم يتمّ الكشف عن هويته) - وفق هآرتس- قائلاً: "أدخل فاخ الجنود إلى المنطقة من دون تجهيز مناسب أو التأكّد من خلوّها من العبوات الناسفة".
وأضاف: "قافلة الإمدادات تعرّضت لانفجار عبوة ناسفة أو استُهدفت بصاروخ مضاد للدروع، بينما قتل جنود آخرون في اشتباكات مع المخرّبين في المنطقة".
وتواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي مجازرها وإبادتها في قطاع غزة ضاربةً بعرض الحائط قرارات المحكمة الجنائية.
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة في وقت سابق اليوم، ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 45,553 شهيداً و108,379 إصابة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، في حصيلة غير نهائية، حيث لا يزال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات ولا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.
الاحتلال الإسرائيلي يفتتح العام الجديد بمجزرة في منطقة #جباليا البلد شمال قطاع #غزة.
— قناة الميادين (@AlMayadeenNews) January 1, 2025
تقرير: محمود العوضية #فلسطين_المحتلة #طوفان_الاقصى @MahmoudAwadia pic.twitter.com/cdQPVWeIGr