الهند: الأجنة الأنثوية تواجه خطر الوأد في كل ساعة

لا تزال الأجنة الأنثوية في الهند تواجه خطر الموت في كل ساعة تقريباً، ولا تزال أيضاً كثير من العائلات الهندية تتبع طرقاً غير علمية للتأثير على جنس المولود وجعله ذكراً.

  • الهند: الأجنة الأنثوية تواجه خطر الوأد في كل ساعة
    الهند: الأجنة الأنثوية تواجه خطر الوأد في كل ساعة

قبل حوالى ثلاثين عاماً، سنّ البرلمان الهندي قانوناً يتعلق بالتشخيص التقني ما قبل الولادة والمعرف اليوم بـ"قانون حظر معرفة جنس الجنين"، الذي يمنع استخدام أي وسيلة من شأنها كشف جنس الجنين. القانون الذي جاء لوقف قتل الأجنّة الإناث، بعدما أشارت الإحصائيات بأن هناك 976 أنثى مقابل 1000 ذكر، والتي استمرت بالانخفاض حيث أفضت إحصائيات عام 2011 بأن عدد الإناث انخفض إلى 914 مقابل الرقم ذاته للذكور. ولا تزال الأجنة الأنثوية تواجه خطر الموت في كل ساعة تقريباً وفق إحصائيات عام 2019 لمكتب سجلات الجريمة الوطنية.

ممارسات غير علمية  

لا تزال كثير من العائلات الهندية تتبع طرقاً غير علمية للتأثير على جنس المولود وجعله ذكراً، ومنها تناول أدوية تحمل كميات عالية من هرمون الذكورة "التستوستيرون"، ما تسبب بوفيات الأجنة، كما تتبع بعض الأمهات نصائح تتعلق بنظامهم الغذائي، كعدم تخطّي وجبة الفطور وتجنب الأطعمة التي تحتوي على درجات عالية من الأحماض. وتقول شريستي موهانتي اختصاصية في أمراض النساء والتوليد في مدينة مومباي للميادين نت إنّ "فرصة حدوث الحمل بأنثى أو ذكر هو عشوائي كلياً" مؤكدة أنه "لا يوجد أي دليل علمي لطريقة قادرة على تغيير جنس الجنين".

مبادرات حكومية ومجتمعية

لم يتوقف دور الحكومة الهندية على سن قانون منع كشف جنس المولود وتشديد العقوبة على الطبيب المخالف بعقوبة الحبس تصل إلى ثلاث سنوات فحسب، بل تخطاها إلى منح جائزة مالية كبيرة لكل من يكشف طبيب أو مشفى يشارك بقتل الأجنة الأنثوية، إضافة إلى تقديم المنح التعليمية والمالية للفتيات وعائلاتهنّ لدعم تعليمهنّ، خاصة في المناطق ذات النسبة المنخفضة للفتيات والعائلات المصنفة تحت خط الفقر، كما عمدت وزارة الموارد البشرية إلى زيادة نسبة التحاق الفتيات بالكليات الهندسية والفنية، كذلك افتتحت بعض الولايات الهندية مراكز متخصصة لإيواء الفتيات غير المرغوب فيهن من قبل ذويهم للمساعدة في مكافحة هذه الجريمة.

وعلى الرغم من انحسار هذه الممارسات لدى بعض العائلات في المجتمع الهندي، إلا أنها لا زالت موجودة لدى كثيرين خاصة في المناطق الريفية غير المتعلمة، تحت غطاء ما يسمى الموروث الاجتماعي الذي يعزز تفوّق الذكر على الأنثى في العمل والدراسة والمناصب الحكومية وصولاً إلى قتل الأجنّة الأنثوية.

الفتاة في الهند "عبء" على أهلها

ما أن تولد طفلة في الهند، حتى يبدأ والدها التفكير بالمهر الذي يتوجب عليه دفعه عند زواجها على رغم وجود قانون يحظر المهر في الهند، حيث يطالب المجتمع الهندي -وفقاً لتقاليده- عائلة العروس بدفع المهر لعائلة العريس، الأمر الذي يشكل عبئاً كبيراً خاصة مع حالات الفقر المتفشية، وتضطر عائلة العروس في بعض الأحيان إلى طلب حصول على قروض مالية أو رهن ممتلكات عقارية لتأمين مستلزمات الزواج خوفاً من نظرة المجتمع، كما يتوجب على أهل العروس دفع مبالغ مادية في الأعياد والمناسبات الخاصة، وفي حال عدم الدفع يُمكن أن تُمسي حياة العروس جحيماً بسبب مضايقات أهل العريس. ومؤخراً تعمد بعض عائلات العرسان الغنية لتغيير اسم المهر إلى "هدية" في محاولة للتغطية على الفعل لكن في حقيقته يبقى كابوساً لأهل العروس. 

وقد أدت قرون من النظام الأبوي في الهند إلى التمييز بين الجنسين في جميع مجالات الحياة، مانحة الذكر امتيازات كثيرة، في حين لم تُمنح الفتيات أي فرصة حقيقية للتعبير عن أنفسهنّ، ما أعطى الذكر مكانة رفيعة باعتباره "أصل"، إذ يرى الهنود بأن الذكر يحمل اسم العائلة ويهتم بوالديه حتى وفاتهما، كون العادة جرت بأن يتزوج ويعيش في منزل أبويه، في حين يُنظَر إلى الفتاة بأنها سوف تخدم زوجها ولا يمكنها الاستمرار في نسب العائلة، كذلك تُهيمن العائلة على قرار الفتيات في اختيار أزواجهنّ، وكلمة "لا" واحدة كفيلة بنسف أي علاقة حب أو خطوبة.