الفقراء في بوغوتا الكولومبية يعيشون من نفايات الأثرياء
يطوف الفقراء شوارع الضواحي الشمالية الثّرية للعاصمة الكولومبية بوغوتا ليلاً وهم يجرّون عربات ثقيلة، من مستوعب نفايات إلى آخر، بحثاً عن قمامة رماها أثرياء، من بلاستيك وزجاج وكرتون، ليعيدوا تدويرها ويبيعوها مقابل حفنة من المال.
يعتاش الآلاف في كولومبيا من تدوير النفايات وخاصة في العاصمة الكولومبية بوغوتا، رغم أنه غير مربح، لكنه يشكل خشبة خلاص للبعض في بلد يعاني واحد من كل ثمانية من سكان مدنه من البطالة فيما يبلغ معدّل الفقر 40% تقريباً.
ونقلت وكالة فرانس برس، عن جيزوس ماريا بيريز (52 عاماً) قوله: "هذه الحياة صعبة، لكنها خياري الوحيد للبقاء على قيد الحياة".
ويُشكّل الرجال والنساء والأطفال الغارقون في البحث وسط النفايات وجه البؤس الذي وعد جميع المرشّحين للدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية الكولومبية المقرر إجراؤها الأحد بالقضاء عليه.
وعمل نحو 25 ألف من سكان بوغوتا في 2020، في إعادة تدوير النفايات غير المنظمة رسمياً، بحسب مجلس المدينة.
ويكسب كلّ منهم بين 12 ألف و18 ألف بيزو يومياً (بين 3 و4,50 دولار) من نشاطهم هذا، بحسب ألفارو نوكوا من جمعية "غيف مي يور هاند" (أعطني يدك، Give Me Your Hand) التي تساعد هؤلاء.
النشاط الأصعب للفقراء
ويواجه بيريز الذي كان طاهياً في فنزويلا، صعوبة في جمع 40 ألف بيزو يومياً، أي ما يوازي عشرة دولارات، ليأكل وجبة طعام ولينام في سرير ليلاً، ويؤمن موقفاً لعربته الخشبية التي يجرّها يومياً بنفسه. فهو لا يمتلك حصاناً أو حماراً يجرّ فيه العربة الثقيلة، إذ منعت بلدية بوغوتا قبل ثماني سنوات استخدام الحيوانات بغية مكافحة سوء معاملتها. ونظراً لأنّ قليلة أعداد من لديهم إمكانية شراء عربة ذاتية الدفع، يُضطرون يومياً إلى جرّ أحمال ثقيلة لكيلومترات طويلة.
وتشارك عائلات بكاملها في النشاط، فيغوص الأهل في القمامة فيما يحرس الأطفال العربة.
وتُنتج بوغوتا يومياً نحو 7500 طنّ من النفايات يُعيد تدوير نحو 16% منها أشخاص مثل بيريز، بحسب أرقام بلدية المدينة.
وبحسب أرقام العام 2019، نحو 80% من الأُسر الكولومبية لم تُعد تدوير نفاياتها أو تفرزها.
أرزّ والقليل من اللحم.. وجبة واحدة في اليوم
وتدير مارتا مونوز (45 عاماً) مركز إعادة تدوير صغيراً تشتري فيه نفايات من جامعيها، ثمّ تبيعهم إلى أحد أكبر مراكز إعادة التدوير في بوغوتا.
وتقول لوكالة فرانس برس: "العديد من الذين يأتون إلى هنا يعيشون في الشوارع. هذا النشاط يسمح لهم بأن يكون لديهم دخل صغير".
وتشير إلى أنها ربّت أطفالها السبعة بفضل الدخل المادي الذي تجنيه من العمل في إعادة التدوير. وأصبح أحدهم محامياً وآخرهم مهندساً.
إلّا أن طموحات بيريز ليست بعيدة المدى إلى هذا الحدّ. فقد جنى 25 ألف بيزو فقط (6,5 دولار) في اليوم الذي قابلته فيه وكالة فرانس برس. وإذا اقتطع من هذا المبلغ رسم إيجار غرفته وتكاليف موقف عربته، يبقى له ألف بيزو فقط، أي نحو ربع دولار أميركي.
وليعوّض هذا النقص، ينطلق مجدداً إلى الشارع، ليبيع هذه المرة الحلوى وأكياس جمع القمامة.
وتمكّن أخيراً من جمع ما يكفيه من المال ليشتري وجبة طعام أولى ووحيدة لليوم، وهي كيس صغير فيه أرزّ والقليل من اللحم.
وبحسب البنك الدولي، تُعدّ كولومبيا إحدى الدول التي تعاني من أعلى معدّلات تفاوت في الدّخل، وتضمّ أكبر سوق عمل غير رسمية في أميركا اللاتينية.
وسيدلي الكولومبيون بأصواتهم الأحد في الدورة الأولى من انتخابات رئاسية شكّل تفاقم المشاكل الاقتصادية التي أدّت إلى تظاهرات دامية العام الماضي، قضية رئيسية في الحملات الانتخابية التي سبقتها.