لبنان وخطوة بين الحرائق والآمال
سيشهد لبنان على الأرجح اختباراً يومياً دقيقاً مع كل قرارٍ واستحقاق، المُطَمئِنُ فيه هو وجود إدراك من الجميع لمخاطر اللحظة، أما المخيف فيه فهو أن طبيعة الملفات المطروحة ليست محلية فحسب.
الحرائق في كل مكان، من لوس أنجلوس إلى الشرق الأوسط. حرائق طبيعية وأخرى جيوسياسية مفتعلة. لبنان، الذي يقع في قلب هذه الحرائق الإقليمية، التي اشتعلت في المنطقة، خطا خطوةً عقلانية في بحرٍ من الجنون.
انتخب لبنان العماد جوزيف عون رئيساً جديداً للجمهورية. خطوةٌ أتت في سياقين إقليمي ومحلي متفجّرين، لكنها أتت بتوازنٍ جديدٍ في السلطة يؤسّس، من ناحية، استقراراً مأمولاً، أمنياً واقتصادياً، ويُبقي، من جهةٍ أخرى، مخاوف كبيرة من المستقبل، بسبب الهشاشة الاستراتيجية المصاحبة لطبيعة تكوين البلاد، اجتماعياً وسياسياً، وانفتاحه على الأدوار الخارجية، ونفوذ الدول الكبرى والإقليمية.
فما هو الاتجاه الآن؟
في التأسيس المنطقي للنظرة إلى التحول اللبناني الجديد، لا بد من استرجاع بعض المعالم، التي شكّلت ظروف انتخاب عون.
الرجل معروفٌ بصلابته في قيادة المؤسسة العسكرية، لكنه الآن يُظهر بُعداً آخر من أبعاد مسيرته، قابلاً للتطور. ودليل ذلك هو شكل تسوية الساعات الأخيرة، التي وفرت له موافقة الكتل الضرورية لتأمين انتخابه.
لكن، مع ذلك، يدخل عون قصر بعبدا تحت غيومٍ متلبدة، وآفاق بعيدة مشرقة تناديه ليدخل فضاءاتها. الغيوم تمثّلها الأزمات والضرورات المحلية والإقليمية، والآفاق تشير إليها رغبة أغلبية شعبية وأغلبية سياسية في إنجاح مساعيه لإنقاذ لبنان، واستعادة نهضته. لكن، من أوصله؟ ومن أجل أيّ حسابات؟
لا شك في أن الدورين الأميركي والسعودي كانا حاسمين في تزخيم تشريح العماد عون، لكن حسم فرصه في الرئاسة جاء بتضافر إرادات داخلي، مبنيّ على ضروراتٍ وطنية حاكمة.
قبل 48 ساعة فقط من وصوله كان يواجه معارضة من الثنائي المسيحي (التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية)، بالإضافة إلى عدم تأمين موافقة الثنائي الآخر (حركة أمل وحزب الله). وكل واحدة من هذه القوى كانت تعارض أو تتريث لأسباب وضرورات متباينة.
أما الضرورات لدى ثنائي حركة أمل وحزب الله فمحدَّدة بضماناتٍ من الرئيس ومن داعميه الخارجيين بشأن ملفات واضحة: إعادة إعمار ما دمرته "إسرائيل"؛ ضمان الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الجنوب؛ ضمان المشاركة في السلطة، بدءاً باختيار رئيس الحكومة، وليس انتهاءً بالتعاون في الحكومة والإدارات للخروج من الأزمة، على نحو لا يُقصي أحداً من القوى الفاعلة.
كيف تم التعبير عن هذا التوافق؟
جاء خطاب القسم للرئيس ليؤكد هذه الأبعاد، وكان متوازناً بقدر كبير. لم يترك ثُغَراً يمكن أن تجلب رياحاً سلبية. العناوين الكبرى للخطاب غير متعارضة مع خطاب ثنائي حركة أمل وحزب الله، وهي متناغمة مع الفريق الآخر أيضاً، ومع ما تضعه القوى الخارجية من قواعد لمساهمتها في إنقاذ البلاد.
أختار هنا أربع نقاط مهمة: قانون الانتخابات؛ تعزيز السلطة القضائية؛ الإصلاح، اقتصادياً ومالياً؛ الاستراتيجية الدفاعية.
في هذه النقاط يتحدد مصير العهد، وطبيعة الضوء في آخر النفق. فإما يكون الضوء نوراً (كما نأمل جميعاً)، وإما يكون ضوء حريقٍ نسير إليه بأنفسنا.
ما الإشارات؟
التوافق الواسع، الذي تُرجِم في الدورة الثانية من الانتخاب، أبعدَ شبح الطعن في المجلس الدستوري، وبث هواءً إيجابياً في الأجواء، لكن الأمور لن تكون سهلةً وميسَّرة، بصورةٍ تامة، على مستوى الشأن الجاري والأحداث اليومية.
سيشهد لبنان على الأرجح اختباراً يومياً دقيقاً مع كل قرارٍ واستحقاق، المُطَمئِنُ فيه هو وجود إدراك من الجميع لمخاطر اللحظة، أما المخيف فيه فهو أن طبيعة الملفات المطروحة ليست محلية فحسب، بل إقليمية وعالمية في جوانب منها.
الاستراتيجية الدفاعية تشكل ملفاً مفصلياً. إذا تم التوافق على صيغتها فسنكون أمام زخمٍ أكثر إيجابية بخصوص الملفات الأخرى.
ما منطلقات الصيغة الممكنة؟
ينطلق البحث في هذا الملف من حقيقتين كانتا تبدوان متناقضتين، لكنهما الآن تشكلان معاً ملامح ما يمكن أن تنتهي إليه الصيغة الجديد:
- الحاجة إلى الدفاع الفعّال في وجه الاعتداءات والأطماع الإسرائيلية.
- ضرورة أن تكون الدولة سيدةً في قرار الحرب والسلم.
الضرورتان أشار إليهما الرئيس الجديد، عبر تأكيد احتكار الدولة للسلاح، وحرصه على أن انكسار أي طرفٍ هو انكسار للجميع، وأن الجيش "سيقاتل" دفاعاً عن الحدود.
هذه إذاً ملامح رؤيته للمسألة. ووسيلة تبلورها عملياً اختار أن تكون "حواراً وطنياً"، كانت بدأته المقاومة منذ 15 عاماً، عندما دعا الرئيس نبيه بري إلى طاولة الحوار، وكان بند الاستراتيجية الدفاعية في جدول الأعمال، قبل أن تبعده الفوضى الإقليمية والفوضى الداخلية بعد ذلك.
حسناً، هذه كانت المنطلقات، فماذا عن الصيغة نفسها؟
أتصور أن المسار الحالي والحوار المرتقب يمكن أن يُفضيا إلى صيغة ما بين الجيش والمقاومة، تحافظ على قدرات الأخيرة العسكرية الضرورية للبنان، وتؤمن للأول، وللحكومة فوقه، القدرة على إدارة قرار الحرب والسلم. وهذه ليست بصيغةٍ مستحيلة.
التفاصيل التقنية والإدارية لهذه الصيغة ليست باديةً في المشهد اليوم، مع أنه يمكن تخيّلها. أما مصدر حياتها كصيغة، فينبع من استحالة تنفيذ أي سيناريو صدامي بين الجيش والمقاومة، لا يريده أي منهما، ولا تريده القوى الشعبية الداعمة لهما، وهي تشمل جمهور المقاومة، وتتوسع منه إلى سائر الشعب.
إنها الصيغة، التي أتصور أنها ستولد حُكماً خلال العهد الحالي، إذا بقي القائد على مسار عهده أمام البرلمان في خطاب القسم.
لكن، كيف يمكن أن يفشل؟
مخاطر الفشل حاضرة، وهي تنقسم إلى بعدين، داخلي وخارجي.
في الداخلي، إذا انحرف العهد عن لغته الجامعة والعقلانية، التي تضمنها القسم، فيمكن أن يؤدي ذلك إلى تفجير التوازنات الداخلية، وإطاحة كل الآمال المعقودة الآن عليه.
وفي الداخلي أيضاً، يمكن أن يتأسس الفشل على التمييز بين القوى الداخلية لمصلحة طرفٍ على آخر، وتنبّه الرئيس في قسمه إلى كونه الحَكَم بين اللبنانيين جميعهم.
وهنا لا يكفي الوعي لذلك في لحظة الانتخاب، وإنما هو ممارسة يومية مطلوبة لتحويل النيّات إلى وقائع. ثم إن هذا العمل اليومي محفوف بالمخاطر، ويتطلب مرونةً استثنائية من عون مع الجميع، وتفهماً للبنية الاجتماعية والصيغة اللبنانية بعمق.
أن تقود دولة، يعني أولاً أن تفهم المجتمع وتراكيبه، في كل أبعادهاً التاريخية والمصلحية والثقافية، وما تهجس به في دواخلها.
أما الخطر الخارجي، فهو أن تضغط الدول على العهد طلباً لقراراتٍ معينة متلائمة مع مصالحها هي، ومغلَّفةً بالحرص على خروج لبنان من أزماته.
حتى اللحظة، الزخم إيجابي وكبير، والفرص حاضرة وتطغى على المخاطر، وعزز الخطابُ هذا الاتجاهَ.
لكن، ماذا عن الراعي الخارجي، وعلاقته بـ"إسرائيل"، وخطر ذلك على لبنان؟
الجهة التي ترعى الانطلاقة الجديدة في لبنان ترعى أيضاً مصالح "إسرائيل" وتفوقها في المنطقة منذ نشأتها. وهذا تناقضٌ خطرٌ على مصالح لبنان وأمنه، لكنه قابلٌ للإدارة إذا توافرت لدى السلطة اللبنانية الجديدة المهارات والرؤى الصحيحة.
ماذا عن المقاومة في المرحلة المقبلة؟ وماذا عن نظرة "إسرائيل" إلى لبنان الجديد؟
نظرت المقاومة إلى الصراع مع "إسرائيل"، في الأعوام الماضية، من منطلق استراتيجيات البقاء للدول الصغيرة، وتحديداً من نظرية الصراعات غير المتماثلة (Asymmetric Conflict Theory) التي ألّفها إيفان أريغوين (Ivan Arreguín-Toft). وفكرتها الأساس أن الطرف الأضعف في المعادلة يمكنه تحقيق انتصاراتٍ غير متوقعة ضد الأطراف الأكثر قوة، وضد القوى الكبرى، من خلال استخدام استراتيجيات غير تقليدية.
ونجحت في ذلك طوال أعوام. ولا يمكن، في أي منطق، اختزال كل ذلك أمام خسائر الحرب الأخيرة، التي، وفق هذه النظرية، لم تحقق انتصاراً لـ"إسرائيل"، بل مكاسب تتم ترجمتها الآن، عبر الضغط السياسي الأميركي. وهذا دليل على أن الحرب لم تكن كافية لإيقاع هزيمة بالمقاومة. والدليل الآخر أن الأخيرة خرجت بتسويتين:
- الأولى تخص الحدود، ترجمها اتفاق وقف إطلاق النار، وبموجبه لم تخسر الأرض أو تتغير الحدود أمامها.
- الثانية سياسية داخلية – خارجية، ضمنت وجودها السياسي ودورها.
وهذا بالضبط ما لا يمكن لقوة منهزمة أن تحققه، ثم إن اقتراح هزيمة المقاومة في الحرب مستغربٌ بفداحة لكل من يعرف طبيعة المقاومات عبر التاريخ. لكن، لمَ كل هذا اللغط؟
يتحمل كُثُر من المدافعين عن المقاومة جزءاً من المسؤولية بشأن انتشار هذا الخطاب، الذي يقترح أن المقاومة هُزمت، ذلك بأنهم انحرفوا عن تعريف الذات بصورةٍ حقيقية.
الدول يمكن هزيمتها في حربٍ تقليدية يتأسس عليها اتفاق استسلام توقِّعه، يفرض عليها التزاماتٍ مالية وتسليحية وسياسية، وتخسر بموجبه جزءاً من أراضيها. وهذا كله حدث.
أمّا المقاومات فتُهزم حين تنتهي بصورةٍ كاملة، أو تفقد آخر كتائبها، أو إرادة القتال. وما دام لديها وجود واستعداد وثبات في مشروعها فهي تتلقى الضربات والخسائر، لكنها تستمر.
المقاومات تُهزم بأن تتوقف، وليس بأن تُضرب بشدة. أما الدول فيمكن هزيمتها بزيادة الدمار وتوسيع الخسائر، وهذا جانبٌ لم يوضحه كُثر بعد الحرب الأخيرة.
هناك أيضاً ثغرةٌ أخرى في التعاطي مع حرب الرواية.
خاضت "إسرائيل" الحرب على لبنان مستعينةً بنظرية الابتكار الجيوسياسي (Geopolitical Innovation Theory) لبول كينيدي، وفكرتها الأساس هي أن الابتكار، تكنولوجياً وسياسياً، يمكن أن يعيد تشكيل النظام. وهنا نتحدث عن النظام الإقليمي في الدرجة الأولى.
الهوة التكنولوجية بدت واضحة في المواجهة، وأدت إلى نتائج ملموسة وواضحة، تحاول "إسرائيل" الآن تأكيدها من خلال نشر المواد الإعلامية التي تعزز حرب الرواية الخاصة بها عن نتائج الحرب وتعميمها.
الفيديو، الذي نشرته "إسرائيل" في الأمس، يندرج في هذه السياسة، وهو يُظهر ملاحقة المسيّرات للمقاومين بين المنازل، لكن الغريب، في المقابل، هو أن جمهور المقاومة ساهم في نشر هذه المادة، على نطاقٍ واسع، من منطلق إثبات شجاعة المقاومين أمام التفوق الجوي الكامل.
لكن، هل هذا فعلاً مفيد؟
الإجابة عن هذا السؤال تتطلب التركيز على نقاط محددة:
- إنها مادة إسرائيلية بالكامل. أنتجتها الآلة الإعلامية للجيش الإسرائيلي، وليس جهة معارضة داخل الكيان، أو منظمة مؤيدة للسلام.
- المادة لا تُظهر قتالاً، بل قتلاً. والهدف الواضح في السياق هو القول إن لا فرصة للمقاومين في قتال هذا الجيش، وإنهم سيتعرضون للقتل المؤكَّد من جانب المسيرات والطائرات الإسرائيلية، قبل أن يصلوا إلى نقطة الالتحام.
- ما دامت المادة لا تُظهر قتالاً، فإن استخدامها مفهوم فقط من جانب العدو، وليس من جانب جمهور المقاومة.
- شجاعة المقاومين مؤكَّدة وليست موضع شك، والجمهور المؤيد للمقاومة يعرف هذه الشجاعة المتفوقة على أي مجموعة مقاتلة في أي مكانٍ من العالم اليوم.
- المادة مصوَّرة ومعدَّلة ومقطَّعة ومختارة بعناية، من الجانب الإسرائيلي، ونشرها، من أجل مصالح مناقضة لإرادة منتجيها، هو خطأٌ في حرب الرواية (على الأٌقل في رأيي).
كيف يمكن مواجهة هذا الجهد الإسرائيلي؟
هذه المادة الإسرائيلية تصور جزءاً محدوداً جداً من مجريات الحرب. لدى المقاومة في المقابل مواد تُظهر بالفعل حقيقة المواجهات، وهي يمكن أن تُنتَج بإدارةٍ ذكية تخدم الغرض الدعائي بصورة مغايرة، وتوصل رسالة في ختامها، مفادها أن ما جرى كان بالفعل مقاوَمةً أسطورية منعت الاحتلال وواجهته حتى اللحظة الأخيرة من الاشتباك، وهذه حقيقة فهمتها الولايات المتحدة و"إسرائيل".
وعلى أساس هذا الفهم تم التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار أولاً، وإلى التسوية السياسية الداخلية (المدعومة خارجياً)، والتي لم تؤدِّ إلى إخراج قوى المقاومة من المعادلة، بل أبقتها كشركاء أساسيين في الحكم.
لكن، ماذا بعد ذلك؟ وما ضرورات التغيير؟
المجريات كلها أفرزت ضرورة تطوير خطابٍ جديد من جانب المقاومة ومؤيديها. خطابٌ يحفط اللُّحمة الداخلية، ويعيد تشكيل العلاقات بالقوى الداخلية، بناءً على المشتركات الوطنية، ويستبعد أي محاولات داخلية أو خارجية لتعميق الخلافات.
ذلك بأن الوحدة الداخلية بشأن خيار وطني جامع ممكنة، وتُرجِم ذلك عير التوافق على انتخاب رئيس جديد، خرج بخطاب قسمٍ متوازن وقابل لرعاية وحدة داخلية، على الأٌقل من منطلق النيّات، التي أعلنها.
ماذا عن العلاقات العربية؟
تبدو الضرورة اليوم، وخصوصاً بعد التغيير الكبير الذي شهدته سوريا، أن اللبنانيين معنيون اليوم بتطوير علاقاتهم العربية، على مختلف اتجاهاتها، والاستفادة من علاقاتهم بالدول الإسلامية الصديقة، وإدارة مصالحهم مع الغرب بحنكةٍ ومرونة.
وهذه الإدارة تحتاج إلى مهاراتٍ ذهنية وسياسية عالية، ذلك بأن حجم لبنان في حسابات المصالح للقوى الكبرى غير كبير.
ضَعفُ قدرة لبنان على تقديم مصالح إلى العالم توازي المصالح، التي يأخذها في المقابل، يجعل مهارات التواصل واللغة السياسية أصولاً محورية في تأمين مصالحه.
إذ إن لكل مرحلة لغة وضرورات، وأهم الألوان في السياسة هو الرمادي، الحاوي للألوان وغير المفرَغ منها.
لكن، كيف يمكن لدولةٍ رمادية أن تزدهر؟
أولاً، تشير الضرورة إلى أن تكون هناك دولة. شخصيتها واضحة، وهويتها واضحة في المستوى الأول. ثم في الثاني أن تكون هويتها الاقتصادية واضحة.
أي أن نقول للعالم من نحن، وما الذي نضيفه إلى العالم في مقابل مصالحنا التي ندفع كل هذه الأثمان من أجلها. بناء الدولة هو الحجر الأساس في معالجة هواجس المكونات جميعها.
قد تبدو هذه النقطة عامةً، لكنها الفكرة المركزية لنجاة غابةٍ صغيرة في محيطٍ من الحرائق والرياح التي لا تهدأ، والتي تجتاح العالم كله لتحرق حتى الجليد. وهو ما تشهده قضية غرينلاند، والصراع على القطب الشمالي، والتي تفسر هذه الحلقة أبعادها.