إضاءة تفصيلية على الوحدات والتشكيلات العسكرية الإسرائيلية (2)
يستعرض هذا الجزء من المقال وحدات تُعتبر جزءاً أساسياً في منظومة الأمن الإسرائيلية، وتنفّذ مروحة واسعة من المهام الأمنية والعسكرية، وتعمل في معظم الأوقات في ظروف معقّدة وخطرة.
مقدمة:
تحدّثنا في الجزء الأوّل من هذا المقال عن الأهداف الإسرائيلية، من وراء تشكيل الوحدات والتشكيلات العسكرية، ومدى الاهتمام الذي تحظى به من قبل المستوى السياسي في "الدولة"، بصفتها الذراع الضارب الذي تعتمد عليه لمواجهة خصومها، وتحقيق تفوّق نوعي على جميع دول الإقليم، ما يمكّنها من البقاء مسيطرة على مجمل الأوضاع في المنطقة، ودرء أي مخاطر قد تلحق بها، نتيجة تموضعها في محيط معادٍ لها كونها دولة احتلال.
اقرأ أيضاً: إضاءة تفصيلية على التشكيلات العسكرية في "الجيش" الإسرائيلي (1)
في هذا الجزء سنستعرض مجموعة أخرى من الوحدات العسكرية التي تضطلع بأدوار مهمة، وتُعتبر جزءاً أساسياً في منظومة الأمن الإسرائيلية، وتنفّذ مروحة واسعة من المهام الأمنية والعسكرية، وتعمل في معظم الأوقات في ظروف معقّدة وخطرة.
1-دورية الاستطلاع في هيئة الأركان العامة "سييرت متكال"
تُعتبر هذه الوحدة من أفضل وحدات النخبة في "الجيش" الإسرائيلي، وأكثرها أهمية، وتُعد من الوحدات الرائدة على مستوى العالم، وتعتمد شعار "المقدام هو من ينتصر". تتبع "دورية الاستطلاع" لشعبة الاستخبارات في جيش الاحتلال الإسرائيلي، وتعمل على تنفيذ المهام الواردة إليها من سلاح الاستخبارات، أو التي تكون مستمدّة مباشرة من مقرّ قيادة العمليات التابعة للجيش الإسرائيلي، ويمتاز عملها بسرّية بالغة، لحساسية مهامها، وخطورة الساحات التي تتحرّك فيها.
تتنوّع مجالات عمل "دورية الاستطلاع"، وتشمل العديد من الأنشطة، مع تركيز أكثر على المجالات التنفيذية مثل عمليات تحرير الرهائن، بالتعاون مع الوحدة الخاصة لمكافحة "الإرهاب"، ومواجهة عمليات خطف واحتجاز الإسرائيليين في الداخل والخارج، وتنفيذ عمليات تتسم بالجرأة والخطورة في آن واحد، خصوصاً في الساحات البعيدة، إضافة إلى عمليات جمع المعلومات الاستخبارية الحسّاسة.
ولأنّ منتسبي هذه الوحدة يُعتبرون من أكفأ العناصر، وأكثرهم خبرة في كثير من المجالات، فهم يتولّون بعد انتهاء خدمتهم في الوحدة مناصب أساسية في أجهزة "الدولة"، ولا سيما أجهزة الأمن بصورة خاصة. ومن بين هؤلاء اثنان تولّيا رئاسة الحكومة في "إسرائيل"، وهما إيهود باراك وبنامين نتنياهو، وعدد كبير من الوزراء، ورؤساء هيئة الأركان العامة، والموساد، والعديد من المسؤولين الآخرين أمثال: شاؤؤل موفاز، موشيه يعلون، عميرام ليفين، نخميا تماري، داني ياتوم، عوزي ديان، وشاي أفيتال وآخرون.
تأسست "سييرت متكال" في العام 1957، على يد كل من قائدها الأول أبراهام أرنون ومائير هار-تسيون، وكانت في بداية تأسيسها عبارة عن وحدة فرعية للوحدة "154" التابعة لشعبة الاستخبارات، والتي كانت تختص بشكل أساسي بتجنيد وتشغيل عملاء لها في المنطقة العربية.
وكان معظم الأفراد الذين تمّ جلبهم لتأسيس هذه الوحدة، من خريجي وحدات المستعربين التابعة للبلماخ، ويملكون خبرة كبيرة في مجال الاستخبارات، وكذلك جنود مختارون من وحدة المظليين. وفي عام 1958 استقلّت هذه الوحدة، وتحوّلت إلى وحدة استخبارات تابعة لشعبة الاستخبارات العسكرية، وبعد مرور خمس سنوات، أي في عام 1963، بدأت الوحدة بتنفيذ أولى عملياتها.
تتم دعوة المرشحين للالتحاق بالوحدة إلى ما يُسمى بـ "يوم الوحدات"، وهو اليوم الذي يتم فيه الترشيح والفرز، حيث تتمّ إحالة من يتجاوز مرحلة الترشيح لمقابلة الطبيب النفسي الذي يحدّد مدى توافقه مع الوحدة، ومن ثم تتمّ دعوة المرشح بشكل رسمي في حال تجاوز التقييم النفسي.
وتكون مرحلة الترشيح صعبة وتدوم حوالي الأسبوع، حيث تتمّ ممارسة ضغط بدني ونفسي على المرشحين، ومن يتجاوز مرحلة الترشيح هذه يخضع لفحوصات طبية دقيقة ولتحقيق أمني، وبعد ذلك يتم قبوله، ويدخل مرحلة التدريب الخاصة بالوحدة.
تستمر الدورة التدريبية لمقاتلي الوحدة لمدة عام وثمانية أشهر، وتُعتبر من أصعب دورات التدريب المهني في جيش الاحتلال الإسرائيلي، حيث تشمل تدريبات سلاح المشاة العادية "التدريب 07"، وبعد ذلك تتحوّل إلى تدريبات مهنية تشمل محاربة "الإرهاب"، وعمليات الاستطلاع، واستخدام الخرائط الطبوغرافية، والأسلحة العادية، والأسلحة الخاصة، واستخدام التكنولوجيا المتطورة. إلخ.
تمّ تصنيف معظم العمليات التي قامت بها وحدة "سييرت متكال" بأنها عمليات سرية، ولم يتم رفع هذه الصفة عنها لفترة طويلة، ومن أشهر تلك العمليات:
*عملية الرحلة "سابينا 571":
جرت في الثامن من أيار/مايو 1972، والتي تمكّن خلالها مقاتلو "الوحدة" من تحرير الرهائن الإسرائيليين الذين كانوا على متن الرحلة "سابينا 571"، المتجهة من بلجيكا إلى "إسرائيل"، والتي سيطر عليها أربعة من الفدائيين الفلسطينيين، بغرض تنفيذ عملية تبادل، إلا أن العملية التي جرت على أرض مطار اللد "بن غوريون "، انتهت باستشهاد اثنين من المنفذين واعتقال اثنين آخرين.
*عملية ربيع الشباب "الفردان":
قامت وحدة "سييرت متكال"، في ليلة العاشر من نيسان/أبريل للعام 1973، باغتيال ثلاثة من أبرز قادة منظمة التحرير الفلسطينية في العاصمة اللبنانية بيروت، وهم الشهداء كمال ناصر، وكمال عدوان، وأبو يوسف النجار.
*عملية الباص رقم "300":
حيث قامت الوحدة في فجر الثالث عشر من نيسان/أبريل من العام 1984 بمهاجمة الباص رقم "300"، والذي اختطفه 4 من المقاتلين الفلسطينيين قرب مدينة عسقلان المحتلة، وعلى متنه حوالي 40 مستوطناً إسرائيلياً، وحاولوا الوصول به للأراضي المصرية لإجراء عملية تبادل، إلا أن مقاتلي وحدة "سييرت متكال" اقتحموا الباص بعد أن تم إيقافه مقابل مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، وقاموا بقتل اثنين من الخاطفين الأربعة، فيما تمّت تصفية اثنين آخرين لاحقاً بدم بارد بعد اعتقالهما أحياء.
*اغتيال الشهيد خليل الوزير "أبو جهاد":
في السادس عشر من نيسان/أبريل 1988، شاركت وحدة "سييرت متكال" بالاشتراك مع الموساد، والقوات البحرية، والجوية، في الجيش الإسرائيلي في اغتيال خليل الوزير "أبو جهاد"، الرجل الثاني في منظمة التحرير الفلسطينية، وأحد أبرز قادة حركة فتح داخل منزله في تونس.
*عملية "معالوت":
جرت في الخامس عشر من أيار/مايو 1974، وتُعتبر من أشهر العمليات الفاشلة التي قامت بها الوحدة، حيث حاولت تحرير رهائن صهاينة تمّ احتجازهم من قبل مقاتلين فلسطينيين في مستوطنة "معالوت "في الجليل الغربي، من أجل مبادلتهم بأسرى فلسطينيين، وقد قتل من جراء المحاولة الفاشلة حوالي ثلاثين من الجنود والمستوطنين الصهاينة.
*عملية فندق سافوي:
وهي من أشهر العمليات التي واجهت فيها وحدة "سييرت متكال" إخفاقاً هائلاً، حيث حاول مقاتلو الوحدة تحرير الرهائن الإسرائيليين الذين احتجزهم ثمانية من المقاتلين الفلسطينيين في فندق "سافوي" قرب شواطئ تل أبيب، وقد أسفرت العملية عن مقتل حوالي 100 من الجنود والمستوطنين الصهاينة، وإصابة أكثر من 150 آخرين، وذلك بتاريخ السادس من آذار/مارس 1975.
*عملية مطار "عنتيبي":
وقعت في مطار "عنتيبي" في أوغندا بتاريخ الرابع من تموز/يوليو 1976، عندما حاول مقاتلو الوحدة إنقاذ ركاب طائرة شركة "أير فرانس"، التي كانت متجهة من تل أبيب إلى باريس، وقد قُتل في العملية ثلاثة من الرهائن الإسرائيليين، إضافة إلى قائد العملية العميد "يوني نتنياهو"، شقيق بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي.
*عملية إنقاذ "نحشون فاكسمان":
وهي عبارة عن محاولة فاشلة لإنقاذ الجندي الإسرائيلي "نحشون فاكسمان"، الذي تمّ اختطافه من قِبل "كتائب القسام" في الحادي عشر من تشرين الأول/أكتوبر 1994 لمبادلته بأسرى فلسطينيين، حيث أسفرت العملية عن مقتل الجندي المختطَف "فاكسمان"، وقائد الوحدة المهاجمة النقيب "نير بوراز"، وجندي آخر، وإصابة 9 جنود آخرين، واستشهاد ثلاثة مقاتلين فلسطينيين، واعتقال اثنين آخرين.
*عملية "حد السيف":
في مساء الحادي عشر من تشرين الثاني/نوفمبر 2018 اكتشفت مجموعة من المقاومة الفلسطينية بقيادة الشهيد "نور بركة"، قوة إسرائيلية من وحدة "سييرت متكال" شرق مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، كانت تنفذ مهام أمنية حساسة داخل حدود القطاع، واشتبكت معها عن قرب، ما أدى إلى مقتل قائد الوحدة الإسرائيلية وإصابة آخرين، وحصول المقاومة على معدات استخبارية حسّاسة.
2-شعبة الاستخبارات العسكرية-أمان-"الوحدة 131"
يتبع هذا الجهاز بشكل مباشر لهيئة أركان "الجيش" الإسرائيلي، ويُعد من أكبر وأضخم الأجهزة الاستخبارية وأكثرها كلفة لموازنة "الدولة". وبحسب القانون الإسرائيلي، فإن جهاز "أمان" مسؤول بشكل أساسي عن تزويد الحكومة الصهيونية بالتقييمات الاستراتيجية، التي على أساسها تتم صياغة السياسات العامة "للدولة"، ولا سيما على صعيد الصراع مع الدول الإقليمية "المعادية".
إضافة إلى تقديم إنذارات ساخنة وعاجلة عن إمكانية شن حرب أو عمل عسكري ضد "إسرائيل"، أو أيٍ من مصالحها في الخارج، وعلى المستوى العسكري والسياسي يُقدم تقديراً عسكرياً فورياً من أجل أمن "الدولة"، والأمن الوقائي في "الجيش"، كما يُعتبر موجّهاً لجميع أقسام الاستخبارات الأخرى في الكيان الصهيوني، ويعتمد هذا الجهاز في تنفيذ مهامه على التقنيات التكنولوجية المتقدمة بدرجة أولى، إلى جانب المصادر البشرية "العملاء والجواسيس".
يتكوّن جهاز "أمان" من مجموعة أقسام هي: "قسم تجميع المعلومات، قسم الاتصالات الخارجية، قسم الرقابة والاستخبارات القتالية، قسم الاستخبارات البرية، قسم الاستخبارات البحرية، قسم الاستخبارات الجوية، والقسم الإعلامي".
كما يشتمل الجهاز على عدة وحدات مثل: "وحدة الاستخبارات المعروفة باسم "لمدان" التابعة لسلاح الجو، وحدة الاستخبارات والملاحة الاستخبارية "مدان" التابعة لسلاح البحرية، وحدة الاستخبارات في القيادات الشمالية والوسطى والجنوبية، وحدة الاستخبارات في الجبهة الداخلية، وحدة الحرب النفسية، وحدة الرقابة العسكرية، الوحدة 8200، الوحدة 9990، الوحدة 504 الخاصة بتجنيد العملاء، وحدة "السايبر"، وحدة الخرائط، وحدة "هتصاب" الخاصة بالاستخبارات التنبّؤية، وحدة الاستخبارات والأمن البشري، وحدة البحث العلمي، ووحدة أمن المعلومات".
يتلقّى أفراد شعبة الاستخبارات العسكرية تدريبات مكثّفة في العديد من المجالات مثل "إطلاق النار، إعداد العبوات المتفجرة، الملاحة، التعقّب، التملّص من التعقّب، التصوير، إرسال الرسائل المشفّرة، التعرّف على العادات والتقاليد العربية" إضافة إلى دورات في الجانبين الديني والثقافي.
3-وحدة محاربة "الإرهاب"
هذه الوحدة تابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي، ومهمتها إعداد المقاتلين في الوحدات النخبوية المختلفة، وهي مسؤولة عن تدريب وحدات النخبة في "الجيش" الإسرائيلي، في مجالات محاربة فصائل المقاومة، وهو مجال واسع ومتشعّب جداً، ويشمل الكثير من التفاصيل مثل، إعداد المدربين، والقنّاصين، وتعليم القواعد الحربية، وسيناريوهات الهجوم والدفاع، والقتال القريب والبعيد، واستخدام التكنولوجيا الحديثة. إلخ.
وتُعتبر وحدة محاربة "الإرهاب" الهيئة الوحيدة المسؤولة عن توجيه وتفويض وحدات التدخّل والسيطرة التابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي، ويخضع جنود هذه الوحدة إلى تدريبات واسعة جداً في مجال "الإرهاب"، وهم ماهرون جداً في هذا المجال وفي التدريب عليه.
وتُعرف هذه الوحدة كوحدة تدريب وليس كوحدة قتال، ومع ذلك يشترك جنود الوحدة، من حين لآخر، في العمليات التي يتم تنفيذها في مناطق الضفة الغربية تحديداً، أو في التصدّي للعمليات الفدائية التي تحدث داخل المدن الصهيونية.
يتلقّى العديد من عناصر الوحدات الإسرائيلية المختلفة تدريبات داخل وحدة مكافحة "الإرهاب"، فإلى جانب جنود قوات النخبة من الوحدات الأخرى، يتلقّى المقاتلون من سلاح المشاة تدريبات مكثفة تستمر لأيام، حول مهارات استخدام الأسلحة المختلفة، وكذلك الجنود والضباط المترشحون لدورة قادة الكتائب، ودورة ضابط الصف، إضافة إلى خضوع كبار القادة في الجيش لدورة استطلاعيّة على مجالات محاربة "الإرهاب" المختلفة، داخل أروقة الوحدة.
ومن المفيد الإشارة هنا إلى أن وحدة "محاربة" الإرهاب كانت حتى عام 2003 تتألف من قسم التوجيه لمحاربة الإرهاب فقط، أما حالياً فهي تتضمن أربعة أقسام هي: "قسم القنص-قسم الرماية-قسم الحماية-قسم الاقتحام المفاجئ".
تأسست وحدة محاربة "الإرهاب" في أواخر السبعينيات، بسبب سلسلة من العمليات الفدائية، وعمليات اختطاف الطائرات واحتجاز الرهائن، التي قامت بها فصائل المقاومة الفلسطينية، حيث أدرك قادة جيش الاحتلال الإسرائيلي حينها، أن الوحدات التي تعمل في مجال محاربة "الإرهاب" تعمل وفق قواعد حربية تم وضعها من خلال التجربة الميدانية، إلا أنه لا توجد جهة متخصصة في هذا المجال، تشرف على تطوير وشراء الوسائل، وتقوم بتقديم التدريب والتعليم المطلوب لتطوير المجال لمحاربة "الإرهاب"، وهو المجال الذي يقود فيه الاحتراف والتدريب إلى تحقيق النتيجة المرجوّة، ألا وهي القضاء على الخصم، وتحقيق الهدف المنشود.
يخضع جنود الوحدة إلى كامل تدريبات سلاح المشاة العادية، وبعد ذلك يخضعون إلى دورة إعداد مدرّبين لمحاربة "الإرهاب"، تحمل اسم دورة "إعداد ضباط صف". والحديث هنا يدور عن دورة مهنية، مكثفة جداً، تستمر حوالي نصف عام، يخضعون خلالها إلى تدريبات واسعة النطاق في مجال مكافحة "الإرهاب"، ويقومون بتنفيذ مخططات مختلفة، والتدرّب على استخدام الأسلحة المتنوّعة، وأسلحة خاصة. وكذلك التدرّب على الرماية وعلى القتال بمستوى عال.
ومع أن جنود هذه الوحدة مختصون في تدريب وتخريج جنود للعمل في مجال محاربة "الإرهاب"، إلا أنهم ملزمون بممارسة الأمر بشكل عملي، حيث يتم إرسالهم لتنفيذ عمليات ميدانية، كجزء من التدريبات، في مناطق مختلفة من البلاد، وخاصة في مناطق الضفة الغربية.
ومع انتهاء الدورة التدريبية والاختبارات الختامية، يتخرّج الجنود كمدرّبين مؤهلين للعمل في وحدة محاربة الإرهاب، ومؤهلين لتوجيه وتدريب وحدات النخبة في جيش الاحتلال الإسرائيلي في هذا المجال.
4-وحدة "رامون":
هي وحدة خاصة وسرّية تابعة للواء "جفعاتي"، تعمل في البر والجو على امتداد قيادة المنطقة الجنوبية بشكل مكشوف، وبشكل سري أحياناً، حيث يتخفّى أعضاء هذه الوحدة، في كثير من الأحيان، على هيئة عابري سبيل، وذلك بهدف التغطية والتمويه على نشاطاتهم.
تمّ تأسيس وحدة "رامون" في العام 2010، كقوة قتال خاصة ونوعية، بإمكانها تقديم حلول لعدد من المشكلات الأمنية التي يواجهها الجيش الإسرائيلي على مختلف الجبهات، وكانت الفكرة العملياتية الأساسية التي وقفت وراء إقامة هذه الوحدة، هي إنشاء قوة صغيرة مدرّبة تعرف الأرض بكل تفاصيلها، وتعمل في العلن وفي الخفاء، ومن خلال استخدام مبدأ الخديعة لتنفيذ الأهداف الملقاة على عاتقها.
من أجل الانضمام إلى وحدة "رامون"، يجب التطوّع أوّلاً في لواء "جفعاتي"، وتجاوز عملية الفرز في مختلف الوحدات في اللواء، وكذلك تجاوز مقابلة شخصية واستجواب أمني، يتمّ بعد ذلك قبول المتقدمين للوحدة. وهناك طريق آخر للوصول إلى الوحدة، وهو الرسوب في إحدى الوحدات المختارة الأخرى مثل "الدورية 13"، التابعة لرئاسة هيئة الأركان، أو وحدة "شلداغ"، أو "دورة الطيران".
يستمرّ المسار التدريبي لوحدة "رامون"، حوالي عام وأربعة أشهر، وفي بعض الأحيان يستمر لمدة أطول من ذلك، ويخضع الجنود المتدربون في إطار الدورة التدريبية لبرامج تدريبية عملية خاصة، من بينها دورة استخبارات واستطلاع، ودورة تأهيل لطواقم التدخّل، ودورة للمعارك القصيرة بالمسدسات. ويمتاز مقاتلو الوحدة بالقوة الذهنية والبدنية، والقدرة على العمل بشكل مستقل في الميدان.
تصنّف نشاطات الوحدة بأنها سريّة، ومن غير الممكن الكشف عنها أمام الجمهور، وهي تملك طواقم تدخّل، وقدرات خاصة، يتم استخدامها في النشاطات السرية داخل أرض "العدو". وتشمل هذه النشاطات جمع المعلومات الاستخباراتية، وإحباط النشاطات المعادية، وتصفية أو اعتقال المطلوبين، من خلال التعاون مع الجهات الاستخبارية، والقوات الجوية، وقوات الدعم الناري.
يخدم في الوحدة عناصر يُعرفون باسم "داعمي القتال"، وهم يشاركون في النشاط اليومي للمقاتلين، ويقدّمون الدعم في العديد من المجالات مثل: "العتاد الحربي، التدريب البدني، التصوير، الاستخبارات، التأهيل، والاستطلاع".
5-وحدة "إيغوز"
هي وحدة خاصة في لواء "غولاني"، متخصصة في المعارك الصغيرة "حرب العصابات"، حصلت في عام 2005 على الوسام الخاص من قبل هيئة الأركان العامة، وذلك لقاء نشاطها العملياتي والمتشعّب، وعلى إنجازاتها الكثيرة.
تعمل وحدة "إيغوز" من خلال أسلوب القتال من مسافات قريبة، حيث تكون كل لحظة حاسمة جداً، ومن المطلوب أن يكون العمل هجومياً ومباغتاً، وقبل كل شيء فورياً. وقد تم في إطار نشاطات الوحدة تطوير تقنيات قتالية تتناسب مع الواقع الذي يتطلّبه العمل في مناطق معقّدة ومتداخلة، ويستخدم فيها الكثير من القنابل اليدوية، والأسلحة النارية السريعة.
تم تأسيس هذه الوحدة عام 1995، كوحدة مقاتلة نوعية للقتال في ظروف الأرض القاسية في جنوب لبنان، ومن أجل تقديم حل عملي للمواجهة بين "الجيش" الإسرائيلي، وحزب الله هناك، وكانت الفكرة الأساسية التي وقفت وراء إقامة هذه الوحدة هي إقامة وحدة "كوماندوز صغيرة" ومتميّزة، تستطيع القيام بمهامها في ظروف القتال الصعبة في الجنوب اللبناني، وأن تعمل في مهام خاصة كقوة نوعية ضد "حرب العصابات".
وقد كان المبادر لإنشاء الوحدة قائد المنطقة الشمالية في حينه، اللواء عميرام ليفين، الذي عايش الحرب القاسية ضد حزب الله. وبما أن لواء "غولاني" يُعتبر لواءً تابعاً لقيادة المنطقة الشمالية، فإنه تم إخضاع هذه الوحدة، من ناحية شعبة العمليات، لإمرة هذه اللواء، وذلك على الرغم من أنه لا توجد أي علاقة بين اللواء، وبين الوحدة.
يمتد المسار التدريبي الخاص بالوحدة حوالى عام و4 أشهر، حيث يخضع الجنود في الوحدة خلال هذه الفترة لبرامج تأهيل مختلفة، ويكتسبون الكثير من المهارات المختلفة، ومن بينها مهارة القتال في المعارك القصيرة، ودورة إنزال مظلي، ودورة في التمويه، وأخرى لمحاربة "الإرهاب"، ودورة قيادية، ودورة قتال في المناطق السكنية، ودورة للكمائن، ودورة على استخدام الخرائط الطبوغرافية.
6-وحدة يهلوم (الماسة)
هي عبارة عن الوحدة الخاصة التابعة لسلاح الهندسة في "الجيش" الإسرائيلي، والتي تعمل في مجال الهندسة القتالية، والتفجيرات، وزراعة الألغام، ويترأسها ضابط برتبة مقدّم. تختلف وحدة "يهلوم" بشكل كبير عن كتائب الهندسة والمتفجرات، التابعة لألوية سلاح المشاة المختلفة، إذ يوجد في وحدة "يهلوم" الكثير من التخصصات النوعية والمهنية، في مجالات الهندسة العسكرية، كما أنها تُعتبر أعلى سلطة مهنية في مجال هندسة المتفجرات.
الهدف الأساسي لتشكيل الوحدة كان توفير كل ما هو مطلوب في النواحي العملية، كهيئة مهنية رفيعة المستوى في مجالات الهندسة القتالية الخاصة، حيث يدور الحديث هنا عن وحدة في "جيش" الاحتلال الإسرائيلي، تمتلك الخبرة في كل مجالات الهندسة القتالية، مثل التفجير الدقيق، وإعداد المواد المتفجرة، وإزالة الألغام الأرضية، وتدمير الأنفاق. إلخ.
تمّ وضع أسس وحدة "يهلوم" قبل إقامة الكيان الصهيوني في العام 1947، إذ قامت منظمة "الهاغانا" في ذلك الوقت بتأسيس وحدة هندسية لتفكيك القنابل، تلا ذلك في الثمانينيات تشكيل وحدة "ياعل" نتيجة للدروس المستفادة من حرب لبنان الأولى 1982، حيث ازدادت في هذه الحرب الحاجة إلى ضرورة وجود وحدة خاصة لتنفيذ الأعمال الهندسية الدقيقة المتخصصة بالمتفجرات، والألغام والعبوات الناسفة.
وقد عرفت وحدة "ياعل" في ذلك الوقت كوحدة سرية، وخضع جنودها للعديد من تدريبات التمويه والإنقاذ، ضمن أنشطة تنفيذية متعددة في جنوب لبنان، وفي عام 1995 تمّ دمج الوحدتين في وحدة واحدة باسم "يهلوم"، والتي تم دمج وحدة هندسية ثالثة تحت إطارها في العام 2004 وهي وحدة "مخابئ الأسلحة والأنفاق".
يتمّ اختيار الراغبين في الخدمة في وحدة "يهلوم" من خلال الترشيح، حيث يذهب الجنود الشباب الذين يلتحقون بسلاح الهندسة القتالية إلى قاعدة التدريبات الخاصة بالسلاح. وتعتبر هذه الوحدة تطوّعية، وبعد عدة أسابيع من التدريبات، يتم ترشيحهم للالتحاق بوحدة "يهلوم"، وتكون مرحلة الترشيح صعبة وشاقة وتستغرق حوالى 5 أيام، والجنود الذين يتجاوزون مرحلة الترشيح والمقابلة بنجاح، يلتحقون بوحدة "يهلوم" ويواصلون التدريبات الخاصة بالوحدة.
يخضع جنود وحدة "يهلوم" لدورة تدريبة واحدة تُسمى "طريق يهلوم"، وتستمر هذه الدورة لمدة سنة وأربعة أشهر، وتتضمّن عدة مراحل: "مرحلة التدريب المهني-التدريب الأساسي-التدريب المتقدّم-مرحلة القيادة". وتشمل كذلك تدريبات خاصة بسلاح المشاة، ودروساً حربية، وتدريبات خاصة بمحاربة "الإرهاب"، وتدريبات عالية المستوى لها علاقة بالهندسة والمواد المتفجرة، وتدريبات القفز المظلي، وتدريبات لها علاقة بالقدرة على المحافظة على البقاء (المعارك القصيرة)، وتدريبات خاصة بتسلّق الجبال، وركوب الأمواج، إضافة إلى تدريبات على الحرب في المناطق السكنية (حرب المدن).
تمتاز وحدة "يهلوم" بالعمل على مدار الساعة، سواء كفرق عمل منفصلة، أو قوات متخصصة تابعة لوحدات قتالية أخرى، ولا تكاد تخلو أي عملية عسكرية من وجود عناصر الوحدة، ولا سيما أنّ هناك حاجة ماسة لمعالجة الكثير من التفاصيل أثناء تلك العمليات مثل: "تفجير الأبواب-اكتشاف الأنفاق-تفكيك الألغام والعبوات الناسفة".
وبحسب العديد من التقارير الإسرائيلية، فقد عملت وحدة "يهلوم" بشكل مستدام وفاعل أثناء العدوان على قطاع غزة 2008 -2009، وكذلك في حرب لبنان الثانية 2006.
تتضمّن وحدة "يهلوم" عدة وحدات فرعية وهي:
*وحدة "ياعل":
وتعتبر إحدى وحدات النخبة السرية في "جيش" الاحتلال الإسرائيلي، وتعمل في مجالات كثيرة منها: "زراعة الألغام-التفجير والتدمير-عمليات الإنقاذ من حقول الألغام-زرع المتفجرات في أراضي "العدو" -عمليات التفجير البرية والبحرية-تقديم الدعم لوحدات النخبة الأخرى في مجال الهندسة-الاستطلاع الهندسي".
*وحدة "سبير" لتفكيك القنابل:
تعمل هذه الوحدة في إبطال القنابل والمتفجرات، وتفكيك العبوات الناسفة، وغالباً ما يشترك جنود هذه الوحدة مع الوحدات الأخرى في تنفيذ العمليات التي قد يتعرّضون فيها للمتفجرات والعبوات الناسفة، حيث يشكّل جنود هذه الوحدة مصدراً للخبرة العملياتية العسكرية، ويقدّمون المشورة لوحدات النخبة الأخرى، وكذلك يشاركون في العمليات التي يتم الكشف فيها عن الأسلحة غير النظامية، ومستودعات الأسلحة القديمة.
*المعهد الوطني للبحوث وتفكيك الذخائر:
وهذه الوحدة هي عبارة عن هيئة توثيق، وفحص، وكتابة دليل لكل أنواع الأسلحة، ويعود سبب أهمية هذه الوحدة إلى كونها تشكّل موسوعة لكل أنواع الأسلحة، والألغام، والمتفجرات، وإلى احتوائها على الكثير من المعلومات القيّمة.
*وحدة "مخابئ الأسلحة والأنفاق":
هي وحدة تعمل في الكشف عن مخابئ الأسلحة والأنفاق، وهي متخصصة في القتال تحت الأرض، وتسعى الوحدة إلى منع دخول الجنود النظاميين إلى داخل الأنفاق، خوفاً من وجود كمائن أو حدوث انهيارات، لذلك تقوم الوحدة باستخدام روبوتات آلية يتم التحكّم بها عن بعد.
خاتمة:
في الجزء المقبل من هذا المقال، سنتناول بإذن الله المزيد من الوحدات والتشكيلات العسكرية الخاصة، التابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي، ولا سيّما تلك المصنّفة بأنها وحدات بحرية وجوّية.