منطاد "سكاي ديو".. لماذا أدخلته"إسرائيل" الخدمة الآن وهل يكفي لاستبداله بقاعدة "ميرون" ؟

بالرغم من التعتيم الإعلامي الإسرائيلي على حجم الخسائر التي لحقت بموقع "ميرون"، أعلنت العديد من وسائل الإعلام الإسرائيلية أنّ المراقبة الإسرائيلية على الساحة الشمالية أصيبت بالعمى.

  • "سكاي ديو".. هل تستفيد "إسرائيل" من استبدال قاعدة مراقبة جوية بمنطاد؟

أوردت وسائل إعلام إسرائيلية أن منطاد التجسس "سكاي ديو" (Sky Dew)  أدخل إلى الخدمة يوم الأحد 7 كانون الثاني/يناير 2024 أي بعد يوم واحد من عملية استهداف قاعدة المراقبة الجوية في "ميرون". يستخدم هذا المنطاد لأغراض عسكرية بحتة، إذ يشارك في مهمات تجسسية ودفاعية، مع التركيز على مراقبة وجمع المعلومات. يتسم بالطيران على ارتفاعات عالية. 

تقول صحيفة "جيروزاليم بوست" إنه يُمكن للمنطاد أن يتيح فرصة رصد المناطق المحيطة به، إذ يمكن للجندي الاستعانة به بالطريقة نفسها التي يستخدمها عند التوجه إلى تل أو موقع مرتفع للمراقبة. يأتي ذلك في إطار تفعيل المنطاد بعد مرور عام ونصف عام على توقفه عن الخدمة.

يرى خبراء أن هذه الخطوة الإسرائيلية تأتي في سياق هدفين: الأول هو محاولة التغطية على الفشل في حماية قاعدة مراقبة جوية، تعدّ من أهم التجهيزات العسكرية الإسرائيلية، والثاني هو محاولة استبدال عملية لقاعدة المراقبة الجوية بإطلاق منطاد من أصل اثنين فقط تملكهما "إسرائيل". 

هل يكفي المنطاد لاستبدال قاعدة "ميرون"؟

العمى يزحف على طول معدات المراقبة الإسرائيلية وصولاً إلى قاعدة "ميرون"، الأمر الذي يضطر "إسرائيل" إلى استخدام بدائل أخرى، يعدها عدد من الخبراء غير فعالة، ولا يمكن أن تمثل بديلاً. 

تم تطوير منطاد التجسس "سكاي ديو" (Sky Dew) بواسطة شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية (IAI)، التي قامت بتجهيزه بتكنولوجيا الرادار، بالتعاون مع الشركة الأميركية المتخصصة في صناعة المناطيد "تيكوم" (TCOM). تم تسليم المنطاد إلى القوات الجوية الإسرائيلية في عام 2022. ثمة اعتقاد أن قطاع إنتاج مناطيد التجسس وجمع المعلومات في "إسرائيل" والولايات المتحدة ليس كافياً لاستبدال قاعدة مراقبة جوية، ومن جهة أخرى، قد يفيد المنطاد في جمع المعلومات لغايات عمليات التحليل للبيانات الضخمة أما استخدامه كنقطة مراقبة فيعاني من عدد من نقاط الضعف، ومنها:

المقاومة الإسلامية في لبنان استطاعت استهداف قاعدة "ميرون" الأكثر تجهيزاً وحماية، لذلك فإن استهداف منطاد عملية أسهل. يتسم المنطاد بحجمه الضخم، ورغم عدم الكشف عن الأبعاد الدقيقة، فإن المناطيد السابقة التي صنعتها "إلتا" كان طولها يتجاوز 55 متراً. يمكن أن يؤدي حجم المنطاد الكبير إلى جعله مرئياً بشكل كبير، وقد يكون هذا الأمر مسألة حساسة في بعض الظروف العسكرية.
تتسم المناطيد بكونها باهظة التكلفة، وحساسة وتحتاج إلى صيانة دقيقة. قد تواجه مشكلات مثل تسرب الهواء، وهو أمر يتطلب إدارة فعّالة ورعاية مستمرة.
يعود استخدام المناطيد إلى 1794م في معركة "فلوروس" في بلجيكا، ولا أثر مذّاك لإحداث فرق حاسم في المعارك لاستخدامها.

لماذا هذا التوقيت في إدخال المنطاد إلى الخدمة؟

أعلنت المقاومة الإسلامية في لبنان صباح السبت في 6 كانون الثاني/ يناير 2024، استهداف قاعدة "ميرون" العسكرية الإسرائيلية، الواقعة على قمة جبل الجرمق، بأكثر من 60 صاروخاً من أنواع مختلفة، وهي المرة الأولى التي يتم فيها استهداف هذا الجبل الذي يعدّ مركزاً استراتيجياً على مستوى "إسرائيل"، ومركز القيادة الأمني والعسكري الأساسي على مستوى الجبهة الشمالية، خلال هذه المواجهة.

وبعد هذه الحادثة، وبالرغم من التعتيم الإعلامي الإسرائيلي على حجم الخسائر التي لحقت بالموقع المستهدف، ومع بيان إصابة الموقع بدقة عالية بناءً على الفيديو الذي نشره  الإعلام الحربي، أعلنت العديد من وسائل الإعلام الإسرائيلية بناءً على مصادر إسرائيلية ميدانية أنّ المراقبة الإسرائيلية على الساحة الشمالية أصيبت بالعمى نتيجة لاستهداف المقاومة الإسلامية.

لذلك، فإنّ إدخال منطاد التجسس والإنذار المبكر للخدمة في "إسرائيل" هو دليل دامغ على إصابة وتعطيل قاعدة الإنذار المبكر في جبل "ميرون"، والذي جعل العدو "أعمى" رادارياً عن منطقة قطرها 370 كيلومتراً. لذلك، تم رفع الرادار عن الأرض مسافة 4500 متر، أي حتماً لبنان وسوريا والمنطقة.  لقد جازف الإسرائيلي بإطلاق هذا المنطاد الذي لا يملك منه سوى اثنين، ويحتوي على رادار ثلاثي الأبعاد وهو رادار الإنذار المبكر EL/M-2083 من نوع AESA من صناعة شركة IAI الإسرائيلية. ويحتوي هذا المنطاد على مجموعة مستشعرات وكاميرات بصرية وحرارية وليلية عالية الدقة، وتفيد المستشعرات الحرارية باكتشاف انطلاق أي صاروخ عن طريق تحسسه لفرق الحرارة التي يسببها محرك الصاروخ، إضافة إلى أنَ المستشعرات الحرارية تعطي إنذاراً أسرع من الرادار.  

هل تطال عمليات المقاومة الدقيقة المنطاد؟

في ظل غياب أي معلومة ما إن كانت المقاومة تمتلك منظومة دفاع جوي أم لا، وما إن كانت قادرة فعلاً على إصابة أهداف جوية، يُنتظر من المقاومة أن تعمد إلى شلّ الأهداف الإسرائيلية المرجوة إن في قواعد المراقبة الجوية مثل قاعدة "ميرون" أو مناطيد التجسس والمراقبة.

القواعد المعمول بها ميدانياً في جنوب لبنان، والتي تمنع المقاومين من الالتحام المباشر مع العدو، وفي جو إطلاق العدو عدداً مهولاً من مسيرات المراقبة والتجسس، وبعد إطلاق الإسرائيلي مرحلة الاغتيالات، فيمكن ترجيح الآتي:

أنّ المقاومة التي التفتت منذ اللحظة الأولى إلى هذه المخاطر عبر استهداف الكاميرات وأنظمة المراقبة الحدودية منذ 8 أكتوبر بأن تعمد إلى الاستهداف المتكرر  لمثل قاعدة "ميرون" لشلّها بالمطلق كلما حاول الإسرائيلي إعادة تأهيلها.
التعامل الميداني أكثر مع المسيرات الإسرائيلية.
تحييد المنطاد الإسرائيلي ربما بعملية تشويش عالية. ولم لا؟ قد تكشف المقاومة إحدى مفاجآتها وقد تكون الاستهداف المباشر  لمناطيد استراتيجية كهذه.
منذ اللحظات الأولى لتعرّض مواقع الاحتلال ومعدات المراقبة الخاصة به  لنيران حزب الله، كان من المتوقع أن يمتد الاستهداف ليطال أقوى قاعدة مراقبة جوية يمتلكها الاحتلال، فهل ينتظر المنطاد دوره؟

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.