دعوات في الأردن لرفض التطبيع مع الاحتلال تحت ستار "التعاون" البيئي
مع اقتراب موعد تجديد عقد إيجار مشروع "المتنزه البيئي الأردني"، خرج مؤيدو مقاطعة "إسرائيل" للاحتجاج والمطالبة بعدم تجديد العقد مع مؤسسة "تعمل تحت مظلة إسرائيلية".
يدق الأردنيون ناقوس الخطر من التطبيع مع "إسرائيل" تحت ستار الحفاظ على البيئة، محذرين من تبعاته الكارثية على الأردن. وفي دائرة الاتهام، يتربع مشروع "المتنزه البيئي الأردني". فمع اقتراب موعد تجديد عقد إيجار المشروع، خرج رافضوه إلى مقر سلطة وادي الأردن للمطالبة بعدم تجديد العقد مع مؤسسة محلية، مؤكدين أنها تعمل تحت مظلة إسرائيلية.
أصل القصة
بداية حكاية "متنزه الأردن البيئي" - كما ترويها حركة الأردن تقاطع - تعود جذورها إلى عام 2004، حيث كان يعرف بمتنزه "شرحبيل بن حسنة"، وهو عبارة عن محمية طبيعية تقع في الجزء الشمالي لوادي الأردن.
حينها، طلبت منظمة "أصدقاء الأرض" من سلطة وادي الأردن تخصيص مساحة من أجل إنشاء متنزه بيئي. وبناء عليه، تم منحها 100 دونم لذلك الغرض. وبعد الأداء الجيد للمنظمة، تم توسيع الرقعة الجغرافية لتصل إلى 216 دونماً، وتضم بين جنباتها سد زقلاب، وهو أول سد أنشئ في الأردن عام 1960.
في عام 2009، تم إطلاق الخطة الرئيسية للتطوير والتشغيل واستخدام الأراضي بتمويل من "الوكالة الأميركية للتنمية الدولية" (USAID). وتم افتتاح المشروع رسمياً عام 2011.
تطبيع من وراء ستار
تكشف وثائق "حركة الأردن تقاطع" والتي اطلع عليها "الميادين نت" أن منظمة "أصدقاء الأرض" هي جزء لا يتجزأ من منظمة "الإيكوبيس في الشرق الأوسط" التي تم تأسيسها عام 1994 تحت شعار "السلام البيئي"، ويقع مقرها الرئيس في "تل أبيب" لتنفيذ مشاريع في "الريادة البيئية، وإدارة المصادر الطبيعية المشتركة".
في حديث مع الميادين نت، قال عضو حركة مقاطعة "إسرائيل" وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها (BDS)/ "الأردن تقاطع"، حمزة خضر، إن القائمين على المنظمة سعوا إلى استبدال اسم منظمة "أصدقاء الأرض" بمسمى "إيكو بيس"؛ لكن محاولتهم ذهبت أدراج الرياح؛ لأن الحكومة الأردنية تمنع تسجيل أسماء جمعيات محلية بمسميات أجنبية، لتحمل الجمعية في نهاية المطاف عام 2016 اسم جمعية "حماية الأرض والبيئة"؛ ولتكون فرعاً من المنظمة الأم في "إسرائيل".
علاوة على ما تقدم، يضيف حمزة خضر أن منظمة "الإيكو بيس" أعلنت في منشور لها على صفحتها الرسمية في موقع "فايسبوك" عام 2021 تؤكد من خلاله وجود مكتب تابع لها في الأردن والذي هو في الحقيقة موسوم باسم جمعية محلية هي "حماية الأرض والبيئة".
غضب واحتجاج
منذ كشف حقيقة التطبيع البيئي، تعالت الأصوات الرافضة للمشروع، مطالبة باستبدال منظمة "حماية الأرض والبيئة" بإدارة محلية أردنية. وفي بيان مشترك حصلت "الميادين نت" على نسخة منه، وتحت عنوان "أعيدوا متنزه الأردن البيئي إلى حاضنتنا الوطنية"، أكد 50 حزباً وجمعية أن الهدف من مشروع التعاون البيئي بين الأردن والسلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرئيلي لا يكمن في إنقاذ البيئة في الأردن، وإنما يتعداه لإيقاع الشباب الأردني والعربي في شرك التطبيع مع الكيان المحتل.
إضافة إلى ذلك، ومع اقتراب انتهاء سريان مدة عقد الإيجار بين سلطة وادي الأردن وجمعية "حماية الأرض والبيئة" في شهر آذار/مارس المقبل، تجدد الغضب مجدداً، وهذه المرة اعتصم المحتجون أمام مقر سلطة وادي الأردن بدعوة من الملتقى الوطني لدعم المقاومة وحماية الوطن وحركة "الأردن تقاطع"، وحملوا لافتات منددة بالمشروع وأخرى تطالب بوقف كافة أشكال التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي.
من جانبه، قال عبد المجيد دنديس، عضو المكتب السياسي في حزب "الوحدة الشعبية" في حديثه مع "الميادين نت"، إن وراء الأكمة ما وراءها، وأضاف أن "الهدف من المشروع يتجاوز مد جسور التطبيع من بوابة البرامج التدريبية البيئية، وأنه يكمن في الاستيلاء على الأراضي الأردنية في إطار الفكرة الأكبر التي يمثلها المشروع الإسرائيلي الاستيطاني في السيطرة على الوطن العربي".
ويضيف دنديس أن منظمة "الإيكو بيس" تطرح الاحتلال الإسرائيلي كشريك للدبلوماسية المائية، رغم أن عملية سرقته للمصادر الطبيعية في المنطقة العربية لم تتوقف يوماً. وقال نقلاً عن صحيفة "الغارديان" إن منظمة "الإيكو بيس" مارست الضغوط من أجل توقيع اتفاقية الماء مقابل الكهرباء بين الأردن و"إسرائيل" ما يرهن الأمن المائي الأردني بيد "إسرائيل".
ودحضت أسماء عواد، المنسقة الإعلامية لجمعية "العربية لحماية الطبيعة"، مزاعم الاحتلال الإسرائيلي في الحفاظ على البيئة. وأكدت في حديثها مع "الميادين نت" أن الاحتلال لا يعالج الأسباب الجذرية للمشاكل البيئية التي يتسبب بها، وإنما يمعن انتهاكاته البيئية من خلال عدوانه على قطاع غزة وجنوب لبنان وحتى في الأردن، حيث أنه يتسبب بحرائق على نحو دوري ومفتعل تقضي على آلاف الدونمات من الأراضي الزراعية.
وطالبت أسماء عواد الأردنيين بمقاطعة المتنزه إلى حين تغير الإدارة القائمة عليه وتكليف مشغل وطني محلي تنسجم قيمه مع قيم الشعب الأردني الرافضة للتطبيع على الصعد كافة.