البحرين.. شعب لا ينسى بوصلته فلسطين
الشعب البحريني، وفي تعبير منه لرفضه الإبادة التي ترتكب في ظل تطبيع دولة البحرين مع كيان العدو، لا يتوانى عن الخروج في مسيرات وتظاهرات لمناصرة كل فعل مقاوم، مطالباً بإلغاء اتفاقية التطبيع وبمقاطعة المنتجات الداعمة للاحتلال.
تتعالى الأصوات الرافضة للإبادة الجماعية في غزة مند بدء معركة طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر العام الماضي، أي منذ قرابة 4 أشهر.
الشعب البحريني، وفي تعبير منه لرفضه الإبادة التي ترتكب في ظل تطبيع دولة البحرين مع كيان العدو، لا يتوانى عن الخروج في مسيرات وتظاهرات لمناصرة كل فعل مقاوم، مطالباً بإلغاء اتفاقية التطبيع وبمقاطعة المنتجات الداعمة للاحتلال.
رضي الموسوي، الأمين العام السابق لجمعية وعد والعضو المؤسس في الجمعية البحرينية لمقاومة التطبيع، يتحدث إلى الميادين نت عن مواقف الشعب البحريني.
وقال: "مساء اليوم الذي حدث فيه الطوفان، كانت الجمعية البحرينية لمقاومة التطبيع على موعد مع فعالية عن التطبيع، فدخل الطوفان فجراً، وأثّر في مسار الفعالية. ومنذ ذلك اليوم، ينظم الشعب البحريني المسيرات المرخصة وغير المرخصة والوقفات التضامنية والداعمة للشعب الفلسطيني والندوات اليومية في مختلف المناطق، فضلاً عن الوقفات الأسبوعية بعد صلاة الجمعة".
وركز الموسوي على أن "القضية الأولى والرئيسية هي قضية العدوان على غزة والأراضي المحتلة، والموضوع الوطني يأتي بعده".
وشدد على أن "البحرينيين يقفون إلى جانب أشقائهم الفلسطينيين منذ البدايات الأولى لنشوء الحركة الصهيونية"، مضيفاً أنهم "في خندق واحد مع الفلسطينيين ضد عدو الأمة العربية".
ولفت إلى أن قرار الدول الاستعمارية بإنشاء الكيان الصهيوني جاء لوضع أسس تهدف إلى تخلف الأمة العربية وتشتّتها وإيقاف مسارها في المشروع النهضوي، مشدداً على أن "الصراع بين الأمة العربية والحركة الصهيونية الاستيطانية التوسعية هو صراع وجودي"، مضيفاً: "كلما قوي الكيان وتعزز تراجع دور الأمة العربية، والعكس صحيح".
لم تغب عن بال الموسوي الاستراتيجيات التي تضعها الدوائر الصهيونية لإلهاء العرب بالقضايا "الهامشية على حساب القضية المركزية للأمة"، وقال إن "الشعب البحريني ينظر إلى الصراع العربي الصهيوني على أنه صراع وجودي حضاري: إما نحن وإما هم"، مشدداً على "أن النصر لفلسطين لا محالة".
اتفق محمد عبد الله، عضو الجمعية البحرينية لمقاومة التطبيع، مع الموسوي، وقال إن "القضية الفلسطينية هي القضية المركزية للشعب البحريني"، مستشهداً بالشهيد مزاحم الشتر الذي انضم إلى صفوف المقاومة إبان الاجتياح الصهيوني على بيروت، والشهيد محمد الشاخوري الذي استشهد "برصاصة غادرة" بداية الألفية، حين كان يحاول انتزاع العلم الأميركي من السفارة الأميركية في المنامة ليضع العلم الفلسطيني بدلاً منه.
مقاطعة المنتجات الداعمة للاحتلال
على مر العصور، اختلفت أشكال مقاومة الاحتلال، فمن يستطيع حمل السلاح موجود في فلسطين أو على حدودها أو لديه قادة مناصرون لفلسطين مؤمنون بحق شعبها، ومن هو بعيد جغرافياً يتجه إلى مقاطعة كل ما هو داعم للاحتلال، في محاولة للتأثير سلباً في الاقتصاد الإسرائيلي أو داعميه.
وأشار رضي الموسوي إلى أن طوفان الأقصى زاد وتيرة الفعاليات التوعوية والاعتصامات التي أصبحت أسبوعية، مضيفاً: "منذ طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023، تمت كتابة تاريخ جديد للحرب مع العدو".
ويعتقد الموسوي أن الشعب البحريني "يراهن في موضوع المقاطعة على وعي مختلف فئات الشعب"، مستطرداً أن "حماية هذا الوعي يتم بتعميق الفكر القومي وأهمية الوحدة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، إضافة إلى كشف جرائم الصهاينة وداعميهم".
وقال إن "الشعب البحريني يعي حقيقة الكيان الصهيوني والشركات الداعمة له. ومنذ تأسيس كيان الاحتلال، نظمت حملات لمقاطعة البضائع الصهيونية وبضائع الشركات الداعمة"، مشيراً إلى أن مكتب مقاطعة "إسرائيل" افتتح عام 1963.
وأشار الموسوي إلى دور الجمعية البحرينية لمقاومة التطبيع التي تأسست عام 2001 في التوعية المجتمعية، وذلك من خلال الندوات والفعاليات التي تنجز وتوزع في المدارس والجامعات، وفق قوله.
طوفان على الصهيونية
وفق رضي الموسي، فإن عملية طوفان الأقصى جاءت لتحمي الأجيال القادمة من خطر الأدلجة المناهضة للقضية الفلسطينية، وخصوصاً أن الكيان كان مستمراً في قطار التطبيع مع دول جديدة، وذلك بعد تمكنه من 4 دول عربية عام 2020 ضمن "الاتفاقيات الإبراهيمية" التي تعد اتفاقيات إملائية على الدول العربية التي وقعت عليها كسابقتها من الاتفاقيات.
وقال الموسوي إن "مجيء الطوفان فرمل التطبيع وعطل اندفاعاته"، مشدداً على ضرورة مواجهة التطبيع الذي "يعد في حقيقة الأمر علاقة تبعية للكيان"، مؤكداً أن التطبيع يؤزم علاقات الدول المتجاورة، وخصوصاً مع إيران، كما أنه يخلق حالة متوترة في الخليج العربي، وفق الموسوي.
وفي ظل التطبيع مع الكيان الصهيوني، وخصوصاً مع تغيير المناهج الدراسية لتحويلها من مناهج مناصرة للحق الفلسطيني إلى مناهج محايدة، وفي بعض الأحيان قد تكون مناهضة للحق، قال الموسوي إن "الخطر على الأجيال القادمة يدخل في عمق الصراع الوجودي الحضاري مع العدو، لكن الطوفان حجّم الخطر".
وتطرق في حديثة إلى أن الطوفان أكد الهوية الجمعية للشباب، وقال إن "فئة الشباب انتفضت وغيرت المعادلات بتقدمها الصفوف بعدما كان البعض يشعر بأنهم ابتعدوا عن قضايا الأمة الرئيسية، فإذا هم يؤكدون عمق انتمائهم القومي ويقودون الفعاليات باقتدار وإبداع".
وأضاف الموسوي: "هذا الأمر ليس في الوطن العربي فقط، بل في مختلف دول العالم أيضاً، وهو أمر يبشر بخير، وخصوصاً مع تدهور السردية الصهيونية وتراجعها وبروز السردية العربية الفلسطينية الحقيقية".
وأضاف عبد الله أن "قضية فلسطين لا تسقط بالتقادم"، مؤكداً أن "الخطر الصهيوني يستهدف كل المنطقة"، مشدداً على أن توقيع اتفاقية التطبيع كان "ضرباً للموقف الشعبي بعرض الحائط"، واعتبر التطبيع خيانة للقضية الفلسطينية ووسيلة لتصفيتها.
وشدد عبد الله على أن "رفض التطبيع هو أكثر قضية يتفق ويجمع عليها البحرينيون"، مضيفاً أن "الفعاليات التي تقام في البحرين أوضحت بشكل جلي أن لا خلافات أو اختلافات قادرة على أن تصمد أمام طوفان الأقصى"، مؤكداً أن "الإبادة في غزة فرضت حالة الوحدة الوطنية بين كل مكونات المجتمتع البحريني، وذلك نصرة لفلسطين ولرفض التطبيع".
التحالف الأميركي ضد محور المقاومة
البحرين | "لبيك يا عبد الملك" "شكرا لكم وسلام يا يمن الانتصار".. تظاهرة تحيي موقف اليمن و تتضامن مع غزة. pic.twitter.com/MBuy9HUNne
— يوسف الجمري 🇧🇭 (@YusufAlJamri) February 2, 2024
انطلاق ملحمة طوفان الأقصى حقق أحلام البعض في محاربة "إسرائيل" بشكل مباشر، وخصوصاً مقاومي اليمن الذين يحملون شعار "الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل".
وإضافة إلى الصواريخ التي انطلقت من اليمن إلى أم الرشراش "إيلات"، يتحكم اليمنيون اليوم في خط الملاحة التجارية في البحر الأحمر، مستهدفين أي سفينة متجهة إلى فلسطين المحتلة، ما يؤثر في اقتصاد الاحتلال وداعميه، ومن بينهم الولايات المتحدة الأميركية.
وفي إثر فعالية العمليات اليمنية في البحر، قررت أميركا إنشاء تحالف ضد اليمن، وكانت البحرين من بين الدول التي انضمت إلى هذا التحالف العدواني.
وفيما يخص التحالف، أكد الموسوي أن "الشعب البحريني ضد أي تحالف يستهدف رفع الحصار البحري عن العدو الصهيوني أو يدعم العدوان على غزة".
وأوضح أن "أكثر من 25 منظمة بحرينية وقعت على بيان يرفض أي تحالف يساعد الصهاينة على فك الحصار البحري عنهم".
وأصرّ عبد الله على رفض الشعب للتحالف الذي اندمجت فيه الدولة البحرينية، قائلاً: "موقفنا هو رفض إشراك بلادنا في تحالف يخدم مصالح العدو الصهيوني ويدعم جرائمه"، مشدداً على ضرورة إبعاد البحرين عن سياسة "التحالفات المشبوهة"، مضيفاً: "نرفض أن تكون القواعد العسكرية الاجنبية منطلقاً لأي عدوان يخدم المصالح الصهيونية".