جنرالات إسرائيليون سابقون يحذرون: الهجوم على رفح خطأ كبير وكمين استراتيجي

مسؤولون إسرائيليون خلصوا في قراءتهم لدخول "جيش" الاحتلال إلى رفح بأنها لا تحقق نتائج في الحرب وبل ستخرج قوات الاحتلال كما خرجت من خان يونس، مشيرين إلى احتمال أن يوسع حزب الله عملياته في عمق "إسرائيل" بالتزامن مع التوغل البري في رفح.

  • مشاهد من عملية استدراج المقاومين لقوة خاصة إسرائيلية إلى كمين شمالي قطاع غزّة (الإعلام العسكري لكتائب القسّام)
    مشاهد عن عملية استدراج المقاومين لقوة خاصة إسرائيلية إلى كمين شمالي قطاع غزّة (الإعلام العسكري لكتائب القسّام)

في ظل تزايد التصريحات من جانب المسؤولين الإسرائيليين بشأن اكتمال الاستعدادات لشن عملية عسكرية على رفح، جنوبي قطاع غزة، حذّر عدد كبير من الخبراء (من مسؤولين عسكريين وأمنيين سابقين) من خطورة خوض هذه المغامرة، في هذا الوقت، لأن هذه المعركة ستنتهي بخروج "الجيش" الإسرائيلي منها  مهزوماً.

وبرز من بين هؤلاء المسؤولين السابقين، مفوض شكاوى الجنود سابقاً اللواء احتياط إسحاق بريك، الذي رأى أن القيادتين السياسية والعسكرية في "إسرائيل" أسيرتان لوهم لا يصمد أمام اختبار الواقع، هو "النصر المطلق" على حماس. وهذا الوهم سيقود الإسرائيليين إلى الكارثة التالية (بعد عملية طوفان الأقصى).

وأضاف بريك أن "أعضاء العصابة" (القيادتين السياسية والعسكرية) قرروا دفع أي ثمن لمحاولة إنقاذ شرفهم المفقود بسبب مسؤوليتهم وذنبهم عن الإخفاق الخطير (في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023)، إلى حد أنهم مستعدون لاتخاذ إجراءات هي بمنزلة مقامرة على وجود "إسرائيل" (كدخول رفح). 

وحذر بريك من أن وزير الأمن، يوآف غالانت، ورئيس هيئة الأركان العامة في "الجيش" الإسرائيلي، هرتسي هليفي، يضغطان بقوة من أجل دخول كبير لـ "الجيش" الإسرائيلي لرفح، مع أن ذلك لن يؤدي إلى تقويض حماس، بل سيورط "إسرائيل" أيضاً، إلى فوق رأسها، مع كل العالم، ومع الدول العربية، التي وقعت على اتفاقيات سلام معها، و"هذا سيهيل التراب على قدرة إسرائيل على تخليص نفسها من المستنقع الذي ستدخله".

بدوره، أكد قائد المنطقة الوسطى في "الجيش" الإسرائيلي سابقاً، والسكرتير العسكري سابقاً لرئيسي الحكومة الأسبقين، أريئيل شارون وإيهود أولمرت، اللواء احتياط غادي شمني، في مقابلة مع قناة "كان" الإسرائيلية، أن مصلحة "إسرائيل" هي الوصول إلى صفقة في أسرع ما يمكن.

وأضاف شمني أن حماس هي من سيسيطر على قطاع غزة بعد انسحاب "الجيش" الإسرائيلي، لسبب بسيط هو أنه لا يوجد أي تفكير في إيجاد بديل من حماس، ولا يوجد أيضاً من يواجه حماس في قطاع غزة، فلسطينياً.

وحذّر رئيس شعبة العمليات في "الجيش" الإسرائيلي سابقاً، اللواء احتياط إسرائيل زيف، بحسب صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، من أن حركة حماس تُعِدّ للإسرائيليين كميناً استراتيجياً من أجل إنزال كارثة بهم، شبيهة بعملية طوفان الأقصى.

وأضاف زيف أن أي عملية برية في رفح حالياً تتضمن مخاطرة أعلى كثيراً من كل ما واجهه "الجيش" الإسرائيلي في قطاع غزة حتى الآن.

وفي حديث له إلى القناة الـ"12" الإسرائيلية، رأى زيف أن من الواقعية التحدث عن الكمين الاستراتيجي المنصوب في رفح، لأن دخول هذه المدينة لن يؤدي إلى تحقيق النصر.

وحذّر زيف مجدداً من أن دخول رفح سينتهي بأن يخرج "الجيش" الإسرائيلي منها، كما خرج من خان يونس، بحيث تعيد حركة حماس من جديد بناء نفسها وفرض سيطرتها على الأرض.

وختم زيف كلامه بالإعراب عن خشيته من أن تنتهي المعركة في رفح بأن يخرج "الجيش" الإسرائيلي منها منهزماً.

وفي مقابلة مع القناة الـ"12" الإسرائيلية أيضاً، أكد قائد الدفاع الجوي سابقاً، العميد احتياط تسفيكا حييموفيتش، أنه لا يوجد شيء اسمه "انتصار مطلق"، بل يوجد "فقط انتصار"، وهو يقاس بتحقيق أهداف الحرب، التي حددها كابينت الحرب، وهي: "إذا حققناها، نجحنا، وإلّا فلا".

وأشار حييموفيتش إلى أن  العملية البرية في رفح لن تُنهي المعركة، فالجميع رأى ما حدث في شمالي قطاع غزة، حيث دخلت قوات "الجيش" الإسرائيلي، وسيطرت على الأرض، ثم انسحبت منها. وبعد ذلك، أُطلق نحو 65 صاروخاً على "سديروت"، خلال شهرين.

الحرب يديرها فوضويون من الجانب الإسرائيلي

وقال قائد المنطقة الجنوبية في "الجيش" الإسرائيلي سابقاً، اللواء احتياط يوم طوف ساميا، في مقابلة مع القناة الـ"13" الإسرائيلية، أنه "لا يوجد حكومة في إسرائيل"، لافتاً إلى أن الحرب تُدار منذ سبعة أشهر على أيدي فوضويين يتحكمون في رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو.

ورأى ساميا أيضاً أنه لا يوجد أي نجاح في الأشهر السبعة الأخيرة، لا عسكرياً، ولا اقتصادياً، ولا أمنياً، ولا سياسياً، ولا استيطانياً، من دون الحديث عن "الردع غير الموجود"، وفقا لساميا. 

وفي مقال نشره في موقع القناة الـ"12" الإسرائيلية، رأى قائد سلاح الجو سابقا، اللواء احتياط إيتان بن إلياهو، أنه يوجد أمام "إسرائيل" ثلاثة خيارات في قطاع غزة، هي:

أولاً، الاستمرار في المراوحة: وهذا الأمر سيؤدي إلى أن تغرق "إسرائيل" في واقع مشابه لما مرت فيه في لبنان (قبل عام 2000).

ثانياً، استئناف زخم القتال، عبر دخول رفح والسيطرة على محور فيلادلفيا، مع ما يحمله ذلك من مخاطر تأكّل لمكانة "إسرائيل"، وارتفاع في عدد الإصابات في "الجيش" الإسرائيلي، وارتفاع الخطورة على حياة الأسرى، بصورة كبيرة.

ثالثاً، التنسيق مع الأميركيين، بحيث تُسارع "إسرائيل" إلى إرسال طاقم مهمة إلى واشنطن، من أجل إجراء نقاش مع الإدارة الأميركية بشأن كيفية بلورة سلطة جديدة في قطاع غزة.   

ورأى نائب رئيس هيئة الأمن القومي سابقاً، عيران عتسيون، في مقابلة مع القناة الـ"12" الإسرائيلية، أن القادة في "إسرائيل" جعلوا رفح كأنها تحول استراتيجي وانتصار في الحرب، بينما في الواقع، لا يوجد أي أهمية من الناحية الاستراتيجية لاحتلال رفح من عدمه. وحذر عتسيون من أن الحكومة الإسرائيلية فقدت الطموح بشأن إدارة هذه الحرب بصورة استراتيجية.

وحذر رئيس هيئة الأمن القومي سابقاً، اللواء احتياط عوزي ديان، من أنه بمجرد دخول "الجيش" الإسرائيلي لرفح، يوجد احتمال معقول بأن يوسع حزب الله نطاق إطلاق نيرانه في اتجاه مناطق إسرائيلية أكثر عمقاً.

في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 أعلنت كتائب القسام معركة "طوفان الأقصى"، فاقتحمت المستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة، وأسرت جنوداً ومستوطنين إسرائيليين. قامت "إسرائيل" بعدها بحملة انتقام وحشية ضد القطاع، في عدوانٍ قتل وأصاب عشرات الآلاف من الفلسطينيين.