"والاه": بين كورونا وخطاب بيت العنكبوت لنصر الله.. اقتراح لمحاسبة النفس
موقع "والاه" يتحدث عن فشل المجتمع الإسرائيلي في مواجهة وباء كورونا خلال العامين الفائتين، ويقول إنّ "إسرائيل تحولت إلى مجتمع ضعيف ومتخلف عن الركب".
كتب المستشار الاستراتيجي الدولي ليئور حوريف مقالاً في موقع "والاه" تحدث فيه عن الطريقة التي كشفت فيها جائحة كورونا الضعف الكبير للمجتمع الإسرائيلي، مؤكداً أنّ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أحسن في وصف الاحتلال بـ"بيت العنكبوت".
أدناه نص التقرير منقولاً إلى العربية:
قبل أكثر من عشرين عاماً ، ألقى زعيم حزب الله حسن نصر الله خطاباً عُرف باسم "خطاب بيت العنكبوت". بالنسبة لي، هذا خطاب رائد في فهم التصور المحدث لأعداء "إسرائيل"، لقوتها ومفارقة المنعة الوطنية التي تجسدها في القرن الحادي والعشرين.
ربما تكون البصيرة الكامنة في هذا الخطاب هي الأكثر إيلاماً فيما يتعلق بتوصيف الاتجاهات في المجتمع الإسرائيلي وتأثيرها على مكانة "إسرائيل" في الساحة الجيوسياسية.
تميّز نظرية بيت العنكبوت الخاصة بنصر الله بين القوة العسكرية لـ"إسرائيل" كقوة، وبين الركود والتآكل المستمر في منعة المجتمع الإسرائيلي. في تناسب عكسي مع الاستعداد المتزايد والتعاظم المستمر للجيش الإسرائيلي، استعداداً لمواجهة إقليمية، سئم المجتمع الإسرائيلي سبعة أعوام من الحروب، وهو أقل استعداداً لدفع ثمن المواجهة على وجوده واستقلاله وحماية مصالحه الحيوية. منعتنا الوطنية، هي مرتبطة بصمود وجهوزية الجبهة الداخلية والتماسك الاجتماعي-وقد تآكل بأبعاد تشكل خطراً حقيقياً على قدرة "إسرائيل" على البقاء في المجال (أو المنطقة- مجازاً) .
اتساع الفجوة الاجتماعية، وتراجع قيمة الدولة، واتساع شرعية التيارات المستقلة المنعزلة عن الدولة ومؤسساتها، وتراجع المشاركة والتجنيد للخدمة الإلزامية -كل ذلك له تأثير في تراجع قدرة صمود المجتمع الإسرائيلي. إلى جانب كل ذلك، هناك مسارات مستمرة لفقدان القاسم المشترك، الاحتلال، إضعاف الديمقراطية الإسرائيلية، والمسارات العالمية للواقع البديل، والمادية والهروب من الواقع، وفقدان مصادر السلطة والاعتماد وثقافة الأخبار الكاذبة، التي تضعف الديمقراطيات المتقدمة بالفعل.
إن سلوك المجتمع الإسرائيلي خلال عامين من انتشار الوباء العالمي هو علامة تحذير ضخمة ومشرقة ومؤلمة لاستمرار إضعاف قدرة صمود قطاعات كبيرة من المجتمع الإسرائيلي. السيناريوهات الواقعية والخاضعة للإشراف والتحقق من الخطر الأمني في عصر كثرة الصواريخ تبشر بحجم الأضرار والخسائر في الجبهة الداخلية، لم تعرف "إسرائيل" لها مثيل من قبل. في هذا السيناريو، ستحقق "إسرائيل" انتصاراً كبيراً، لكن مدى الضرر الذي سيلحق بالجبهة الداخلية سيكون مؤلمًا على مستوى البشر والبنية التحتية.
لدى المؤسسة الأمنية فهم عميق لانخفاض القدرة الاستيعابية للمجتمع الإسرائيلي. وقد انعكس هذا في جميع العمليات الابتدائية لـ"إسرائيل" على مدار الخمسة عشر عاماً الماضية، مما يجعل من الصعب جداً على المستوى السياسي الحسم والشروع في عمليات استباقية تغير من الواقع في غزة والضفة الغربية ولبنان. تستثمر "إسرائيل" ميزانيات لا حصر لها في إنشاء قبة دفاعية متعددة الأبعاد، هدفها بالكامل أن توفر عند المواجهة مساحة طويلة من الصمود في الجبهة الداخلية، كل ذلك على حساب الضرر المتواصل والفضائحي للاستثمار المطلوب للمجتمع في التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية.
غني عن القول أن الربح الهامشي من هذا الاستثمار، لن يمنع انهيار المجتمع المدني، الذي يُظهر تراجع في قدرته على الصمود. على الرغم من أن كورونا ليس حدثاً محلياً، لكنه كشف الضعف الكبير للمجتمع الإسرائيلي. هذا اعتراف استراتيجي صعب وخطير سيكون له تداعيات كبيرة على سلوك قادة الدولة في المستقبل.
عدم قدرة المجتمع الإسرائيلي على مواجهة أزمة على نطاق صغير، وقدرة منخفضة على التكيف مع الأوضاع المتغيرة، والخضوع العميق للمعلومات المضللة، وتسييس الوضع إلى درجة فقدان التعقل، وفقدان كبير للتناسب إلى حد ازدراء الواقع. وتوصيف عبر مصطلحات الفوضى وخراب البيت. كل هذا يدور حول حدث عالمي، يخضع لسيطرة نسبية، مع حجم مستمر من المصابين على مدى عامين، أقل من نصف ما هو متوقع في يوم واحد من هجوم صاروخي على "إسرائيل".
لقد تحولت "إسرائيل" إلى مجتمع ضعيف، محرج، متخلف عن الركب، ويهرب من التحدي. التطلع إلى اليقين المطلق، والتخلي عن المبادرات، والقدرة على التنظيم الذاتي والمحلي، وتطوير الاعتماد بالكامل على الآخرين -كل ذلك هو علامات مقلقة، وأعراض لأزمة عميقة وأساسية.
لقد أحسن نصر الله وصفنا ببيت العنكبوت. ما كان صحيحاً في مطلع القرن، قد تكثف بشدة في العقدين اللاحقين. التسلح الأمني واتساع مجالات الهجوم والتكنولوجيا العالية -كل هذا لن يسد الفجوات الثقافية والقيمية والنفسية التي نشأت داخل المجتمع الإسرائيلي.