"هآرتس": نتنياهو سيخرّب الجيش الإسرائيلي.. الكلاب وحدهم لن يعترضوا!

صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية تشير إلى أنّ نتنياهو يمكن أن يدمّر دعم الإسرائيليين لـ"الجيش الإسرائيلي"، مثلما فعل صديقه ترامب بدعم الجيش الأميركي.

  • نتنياهو سيخرّب الجيش الإسرائيلي.. فقط كلاب
    نتنياهو سيخرّب الجيش الإسرائيلي.. فقط كلاب "وحدة عوكتس" سيبقون يهزّون ذيولهم مُذعنين

نشرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، اليوم الاثنين، تقريراً للكاتب الإسرائيلي أمير أورن، بعنوان "نتنياهو سيخرّب الجيش الإسرائيلي. فقط كلاب (وحدة) عوكتس سيبقون يهزّون ذيولهم مذعنين"، يتحدث فيه الكاتب عن نتنياهو ودرعي وبن غفير وسموتريتش، غير المناسبين أخلاقياً لأمر رئاسة الأركان في جيش الاحتلال الإسرائيلي، وفق الصحيفة.

وفيما يلي نص المقال منقولاً إلى العربية:

الجيش هو قوّة بطش. غاية وجوده هي تفعيل القوّة تجاه الخارج. فموظفوه –المطلوب منهم أن يُصدّقوا أنهم "يخدمون" فيه خدمة من المفترض أن تنطوي على درجة أعلى من مجرّد وظيفة يعتاشون منها إذ يعرّضون حياتهم للخطر، الأمر الذي ليس مقبولاً بشكلٍ دائم. لذلك تُمارس عليهم قوّة داخلية، على شاكلة نظام وانصياع وتهديدٍ دائم بعقوبات تنزع الحرية وتُلحق ضرراً مالياً وطرداً من جنّة عدن التي يمكن أن تكون جهنم أيضاً. 

هذا صحيح في جيشٍ من المرتزقة والأجانب، لكن أيضاً في "الجيش الإسرائيلي" من التجنيد الإجباري والكادر الدائم ووحدات الاحتياط. كل مواطن، بداهةً عدا عن رئيس الحكومة وعقيلته، من المفترض أن ينصاع لقوانين الدولة، لكن عندما يرتدي مواطن بزّة عسكرية ويضيف رقماً شخصياً إلى رقم هويته، يبدأ بحمل عبءٍ إضافي الذي من دونه ستضعُف حدوة الحصان، ويَزلّ الحصان ويسقط الفارس وهلمّ جرا. خطر مزدوج: فما يجوز للمواطن، ممنوع عليه كجندي. 

"الجيش الإسرائيلي" لا يدّعي فقط بأنّه الجيش الأكثر أخلاقية في كل العوالم الممكنة، بل أيضاً المنظمة الأكثر أخلاقية في دولة اليهود ذات الأصل الديني، مثلها مثل الدعاية الأميركية القديمة عن النقانق الشرعية لـ "هيبرو ناشيونال": كل النقانق تخضع لقوانين نيويورك الصحية، لكننا نخضع لقانونٍ أعلى. 

فقط من لا يعرف مطبخ موشِه دايان ورحبعام زئيفي وإيتسيك مُردخاي، سيصدّق أن هذا الطموح الملهم تحقق في الواقع المغبر من الغرائز الرأسمالية والشهوانية. في كل سنواته، "الجيش الإسرائيلي" كان هيئة منافقة وغير مسؤولة.

فالفقرة 130، تتحدث عن المسلكية الغير مناسبة، فتقول إنّ "استيعاب قيم المؤسسة ومتطلباتها" والحفاظ على "طهارة المعايير ومسلكياتها"، لأنه "كلما كانت رتبة وموقع القائد أعلى (رقيب وما فوق) مطلوب منه مسلكية على مستوى قيمي وأخلاقي أعلى". وما هي المسلكية غير المناسبة؟ "فعل أو إخفاق يترك وصمة انحدار إلى الحضيض من ناحية إنسانية أو عسكرية، وصول إلى درجة بارزة من المرفوض أخلاقياً، وصمة بإنسان كقائد في الجيش أو كمواطن". 

الرقابة العسكرية، الجهل والدعاية ارتبطوا من أجل إخفاء خطايا الضباط عن المواطنين. عندما ضلل رئيس الأركان رفائيل إيتان وزير الأمن ورئيس الحكومة مناحِم بيغن، الرقيب العسكري، وهو ضابط برتبة عميد، برر منع الإفادة الصحافية بالخشية من انه في الحرب القريبة، التي كان رفول بالفعل من مثيريها، سيكون هناك جنود سيشككون باستقامته وبالتالي يعترضون على أوامره. 

عندما كانت الجيوش في معسكرات والجنود معزولون عن الاتصال بالعالم الخارجي، بالكاد كان يمكن الحفاظ على وهم الفصل بين السلطتين، العسكرية والمدنية. إنّه لمن السخرية أن يكون في المستوى الحكومي المسؤول عن الجيش، الكابينت، أربعة [فرسان] Musketeers، نتنياهو ودرعي وبن غفير وسموتريتش، كل واحد وروايته للمسلكية غير المناسبة.

ووفق معايير "الجيش الإسرائيلي" نفسه، إنّهم غير مناسبين أخلاقياً لرئاسة الأركان، فالنظام الديمقراطي يفرض خضوع الجيش للحكومة، وحسناً ذلك، لكن ليس في ذلك ما يبرر قرار بضعة ضباط كبار –تمييزاً عن تنظيم متمرّد مرفوض– فالبقاء في مناصبهم كخاضعين لأشخاصٍ مسلكيتهم مقززة في نظرهم. 

وهذا مجرّد جزءٍ من المشكلة في حكومة المتهم وشركائه. الجزء الثاني، قال في الأسبوع الماضي لواءٌ قلق في هيئة الأركان العامة، هو الصدمة المتوقعة لجهود الجيش في حماية قيم جنوده إذا حاول وزراء حريديم ومتدينون – بموافقة نتنياهو – فرض تراجع عن الانفتاح تجاه خدمة النساء والمثليين. مبدئياً، ما يكيدون لفعله في التعليم والمواصلات يمكن أن يمتد إلى الجيش أيضاً، بثمن إلحاق ضررٍ بالغ بكافة الأسس "التجنيد"، الحفظ من الشوائب وثقة الجمهور. 

نتنياهو يمكن أن يدمّر دعم الإسرائيليين لـ"الجيش الإسرائيلي"، مثلما فعل صديقه ترامب بدعم الجيش الأميركي. قد يطير الطيارون للمهاجمة في إيران – وهذا أيضاً غير مضمون، ومرهون باقتناعهم بأنّ الطلعة مبررة ولا تهدف فقط إلى إنقاذ نتنياهو من السجن، لكن كثيرين في احتياط البر سيتململون وسيتملصون.

خطّة بن غفير لتوجيه سرايا حرس الحدود إلى النقب ستنزع من القيادة الوسطى وحدات محترفة وستضطرها لتجنيد كتائب احتياط أقل نجاعة وأقل حماسة. بعد 40 سنة، ستعود ظواهر حرب لبنان [اجتياح 1982]، تأجُّج ورفض الخدمة والضابطية. الجنود سيرفضون أن يكونوا روبوتات و"غوييم". فالوحيدون الذين سيواصلون هزّ أذيالهم مذعنين من دون اعتراض سيكونون كلاب [وحدة] "عوكتس". 

إنّ السيطرة المعادية على الجيش، بعضهم لاعتباراته الأرضية وبعضهم لدوافعه المشيحانية [الخلاصية]، ستُصيب بضربةٍ واحدة المعقلَيْن الاستراتيجيين لـ"إسرائيل"، فـ"الجيش الإسرائيلي" وأميركا. الطمي سيُسقط في نهاية المطاف نتنياهو، لكن إلى حينها، ما همّه، في قبال الغروب في قيساريا في المسبح وبيده سيكار.

في صافرة تهدئة لبايدن وآيباك – ومن أجل تجنّب عصيانٍ جماعي أقوى منه، وكأنّ الأمر مرهونٌ به وليس بشركائه، بأن لا نية للعودة إلى قوانين التلمود. شخصياً، يمكنه أن يبدأ بالوصايا العشر.