"هآرتس": لتنسف "إسرائيل" وحدها النووي الإيراني.. لكن من يجهّزها بالأسلحة؟
صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية تقول إن الخلاصة من تصريحات رئيس "الموساد" هي أن "رئيس الحكومة مُجبر على التواجه مع الإدارة في واشنطن، وإذا لم يفعل هذا، فها أنه شريكٌ فاعل في الكارثة الاستراتيجية".
تحدثت صحيفة "هآرتس"، في مقال للكاتب الإسرائيلي تسفي برئِل عن أنّه "إذا كانت إسرائيل تزعم أنها غير ملزمة بالاتفاق وقادرة بقواها الذاتية على نسف البرنامج النووي الإيراني – أولًا فلتفعل هذا. لكن الأجدر أن تتذكر أن الولايات المتحدة هي التي تزوّد الطائرات والقنابل المطلوبة لتنفيذ المهمة".
فيما يلي النص المنقول للعربية حرفياً:
من الذي يدير السياسة الخارجية والدعائية لـ"إسرائيل" ضد الاتفاق النووي؟ هل هو رئيس الحكومة ووزير الخارجية، يائير لابيد، أم رئيس الموساد دادي برنياع؟
في اطلاعه الصحفي الإشكالي في يوم الخميس الماضي، الذي هاجم فيه سياسة الولايات المتحدة ووصف الاتفاق المتبلور بأنه قائم على أكاذيب ويتجاوز الخطوط الحمراء التي وضعتها واشنطن بنفسها، يبدو أنّه ليس فقط مضمون الاتفاق هو ما يقلق رئيس "الموساد".
شدة الكلام والنبرة التي قيل بها لا تدعان مجالاً للشك. برأيه، الرئيس بايدن وقع طوعاً في شباك إيران، حيث أن لإيران والولايات المتحدة "مصلحة إستراتيجية في التوقيع على الاتفاق".
الخلاصة الحتمية من كلامه هي أن رئيس الحكومة مُجبر على التواجه مع الإدارة في واشنطن، وإذا لم يفعل هذا، فها أنه شريكٌ فاعل في "الكارثة الاستراتيجية".
رئيس المعارضة بينامين نتنياهو لم يكن بإمكانه تقديم هذا الموقف أكثر لمعاناً. فهل أن هذا ما يعتقده رئيس الحكومة أيضاً؟ من الصعب أن نعرف، لأن "ألبوم" الصور الذي سيصدر بعد اجتماع الاطلاع بينه وبين نتنياهو هو أكثر أهمية من مضمون الاجتماع، وربما أيضاً النقاش حول التهديد الإيراني ليس سوى تظاهر وليس أكثر.
لكن ما الذي يريده برنياع؟ إذا كانت "إسرائيل" تزعم أنها غير ملزمة بالاتفاق وقادرة بقواها الذاتية على نسف البرنامج النووي الإيراني – أولًا فلتفعل هذا. لكن الأجدر أن تتذكر أن الولايات المتحدة، الركيكة والاسترضائية، هي التي تزوّد الطائرات والقنابل المطلوبة لتنفيذ المهمة. على النقيض، إذا كان رئيس "الموساد" يرى أن الاتفاق بات يُعتبر "صفقة منتهية" وأن "احتمال التوقيع عليه يقترب من 100%"، ما معنى تكبير الكلام عنه وعن طريقة لفلفة بايدن بالزفت والريش؟
رؤساء الموساد والأركان والشاباك هم ثلاثة أرباب الأمن الذين من المفترض أن تستند إليهم سياسة الأمن والخارجية للحكومة، مسؤوليتهم هي تقديم خيارات عملٍ ممكنة للحكومة، وأن يشرحوا بصراحة ما هي التداعيات المتوقعة من كل طريقة عمل، وعرض توصياتهم، إلا أنه على عاتقهم أيضاً الواجب الأخلاقي، بتحذير الجمهور وشرح ماهية الثمن وكلفة الأرواح المتوقع دفعها في كل واحدٍ من السيناريوهات.
برنياع مخول وملزم بعرض رأيه في الاتفاق النووي، حتى لو لم يكن على رأي أسلافه في "الموساد" أو قادة الأمن.
لكن بنفس الحماسة التي ينتقد فيها برنياع الآن عيوب الاتفاق، عليه أن يشرح للجمهور ما هي الخيارات الأخرى وما إذا كانت واقعية. إذ أن هناك فارق سحيق بين القدرة على تصفية عالم نووي إيراني، خربطة عمل أجهزة الطرد المركزي وقصف أهدافٍ إيرانية في سوريا، وبين تقويض البنية التحتية النووية لإيران، والقضاء على المعرفة التي راكمتها وإزالة كل كميات اليورانيوم التي خصّبتها.
عليه أن يُقنع لماذا يجب على الجمهور تصديقه هو تحديداً، بعدما توصل غالبية مسؤولي المؤسسة الأمنية والاستخبارية في "إسرائيل"، في أوروبا وفي الولايات المتحدة، إلى خلاصة بأن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق الأصلي، في 2018، دفع قُدُماً بصورة دراماتيكية وخطيرة أكثر بكثير القدرات النووية لإيران؟
حتى الساعة، هجوم برنياع وتصريحات رئيس الحكومة ليسوا أكثر من تكرار المزاعم التي سُحقت فتاتاً قبل سبع سنوات، وسبق أن أُثبت أنها كانت خاطئة. لكن عشية انتخابات، من لديه الوقت والقوة لصياغة استراتيجية جديدة؟