"نيويورك تايمز": مستقبل العمل عن بُعد بعد الوباء
استغرقت بعض الشركات بعض الوقت للتكيّف مع أفضل ممارسات العمل عن بُعد، وبعضها لم يفعل ذلك مطلقاً. لكن الشركات التي تبدو أكثر سعادة بالنتائج هي تلك التي تخلصت من الاجتماعات أونلاين.
قالت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية إنه عندما نستذكر فترة الوباء في السنوات المقبلة سندرك أنها اللحظة التي تغيرت فيها حياتنا العملية إلى الأبد. فعندما طُلب من ملايين الموظفين العمل عن بُعد، بدأت الحدود بين حياتنا المكتبية والحياة المنزلية تتلاشى، بطرق لا تزال تتكشف.
وتحدثت الكاتبة مع كلير كاين ميلر، التي تكتب عن مستقبل العمل في "نيويورك تايمز".
وعن حجم الدور الذي سيلعبه العمل عن بُعد في المستقبل، قالت ميلر "إنه بالنسبة إلى الوظائف المكتبية التي يمكن القيام بها عن بُعد، أعتقد أنها لن تختفي أبداً. بحلول الوقت الذي تمتلئ فيه المكاتب مجدداً، سنكون قد فعلنا ذلك لمدة عامين تقريباً، وأدرك الناس فوائد العمل عن بُعد: إنهم يعملون كذلك، فالناس منتجون تماماً، وستكون هناك مقاومة كبيرة للعودة للعمل بدوام كامل".
تقدم معظم الشركات الآن جداول زمنية مختلطة حيث لا تطلب من الأشخاص العودة بدوام كامل. والشركات التي أرادت دواماً كاملاً قال موظفوها إن هذا لن ينجح معنا، وعادت الشركات وغيرت خططها.
وأوضحت ميلر: لكنني أعتقد أننا لن نرى الكثير من العمل الكامل عن بعد بحيث يسمح للموظفين بالعمل أينما يريدون. إن ذلك يتطلب مستوى ونوعاً مختلفين تماماً من الإدارة.
وعن مدى جودة العمل عن بعد، قالت ميلر إن الناس يميلون إلى أن يكونوا أكثر إنتاجية في المنزل. تم إثبات ذلك قبل الوباء، بما في ذلك في دراسة لمركز اتصالات في شنغهاي. كما جمدت الاستطلاعات أثناء الوباء. الناس أكثر إنتاجية، وذلك على الرغم من كل ضغوطات الوباء، مثل إغلاق المدارس، أو وجود الأطفال في المنزل، أو ربما رعاية مريض من أفراد الأسرة. لذا يمكنك أن تتخيلوا أنه إذا تم التخلص من هذه الضغوطات، فسيكون الناس أكثر إنتاجية.
وعن كيفية تغيّر العمل عن بُعد هذا العام ونصف العام الماضي بعد تفشي الوباء، قالت ميلر: "لقد استغرقت بعض الشركات بعض الوقت للتكيّف مع أفضل ممارسات العمل عن بُعد، وبعضها لم يفعل ذلك مطلقاً. لكن الشركات التي تبدو أكثر سعادة بالنتائج - ولديها موظفون أقل إجهاداً- هي تلك التي لم تحاول فقط نقل المكتب الفعلي إلى الأونلاين. لقد ابتكروا طرقاً جديدة للعمل. على سبيل المثال، أدت الاجتماعات المتتالية على تطبيق زووم إلى استنفاد الأشخاص حقاً. لذلك تخلصت الشركات التي نجحت بالفعل من الكثير من الاجتماعات، أو لم يكن لديها أيام اجتماعات.
من منظور الإدارة، كان هناك الكثير من العمل حول كيفية التواصل مع فرقك عندما لا تراهم كل يوم، وهذا يعني في كثير من الأحيان المزيد من الاجتماعات الفردية مع الموظفين. كان عليهم كذلك إنشاء طرق جديدة لتقييم الموظفين تأخذ في الاعتبار العمل الذي يتم إنجازه بالفعل وليس عدد ساعات العمل التي يقضيها شخص ما في الأسبوع.
وبالنسبة للموظفين، أدركوا كم كان العمل من المنزل أفضل عندما يتمتعون ببعض الاستقلالية. لذلك ربما يكون ذلك من أجل الجري، أو أخذ قيلولة، أو الصلاة في منتصف النهار، أو اصطحاب أطفالهم من المدرسة.
وعن مستقبل العمل عن بعد، قالت ميلر إن العمل عن بُعد هو شيء سيكون جزءاً من كل وظيفة يمكن القيام بها عن بُعد من الآن فصاعداً. وأنا متأكدة من أن التكنولوجيا ستستمر في التحسّن لتجعلكم تشعرون وكأنكم تتمتعون بالثرثرة والصداقة الحميمة في المكتب.
وأضافت: أتوقع أن يكون لدى معظم الشركات أشخاص يعملون معاً بشكل شخصي لبعض الوقت. لكنني أعتقد أيضاً أن الناس سيكونون أكثر سعادة في العمل عن بُعد بمجرد عودة أطفالهم إلى المدرسة، أو بمجرد تلقيحهم وعدم خوفهم من الفيروس، أو التعامل مع المرض بأنفسهم أو أفراد الأسرة المرضى. سيتمكن الأشخاص في النهاية من العمل في المقهى أو في مكتبة مجدداً، أو ربما يذهبون للعمل في منزل أحد الأصدقاء الذي يعمل عن بُعد لصالح شركة أخرى ويكون لديه بعض الصداقة الحميمة. بمجرد رفع قيود الوباء، أعتقد أن الناس سوف يدركون أن العمل عن بُعد أفضل مما كانوا يتخيلون.
نقله إلى العربية بتصرف: هيثم مزاحم