لماذا تحجب الحكومة الأميركية المعلومات عن محامي المتهمين بهجمات 11 أيلول / سبتمبر؟
إن إخفاء المعلومات هو أحدث علامة على إخفاق الحكومة الأميركية في ضمان قوة دفاع عن المتهمين في هجمات 11 أيلول / سبتمبر التي راح ضحيتها نحو 3000 شخص.
ذكر موقع "ذي إنترسبت" الأميركي في تحقيق له إن محامي الدفاع عن المتهمين بالتخطيط لهجمات 11 أيلول / سبتمبر 2001 وتنفيذها يقولون إن الصحافيين وغيرهم من عامة الناس حصلوا على معلومات أكثر عن التعذيب الذي تعرض له موكلوهم في المواقع السوداء لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية أكثر من المحامين الذين يمثلونهم.
وقال المحامون، بمن فيهم أحدهم الذي يمثل العقل المدبر المتهم في أحداث 11 أيلول / سبتمبر، خالد شيخ محمد، لمحكمة حرب في خليج غوانتانامو هذا الشهر، إن الملخصات المنقحة لوثائق وكالة الاستخبارات المركزية التي قُدمت لمحامي الدفاع عن المهاجمين الخمسة المزعومين لا تحتوي على تفاصيل مهمة مثل التواريخ وأيها تم استخدام تقنيات التعذيب خلالها. في غضون ذلك ، حصل صحافيو "ذي انترسبت" وغيرها من المطبوعات، وكذلك الاتحاد الأميركي للحريات المدنية، على وصول كامل إلى هذه الوثائق من خلال طلبهم مباشرة من وكالة الاستخبارات المركزية بموجب قانون حرية المعلومات.
وقال ديفيد نيفين، محامي شيخ محمد، للمحكمة: "لدينا فرق واضح بين ما هو متاح للمتهمين في قضية الإعدام هذه من ناحية، ولعامة الجمهور بموجب قانون حرية المعلومات من ناحية أخرى. من الواضح أن هناك حالات يكون فيها المحامون المرخصون أمنياً الذين يدافعون عن الأشخاص في قضية رئيسية في محاكمة تكلف حياتهم مؤهلين للحصول على معلومات أقل مما هو متاح لعامة الناس".
إن الإغفالات - نتيجة لعملية بيروقراطية مخدرة قام من خلالها المدعون الحكوميون بإعادة كتابة الوثائق قبل مشاركتها مع محامي المتهمين، مع استبعاد المواد التي يرون أنها شديدة الحساسية أو غير مهمة - هي أحدث علامة على إخفاق الحكومة في ضمان قوة دفاع عن المتهمين في الهجمات التي راح ضحيتها نحو 3000 شخص منذ أكثر من 20 عاماً.
وتم تنقيح برقيات وكالة الاستخبارات المركزية التي توثق استجواب وتعذيب شيخ محمد والمتهمين الآخرين قبل الإفراج عنها، مما يعني حجب بعض المعلومات، مع مؤشرات على التبرير القانوني، والتي يمكن أن تشمل مخاوف بشأن الأمن القومي، والخصوصية الشخصية، أو أن الإفراج يمكن أن يعرّض الأسرار التجارية للخطر. ولكن حتى تلك المستندات المنقحة غالباً ما تتضمن تفاصيل أكثر من الملخصات المنقحة التي قدمها الادعاء في قضية 11 أيلول / سبتمبر.
فعلى سبيل المثال، إن الملخصات المقدمة للدفاع حول استجوابات وكالة الاستخبارات المركزية لشيخ محمد في مواقع سوداء بين القبض عليه في 1 آذار / مارس و22 آذار / مارس 2003 - فترة حرجة مدتها ثلاثة أسابيع - لا تتضمن أي تواريخ. ومع ذلك، استخدم دانيال ديفرايا، الصحافي المستقل والمساهم في "ذي انترسبت" قانون حرية المعلومات للحصول على أكثر من 50 وثيقة من وكالة الاستخبارات المركزية تتعلق باستجواب شيخ محمد وتعذيبه بتاريخ ما قبل 22 آذار / مارس. تشتمل البرقيات المقدمة بموجب قانون حرية المعلومات كذلك على تفاصيل وروايات أصلية بكلمات فرق الاستجواب التابعة لوكالة الاستخبارات المركزية. أما في الملخصات المنقحة، فقد تمت إعادة صياغة هذه الكلمات من قبل الادعاء. في عام 2019، نشر "ذي انترسبت" برقيات من مجموعة ديفرايا التي تحتوي على معلومات لا تزال غير متاحة لمحامي الدفاع في قضية اللجنة العسكرية تتهم شيخ محمد وشركاءه الأربعة المزعومين بالتخطيط لهجمات 11 أيلول / سبتمبر.
وقال درور لادين، المحامي في مشروع الأمن القومي بالاتحاد الأميركي للحريات المدنية، لموقع "ذي انترسبت": "تُظهر التنقيحات غير المتسقة أن الحكومة لا تهتم حقاً بتنقيح ما هو ضروري فقط، ومن الواضح جدًا أنها تقوم في الواقع بإفراط في التنقيح للأشياء العامة".
هذا الإغفال مهم بشكل خاص في قضية 11 أيلول / سبتمبر لأن المتهمين قد يواجهون عقوبة الإعدام إذا أدينوا. وقال لادين إن عقوبتهم يمكن أن تعتمد إلى حد كبير على ما فعلته بهم وكالات الاستخبارات الأميركية.
لكي يتمكن محامو الدفاع من إجراء تحقيق كامل في هذه القضية، يحتاجون إلى صورة كاملة عما حدث لهم. قال لادين: "عندما تعرقل وكالة الاستخبارات المركزية التواريخ والمواقع والأشخاص المتورطين والأشخاص المسؤولين، يصبح من الصعب جداً جعل هذه الصورة ملموسة فعلاً. إن مجرد حذف كلمة "تعذيب" أو "معاملة مهينة" أمر. إنه أمر آخر أن تتعرف على ما كان عليه كل يوم لشخص يتعرض للإيهام بالغرق مراراً، أو يتضور جوعاً، أو معلقاً من يديه".
استخدم جيمس كونيل، المحامي الرئيسي لمتهم 11 أيلول / سبتمبر، عمار البلوشي، المستندات المقدمة للجمهور بموجب قانون حرية المعلومات وأوامر رفع السرية الأخرى لتكملة الاكتشاف الذي تنظمه المحكمة والطعن في الثغرات في المعلومات التي تلقاها من المدعين.
وقال كونيل لموقع "ذي انترسبت: ""أحياناً، تحتوي [البرقيات التي تم إصدارها بموجب قانون حرية المعلومات] على معلومات تفيد بأن الحكومة قد تذرعت بامتياز الأمن القومي. في هذه المواقف، يحصل الجمهور على إمكانية الوصول إلى المعلومات التي تم تصنيفها (سرية) أكثر مما يحصل عليه الدفاع".
وتساءل الموقع: فلماذا تحجب الحكومة هذه المعلومات، تحت أعين المحامين والقضاة، في قضية كبرى تتعلق بالإعدام؟
وقال جيسون ليوبولد ، مراسل موقع "باز فيد نيوز" الأميركي الذي أدت دعاوى قانون حرية المعلومات الخاصة به إلى الإفراج عن آلاف الصفحات المنقحة من وثائق وكالة الاستخبارات المركزية المتعلقة بتقرير مجلس الشيوخ عن التعذيب: "تُظهر السجلات في نهاية المطاف الأعمال السيئة للحكومة. ما يحجبونه لا يتعلق بالأمن القومي بقدر ما يتعلق بحماية المعلومات التي قد تكون محرجة للوكالة".
نقله إلى العربية بتصرف: هيثم مزاحم