"غلوبال تايمز": كيف تشوّه الولايات المتحدة والغرب أسباب أزمة سريلانكا
العاملان الخارجيان الرئيسيان لأزمة سريلانكا هما وباء كورونا الذي أصاب صناعة السياحة بشدة، وهو ركيزة اقتصاد سريلانكا، والثاني هو ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء الناجم عن الحرب بين روسيا وأوكرانيا.
-
المحتجون احتلوا مقري إقامة الرئيس ورئيس الوزراء في كولومبو.
تناولت صحيفة "غلوبال تايمز" الصينية في افتتاحيتها الأزمة السريلانكية. وقالت إن عشرات الآلاف من المتظاهرين اقتحموا يوم السبت الماضي المقر الرئاسي في العاصمة كولومبو. وأعلن الرئيس السريلانكي غوتابايا راجاباكسا أنه سيستقيل في 13 تموز / يوليو (غداً) بعد مطاردته من مقر إقامته. وقال رئيس الوزراء رانيل ويكرمسينغ إنه سيترك منصبه بمجرد تشكيل حكومة متعددة الأحزاب.
وأضافت الصحيفة أنه لا تزال هناك علامة استفهام حول إلى أي مدى يمكن لتغيير النظام أن يحل الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي ابتليت بها هذه الدولة الواقعة في جنوب آسيا لأكثر من نصف عام.
وتابعت أن هذه الدولة الجُزرية الواقعة في جنوب آسيا والتي يبلغ عدد سكانها 22 مليون نسمة تواجه تضخماً قياسياً ونقصاً في الوقود والغذاء والدواء، كما أن معيشة الناس تواجه صعوبة كبيرة. وكانت الحكومة السريلانكية قد أعلنت إفلاسها من قبل، لتصبح أول دولة تتخلف عن سداد ديونها الخارجية هذا القرن. بالإضافة إلى الوضع في سريلانكا، هناك سؤال آخر يثير قلق الناس: هل سيكون هناك بلد مفلس آخر ومن سيكون؟
وأشارت الصحيفة إلى أنه في غضون سنوات قليلة فقط، تطورت سريلانكا من دولة ذات دخل متوسط إلى دولة ذات دخل مرتفع في جنوب آسيا ثم وصلت إلى ما هي عليه اليوم، نتيجة مزيج من العوامل الداخلية والخارجية. العاملان الخارجيان الرئيسيان هما وباء كورونا الذي أصاب صناعة السياحة بشدة، وهو ركيزة اقتصاد سريلانكا، والثاني هو ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء الناجم عن الصراع بين روسيا وأوكرانيا. ورأت "غلوبال تايمز" أنه من منظور العوامل الداخلية، فإن السياسات الزراعية والاقتصادية الجذرية نسبياً التي أطلقتها سريلانكا في السنوات السابقة تجعل من الصعب على البلاد مقاومة تأثير العوامل الخارجية. إذ يمكن ملاحظة أن دولة مثل سريلانكا التي يعتمد اقتصادها بشكل كبير على دخل النقد الأجنبي ضعيفة في قدرتها على مقاومة المخاطر الاقتصادية العالمية، والإفلاس ناتج عن عوامل متعددة.
وأضافت الصحيفة أنه يجب القول إن بعض الدول في الغرب مثل الولايات المتحدة مهتمة باستخدام أزمة سريلانكا للتلاعب الجيوسياسي أكثر من اهتمامها بتقديم مساعدة حقيقية للبلاد. إن الدول الغربية تنظر إلى سريلانكا التي تمر بأزمة ليس بقلق عليها، ولكن بإثارة ملتوية.
وأوضحت الافتتاحية أن سريلانكا تعاني بالفعل من مشكلات ولا يمكنها تحمل الضغوط والأكلاف لتصبح ساحة جيوسياسية. لقد أثبتت العديد من التقارير البحثية مراراً أن أزمة الديون الحالية في سريلانكا لا ترتبط ارتباطاً مباشراً باستثمارات البنية التحتية الممولة من الصين. يمثل الدين الخارجي للصين 10 في المائة فقط من إجمالي الديون الخارجية لسريلانكا. فالدائنون التجاريون للدول الغربية والمؤسسات المالية المتعددة الأطراف مسؤولون عن الديون الخارجية لسريلانكا. لقد باعوا الديون إلى ما يسمى الصناديق الانتهازية، التي استغلت كل قرش في سريلانكا. لذلك، فإن تشويه سمعة الصين من خلال اتهامها بحفر "فخ الديون" وحتى مهاجمة مبادرة الحزام والطريق ليست مبررة.
ورأت الصحيفة أنه بالنظر إلى تجربة سريلانكا، من الملح كسر معضلة النمو في بعض البلدان النامية. فإذا شكّلت سريلانكا تدريجياً نظام النمو الاقتصادي الخاص بها، فستكون أكثر قدرة على مقاومة المخاطر عندما تواجه بيئة اقتصادية خارجية قاسية. في الواقع، أصبح هذا إجماعاً لعدد متزايد من البلدان. اعتباراً من نهاية أيار / مايو 2022، وقعت الصين أكثر من 200 وثيقة تعاون "الحزام والطريق" مع 150 دولة و32 منظمة دولية، واتسعت دائرة الأصدقاء لبناء مبادرة "الحزام والطريق"، مما يثبت بقوة أن التعاون يسير في الاتجاه الصحيح.
وقالت إن واشنطن تدرك ذلك جيداً، وجاء اقتراح إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب Blue Dot Network، بدعوى تعزيز بناء بنية تحتية إقليمية عالية الجودة، واقتراح إدارة الرئيس جو بايدن "لإعادة بناء عالم أفضل" في حزيران / يونيو 2021، وإعلان بايدن في حزيران / يونيو الماضي خلال قمة مجموعة السبع أنه سيحشد التكتل حوالى 600 مليار دولار للاستثمار في البنية التحتية العالمية، كل هذا يمكن أن يثبت ذلك. إن تقوية البنية التحتية وتعزيز الطاقة الداخلية هما المفتاح الحقيقي لكسر معضلة التنمية.
وأضافت "غلوبال تايمز" أنه مع ذلك، لمجرد أن مبادرة "الحزام والطريق" تؤكد على التعاون والبناء المشترك بدلاً من قيادة الولايات المتحدة والغرب، فيما لم يدخر بعض الناس في الولايات المتحدة والغرب أي جهد لتشويه المبادرة وتقويضها.
وختمت الصحيفة بالقول إنه مع دخول الاقتصاد العالمي في عصر الأزمة، تسلّط كلمة "النمو" الضوء على قيمة أغلى من الذهب. إن أزمة "الإفلاس الوطني" التي تواجه سريلانكا ناجمة بشكل أساسي عن أوجه القصور في التنمية والحوكمة العالمية. أدت أزمة الأمن الإقليمي التي تفاقمت بسبب الولايات المتحدة والغرب إلى تفاقم أزمة النمو العالمي. نأمل بصدق أن تتمكن الولايات المتحدة وبعض الدول في الغرب من كبح جماح دوافعها الجيوسياسية للانغماس في منافسة القوى العظمى. يجب أن تمنح بعض المساحة لضميرها، وبعض الوقت للتنمية.