"ذا هيل": بايدن وليس بوتين المسؤول عن ارتفاع أسعار الوقود
كشف الصيف الماضي عن مخاطر انتقال أوروبا المتسارع بعيداً عن النفط والغاز، حيث توقفت الرياح عن الهبوب لمدة ستة أسابيع تقريباً في بحر الشمال، مما تسبب في نقص الطاقة وبالبحث المذعور عن بدائل.
كتبت ليز بيك، هي شريكة سابقة في شركة كبرى في وول ستريت، مقالة رأي في صحيفة "ذا هيل" الأميركية تناولت فيها ارتفاع أسعار المحروقات في الولايات المتحدة.
وقالت الكاتبة إن الرئيس الأميركي جو بايدن "يريدك أن تعرفوا أن غزو روسيا لأوكرانيا سيؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط. وهويحذر من أن ملء خزان الوقود الخاص بك قد يكلفك المزيد قريباً".
وأضافت: هو محق لكن لا تنخدعوا. كانت هذه هي الخطة طوال الوقت. ليس بالتأكيد لتعزيز الحرب في أوروبا، ولكن لدفع التحول المتسرع وغير المدروس إلى الطاقة المتجددة أو البديلة، بغض النظر عن التكلفة التي يتحملها المستهلكون. للأسف، كان هذا أيضاً البرنامج في أوروبا، والذي يتعامل الآن مع العواقب السيئة للانحناء أمام نشطاء المناخ. فالعالم لا يزال بحاجة إلى النفط، والكثير منه في الأيدي الخطأ.
تبنّي أجندة النشطاء البيئيين
وأشارت إلى أن روسيا تتحكم بالطاقة في أوروبا وأنه يجب على الأميركيين أن يفهموا أن هذا ليس من قبيل الصدفة. إنها نتيجة لسياسات المناخ الأوروبية تماماً مثل تلك التي يريد الديمقراطيون فرضها على الأميركيين، واستبدال النفط والغاز بالطاقة المتجددة غير الموثوقة والمكلفة. إن تبني القارة الأوروبية لجدول أعمال شبيه بالأجندة البيئية الخضراء - حظر التكسير الصخري (الهيدروليكي)، ودعم طاقة الرياح والطاقة الشمسية، وما إلى ذلك - هو الذي جعل أوروبا تعتمد على دولة معادية لتزويد اقتصاداتها بالطاقة.
ورأت الكاتبة أنه "إذا واصلنا السير في مسار مماثل، فقد نجد أنفسنا في سبعينيات القرن الماضي، نعتمد بشكل مفرط على النفط في المملكة العربية السعودية، وكذلك على روسيا ودول معادية أخرى. في عام 1973، قطعت أوبك صادرات النفط إلى الولايات المتحدة، فتضاعفت أسعار النفط أربع مرات، مما دفع الولايات المتحدة إلى الركود".
وتابعت: إليكم الحقيقة: سنستمر في حرق النفط والغاز لتدفئة منازلنا وتوليد الكهرباء لسنوات قادمة. يمكننا إما إنتاج هذه الأنواع من الوقود في الداخل أو، مثل أوروبا، استيرادها من الخارج. فمنذ أن أصبح بايدن رئيساً، اختار المسار الأخير بوضوح. هذا خطأ فادح. في ظل رضوخه لنشطاء المناخ الأثرياء والصاخبين، شرع بايدن في الاستغناء عن واحدة من أعظم المزايا الجيوسياسية لأميركا - طاقة وفيرة ورخيصة - في مسعى متهور لخفض انبعاثات الكربون.
بالمناسبة، في نيسان / أبريل الماضي، أقر بايدن بأن 85 بالمائة من الانبعاثات تأتي من خارج الولايات المتحدة، واعترف قائلاً: "لهذا السبب حافظت على التزامي بالانضمام إلى اتفاق باريس، لأنه [حتى] إذا فعلنا كل شيء على أكمل وجه، فلن يكون الأمر مهماً".
وعلقت الكاتبة: كان بايدن محقاً، فأياً كان ما نقوم به سوف تطغى عليه الانبعاثات المتزايدة من الصين والهند. وحتى مع اصطفاف الدبابات الروسية على الحدود الأوكرانية، جمدت إدارة بايدن عمليات الحفر الأميركية على الأراضي الأميركية وفرضت قواعد تزيد من صعوبة بناء خطوط أنابيب الغاز الطبيعي. بماذا يفكرون؟ أليسوا قلقين من أن الناخبين يصنّفون التضخم على أنه مصدر قلقهم الأول، وأن ارتفاع أسعار النفط بنسبة 48 في المائة عن العام الماضي هو المحرك الرئيسي لارتفاع تكاليف المعيشة للأميركيين؟
وهم خفض الانبعاثات الكربونية
وأضافت: هل يريد بايدن تمكين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من خلال ارتفاع أسعار النفط؟ فنظراً لأن 36 في المائة من الميزانية الفيدرالية لروسيا تأتي من مبيعات النفط والغاز، فإن كل قفزة في أسعار النفط - وكل برميل إضافي يبيعه بوتين بدلاً من الولايات المتحدة - يعد مكسباً غير متوقع له. نحن ننتج حالياً من النفط يومياً حوالى مليون برميل أقل مما كنا ننتجه في عام 2019. وهي كمية تشتري لنا الكثير من الدبابات.
وأوضحت الكاتبة أن البيت الأبيض لا يزال ملتزماً بتعهد بايدن بأن الولايات المتحدة ستخفض الانبعاثات بنسبة 50 في المائة إلى 52 في المائة بحلول عام 2030. إن مضاعفة هدف الرئيس السابق باراك أوباما لخفض الانبعاثات لعام 2015 (هدف لم نقترب حتى من تحقيقه) أمر غير واقعي وخطير، ويتطلب سياسات متهورة مثل سياسات أولئك الذين يقوّضون الآن سيادة دولة أوروبية.
كشف الصيف الماضي عن مخاطر انتقال أوروبا المتسارع بعيداً عن النفط والغاز، حيث توقفت الرياح عن الهبوب لمدة ستة أسابيع تقريباً في بحر الشمال، مما تسبب في نقص الطاقة وبالبحث المذعور عن بدائل. يتم توليد حوالى ربع الكهرباء في المملكة المتحدة من أبراج الرياح البحرية، وقد أدى النقص الناتج عن ذلك إلى ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي في المملكة المتحدة ستة أضعاف وضاعف تكاليف الكهرباء بين عشية وضحاها. وقد امتد الضرر إلى أوروبا، مما دفع ألمانيا إلى التوسل إلى بوتين من دون جدوى للحصول على المزيد من صادرات الغاز الطبيعي، مما أدى إلى اندفاع مجنون للحصول على إمدادات إضافية. مع اعتماد أوروبا على روسيا للحصول على 38 في المائة من إمداداتها من الغاز الطبيعي، كان المسرح ممهداً لمواجهة أوكرانيا.
وقالت الكاتبة إن الديمقراطيين في الولايات المتحدة يريدون بدورهم الابتعاد بسرعة عن الوقود الأحفوري، بما في ذلك الغاز الطبيعي النظيف نسبياً، على الرغم من أننا نفتقر إلى البنية التحتية للقيام بذلك. كما رأينا في أوروبا، فإن التحول ينطوي على مخاطر يمكن أن تؤدي حتى إلى الحرب.
هل يعرف فريق بايدن ما يفعله؟
أجابت الكاتبة على سؤالها قائلة: على ما يبدو لا. على سبيل المثال، حدد بايدن هدفاً يتمثل في جعل نصف جميع المركبات الجديدة المباعة بحلول عام 2030 مركبات عديمة الانبعاثات الكربونية. إنه هدف سخيف ومكلف أيضاً، لأن دافعي الضرائب لا يزالون يدعمون السيارات الكهربائية. وكما أفاد مارك ميلز من معهد مانهاتن، فليس لدينا البنية التحتية (أعداد هائلة من محطات الشحن الجديدة) ولا المواد الخام لتحقيق مثل هذا التحول. كما أنه ليس من الواضح ما إذا كانت السيارات الكهربائية ستنقذ الكوكب. الطاقة اللازمة لإنتاج البطارية القوية وتزويد الكهرباء التي تدفع السيارة قد تؤدي في الواقع إلى زيادة الانبعاثات وليس خفضها، كما حددت دراسة فرنسية العام الماضي. إن تشجيع شركة "جنرال موتورز" على تصنيع المركبات الكهربائية قد يفيد في وقوف بايدن مع نشطاء المناخ أكثر مما يفعله من أجل الهواء النظيف. إن وسائل الإعلام تدعي أن ارتفاع أسعار الغاز هو خطأ بوتين وليس سياسات بايدن التعيسة. تلقي شبكة CBS باللوم على التوترات في أوكرانيا ليس فقط لارتفاع أسعار البنزين ولكن ارتفاع التضخم بشكل عام. لكن الأميركيين ليسوا بهذه السذاجة. إنهم يعلمون أن التضخم يتزايد منذ شهور، وذلك بفضل البنك الاحتياطي الفيدرالي وسياسات الإنفاق الهائلة التي أدت إلى زيادة سخونة الاقتصاد الذي كان ينمو بسرعة بالفعل مع إعادة فتح البلاد.
وختمت الكاتبة قائلة: قد يلومون بوتين، لكن استطلاعات الرأي تظهر أن الناخبين يعتقدون أن المسؤولية تنتهي عند باب الرئيس بايدن، كما ينبغي لها أن تكون.
نقله إلى العربية بتصرف: هيثم مزاحم