تحقيق لـ "الغارديان": تجسس وقرصنة وترهيب.. حرب "إسرائيل" ضد المحكمة الجنائية الدولية انكشفت
تحقيق أجرته صحيفة "الغارديان" والمجلتان الإسرائيليتان "+972" و"Local Call" يكشف كيف أدارت "إسرائيل" "حرباً" سرية استمرت قرابة عقد من الزمن ضد المحكمة الجنائية الدولية.
صحيفة "الغارديان" البريطانية تنشر تحقيقاً أجرته بالتعاون مع المجلتين الإسرائيليتين "+972" و"Local Call"، بشأن كيفية إدارة "إسرائيل" "حرباً" سرية استمرت قرابة عقد من الزمن ضد المحكمة الجنائية الدولية.
أدناه نص التحقيق منقولاً إلى العربية:
عندما أعلن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أنّه يسعى لإصدار أوامر اعتقال ضد قادة "إسرائيل" وحماس، أصدر تحذيراً غامضاً قال فيه: "أُصرّ على أنّ جميع المحاولات الرامية إلى إعاقة عمل المحكمة أو تخويف مسؤوليها أو التأثير عليهم بشكل غير لائق يجب أن تتوقّف على الفور".
ولم يقدّم كريم خان تفاصيل محددة عن محاولات التدخّل في عمل المحكمة الجنائية الدولية، لكنّه أشار إلى بند في المعاهدة التأسيسية للمحكمة يجعل أي تدخّل من هذا القبيل جريمة جنائية. وأضاف أنّه إذا استمر هذا السلوك فإن "مكتبي لن يتردّد في التحرّك".
ولم يذكر المدعي العام هوية من حاول التدخّل في إدارة العدالة، أو الطريقة التي اعتمدها بالضبط لفعل ذلك.
واليوم، قد يكشف تحقيق أجرته صحيفة "الغارديان" والمجلتان الإسرائيليتان +972 و Local Call كيف أدارت "إسرائيل" "حرباً" سرية استمرت قرابة عقد من الزمن ضد المحكمة. إذ نشر الكيان وكالاته الاستخباراتية لمراقبة كبار موظفي المحكمة الجنائية الدولية والضغط عليهم وتشويه سمعتهم في محاولة لعرقلة تحقيقات المحكمة.
ونتيجة لذلك، وضعت المخابرات الإسرائيلية اتصالات عدد من مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية تحت المراقبة، بمن فيهم خان وسلفه المدّعية العامة فاتو بنسودا، واخترقت مكالماتهم الهاتفية ورسائلهم الإلكترونية والوثائق التي في حوزتهم.
وقد تواصلت عملية المراقبة في الأشهر الأخيرة، ما زوّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بمعرفة مسبقة بنوايا المدّعي العام. وأشارت رسالة تمّ تسريبها مؤخراً إلى أنّ خان أراد إصدار أوامر اعتقال ضد إسرائيليين، إلّا أنّه كان يرزح تحت وطأة "ضغوط أميركية هائلة"، وفقاً لمصدر مطلع على محتوياتها.
كذلك تعرّضت بنسودا، التي فتحت تحقيق المحكمة الجنائية الدولية في عام 2021 الذي مهّد الطريق لإعلان الأسبوع الماضي بصفتها المدعي العام، للتجسس والتهديد.
وقد أبدى نتنياهو اهتماماً بالغاً بالعمليات الاستخباراتية ضد المحكمة الجنائية الدولية، ووصفه أحد مصادر الاستخبارات بأنّه "مهووس" بالاختراق في هذه القضية. وقد أشرف على هذه الجهود مستشارو الأمن القومي، وجهاز المخابرات الداخلية (الشاباك)، بالإضافة إلى شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان)، وقسم الاستخبارات الإلكترونية، الوحدة 8200. وأفادت المصادر بأنّ المعلومات الاستخبارية المستمدة من عمليات التنصّت قد تمّ توزيعها على وزارات العدل والشؤون الخارجية والشؤون الاستراتيجية الحكومية.
وقد أدار شخصياً العملية السرية ضد بنسودا، التي كشفت عنها صحيفة "الغارديان"، حليف نتنياهو المقرّب يوسي كوهين، الذي كان في ذلك الوقت مديراً لوكالة الاستخبارات الخارجية الإسرائيلية (الموساد). وفي مرحلة معيّنة، طلب مدير الاستخبارات مساعدة رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية آنذاك، جوزيف كابيلا.
وقد تمّ الكشف عن تفاصيل الحملة الإسرائيلية المتواصلة منذ تسع سنوات لإحباط تحقيق المحكمة الجنائية الدولية من قبل صحيفة "الغارديان"، ومجلة "+972 الإسرائيلية- الفلسطينية" وموقع "Local Call" التابع لها الذي يتكلم اللغة العبرية.
ويعتمد التحقيق المشترك على مقابلات مع أكثر من عشرين من ضباط المخابرات الإسرائيلية الحاليين والسابقين والمسؤولين الحكوميين، وشخصيات بارزة في المحكمة الجنائية الدولية، ودبلوماسيين ومحامين مطلعين على قضية المحكمة الجنائية الدولية وجهود "إسرائيل" لتقويضها.
وفي اتصال مع صحيفة "الغارديان"، قال متحدث باسم المحكمة الجنائية الدولية إنّ المحكمة على علم "بأنشطة جمع المعلومات الاستخباراتية الاستباقية التي يقوم بها عدد من الوكالات الوطنية المعادية للمحكمة". وقال إنّ "المحكمة الجنائية الدولية تنفّذ باستمرار تدابير مضادة لمثل هذا النشاط"، وإن "أياً من الهجمات الأخيرة ضدها من قبل وكالات الاستخبارات الوطنية" لم تخترق الملفات التي تتضمن الأدلة الرئيسة للمحكمة والتي ظلت آمنة.
منذ إنشائها في عام 2002، أدّت المحكمة الجنائية الدولية دور الملاذ الأخير لمحاكمة الأفراد المتهمين بارتكاب بعض أسوأ المجازر والأعمال الوحشية في العالم. ووجّهت الاتهامات إلى كلّ من الرئيس السوداني السابق عمر البشير، والرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، ومؤخراً الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
ويُعدّ قرار خان بالسعي للحصول على أوامر اعتقال ضد نتنياهو ووزير دفاعه، يوآف غالانت، سابقة يطلب فيها المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إصدار أوامر اعتقال ضد زعيم حليف غربي وثيق.
هذا وتتعلّق جميع الادعاءات بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية التي وجّهها خان ضد نتنياهو وغالانت بالحرب الإسرائيلية المستمرة منذ ثمانية أشهر في غزة والتي أسفرت، بحسب هيئة الصحة في القطاع، عن مقتل أكثر من 35 ألف شخص.
إلّا أنّ قضية المحكمة الجنائية الدولية استغرقت عقداً من الزمن، وهي تتقدّم ببطء وسط تزايد القلق بين المسؤولين الإسرائيليين بشأن إمكانية إصدار أوامر اعتقال، من شأنها أن تمنع المتهمين من السفر إلى أي من الدول الأعضاء في المحكمة والبالغ عددها 124 دولة خوفاً من الاعتقال.
ووفق مسؤول استخباراتي إسرائيلي سابق، فإنّ شبح الملاحقات القضائية في لاهاي هو الذي دفع "المؤسسة العسكرية والسياسية بأكملها" إلى اعتبار الهجوم المضاد ضد المحكمة الجنائية الدولية "حرباً لا بدّ من شنها، وحرباً تحتاج "إسرائيل" لمواجهتها. لقد تمّ وصفها بمصطلحات عسكرية".
لقد بدأت تلك "الحرب" في كانون الثاني/يناير 2015، عندما تمت الموافقة على انضمام فلسطين إلى المحكمة بعد أن اعترفت بها الجمعية العامة للأمم المتحدة كدولة. وقد أدان المسؤولون الإسرائيليون انضمامها باعتباره شكلاً من أشكال "الإرهاب الدبلوماسي".
وقد أفاد مسؤول سابق في وزارة الدفاع مطلّع على جهود "إسرائيل" المناهضة للمحكمة الجنائية الدولية بأنّ الانضمام إلى المحكمة "يُنظر إليه على أنّه تجاوز لخط أحمر" و"لعلّه التحرّك الدبلوماسي الأكثر عدوانية" الذي اتخذته السلطة الفلسطينية، التي تحكم الضفة الغربية. وأضاف قائلاً: "أن يتم الاعتراف بها كدولة في الأمم المتحدة أمر مقبول، لكن المحكمة الجنائية الدولية هي بمثابة أداة طاحنة".
اقرأ أيضاً: إعلام إسرائيلي: تحقيق "الغارديان" يجعل "إسرائيل" منبوذة ويقرّب مذكرات الاعتقال
تهديد مباشر
بالنسبة إلى فاتو بنسودا، المحامية الغامبية المحترمة التي انتخبت مدعية عامة للمحكمة الجنائية الدولية في عام 2012، فإن انضمام فلسطين إلى المحكمة ترافق مع قرار بالغ الأهمية. فبموجب نظام روما الأساسي، وبموجب المعاهدة التي أنشأت المحكمة، لا تستطيع المحكمة الجنائية الدولية ممارسة صلاحياتها القضائية إلا على الجرائم التي تقع داخل الدول الأعضاء أو التي يرتكبها مواطنون من تلك الدول.
و"إسرائيل"، مثلها مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين، ليست عضواً فيها. إلّا أنّه بعد قبول فلسطين عضواً في المحكمة الجنائية الدولية، أصبحت أي جرائم حرب مزعومة، يرتكبها أشخاص من أي جنسية، على الأراضي الفلسطينية المحتلة تقع الآن ضمن صلاحيات بنسودا.
وفي 16 كانون الثاني/يناير 2015، في غضون أسابيع من انضمام فلسطين إلى المحكمة، فتحت بنسودا تحقيقاً أولياً لما أطلق عليه في قانون المحكمة "الوضع في فلسطين". وفي الشهر التالي، ظهر رجلان أمام منزل المدعية العامة في لاهاي بعد تمكّنهما من معرفة عنوانها الخاص.
وقالت مصادر مطلعة على الواقعة إن الرجلين رفضا التعريف عن نفسيهما عند وصولهما، لكنهما قالا إنهما أرادا تسليم رسالة إلى بنسودا نيابة عن امرأة ألمانية مجهولة تريد شكرها. وكان المغلّف يحتوي على مئات الدولارات نقداً وملاحظة تتضمّن رقم هاتف إسرائيلي.
وقالت مصادر مطلعة على تحقيق المحكمة الجنائية الدولية بشأن هذه الواقعة إنّه مع استحالة التعرّف إلى الرجلين أو تحديد دوافعهما بشكل كامل، فقد خلص إلى أنّه من المرجح أنّ "إسرائيل" ترسل إشارة إلى المدعية العامة بأنها تعرف مكان إقامتها. وعليه، أبلغت المحكمة الجنائية الدولية السلطات الهولندية بالحادث وفرضت إجراءات أمنية إضافية، وقامت بتركيب كاميرات مراقبة في منزلها.
ويُعدّ التحقيق الأولي الذي أجرته المحكمة الجنائية الدولية في الأراضي الفلسطينية واحداً من عمليات تقصّي الحقائق العديدة التي كانت المحكمة تجريها في ذلك الوقت، كمقدمة لإجراء تحقيق كامل محتمل. كما تضمّنت القضايا التي عملت عليها بنسودا تسعة تحقيقات شاملة، بما في ذلك الأحداث التي وقعت في جمهورية الكونغو الديمقراطية وكينيا ومنطقة دارفور في السودان.
ويعتقد المسؤولون في مكتب المدعي العام أنّ المحكمة كانت عرضة للتجسس، وقد اتخذت تدابير مراقبة مضادة لحماية تحقيقاتها السرية.
وفي "إسرائيل"، قام مجلس الأمن القومي التابع لرئيس الوزراء بحشد المواقف بمشاركة وكالات الاستخبارات التابعة له. وكانت لنتنياهو وبعض الجنرالات ورؤساء أجهزة الاستخبارات الذين أذنوا بالعملية مصلحة شخصية في نتائجها.
وعلى عكس محكمة العدل الدولية، وهي هيئة تابعة للأمم المتحدة تتعامل مع المسؤولية القانونية للدول القومية، فإن المحكمة الجنائية الدولية هي محكمة جنائية تحاكم الأفراد وتستهدف أولئك الذين تعتبرهم يتحمّلون أكبر قدر من المسؤولية عن المجازر والأعمال الوحشية.
وأفادت مصادر إسرائيلية متعددة بأنّ قيادة "الجيش" الإسرائيلي أرادت أن تنضمّ استخبارات الجيش إلى هذا المسعى، الذي تقوده وكالات تجسس أخرى، لضمان حماية كبار الضباط من الاتهامات. ويذكر أحد المصادر، قائلاً: "قيل لنا إنّ كبار الضباط يخشون قبول مناصب في الضفة الغربية خوفاً من الملاحقة القضائية في لاهاي".
وقال اثنان من مسؤولي المخابرات المشاركين في عمليات التنصّت على المحكمة الجنائية الدولية إنّ مكتب رئيس الوزراء أبدى اهتماماً كبيراً بعملهما. وقال أحدهما إنّ مكتب نتنياهو سيرسل "مجالات الاهتمام" و"التعليمات" المتعلقة بمراقبة مسؤولي المحكمة. ووصف آخر رئيس الوزراء بأنه "مهووس" بالتسريبات التي تسلّط الضوء على أنشطة المحكمة الجنائية الدولية.
اقرأ أيضاً: قراءة في قانونية قرار مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية توقيف 3 من قادة حماس
الرسائل الإلكترونية المُخترقة والمكالمات المراقَبة
أفادت خمسة مصادر مطلعة على أنشطة المخابرات الإسرائيلية بأنّها تتجسس بانتظام على المكالمات الهاتفية التي تجريها بنسودا وموظفوها مع الفلسطينيين. وبعد أن منعتها "إسرائيل" من الوصول إلى غزة والضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، اضطرت المحكمة الجنائية الدولية إلى إجراء الكثير من أبحاثها عبر الهاتف، ما جعلها أكثر عرضة للمراقبة.
وقالت المصادر إنّه بفضل وصولهم الشامل إلى البنية التحتية للاتصالات الفلسطينية، تمكّن عملاء المخابرات من اختراق المكالمات من دون الحاجة إلى تثبيت برامج تجسس على أجهزة مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية.
وقال أحد المصادر: "إذا تحدّثت فاتو بنسودا إلى أي شخص في الضفة الغربية أو غزة، فإن تلك المكالمة الهاتفية تدخل إلى أنظمة التنصّت.
لم يلتقط نظام المراقبة المكالمات بين مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية وأي شخص خارج فلسطين. ومع ذلك، أفادت مصادر متعددة بأنّ النظام يتطلب الاختيار النشط لأرقام الهواتف الخارجية لمسؤولي المحكمة الجنائية الدولية الذين قررت وكالات الاستخبارات الإسرائيلية التنصت إلى مكالماتهم.
ووفقاً لمصدر إسرائيلي، فإنّ لوحة بيضاء كبيرة في قسم المخابرات الإسرائيلية تحتوي على أسماء نحو 60 شخصاً تحت المراقبة، نصفهم من الفلسطينيين ونصفهم الآخر من بلدان أخرى، بمن فيهم مسؤولون في الأمم المتحدة وموظفون في المحكمة الجنائية الدولية.
وفي لاهاي، تم تنبيه بنسودا وكبار موظفيها من قبل مستشارين أمنيين وعبر القنوات الدبلوماسية إلى أنّ "إسرائيل" تراقب عملهم. وقال مسؤول كبير سابق في المحكمة الجنائية الدولية: "لقد علمنا أنهم كانوا يحاولون الحصول على معلومات حول ما توصلنا إليه في تحقيقاتنا الأولية".
علاوة على ذلك، بات المسؤولون على علم بتهديدات محددة ضد منظمة غير حكومية فلسطينية بارزة تُدعى "الحق"، كانت واحدة من ضمن جمعيات حقوقية فلسطينية قدّمت الكثير من المعلومات إلى تحقيق المحكمة الجنائية الدولية، على شكل وثائق مطوّلة أحياناً تروي بالتفصيل حوادث تريد المدعية العامة أن تأخذها في الاعتبار.
وغالباً ما تحتوي هذه الوثائق على معلومات حساسة مثل شهادة الشهود المحتملين. كما يُعتقد بأنّ تقارير مؤسسة "الحق" قد ربطت مزاعم محددة بشأن ارتكاب جرائم بموجب قانون روما بمسؤولين كبار، بمن فيهم قادة "الجيش" الإسرائيلي ومديرو جهاز الشاباك ووزراء الدفاع مثل بيني غانتس.
وبعد سنوات، بعد أن فتحت المحكمة الجنائية الدولية تحقيقاً كاملاً في قضية فلسطين، صنف غانتس مؤسسة "الحق" وخمس جمعيات حقوقية فلسطينية أخرى على أنها "منظمات إرهابية"، وهي التسمية التي رفضتها عدّة دول أوروبية ووجدت وكالة الاستخبارات المركزية لاحقاً أنّها تسمية غير مدعومة بالأدلة. وأفادت المنظمات بأنّ التصنيفات كانت بمثابة "اعتداء مستهدف" ضد الجمعيات التي تتعامل بنشاط مع المحكمة الجنائية الدولية.
ووفقاً لعدد من مسؤولي أجهزة الاستخبارات الحاليين والسابقين، قامت فرق الهجوم السيبراني العسكرية بالتعاون مع جهاز الشاباك بمراقبة موظفي المنظمات غير الحكومية الفلسطينية والسلطة الفلسطينية الذين كانوا يتعاملون مع المحكمة الجنائية الدولية بصورة منتظمة. ووصف مصدران استخباراتيان كيف قام عملاء إسرائيليون باختراق رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بمؤسسة "الحق" ومجموعات أخرى تتواصل مع مكتب بنسودا.
وبحسب أحد المصادر، قام جهاز الشاباك بتثبيت برنامج التجسس "Pegasus"، الذي طوّرته مجموعة NSO التابعة للقطاع الخاص، على هواتف عدد من موظفي المنظمات غير الحكومية الفلسطينية، بالإضافة إلى اثنين من كبار المسؤولين في السلطة الفلسطينية.
وكان يُنظر إلى مراقبة الطلبات الفلسطينية المقدمة إلى تحقيق المحكمة الجنائية الدولية على أنها جزء من تفويض الشاباك، لكن بعض مسؤولي الجيش كانوا قلقين من أن التجسس على كيان مدني أجنبي يعدّ تجاوزاً للحدود، باعتبار أن لا علاقة له بالعمليات العسكرية.
وصرّح مصدر عسكري عن المراقبة التي تجريها المحكمة الجنائية الدولية، بالقول: "لا علاقة لها بحماس، ولا علاقة لها بالاستقرار في الضفة الغربية". وأضاف مصدر آخر: "لقد استخدمنا مواردنا للتجسس على فاتو بنسودا؛ وهذا ليس أمراً مشروعاً للقيام به كمخابرات عسكرية".
اجتماعات سرية مع المحكمة الجنائية الدولية
سواء كانت شرعية أم لا، فإنّ عملية مراقبة المحكمة الجنائية الدولية والفلسطينيين الذين يدافعون عن الملاحقات القضائية ضد الإسرائيليين، وفّرت للحكومة الإسرائيلية ميزة في قناة اتصال سرية فتحتها مع مكتب المدعية العامة.
لقد كانت اجتماعات "إسرائيل" مع المحكمة الجنائية الدولية حساسة للغاية؛ فإذا تم نشرها علناً، يُحتمل أن تؤدي إلى تقويض الموقف الرسمي للحكومة الإسرائيلية المتمثل في عدم اعترافها بسلطة المحكمة.
ووفقاً لستة مصادر مطلعة على الاجتماعات، فقد ضمّت هذه الأخيرة وفداً من كبار المحامين الحكوميين والدبلوماسيين الذين سافروا إلى لاهاي. وقال اثنان من المصادر إنّ الاجتماعات تمت بموافقة نتنياهو.
وضم الوفد الإسرائيلي كلّاً من وزارة العدل ووزارة الخارجية ومكتب المدعي العام العسكري. وعقدت اللقاءات بين عامي 2017 و2019، وترأسها المحامي والدبلوماسي الإسرائيلي البارز تال بيكر.
وقال مسؤول سابق في المحكمة الجنائية الدولية: "كان الوضع متوتراً في البداية. دخلنا في تفاصيل حوادث محددة. وكنا نقول إننا نتلقّى ادعاءات بشأن هذه الهجمات وعمليات القتل ويتم تزويدنا بالمعلومات".
وقال شخص يمتلك معرفة مباشرة باستعداد "إسرائيل" لعقد اجتماعات القنوات السرية إنّه تم تزويد المسؤولين في وزارة العدل بمعلومات استخباراتية تم استخلاصها من عمليات المراقبة الإسرائيلية قبل وصول المندوبين إلى لاهاي. وأردف بالقول: "كان المحامون الذين تعاملوا مع هذه القضية في وزارة العدل متعطشين جداً للحصول على معلومات استخباراتية".
وبالنسبة للإسرائيليين، فإنّ اجتماعات القنوات السرية، على الرغم من حساسيتها، قدّمت فرصة فريدة لعرض حجج قانونية مباشرة تتحدى صلاحيات المدعية العامة على الأراضي الفلسطينية.
كما سعوا إلى إقناع المدعية العامة بأنّه، على الرغم من سجل "الجيش" الإسرائيلي المشكوك فيه للغاية في التحقيق في المخالفات في صفوفه، إلا أنه يمتلك إجراءات صارمة لمحاسبة قواته المسلحة.
وكانت هذه قضية حاسمة بالنسبة لـ"إسرائيل". فأحد المبادئ الأساسية للمحكمة الجنائية الدولية، المعروف بالتكامل، يمنع المدعية العامة من التحقيق مع الأفراد أو محاكمتهم إذا كانوا خاضعين لتحقيقات موثوقة على مستوى الدولة أو لإجراءات جنائية.
وقالت مصادر متعددة إنه طُلب من عملاء المراقبة الإسرائيليين معرفة الحوادث المحددة التي قد تشكّل جزءاً من محاكمة المحكمة الجنائية الدولية في المستقبل، من أجل تمكين هيئات التحقيق الإسرائيلية من "فتح تحقيقات بأثر رجعي" في القضايا نفسها.
وأوضح أحد المصادر: "إذا أُرسلت المعلومات إلى المحكمة الجنائية الدولية، وجب علينا أن نفهم بالتحديد ماهيتها للتأكد من أنّ الجيش الإسرائيلي حقق فيها بشكل مستقل وبشكل كافٍ حتى يتمكن من المطالبة بمبدأ التكامل".
انتهت اجتماعات القنوات السرية بين "إسرائيل" والمحكمة الجنائية الدولية في كانون الأول/ديسمبر 2019، عندما أعلنت بنسودا انتهاء تحقيقها الأوّلي، وقالت إنّها تعتقد بأنّ هناك "أساساً منطقياً" لاستنتاج أنّ "إسرائيل" قد ارتكبت جرائم حرب في الأراضي المحتلة.
شكّل هذا الأمر نكسة كبيرة لقادة "إسرائيل"، برغم أنّه كان من الممكن أن تكون أسوأ. وفي خطوة اعتبرها البعض في الحكومة بمثابة إثبات جزئي لمحاولات الضغط التي تبذلها "إسرائيل"، توقّفت بنسودا عن إجراء تحقيق رسمي.
وبدلاً من ذلك، أعلنت أنّها ستطلب من لجنة من قضاة المحكمة الجنائية الدولية البتّ في المسألة المثيرة للجدل المتعلقة بصلاحيات المحكمة على الأراضي الفلسطينية، بسبب "القضايا القانونية والواقعية الفريدة والمتنازع عليها بشدة".
ومع ذلك، أوضحت بنسودا أنّها تفكّر في فتح تحقيق كامل إذا أعطاها القضاة الضوء الأخضر. وفي ظل هذا المناخ، كثّفت "إسرائيل" حملتها ضد المحكمة الجنائية الدولية ولجأت إلى رئيس مخابراتها الأعلى لتشديد الضغط على بنسودا شخصياً.
تهديدات شخصية و"حملة تشهير"
بين أواخر عام 2019 وأوائل عام 2021، ومع اطلاع الدائرة التمهيدية على المسائل القضائية، كثّف مدير الموساد، يوسي كوهين، جهوده لإقناع بنسودا بعدم المضي قدماً في التحقيق.
وبحسب ما ورد على لسان 4 أشخاص مطّلعين على روايات المدعية العامة المعاصرة لصحيفة "الغارديان"، فضلاً عن عملية الموساد، فإنّ اتصالات كوهين ببنسودا قد بدأت منذ عدّة سنوات.
وفي إحدى اللقاءات الأولى، فاجأ كوهين بنسودا عندما ظهر بشكل غير متوقّع في اجتماع رسمي عقدته المدعية العامة مع رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية آنذاك، جوزيف كابيلا، في جناح فندق في نيويورك.
وقالت مصادر مطلعة على الاجتماع إنه بعد أن طُلب من موظفي بنسودا مغادرة الغرفة، ظهر مدير الموساد فجأة من خلف الباب في "كمين" تم التخطيط له بعناية.
وبعد واقعة نيويورك، أصرّ كوهين على الاتصال بالمدعية العامة، فظهر بشكل مفاجئ وأخضعها لمكالمات غير مرغوب فيها. وقالت المصادر إنّه على الرغم من أنّ سلوك كوهين كان ودياً في البداية، تحوّل في ما بعد إلى تهديد وترهيب.
كان كوهين حليفاً مقرّباً لنتنياهو في ذلك الوقت، وكان رئيساً مخضرماً للمخابرات في الموساد واكتسب سمعة طيبة داخل الجهاز باعتباره مجنِّداً ماهراً للعملاء الماهرين في تجنيد مسؤولين رفيعي المستوى في الحكومات الأجنبية.
وترسم الروايات عن اجتماعاته السرية مع بنسودا صورة سعى من خلالها إلى "بناء علاقة" مع المدعية العامة أثناء محاولته ثنيها عن متابعة تحقيق قد يؤدي إلى توريط كبار المسؤولين الإسرائيليين، في حال تم المضي قدماً فيه.
وقالت 3 مصادر مطلعة على أنشطة كوهين إنّها فهمت أن مدير وكالة الاستخبارات حاول تجنيد بنسودا للامتثال لمطالب "إسرائيل" خلال الفترة التي كانت تنتظر فيها قراراً من الدائرة التمهيدية.
وأفادت هذه المصادر بأنّه أصبح أكثر تهديداً بعد أن بدأ يدرك أنه لن يُقنع المدعية العامة بالتخلي عن التحقيق. وفي مرحلة معيّنة، قيل إنّ كوهين أدلى بتصريحات حول أمن بنسودا وتهديدات مستترة حول العواقب على حياتها المهنية إذا واصلت التحقيق. وفي اتصال مع صحيفة "الغارديان"، لم يستجب كوهين وكابيلا لطلبات التعليق، في حين رفضت بنسودا التعليق.
وقالت مصادر مطلعة على هذه التسريبات، إنّه عندما كانت بنسودا مدعية عامة، كشفت رسمياً عن لقاءاتها مع كوهين لمجموعة صغيرة داخل المحكمة الجنائية الدولية بهدف تسجيل اعتقادها بأنها تعرضت "للتهديد الشخصي".
ولم تكن هذه هي الطريقة الوحيدة التي سعت بها "إسرائيل" للضغط على المدعية العامة. وفي الوقت نفسه تقريباً، اكتشف مسؤولو المحكمة الجنائية الدولية تفاصيل ما وصفته المصادر بـ"حملة تشهير" دبلوماسية، تتعلق جزئياً بأحد أفراد العائلة المقرّبين.
وبحسب مصادر مختلفة، حصل الموساد على مستودع وثائق، يضم مستندات لعملية غش واضحة تُدين زوج بنسودا. ولا يزال أصل هذه المستندات، وما إذا كانت حقيقية، غير واضح.
لكن المصادر قالت إن "إسرائيل" قد وزعت جزءاً من هذه المعلومات على مسؤولين دبلوماسيين غربيين، في محاولة فاشلة لتشويه سمعة المدعية العامة.
حملة ترامب ضد المحكمة الجنائية الدولية
في آذار/مارس 2020، أي بعد ثلاثة أشهر من إحالة بنسودا قضية فلسطين إلى الدائرة التمهيدية، أفادت التقارير بأنّ وفداً حكومياً إسرائيلياً أجرى مناقشات في واشنطن مع كبار المسؤولين الأميركيين حول "نضال إسرائيلي – أميركي مشترك" ضد المحكمة الجنائية الدولية.
وقال أحد مسؤولي الاستخبارات الإسرائيلية إنّهم يعتبرون إدارة دونالد ترامب أكثر تعاوناً من إدارة سلفه الديمقراطي. وقد شعر الإسرائيليون براحة كافية لطلب معلومات من المخابرات الأميركية حول بنسودا، وهو طلب قال المصدر إنه كان "مستحيلاً" خلال فترة ولاية باراك أوباما.
وقُبيل أيام من الاجتماعات التي عُقدت في واشنطن، حصلت بنسودا على إذن من قضاة المحكمة الجنائية الدولية لمتابعة تحقيق منفصل في جرائم الحرب في أفغانستان التي ارتكبتها مجموعة حركة طالبان وأفراد من الجيش الأفغاني والأميركي.
وخوفاً من محاكمة القوات المسلّحة الأميركية، انخرطت إدارة ترامب في حملتها العدوانية ضد المحكمة الجنائية الدولية، وبلغت ذروتها في صيف عام 2020 بفرض عقوبات اقتصادية أميركية على بنسودا وأحد كبار المسؤولين في المحكمة.
ومن بين مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية، يُعتقد أنّ القيود المالية والقيود المفروضة على التأشيرات التي فرضتها الولايات المتحدة على موظفي المحكمة ترتبط بالتحقيق في فلسطين بقدر ما تتعلق بقضية أفغانستان. وقال مسؤولان سابقان في المحكمة الجنائية الدولية إنّ مسؤولين إسرائيليين كباراً أشاروا لهم صراحة إلى أنّ "إسرائيل" والولايات المتحدة تتعاونان معاً في هذه المسألة.
وخلال مؤتمر صحافي عقد في حزيران/يونيو من ذلك العام، أشارت شخصيات بارزة في إدارة ترامب إلى نيّتها فرض عقوبات على مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية، معلنةً أنّها تلقّت معلومات غير محددة حول مسألة "فساد مالي ومخالفات على أعلى مستويات مكتب المدعية العامة".
وفضلاً عن الإشارة إلى قضية أفغانستان، ربط مايك بومبيو، وزير خارجية ترامب، الإجراءات الأميركية بالقضية الفلسطينية، قائلاً: "من الواضح أنّ المحكمة الجنائية الدولية تضع إسرائيل فحسب في مرمى نيرانها لأغراض سياسية بحتة". وبعد أشهر، اتهم بومبيو بنسودا بـ"التورط في أعمال فساد لمصلحتها الشخصية".
ولم تقدّم الولايات المتحدة قط أيّ معلومات علنية لإثبات هذه التهمة، وقد رفع جو بايدن العقوبات بعد أشهر من دخوله البيت الأبيض.
إلّا أنّه في ذلك الوقت، واجهت بنسودا ضغوطاً متزايدة من جهد منسق على ما يبدو خلف الكواليس من قبل الحليفين القويين. وباعتبارها مواطنة غامبية، لم تتمتع بنسودا بالحماية السياسية التي يتمتع بها زملاؤها الآخرون في المحكمة الجنائية الدولية من الدول الغربية بحكم جنسيتهم. وقال مصدر سابق في المحكمة الجنائية الدولية إنّ هذا الأمر جعلها "ضعيفة ومعزولة".
وأضافت المصادر إلى أنّ أنشطة كوهين كانت مثيرة للقلق بشكل خاص بالنسبة للمدعية العامة ودفعتها للخوف على سلامتها الشخصية. وعندما أكدت الدائرة التمهيدية أخيراً أنّ المحكمة الجنائية الدولية تمتلك صلاحيات في فلسطين في شباط/فبراير 2021، اعتقد البعض في المحكمة الجنائية الدولية أنّه على بنسودا أن تترك القرار النهائي لفتح تحقيق كامل لخلفها.
ومع ذلك، في 3 آذار/مارس، أي قبل أشهر من انتهاء فترة ولايتها البالغة تسع سنوات، أعلنت بنسودا عن إجراء تحقيق كامل في قضية فلسطين، إيذاناً ببدء عملية قد تؤدي إلى توجيه اتهامات جنائية، برغم تحذيرها من أنّ المرحلة التالية قد تستغرق بعض الوقت.
وقالت في هذا السياق إنّ "أيّ تحقيق يجريه المكتب سيتم بشكل مستقل وحيادي وموضوعي، من دون خوف أو محاباة. ونحن نحث الضحايا والمجتمعات المتضررة على الصبر".
خان يصدر أوامر اعتقال
وعندما تولّى خان رئاسة مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في حزيران/يونيو 2021، ورث تحقيقاً قال عنه لاحقاً إنه "يعود لخطأ سان أندرياس في السياسة الدولية والمصالح الاستراتيجية".
وعندما تولّى منصبه، استرعت تحقيقات أخرى، بما في ذلك الأحداث في الفلبين وجمهورية الكونغو الديمقراطية وأفغانستان وبنغلاديش، انتباهه. وفي آذار/مارس 2022، بعد أيام من الحرب في أوكرانيا، فتح تحقيقاً رفيع المستوى في جرائم الحرب الروسية المزعومة.
وأفادت مصادر مطلعة على القضية بأنّ فريق المدعي العام البريطاني لم يتعامل مع التحقيق بشأن القضية الفلسطينية الحساس سياسياً كأولوية في البداية. وقال أحدهم إنّه كان ساري المفعول "على الرف"، لكن مكتب خان يعارض ذلك ويقول إنّه أنشأ فريق تحقيق مخصصاً للمضي قدماً في التحقيق.
وفي "إسرائيل"، اعتبر كبار محامي الحكومة خان، الذي دافع في السابق عن أمراء الحرب أمثال الرئيس الليبيري السابق تشارلز تايلور، مدعياً عاماً أكثر حذراً من بنسودا. وقال مسؤول إسرائيلي كبير سابق إن خان كان يحظى بـ"الكثير من الاحترام"، على عكس سلفه.
تعدّ الحرب على غزّة جرائم حرب سافرة برأي الكثير من الخبراء القانونيين، حيث تشير التقديرات إلى أنّها أدّت إلى مقتل أكثر من 35 ألف شخص ودفعت القطاع إلى حافة المجاعة بسبب عرقلة "إسرائيل" للمساعدات الإنسانية.
وبحلول نهاية الأسبوع الثالث من القصف الإسرائيلي على غزة، كان خان على الأرض عند معبر رفح الحدودي. وقام بعد ذلك بزيارات إلى الضفة الغربية والمستوطنات المحاذية لغزّة.
وفي شباط/فبراير 2024، أصدر خان بياناً شديد اللهجة فسّره المستشارون القانونيون لنتنياهو على أنّه علامة مشؤومة. وفي منشور له على موقع "إكس"، حذّر "إسرائيل" من شنّ هجوم على رفح، المدينة الواقعة في أقصى جنوبي قطاع غزة، حيث كان يلجأ إليها أكثر من مليون نازح في ذلك الوقت.
وكتب فيه: "إنني أشعر بقلق عميق إزاء القصف المزعوم والتوغل البري المحتمل للقوات الإسرائيلية في مدينة رفح. أولئك الذين لا يلتزمون بالقانون يجب ألّا يشتكوا لاحقاً عندما يتخذ مكتبي الإجراءات اللازمة لمحاسبتهم".
وقد أثارت هذه التصريحات موجة قلق داخل الحكومة الإسرائيلية، إذ بدت وكأنّها تحيد عن تصريحاته السابقة بشأن الحرب والتي اعتبرها المسؤولون حذرة بشكل مطمئن. وقال مسؤول كبير: "تلك التغريدة فاجأتنا كثيراً".
وتصاعدت حدّة المخاوف في "إسرائيل" بشأن نوايا خان الشهر الماضي عندما أطلعت الحكومة وسائل الإعلام على أنّها تعتقد بأن المدعي العام يفكر في إصدار أوامر اعتقال ضد نتنياهو ومسؤولين كبار آخرين أمثال يوآف غالانت.
وقد سرّبت المخابرات الإسرائيلية رسائل إلكترونية وملحقات ورسائل نصية من خان ومسؤولين آخرين في مكتبه. وقال مصدر استخباراتي إنّ "موضوع المحكمة الجنائية الدولية قد استحوذ على سلّم أولويات المخابرات الإسرائيلية".
ومن خلال الاتصالات التي تم تسريبها، أثبتت "إسرائيل" أنّ خان كان يفكّر في مرحلة ما في دخول غزة عبر مصر ويريد مساعدة عاجلة للقيام بذلك من "دون إذن إسرائيل".
وقد استند تقييم استخباراتي إسرائيلي آخر، تم تداوله على نطاق واسع في مجتمع الاستخبارات، إلى مراقبة مكالمة بين اثنين من الساسة الفلسطينيين. وقال أحدهما إنّ خان أشار إلى أنّ طلب إصدار أوامر اعتقال بحق زعماء إسرائيليين قد يكون وشيكاً، لكنّه حذر من أنه "يتعرض لضغوط أميركية هائلة".
وعلى هذه الخلفية، أدلى نتنياهو بسلسلة من التصريحات العامة التي حذّر فيها من أنّ طلب إصدار أوامر الاعتقال قد يكون وشيكاً. ودعا "قادة العالم إلى الوقوف بحزم ضد المحكمة الجنائية الدولية"، و"استخدام كل الوسائل المتاحة لهم لوضع حدّ لهذه الخطوة الخطيرة" مضيفاً أنّ "وصف قادة إسرائيل وجنودها كمجرمي حرب سيصب الزيت على نيران معاداة السامية. وفي واشنطن، بعثت مجموعة من كبار أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين الأميركيين برسالة تهديد إلى خان تنطوي على تحذير واضح: "استهدف إسرائيل وستصبح هدفاً لنا".
نقلته إلى العربية: زينب منعم