بايدن يدين ضربة إيران على "إسرائيل": دراسة في حالة النفاق الإمبريالي
موقع "World Socialist" يهاجم ردود فعل الدول الإمبريالية بعد رد إيران على عدوان "إسرائيل" على قنصليتها، واصفاً الرد الإيراني بالمدروس والدقيق.
تحدث موقع "World Socialist" في مقال كتبه، أندريه ديمون، عن النفاق الذي تغرق فيه الدول الإمبريالية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية، والذي تجلى بمواقف الدول الغربية التي دانت الهجوم الإيراني على "إسرائيل"، متجاهلةً إدانة الجرائم الإسرائيلية في غزة.
فيما يلي النص منقولاً إلى العربية:
ردت القوى الإمبريالية الغربية على الضربات الإيرانية على الاحتلال الإسرائيلي، بسيل من الإدانات بأشد العبارات الممكنة، كما جدد الرئيس الأميركي جو بايدن، "التزام أميركا الصارم بأمن إسرائيل".
وأعلنت "مجموعة 7" للقوى الإمبريالية، في بيان عن شجبها الهجوم الإيراني المباشر وغير المسبوق في تاريخ الاحتلال، "لقد تقدمت إيران أكثر نحو زعزعة استقرار المنطقة وتخاطر بإثارة تصعيد إقليمي لا يمكن السيطرة عليه".
هذه التصريحات من قبل دعاة الحرب الاستعماريين في حلف شمال الأطلسي، هي قمة النفاق. فالطرف المعني بإثارة التصعيد الإقليمي والذي لا يمكن السيطرة عليه في الشرق الأوسط هو الدولة الصهيونية وحليفتها الولايات المتحدة والقوى الكبرى في حلف "الناتو".
بمراجعة بسيطة للجدول الزمني للتصعيد، جاءت الضربة الإيرانية رداً على الهجوم الذي شنته "إسرائيل" في 1 نيسان/ أبريل على السفارة الإيرانية في سوريا والذي أسفر عن مقتل 7 ضباط عسكريين إيرانيين رفيعي المستوى، من بينهم جنرالان.
ردت إيران على عدوان "إسرائيل" المجرم بشكل صارخ وغير قانوني على أرض إيرانية، أيدته القوى الإمبريالية بشكل فعال. وأعلن السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة روبرت وود أن "قادة وعناصر إرهابية كانوا موجودين في هذه المنشأة". استخدمت الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة حق النقض الفيتو ضد قرار في مجلس الأمن الدولي يدين الاعتداء الإسرائيلي.
والآن، يهاجم الاستعماريون رد إيران على عدوان "إسرائيل". مع أن الرد الإيراني كان مدروساً ودقيقاً إلى حد كبير. وأعلمت الحكومة الإيرانية عن ضربة يوم السبت الماضي لدول المنطقة قبل 72 ساعة في محاولة للحد من التأثيرات على جيران إيران، وتجنب وقوع إصابات غير مقصودة، على عكس القوى الإمبريالية ووكيلتها "إسرائيل"، حيث يمكنهم قتل أكبر عدد ممكن من الناس الأبرياء، وتنفيذ اغتيالات واستهداف قادة في انتهاك كامل لأي شيء يشبه القانون الدولي أو الأعراف الحقوقية البديهية.
أي رد على عدوان، مدان من قبل هؤلاء، ويتم استنكاره كجريمة، فهذا هو القانون الأساسي للاستعمار والإمبريالية. وفي حين يدين بايدن تصرفات إيران، يصمت أمام العدوان الإسرائيلي على المدنيين في غزة، الذي يتم تمويله بالمال والسلاح الأميركي ودعمه سياسياً مع القوى الاستعمارية الأخرى.
الآن، تنفذ "إسرائيل" بنشاط إبادة جماعية ضد سكان غزة الفلسطينيين منذ نحو 6 أشهر، حيث قتلت بالفعل ما لا يقل عن 40000 ضحية معظمهم من الأطفال والنساء. وهي تدمر بشكل منهجي كل إمكانية العيش لأكثر 2.2 مليون فلسطيني، وتقتل الأطباء وعمال الإغاثة بتعمد لا لبس فيه.
إن الإبادة الجماعية في غزة تتجه إلى حرب إقليمية بلا ريب، يمكنها أن تجر العالم بأسره بسرعة كبيرة إلى ميادينها الواسعة. وبقدر ما تقول إدارة بايدن بشكل عام، عن تفضيلها لعدم أن ترد إسرائيل بضربات عسكرية فورية لاعتبارات تكتيكية، تبيت الانتقام الذي يريدونه "طبقا باردا" حسب ما عنونت صحيفة "نيويورك تايمز" في افتتاحيتها بعد الرد الإيراني مباشرة.
وجاء في الافتتاحية، " الدفاع عن النفس حق لإسرائيل قانوني في الرد بالمثل، ولا يكفي أن تظهر إسرائيل قدرتها الدفاعية، ويجب عليها أيضا أن تعيد تأسيس قدرتها على الردع. أي أنها تحتاج إلى أن تظهر لقادة إيران أن ثمن إخراج حربهم ضد إسرائيل من الظل سيكون باهظا.
ومع ذلك، تنصح الصحيفة بعدم شن هجوم شامل على إيران، "لدى إسرائيل حرب غير مكتملة ضد حماس في غزة، وهجوم إسرائيلي مباشر على إيران يمكن أن يؤدي إلى حرب ثانية واسعة النطاق ضد حزب الله في لبنان، إن لم يكن مع إيران نفسها. يدرك معظم الإسرائيليين أنه يجب خوض حرب معينة عاجلا أم آجلا، ربما قبل نهاية الصيف، ومن المحتمل أن تكون أكثر قوة وأكبر مما هي عليه الحرب على غزة.
بعبارة أخرى، تنصح" نيويورك تايمز "، بأنه من الضروري أولا إنهاء الإبادة الجماعية في غزة، قبل الانتقال إلى المهمة "الأكثر صعوبة المتمثلة في الحرب ضد إيران".
تدعو قطاعات من المؤسسة السياسية الأميركية علناً إلى حرب واسعة النطاق، مؤكدة أن إدارة بايدن لا تذهب بعيداً بما فيه الكفاية في دعم حرب إسرائيلية ضد إيران.
وكتبت صحيفة "وول ستريت جورنال" في "يجب أن يتسبب الهجوم الإيراني على الأقل في إنهاء السيد بايدن وفريقه من الحزب الديمقراطي حربهم الباردة مع إسرائيل بشأن غزة، والاعتراف بأن هذه الحرب هي ضد إيران حقا. وأضافت:" يجب على القادة في كلا الحزبين أيضا البدء في قول الحقيقة للأمريكيين حول العالم عن "التهديدات التي تشكلها روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية التي تعمل معا.
يتداول حكام "تل أبيب" حول الإجراءات التي يجب اتخاذها ضد إيران، ومن الواضح أن هناك انقسامات داخل نظام الاحتلال نفسه. علاوة على ذلك، في حين أن دولة الاحتلال الإسرائيلي تمثل قاعدة هجومية إمبريالية في الشرق الأوسط، فإن الولايات المتحدة لا تسيطر بشكل كامل على ما ستفعله. وعلى أي حال، أعادت إدارة بايدن التأكيد على أنه إذا اتخذت إسرائيل إجراء، فإنها ستحصل على الدعم الكامل.
وأعلن المتحدث باسم البيت الأبيض جون كيربي في برنامج" ميت ذا برس"، ما إذا كان الإسرائيليون سيردون وكيف سيكون، "الأمر متروك لهم".
ورداً على سؤال ما إذا قررت "إسرائيل" المضي قدما في الضربات الانتقامية، فهل ستدعم الولايات المتحدة "إسرائيل"، رد كيربي بأن "دعم الولايات المتحدة لإسرائيل للدفاع عن النفس سيبقى صلباً، ولن يتغير".
لقد ردت الولايات المتحدة على عملية "طوفان الأقصى" بشن هجوم عسكري كبير في جميع أنحاء الشرق الأوسط، واضعة إيران كهدف مركزي لها. وفي غضون أيام، أرسلت الولايات المتحدة أسطولاً من السفن الحربية ومئات الطائرات إلى المنطقة، والتي استخدمتها لشن عشرات الغارات الجوية غير القانونية خلال الأشهر الماضية. ويعد هذا الهجوم عنصرا حاسما في حرب عالمية مع روسيا والصين، والهجوم على إيران، التي تقع في قلب أوراسيا، مسألة رئيسية في حملة الولايات المتحدة للهيمنة العسكرية العالمية.
ومهما كانت التطورات المباشرة في الأيام المقبلة، فإن الحرب الإقليمية في جميع أنحاء الشرق الأوسط، كجزء من حرب عالمية آخذة في الاتساع، وتخرج عن نطاق السيطرة بشكل خطير. إن العالم أقرب إلى الصراع النووي من أي وقت مضى منذ الحرب العالمية الثانية. لا شيء يمكن أن يوقف هذه الحرب العالمية الآخذة في التوسع باستثناء تطوير حركة جماهيرية عالمية مناهضة للحرب وموجهة من الطبقة العاملة.