استطلاع: الرأي العام البريطاني يرى الاتحاد الأوروبي شريكاً مستقبلياً أكثر من أميركا

يقول تقرير أوروبي إن استطلاعاً للرأي أظهر أن المزيد من الناس في بريطانيا يرون الاتحاد الأوروبي شريكاً رئيسياً لبلادهم أكثر من الولايات المتحدة

  • علم الاتحاد الأوروبي قرب منطقة وستمنستر في لندن / الصورة لوكالة إيبا.
    علم الاتحاد الأوروبي قرب منطقة وستمنستر في لندن / الصورة لوكالة إيبا.

قالت صحيفة "الغارديان" البريطانية إن تقريراً حول السياسة الخارجية لبريطانيا بعد "البريكست"، أي خروجها من الاتحاد الأوروبي، أظهر أن الجمهور البريطاني لا يشارك حكومته الرغبة في البقاء في صراع دائم مع الاتحاد الأوروبي، بل يرى المزيد من الناس الاتحاد كشريك مستقبلي رئيسي أكثر من الولايات المتحدة الأميركية.

وقال التقرير الصادر عن مركز أبحاث "المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية": يبدو أن حكومة جونسون بحاجة إلى المعارك الدائمة لعملية البريكست، خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي"، محذراً من أن نهج هذه الحكومة "يقوّض قدرة المملكة المتحدة على التعاون مع الاتحاد الأوروبي".

وأشار التقرير إلى أن "الجمهور البريطاني ليس لديهم أي عداء خاص تجاه الاتحاد الأوروبي" وبينما هم "يقدرون السيادة والاستقلال البريطانيين، فإنهم سيدعمون سياسة خارجية تعمل بشكل تعاوني مع الاتحاد الأوروبي".

ووجدت استطلاعات الرأي الخاصة بالتقرير أن الناس منقسمون بالتساوي حول من يتحمل المسؤولية الأكبر عن الحالة المزرية الحالية للعلاقات بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، حيث ألقى 39 في المائة منهم باللوم على بريطانيا و38 في المائة قالوا إنهم يعتبرون الاتحاد مسؤولاً عن تردي العلاقات بين الجانبين.

وكان الانقسام حزبياً كما هو متوقع إذ ألقى 70 في المائة من الناخبين المحافظين باللوم على الاتحاد الأوروبي و66 في المائة من الناخبين العماليين حملوا المملكة المتحدة المسؤولية. ولكن بغض النظر عمن يرون أنه مسؤول، اعتبر 39 في المائة من الجمهور الاتحاد الأوروبي شريكاً رئيسياً في المستقبل، مقارنة بـ22 في المائة رأوا الولايات المتحدة الشريك المستقبلي.

ووجد الاستطلاع كذلك أن عدم وجود الحماس لدى الجمهور البريطاني تجاه الولايات المتحدة امتد إلى عدم رغبته في متابعة أميركا في أي صراع مع الصين، حيث يعتقد 54 في المائة أن هناك بالفعل حرباً باردة بين الصين وأميركا و45 في المائة يفضلون أن تظل المملكة المتحدة محايدة في حالة نشوب حرب بينهما.

وذكر التقرير أن رؤية حكومة المملكة المتحدة لـ"بريطانيا العالمية" تهدف إلى "استعادة العظمة البريطانية كدولة تجارية بحرية"، لكن الأدلة أظهرت أنها لا تزيد عن مجرد "وهم متجذر في الماضي الإمبراطوري الخاطئ".

وقال مؤلفا التقرير، نيك ويتني وجيريمي شابيرو، إن الجيش البريطاني، "على الرغم من تقاليده العظيمة، لم يعد يوفر الميزة النسبية للمملكة المتحدة كما كان يفعل من قبل". 

وأظهرت استطلاعات الرأي أن الجمهور كان "في أفضل الأحوال غير مبالٍ باستعادة بريطانيا كقوة عسكرية عالمية".

ووجد استطلاع المركز نفسه أن 6 في المائة فقط من المستجيبين يفضلون سياسة خارجية بريطانية تعطي الأولوية للقوة العسكرية البريطانية، بينما قال 40 في المائة إنهم يرغبون في أن تركز السياسة الخارجية بشكل أساسي على تعزيز الاقتصاد المحلي.

وقال المؤلفان: "إن اعتزاز الحكومة برؤية القوات البحرية البريطانية تتجه نحو المحيط الهادي لا يبدو أنه يلهم الجمهور".

وأضاف التقرير أنه بدلاً من التطلع إلى الماضي - وعبر العالم إلى "منطقة بعيدة في المحيطين الهندي والهادئ" - يجب على المملكة المتحدة "الاعتماد على موقعها المتميز في المؤسسات الدولية، وهيكلها الدبلوماسي ذي المستوى العالمي، والجهود الحثيثة لتعزيز قدراتها في القوة الناعمة التي لا تزال كبيرة".

وقال الكاتبان إن المملكة المتحدة يمكنها "تحقيق الازدهار والاحترام الذي تتوق إليه من خلال ... العمل مع مجموعة متنوعة من الشركاء، ولا سيما الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة".

وأضافا أنه بدلاً من ذلك، كان لبريطانيا العالمية "دور ضئيل في ذلك بالنسبة للاتحاد الأوروبي". وحتى بعد خروج بريطانيا من الاتحاد، يبدو أن حكومة بوريس جونسون "بحاجة إلى معارك دائمة مع الاتحاد الأوروبي لتبرير وجودها السياسي".

وجادل الكاتبان بأن أيديولوجية "بريكست الدائم ... لا يمكنها تعليق قوانين المسافة والاستراتيجية". ففي مواجهة "المنافسة الجيوسياسية المتزايدة والتقدم الاستبدادي والإكراه الجغرافي الاقتصادي، يظل الاتحاد الأوروبي الشريك الأساسي لبريطانيا".

وقال التقرير إن الشراكة الاستراتيجية الوثيقة مع الاتحاد الأوروبي ستسمح للمملكة المتحدة "بحماية سيادتها، وأن تصبح قوة في الشؤون العالمية"، ويمكن أن تحصل على دعم سياسي في المملكة المتحدة "على الرغم من التقريع اليومي للاتحاد الأوروبي من قبل حكومة جونسون".

وقال المؤلفان إن بريطانيا لا تزال تمتلك "أصولاً غير عادية ويمكنها صياغة سياسة خارجية فعالة. وللقيام بذلك، يجب أن تركز على نقاط القوة البريطانية، وتجنب المغامرات العسكرية في الأراضي البعيدة، وإيجاد علاقات عمل متوازنة وفعالة ... مع كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة".

نقله إلى العربية بتصرف: هيثم مزاحم