إسرائيل وإيران دخلتا لأول مرة في مواجهة مباشرة، وبصورة لا مؤشر فيها على راشد مسؤول
ما يُقلق بوجه خاص في هذه الأثناء، أنه لا تبدو في الأفق شخصية "راشد مسؤول" في المجتمع الدولي يتدخل لكبح الأطراف. روسيا، التي تستقبل رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بلباقة كل عدة أشهر، تبدو منسّقة جداً مع إيران وسوريا أيضاً في خطواتهما ضد إسرائيل.
ليس من المستبعد أن الشَرَك الذي وقعت فيه إسرائيل هو نتيجة كمين إيراني. وردّة الفعل الروسية تدل على الدعم الذي يمنحه الكرملين لطهران ودمشق.
إسرائيل وإيران موجودتان الآن، لأول مرة، في مواجهة مباشرة على الأراضي السورية. هذا هو المغزى الأساس من معركة الأمس في الشمال. حتى لو انتهت قريباً الجولة الحالية بتهدئة، في المدى الأبعد يتشكل هنا واقع استراتيجي مغاير. إسرائيل سيكون عليها التعامل مع تضافر إشكالي للتطورات: وجود إيراني ليعمل ضدها، ثقة متزايدة بالنفس لنظام الأسد، وما يُقلق أكثر من كل شيء: دعم روسي للخط الهجومي من بقية أعضاء المحور.
إسرائيل، التي واصلت العمل في الشمال ضمن الوصفة الهجومية السابقة، لغاية الشَرَك الاستراتيجي الذي وقعت فيه أمس، ليس مستبعداً أنه نتيجة كمين موجّه نُصب لها.
في عصر حروب الوعي الحالية، كل الإنجازات أمس سيعتّم عليها تحطّم الطائرة وجرح طاقمها، والذي سُوّق في الجانب العربي كنجاحٍ عظيم وتسبب بحرج في الجانب الإسرائيلي. سيكون على سلاح الجو التحقيق عميقاً في كيفية اختراق صاروخ قديم نسبياً لغلاف الدفاع الإسرائيلي.
إيران من الآن تلوّح بالحادثة للإعلان أنه من الآن فصاعداً إسرائيل لا يمكنها العمل بعد في سوريا. والتصريح المقلق قدّمته روسيا، التي فقط في نهاية كانون الثاني/ يناير استضافت رئيس الحكومة نتنياهو، بدعوتها لاحترام السيادة السورية، وتجاهلت بالكامل إطلاق الطائرة الإيرانية إلى أرضنا.
"بينغ بونغ" اللكمات هذه قد تستمر حالياً، أيضاً لاعتبارات الكبرياء الوطني والحرج العام. في كانون الثاني/ يناير 2015 عرف نتنياهو كيف يُنهي المسألة. حزب الله رد بكمين ضد الدروع على اغتيال جهاد مغنية والجنرال الإيراني المنسوب لإسرائيل، وقُتل ضابطاً وجندياً في هار دوف. إسرائيل قررت أن ذلك يكفي، وامتنعت عن الرد، وانقضى خطر الحرب. الآن أيضاً، يبدو أن ما ينبغي فعله هو في القناة الدبلوماسية، على سبيل المثال إمرار تهديدات بواسطة الولايات المتحدة وروسيا، قبل استمرار الانزلاق الخطير نحو مواجهة عسكرية.
ما يُقلق بوجه خاص هو أنه في هذه الأثناء لا تبدو في الأفق شخصية "راشد مسؤول" في المجتمع الدولي يتدخل لكبح الأطراف. روسيا، التي تستقبل ؤئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بلباقة كل عدة أشهر، تبدو منسّقة جداً مع إيران وسوريا أيضاً في خطواتهما ضد إسرائيل. فيما الإدارة الأميركية، في ظل الرئيس دونالد ترامب، قد ترى في التصعيد في الشمال فرصة لجبي ثمن من إيران – وتحديداً حث إسرائيل على مواصلة هجماتها.
قد نكون على أبواب أزمة عميقة، حتى لو لم تُترجم بالضرورة إلى مواجهة عسكرية مباشرة في المدة القريبة.