"هآرتس": وثيقة قُدّمت لِـ بينيت.. الاتفاق النووي المتبلور أسوأ من سابقه

صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية تنشر وثيقة "استثنائية "بشأن الاتفاق النووي، قدمها مسؤولون سابقون في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية.

  • نتنياهو ورئيس الحكومة الإسرائيلية الجديد نفتالي بينيت
    بنيامين نتنياهو ورئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي الجديد نفتالي بينيت

صحيفة هآرتس الإسرائيلية، نشرت اليوم الجمعة، "وثيقة حسّاسة" أُرسلت في الأسابيع الأخيرة لغالبية المكاتب الكبيرة الإسرائيلية، باستثناء مكتب رئيس الحكومة السابق بنيامين نتنياهو، تتحدث عن المفاوضات حول الاتفاق النوي مع إيران. وفيما يلي نص المقال المترجم إلى العربية:

يقف وراء الوثيقة 3 مسؤولين سابقين من المؤسسة الأمنية. وبحسب كلامهم، الدول العظمى تنتظر سماع الرأي الإسرائيلي، لكن نافذة الوقت ضيقة للتأثير على الاتفاق. حالياً "يبدو أن إيران ستتمكن من الحصول على مواد انشطارية للسلاح في غضون أشهر". وكيف سيواجه نفتالي بينيت التوقعات التي ينتظرها الأميركيون منه في القضية الصينية. 

وثيقة حسّاسة أُرسلت في الأسابيع الأخيرة لغالبية المكاتب الكبيرة في "إسرائيل"، باستثناء مكتب رئيس الحكومة السابق بنيامين نتنياهو. خلفه، نفتالي بينيت، قرأها بدوره. الذين وقعوا على الوثيقة هم مسؤولون سابقون في المؤسسة الأمنية: اللواء في الاحتياط أهارون زئيف-فركش، الذي كان رئيس شعبة الاستخبارات في الجيش، جدعون فرنك، سابقاً رئيس لجنة الطاقة الذرية، والدكتور أريئيل (إلي) لفيتا، من كبار خبراء النووي في البلاد. دُعي كتّاب الوثيقة لعرضها، في عدة لقاءات مع رؤوساء الأجهزة المعنية.

الموضوع هو بالطبع، البرنامج النووي الإيراني، قبيل الاتفاق الجديد المتبلور بين إيران والولايات المتحدة. هذا الأسبوع، عقدت في فيينا جولة مباحثات بين إيران والدول العظمى. إدارة بايدن طلبت التوقيع على الاتفاق، الذي انسحب منه الرئيس السابق دونالد ترامب في 2018، حتى قبل الانتخابات الرئاسية الإيرانية. لكن هذه الانتخابات ستجري اليوم دون أن يتحقق هذا الأمل. منع نتنياهو رؤوساء المؤسسة الأمنية مناقشة تفاصيل الاتفاق مع نظرائهم الأميركيين، الذي يرفضه جملة وتفصيلاً. عُقد لقاء مشترك جرى في واشنطن، في نهاية نيسان ضمن هذه القيود، وليس عجباً أن رئيس هيئة الأركان العامة، أفيف كوخافي، اختار التغيب عنه في اللحظة الأخيرة.

زئيف فركش، فرنك ولفيتا يعتقدون أنه ما زال هناك نافذة وقت ضيقة للتأثير على صيغة الاتفاق، وبحسب كلامهم، ربما تتوقع الولايات المتحدة، ألمانيا وفرنسا، المشاركين في المفاوضات مع الإيرانيين، سماع رأي الإسرائيليين. في حال لم يحصل هذا قريباً، سيدّعي الأميركيون والأوروبيون أن "إسرائيل" أعطيت فرصة للتأثير، لكنها اختارت تفويتها ولذلك ليس من حقها أن تتذمر.

كما أظهر الرئيس جو بايدن، في ختام لقائه هذا الأسبوع مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، كذلك فعل زعماء الدول الصناعية العظمى السبعة (G7) في الآونة الأخيرة إيجابية حول الحاجة لمنع إيران من الحصول على سلاح نووي.

وبحسب رأي الـ3، الاتفاق المتبلور أسوأ من سابقه الموقّع في 2015. هو يجسّد انهيار سياسة نتنياهو، التي شجّعت ترامب على الانسحاب من الاتفاق الأصلي. ضغط العقوبات الاقتصادية الذي مارسته الإدارة الأميركية السابقة لم يكسر الإيرانيين، الذين بدؤوا في السنتين الأخيرتين بخرق الاتفاق (من دون أن ينسحبوا منه) والتقدم باتجاه القنبلة.

وجاء في الوثيقة "وصلت إلى أيدينا معلومة موثوقة ومقلقة جداً عن وضع المفاوضات بين الدول العظمى وإيران، إنها في مراحل متقدّمة جداً. يتضّح أن الأميركيين، من أجل إزالة هذا الموضوع عن جدول الأعمال، مستعدّون في الوقت الراهن إلى الاكتفاء بتسوية مخففة يزيلون في إطارها غالبية العقوبات الإضافية عن إيران التي فرضتها عليهم إدارة ترامب منذ 2018. في المقابل تتراجع إيران عن جزء من الخطوات التي اتخذتها منذ 2019 لدفع برنامجها النووي قدماً".

هذا، ويحذّر الثلاثة من أن الولايات المتحدة مُستعدة في الوقت الراهن للاكتفاء بفرض قيود جزئية فقط على قدرة التخصيب المتقدمة (الأسرع بخمسة مرات من سابقتها)، التي تفعّلها إيران في السنوات الأخيرة، التنازل عن جزء من بنود مراقبة نشاط البحث والتطوير الإيراني، واستخدام المرونة في التحقيق في ماضي البرنامج النووي بواسطة الوكالة الدولية للطاقة الذرية (سابا)، التي تُلزم تقديم طريقة وصول للمنشآت وتوضيحات كاملة لمراقبيها.

وبحسب كلامهم: "تعتزم الولايات المتحدة صد مواجهة الانتقادات التي ستطال الاتفاق المخفف بتعهدّها أنّ كل المواضيع الإضافية وغيرها ستعالج باتفاق مستقبلي معدّل وطويل الأمد. إلا أن إيران مُصرّة على معارضتها للمفاوضات حول اتفاق كهذا، وعلى أية حال فرص إحرازه على المدى المنظور تبدو ضعيفة جداً".

ويحذر كل من زئيف فركش، فرنك، ولفيتا، أنه سيكون للاتفاق المخفف دلالات خطيرة على "إسرائيل". إيران ستثبت نفسها بصورة شرعية أنها دولة على حافة النووي تمتلك المعرفة، الخبرة، أجهزة طرد مركزية متقدمة وبنى تحتية لإنتاج اليورانيوم المُخصّب، ما سيمكّنها وفي غضون أشهر معدودة من اتخاذها القرار من الحصول على المواد المنشطرة لأول سلاح ولعدة أسلحة في فترة زمنية قصيرة لاحقاً.

وبحسب كلامهم، فإنه "في اتفاق العام  2015 أدرجت قيود رقابية منطقية فعلياً لكسب فترة ردع تقارب السنة لحين حصول إيران على مادة انشطارية كافية لإنتاج قنبلة نووية واحدة. وبحسب الاتفاق المتبلور، وفي ظلّ غياب الرقابة والقانون على نشاط مجموعة السلاح، ستتمكن إيران من إحراز تقدم بشكل سري واختصار بشكل كبير فترة وصولها إلى ترسانة نووية. فترة التحذير من استئناف المساعي الإيرانية للحصول على السلاح ستتقلّص وعليه خيارات إحباطها ستصبح محدودة. إيران ستبقي على بنية التخصيب الواسعة تحت الأرض، حتى أنها وسعتها في الآونة الأخيرة، ما سيجعل إحباطها أمراً صعباً".

الرجوع إلى شروط الاتفاق السابق سيُلزم الولايات المتحدة العودة إلى الامتناع عن التدخل ضد البرنامج النووي الإيراني، الأمر الذي من شأنه أن ينعكس أيضاً على حرية عمل "إسرائيل". تسوية مخففة، يزيلون من خلالها عقوبات كثيرة عن إيران، ستزيد الموارد التي تمتلكها إيران للعمل في مختلف المجالات التي تزعجنا ولخلق شعور بالحصانة لديها.

وتتابع الوثيقة: "لا شكّ لدينا أنه في الاتفاق النووي الأصلي عام 2015 كانت هناك نقاط ضعف وقيود صعّبت على إسرائيل قبوله. مع كل ذلك، حقق لإسرائيل عدة سنوات من هدوء نسبي في ساحة النووي من دون أن تضطر إلى العمل بشكل مستقل في المجال بحجم كبير. ومنذ خروج الولايات المتحدة من الاتفاق، تخطو إيران بثقة باتجاه قدرة نووية تفوق كثيراً تلك التي كانت لديها حتى 2015. الاتفاق المخفف الموجود في الطريق لن يقيدها بشكل كبير جداً من جهة وسيقيد أي قدرة تدخل من جهة ثانية".

نفس رفض نتنياهو لمحاولة التأثير على الموقف الأميركي، قبيل التغيير البنيوي الذي سيحصل مع عودتها للاتفاق، يدلّ على المزاج العام الذي كان سائداً في أشهر سلطتنا الأخيرة. كما كتب أمس يوسي فيرتر في "هآرتس"، نتنياهو يترك لـ بينيت أرضاً محروقة عن قصد. ليس فقط لأن نتنياهو يرفض المشاركة في حفل التبديل الرسمي، وحدّد لقاء التسلّم والتسليم مع بينيت لنصف ساعة فقط؛ هو يضع عقبات على نقل سليم للسلطة من خلال عدم مشاركة وريثه في الاتفاقات السرية بينه وبين زعماء أجانب. 

هذه خطوة نتنياهو النموذجية: "الدولة هي أنا، ولذلك قدتها لوحدي، من خلال إعطاء أهمية محدودة فقط لموظفين تحت قيادتي. ولأنّ تغيبي عن السلطة سيكون مؤقتاً فقط، لا داعي لمساعدة وريثي أبداً، لأنه بشكل عام يقوم بعمل لفترة محددة".

لذلك، لإصراره على البقاء في المقر في بلفور له دلالة، أكثر من النكات عن صفة البخل التي تشتهر بها العائلة. نتنياهو متشبث برمز رسمي، وبهذا الشكل يسعى لإسقاط الحكومة. بينيت وشريكه، يائير لبيد، عليهما أن يحددا لـ نتنياهو تاريخ هدف قريب لموعد إخلاء الموقع. لا يوجد في "إسرائيل" رئيسي حكومة، المغادر والجديد.