"المونيتور": "إسرائيل" تقف لوحدها في مواجهة إيران

صحيفة "المونيتور" تبرز صورة قاتمة بالنسبة للموقف الدبلوماسي الإسرائيلي على المسرح العالمي.

  • المونيتور:
    المونيتور: نتنياهو يتجاهل دروس الاشتباك عام 2015 مع واشنطن (بشأن الاتفاق النووي مع طهران)

مقال للكاتب بن كَسبيت في صحيفة "المونيتور" الإسرائيلية يقول فيه "لقد تُركت "إسرائيل" بمفردها إلى حدٍّ ما لمواجهة تحالف الولايات المتحدة مع حلفائها في السعي للتوصل إلى حل دبلوماسي للصراع مع إيران بدلاً من تصعيد العقوبات والاشتباكات".

 أدناه النص الكامل للمقال/:

من الواضح الآن أن "إسرائيل" تُركت بمفردها بينما يسعى الأميركيون إلى حلٍّ دبلوماسي للصراع مع إيران.

قام الفريق غريغوري غويلوت (Gregory Guillot)، قائد سلاح الجو في القيادة المركزية الأميركية، بزيارة إسرائيل في نهاية شهر شباط/فبراير،  قائد سلاح الجو اللواء عميكام نوركين، أخذه بنفسه على متن طائرة من طراز F-15 Eagle للحصول على نظرة شاملة لحدود "إسرائيل". كما تلقى الجنرال ذو الثلاث نجوم جولة غير مسبوقة في مركز العمليات الجوية والتحكم لسلاح الجو الإسرائيلي تحت الأرض.

بينما كان نوركين يطلع ضيفه تحت الأرض، كانت الأمور تحتدم على مستوى الشارع. تم إطلاق صاروخ من قطاع غزة على جنوب "إسرائيل"، وتبادلت "إسرائيل" وسوريا الصواريخ في الشمال، وتم الكشف عن عمليات إطلاق أخرى في أماكن أخرى، أضاءت الخريطة العملاقة لمقر عمليات سلاح الجو وأكّد نوركين لغويلوت أن هذا لم يكن عرضاً تم وضعه لأجله. أخبره نوركين أن هذا مباشر، إنه يحدث في الوقت الفعلي.

تعرّف الجنرال الزائر على الفور على إمكانيات الاستخبارات الإسرائيلية وقدرتها على التعامل مع كل إطلاق صاروخ في الوقت الفعلي، ومعرفة أين سيسقط كل منها بالضبط ومزامنة استجابة جميع وحدات الاعتراض المضادة للصواريخ ووحدات الرادار من واحدة.

"مركز أعصابٍ واحد". أثناء التحليق فوق "إسرائيل" في مقاتلة الـ F-15 التكتيكية، فوجئ غويلوت بالحجم الصغير جداً و "محيط الخصر" الضيق وسط "إسرائيل"، الذي يبلغ عرضه أقل من 20 كيلومترًا (12 ميلًا) (باستثناء الضفة الغربية).

استغرقت الطائرة دقائق لاجتياز "إسرائيل" بأكملها من الشرق إلى الغرب.

تعكس زيارة غويلوت في أواخر شباط/فبراير مدى التعاون بين مختلف وكالات الدفاع والاستخبارات الإسرائيلية والأميركية، والتي كانت تعيش عصراً ذهبياً في السنوات الأخيرة." إسرائيل" هي الوحيدة في العالم، باستثناء الولايات المتحدة، التي يتم فيها ترقية نموذج أولي لمقاتلة F-35 الشبح بأسلحة وخزانات وقود إضافية.

"إسرائيل" هي الوحيدة المسموح لها بتثبيت تقنيتها المطورة محلياً على الطائرات المتقدمة، ما سيسمح لها بمشاركة نظام القيادة والتحكم المتطور الخاص بطائرة F-35 مع الطائرات المقاتلة الأقدم في الأسطول الإسرائيلي، مثل F-15 وF -16.


هذه القدرات، بالإضافة إلى كونها الدولة الوحيدة في العالم التي ترسل "الشبح" في مهام تشغيلية في الوقت الحقيقي على أساس يومي، جذبت انتباه العديد من أسلحة الجو الأخرى.

إن التعاون المكثف مع القوات الجوية البريطانية والإيطالية واليونانية والألمانية والإماراتية وغيرها يحطّم كل الأرقام القياسية. إن الأصلين [الذخرين] الدفاعيين الرئيسيين لإسرائيل - السيطرة المطلقة على سماء الشرق الأوسط، والمعلومات التي يبدو أنها لا تنضب التي تُجمع من قبل أجهزة استخباراتها - قد حوّلت "إسرائيل" إلى نقطة جذب للتعاون الدولي والمغازلة المتحمسة والتدريبات المشتركة.

 "إسرائيل" تعاني من "أعراض التقهقر"

ومع ذلك، فإن الصورة قاتمة بالنسبة للموقف الدبلوماسي الإسرائيلي على المسرح العالمي. تعاني "إسرائيل" من "أعراض التقهقر" من الذروة التي تمتعت بها طوال أربع سنوات من رئاسة دونالد ترامب.

على عكس الوجود المرحب به في العديد من البلدان لقائد الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي ومدير الموساد يوسي كوهِن ونوركين وكبار القادة الآخرين، فإن ساحة الشؤون الخارجية الإسرائيلية مهددة بمقاطعة دولية من واشنطن وأماكن أخرى.

إن اللهجة الجدّية ولكن الفاترة التي تبنّاها وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في زيارته لإسرائيل، في 11 و12 نيسان/أبريل، هي مجرد غيض من فيض مما تخاطر "إسرائيل" بالتصادم معه في الأشهر المقبلة.

على الرغم من أن هذا لم يتم التحقق منه بالكامل، إلا أن "إسرائيل" على ما يبدو لم تنقل للأميركيين تحذيراً مفصلاً بالعمليات والهجمات التي يُزعم أنها خططت لشنها على أهداف إيرانية خلال الأسبوعين الماضيين - مع توقيت مشبوه قريب من استئناف المحادثات مع إيران بشأن برنامجها النووي وزيارة أوستن لـ "إسرائيل".

هل تدمغ "إسرائيل" نفسها، للمرة الثانية خلال ست سنوات، كقوة مواجهة تُمطر على الاستعراضات الدولية الرسمية، بأنها "الطفل الرهيب" الذي يلصق لسانه بالعالم كله فيما يتعلق بالتعامل مع مشكلة إيران؟

إما أن "إسرائيل" فشلت في الاهتمام بشكلٍ صحيح بدروس اشتباكها عام 2015 مع واشنطن (بشأن صفقة الأسلحة النووية الإيرانية) أو، ما هو أسوأ، رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يتجاهلها لأنه بحاجة ماسة إلى حالة طوارئ أمنية ودبلوماسية من أجل تشكيل حكومته المقبلة.

بعد انتخابات مارس/آذار 2020، استغل أزمة فيروس كورونا لحمل زعيم حزب "أزرق أبيض" بيني غانتس على الانضمام لحكومته، في انتهاكٍ لتعهده للناخبين، بعد عام، يبدو أنه يحاول تجنيد التصعيد في مواجهة إيران، ربما لسببٍ مماثل.

تبنت "إسرائيل" سياسة الغموض المتعمد فيما يتعلق بحربها المنخفضة الحدة مع إيران، ما يسمى بالحرب [المعركة] بين الحروب. سلسلة طويلة من الهجمات على السفن التي تهرب النفط و/أو الأسلحة الإيرانية نُسبت إلى "إسرائيل" على مدى السنوات الثلاث الماضية.

لكن في الأسابيع الأخيرة، يبدو أن "إسرائيل" تخلت عن هذا الموقف السري وأبدت اهتماماً ظاهرياً في اتهامها ببعض الأعمال ضد إيران.

وقعت ثلاث عمليات من هذا القبيل في الأسابيع الأخيرة: غارة جوية على مخازن أسلحة بالقرب من دمشق، وتخريب منشأة تخصيب اليورانيوم الإيرانية في نطنز، وهجوم البحر الأحمر على سفينة تابعة لحرس الثورة  استخدمت في شن عمليات وجمع معلومات استخبارية.

 "إسرائيل" تركت بمفردها....

يبدو أن إيران، التي تتجاهل عادة مثل هذه الهجمات وتركز بدلاً من ذلك على ما تعتبره مهمتها الأساسية - رفع العقوبات الدولية التي تشل اقتصادها - قد غيّرت موقفها.

في 13 نيسان/أبريل، تعرضت سفينة تجارية مملوكة لإسرائيل - MV Hyperion Ray - لهجوم بالقرب من خليج عُمان في ثالث عملية من نوعها خلال شهرين.

بعد فترة وجيزة، ذكرت "نيويورك تايمز" أن مسؤولين إسرائيليين كبار نقلوا رسائل مفادها أن "إسرائيل" لن ترد على هذا الهجوم الأخير، وتسعى بدلاً من ذلك إلى استعادة قدر من الهدوء في الساحة.

هل شعر أحد في القدس بالبرد في ظل التصعيد السريع لحرب الظلال مع إيران؟ هل أدرك أخيراً وزير الأمن غانتس نوع الطريق التي يقوده نتنياهو فيها وأوضح أنه لن يدع "إسرائيل" تنجر إلى حرب شاملة؟ قد نعرف قريباً المزيد عن هذه الديناميكية.

شيء واحد مؤكد: لقد تُركت "إسرائيل" بمفردها إلى حدٍّ ما لمواجهة تحالف الولايات المتحدة مع حلفائها في السعي للتوصل إلى حل دبلوماسي للصراع مع إيران بدلاً من تصعيد العقوبات والاشتباكات. حلفاء "إسرائيل" الجدد في الخليج يدعمونها، بصمت، لكن على الجبهة الحقيقية تجاه العالم، تقف "إسرائيل" لوحدها بشكل صارخ.