"معاريف": أمر نتنياهو بإغلاق الأجواء مع الأردن تسيّب و"جنون"
مسؤولون إسرائيليون يعتبرون أمر نتنياهو بإغلاق الأجواء مع الأردن "متسيّب وعلى عتبة الجنون". فالقرار له آثاره هائلة ويلحق ضرراً هائلاً بـ"إسرائيل" دولياً، وفق "معاريف".
في مقال نشرته صحيفة "معاريف" العبرية للكاتب بن كسبيت، أوردت تفاصيل موضوع توجيه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أمراً بإغلاق الأجواء الإسرائيلية أمام الطيران الأردني وكيف تم التعاطي معه وتفادي حصول "كارثة" حقيقية. وفيما يلي المقال المنقول إلى العربية:
رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو غضب على منعهم في عمّان رحلته إلى الإمارات، فأمر وزارة النقل بإغلاق الأجواء بين البلدين. تمّ هذا من دون إبلاغ الجهات الاستخبارية والأمنية أو التشاور معها.
البريد الالكتروني ورد يوم الخميس الماضي الساعة 12:13. أرسله مدير عام وزارة النقل عوفر مالكا إلى مدير سلطة الطيران المدني يوئِل فيلداشو. الموضوع: "إبلاغ سلطة طيران الأردن بمنع عبور رحلات تجارية في أجواء "إسرائيل" بدءاً من اليوم الخميس عند الساعة 13:00".
متن البريد: "يوئل، تحية، استتباعاً للمكالمة بيننا أنقل إليك أمر الوزيرة على ضوء توجيه رئيس الحكومة، الذي أمر بأن تُبلغ سلطة الطيران سلطة الطيران الأردنية بأنه جرى منع عبور الأجواء الإسرائيلية للرحلات المدنية من الأردن وهذا بدءاً من اليوم الخميس الساعة 13 وحتى إشعار جديد".
مسؤولون كُثر علموا في الوقت الحقيقي ولاحقاً بهذا الأمر وصفوه بأنه "فقدان للصواب" أو "ارتكاس" أو "خبل مطلق". إغلاق الأجواء بين "إسرائيل" والأردن في بلاغٍ قبل 45 دقيقة، هو انتهاك صارخ وأساسي لاتفاق السلام.
قصة السماء المفتوحة بين البلدين، كانت إحدى دعائم اتفاق السلام بينهما. هذا بالإضافة إلى أن الأمر ينطوي، على انتهاك ما لا يُحصى من اتفاقات الطيران مع دول إضافية من الممكن ان تتضرر، المئات من الطائرات الأميركية والأوروبية تعبر الأجواء يومياً.
هذه الخطوة توصف بأنها "همجية وقرصنة" وهي غير مسبوقة، حتى الدول المتخاصمة أكثر من "إسرائيل" والأردن، لا تبلّغ إحداهن الأخرى بإغلاق الأجواء ضمن إنذارٍ قبل ثلاثة أرباع الساعة.
هذا الأمر سقط من مكتب رئيس الحكومة على وزيرة النقل، التي أسقطت هذه القضية "النووية" على مديرها العام المنحوس عوفر مالكا. البريد الذي أرسله مالكا إلى فيلداشو لم يكن الأمر الأصلي، الذي كان قد صدر قبل ذلك بنحو 45 دقيقة، في اتصالٍ بين مالكا ورئيس سلطة الطيران يعقوب غانوت وفيلداشو نفسه.
مسؤولو سلطة المطارات وسلطة الطيران، لم يعرفوا ماذا يفعلون. قرروا اللعب على الوقت. في البداية، طلبوا الأمر مكتوباً. وعندما تلقّوا البريد بدأوا بقصف مكتب وزيرة النقل بأسئلة مهنية: ماذا عن الطائرات التي سبق وأقلعت؟ الطائرات التي في الجو؟ هل يتعلق الأمر فقط بطائرات من الأردن أو التي تمر بالأردن أيضاً؟ ماذا عن الطائرات الأميركية وكذا وكذا...
الطريقة أثبتت نفسها. في هذه الغضون تقرر الاعتراض على هذا الأمر. فيلداشو اتصل بسكرتير الحكومة تساحي برفرمان وشرح له الآثار المجنونة لإغلاق الأجواء بين "إسرائيل" والأردن. بحسب مسؤولين اطّلعوا على مضمون هذه المكالمة، برفرمان قال لفيلداشو: "فهمت، دعني أتفحص". تفحص وعاد بعد عدة دقائق مع أمر بسيط: رئيس الحكومة مصر على إغلاق الأجواء. نفّذوا الأمر.
أحد المسؤولين، المطّلع على تفاصيل الحادثة، قال لـ"معاريف": "دقائق معدودة قبل دخول أمر إغلاق الأجواء حيز التنفيذ، ورد الاتصال المُنجي من وزارة النقل مع أمرٍ بإلغاء كل شيء. كان هذا بالفعل في اللحظة الأخيرة. أنت لا تفهم أي ضررٍ دولي كان سيلحق بـ"إسرائيل" لو تم تنفيذ الأمر".
سخرية القدر، الأردنيون لم يُغلقوا أصلًا الأجواء مع "إسرائيل"، حتى لم يضعوا عراقيل أمام مخطط رحلة رئيس الحكومة فوق أراضيهم، إلى الاجتماع الذي كان من المفترض ان يُعقد في أبو ظبي. لقد فعلوا شيئاً مختلفاً تماماً، عرقلوا الطائرة التي أرسلتها الإمارات لنقل نتنياهو. الطائرة هبطت في عمّان وانتظرت هناك والأردنيون قرروا عدم السماح بإقلاعها إلى "إسرائيل".
الإماراتيون، الذين اتّصلوا بمسؤولي سلطة المطارات من أجل استيضاح سبب عدم إقلاع الطائرة إلى "إسرائيل"، لم يذكروا المشكلة الحقيقية ولم "يحرقوا" الأردنيين. قالوا إن الإقلاع تأخر بسبب "مشاكل تقنية".
في مرحلة معينة، نتنياهو فهم، على ما يبدو، إنها مناورة من الأردنيين. المشكلة كانت بأنه قرر الرد من دون أي تناسب. المشكلة الإضافية هي أنه اتخذ قراراً له آثار هائلة من دون عقد المجلس الوزاري المصغر، ومن دون التشاور مع وزير الأمن أو وزير الخارجية أو أي جهات مهنية. لو كان استشار مسؤولي سلطة الطيران والطيران المدني، لكانوا شرحوا له كم أن ردّة فعله مبالَغٌ فيها، إن لم نقل متسيبة.
في نهاية المطاف فهم نتنياهو بقواه الذاتية، أن عليه النزول عن الشجرة بسرعة. من لحظة صدور الأمر إلى سلطة الطيران ولغاية إلغائه كانت قد انقضت ساعة ونصف إلى ساعتين. كل الذين تحدثتُ معهم وكانوا على صلة بهذه الدراما الضخمة، يجدون صعوبة في تصديق أنها حصلت بالفعل. لكنها حصلت. في هذه الحالة، استفاق من استفاق في الدقيقة الأخيرة. في المرة القادمة، الله يعلم.