كيف فاز وزير الدفاع الجديد برضى البيت الأبيض

المدير الإداري السابق لشركة بوينغ باتريك شاناهان ذو حس تجاري قوي لكنه لا يحمل وجهات نظر سياسة خارجية متشددة ما أقنع البيت الأبيض به.

كتب الباحث نيكولاس شميدل مقالة في صحيفة نيويوركر الأميركية حول وزير الدفاع بالوكالة باتريك شاناهان وكيف فاز برضى البيت الأبيض. والآتي ترجمة أبرز ما في المقالة:

في فبراير الماضي، باتريك شاناهان، نائب وزير الدفاع الأميركي، الذي سيتولى منصب قيادة البنتاغون في الأول من كانون الثاني – يناير المقبل، بعد استقالة جيمس ماتيس وانتقاده لسياسة دونالد ترامب الخارجية، سافر عبر البلاد لإلقاء  الكلمة الرئيسية في مؤتمر للدفاع في سان دييغو.

شاناهان، الذي كان منذ فترة طويلة مديراً تنفيذياً لشركة بوينغ، وأنه كان يرتدي ساعة بريتلينغ محدودة النسخ وذلك لمساعدته الشركة في إنتاج طائرتها دريملاينر 787، قال "من الجيد أن نكون قادرين على الصداقة مع الصناعة. قضيت ثلاثين عاماً أقوم بذلك."

شاناهان، الذي رافقته في الرحلة، لم يكن من بين أفضل اختيارات ماتيس كنائب له. وهو اختير بشكل أساسي لإدارة مكتب البنتاغون كمسؤول عن الاستحواذ والتكنولوجيا والخدمات اللوجستية. وقال لي أحد كبار مسؤولي الدفاع: "هذا هو مصدر قوته. هذا ما يعرفه". أما السياسة الخارجية؟ فلا يعرف فيها كثيراً. في جلسة الاستماع لتثبيت تعيينه في الكونغرس، وبخه السناتور جون ماكين ماكين لأنه يغطي لأول مرة إجابة فطرية حول إذا ما كان يدعم تسليح أوكرانيا بأسلحة قتالية. وقال مكين: "من غير المنطقي القول إن عليك النظر في القضية. ليست بداية جيدة .... لا تفعل ذلك مرة أخرى ".

ومع ذلك، تم التصديق على تعيين شاناهان، وشكل هو وماتيس شراكة. وقال شاناهان أمام حشد من الناس في سان دييغو أن ماتيس أراد أن يتولى العلاقة مع البيت الأبيض، والعمليات العسكرية، وجميع التفاعلات مع الحلفاء والشركاء، أو الأمور التي تمنع الحرب العالمية الثالثة، كما نقلت بوب وودوارد عن ماتيس قوله في كتابه "الخوف"، عن ترامب في البيت الأبيض. وقد طلب ماتيس من شاناهان أن يقوم بإصلاح كيفية إدارة البنتاغون للأعمال وقيادة مبادرة "التحديث" كذلك. تلخيصاً لفلسفته القيادية، قال شاناهان: "عليك أن تعمل على العمل وليس في العمل"، أي إيكال العمل لآخرين والإشراف عليهم وليس الغرق في تفاصيل العمل اليومي.

أثبتت عملية إصلاح البنتاغون أنها مثبطة للهمة. في سان دييغو، قارن شاناهان المهمة بـ"كسر العقدة الغورسية" وأثار أصل المجاز. "العديد منكم يعرف أسطورة الإسكندر الأكبر. أنا لست الإسكندر الأكبر. ربما كان الوزير ماتيس هو الإسكندر الأكبر. لكني أعتقد أن الاستعارة تنطبق على البنتاغون. إذا أردنا حل هذه المشاكل، فنحن بحاجة إلى جعلها أكثر قابلية للإدارة". وهكذا أنجز شاناهان مهامه. وقد نجح في الجزء الأكبر منها. وعلى الرغم من وجود بعض التداخل في المهام، فإن ماتيس غالباً ما كان يتولى فن الحكم، بينما كان شاناهان يميل إلى التركيز على الميزانية.

أثناء وجوده في سان دييغو، رحلته الكبيرة الأولى منذ توليه المنصب، ذهب شاناهان إلى مجمع SEALs  سيلز التدريبي، وإلى القاعدة البحرية، وكان أكثر إنشغالًا ومأخوذاً خلال جولة قصيرة على منشآة لطباعة ثلاثية الأبعاد للهاتف الجوال.

وقال شاناهان للمهندس المسؤول "لقد بدأت ثورة". وقال "عندما كنت تفكر في الاستعداد، والصيانة، وهذا، كما أعتقد، سوف يتغلغل في كيفية القيام بأعمال تجارية".  وعندما أظهرت إحدى التقنيين لشاناهان قطعة بوليمر التي قالت إنه قد توفّر على البحرية 484،000 دولار، قفزت عيونه إلى الأعلى، وقال "هذه نقود حقيقية".

ولكن شاناهان قد حضر اجتماعات الحكومة في كثير من الأحيان مكان ماتيس عندما كان الأخير بعيداً. إن حسه القوي في مجال الأعمال، وافتقاره إلى وجهات نظر السياسة الخارجية المتشددة، قد حبّباه إلى أولئك الموجودين في البيت الأبيض. وقال المسؤول الكبير في وزارة الدفاع: "لأنه لا يفهم الأمن القومي، وليس عنده القيود الأخلاقية والقيمية التي لدى ماتيس، فهو لم يصنع أعداء. فهو لم يتخذ موقفاً تجاه أي شيء".

وبعدما أعلن ترامب خطته لإنشاء قوة فضائية، اتخذ ماتيس وهيذر ويلسون، وزير القوات الجوية، نهجاً حذراً، مشيرين إلى تحدي محاولة إنشاء فرع من الجيش من الصفر. لكن شاناهان كان أكثر تفاؤلاً. وقال لمسؤولين كبار في البنتاغون "نحن لسنا إدارة لا"، بحسب ما نقلت صحيفة نيويورك تايمز.

في الأشهر الأخيرة ، كانت هناك علامات على أن ماتيس يفقد الثقة في شاناهان. وقال المسؤول الكبير السابق في وزارة الدفاع إنه على الرغم من أن شاناهان يبدو أنه يرى مقولة "العمل على العمل وليس في العمل"، كشعار لتجنب الإدارة الجزئية الضيقة، غالبًا ما تترجم، من الناحية العملية، لتجنب القرارات الناتجة عن العواقب. وكان ماتيس معتاداً على القول: "نائبي لديه ذلك". ولكن بعد ذلك بدأ ماتيس في حفر الأشياء أكثر. ولم يطرح ماتيس سؤالاً حول التحديث لمدة عام. كان ذلك كله عمل شاناهان. لكن بشكل متزايد كان ماتيس يسأل قسم السكرتارية أين وصلوا حول القضية". فبينما كان شاناهان يبدو أنه يربح البيت الأبيض، كان يفقد البنتاغون في الوقت نفسه.

في شهر شباط - فبراير، في رحلة العودة من سان دييغو إلى العاصمة، نُشرت أنباء مفادها أن ترامب قد طلب من البنتاغون أن يشرع في الاستعداد لقيام عرض عسكري. وامتنع شاناهان عن التعليق. بدا كما لو أنه فوجئ بهذا الإعلان. ومع ذلك، بعد أيام من العودة إلى واشنطن، كانت مهمة تخطيط العرض تقع على عاتقه وعلى مكتبه: إذا كان هذا ما أراده البيت الأبيض، فإن شاناهان كان على استعداد لتحقيق ذلك. في نهاية المطاف، قدر فريق شاناهان أن العرض سيكلف 92 مليون دولار. وهذا كثير للبقاء خارج العمل.

 

نيكولاس شميدل هو كاتب وباحث في مركز وودرو ويلسون الدولي للباحثين.

 

ترجمة: هيثم مزاحم - الميادين نت