"الغارديان" تكشف تمويل السعودية لقناة إيرانية في لندن
يزعم مصدر مطلع أن قناة "إيران انترناشيونال" تموّلها شركات لها علاقات مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
كشفت صحيفة الغارديان البريطانية أن القناة التلفزيونية الإيرانية "إيران انترناشيونال" ومقرها المملكة المتحدة يتم تمويلها عبر كيان سري وشركة مديرها رجل أعمال على صلات وثيقة بولي العهد السعودي محمد بن سلمان ، يمكن للجارديان الكشف عنها.
وقالت الصحيفة إنه من المرجح أن يثير هذا الإفصاح المخاوف حول عدد المحطات المرتبطة بالسعودية والتي تعمل في جميع أنحاء لندن.
وقال مصدر لصحيفة الغارديان إن الأمير محمد، الذي يعتبر المسؤول عن قتل الصحافي جمال خاشقجي، هو القوة التي تقف وراء قناة "إيران انترناشيونال". المحطة التي تعمل من منطقة تشيسويك غرب لندن لم تنفِ المزاعم بتلقيها تمويلاً من الديوان الملكي السعودي.
وظهرت قناة "إيران انترناشيونال" بشكل مفاجئ في المشهد الإعلامي في لندن في العام الماضي. وقدمت للعديد من شبكة الموظفين البالغ عددهم 100 شخص رواتب سخية، ضعف ما تقدمه القنوات المنافسة، ولكنها كانت مراوغة حول مصدر تمويلها.
وقالت الغارديان إن الملايين من الإيرانيين محبطون من القناة الحكومية الخاضعة للرقابة وهم يقومون بتركيب أطباق غير قانونية على السطوح لمشاهدة قنوات فضائية أخرى، وأصبحت لندن مركزًا لمثل هذه القنوات الإيرانية المنفية، والتي تتضمن أيضًا الخدمة الفارسية لهيئة الإذاعة البريطانية ، وتلفزيون ماناتو، الذي قام بنشر إصدارات إيرانية من برنامج "ذا أكس فاكتور" The X Factor و"تعال تعشى معي" Come Dine With Me.
وزعم المصدر أن سعود القحطاني، كاتم أسرار ولي العهد، الذي كان أحد مسؤولين كبيرين عُزلا بسبب تورطها بقضية جمال خشقجي، متورط في تمويل تلفزيون "إيران انترناشيونال".
وقال المصدر "يمكنك الحصول على صورة أكبر عن هؤلاء الأولاد (أعلام الإعلام السعودي) من خلال المال المنثور (من قبل الأمير محمد بن سلمان) محاولاً تغيير العالم عبر شراء الإعلام. إنه مال يأتي من الديوان الملكي".
وقالت قناة "إيران إنترناشيونال" إن أية اقتراحات بأن الشبكة كانت ضالعة في أي نوع من أنواع المخالفات أو كانت عرضة لتأثيرات غير لائقة أو لم تكن مستقلة تحريرياً هي مزاعم من دون أساس.
واعتبرت صحيفة الغارديان أنه في حين أن المملكة العربية السعودية تظهر عدم التسامح بشكل مطلق مع انتقاد نظامها الملكي المطلق، كما أكد مقتل خاشقجي، فإنها تقوم بإنشاء منظمات إعلامية بلغات أخرى، وخصوصاً بشأن إيران.
وقال اسكندر صادقي بروجردي، وهو باحث ما بعد الدكتوراه في التاريخ الإيراني الحديث في جامعة أكسفورد: ""في حين أن هناك القليل من الشك أن اليد الثقيلة للدولة الإيرانية لديه نصيب عادل من المسؤولية عن هذه الحالة وغياب ثقة الجمهور في هيئة الإذاعة الحكومية، يبدو أن قناة "إيران انترناشيونال" هي جزء لا يتجزأ من قرار ولي العهد السعودي اتخاذ موقف أكثر عدوانية ضد إيران، مدعوماً، بلا شك، من قبل إدارة ترامب".
وقال أحد المطلعين على بواطن الأمور من الداخل: "لقد تم إخباري أنه ليس هناك حتى ريال سعودي واحد في التمويل. لو علمت أن التمويل جاء من السعودية، لما كنت انضممت إلى المحطة. أستطيع أن أقول أن تلفزيون "إيران انترناشيونال" قد تحول إلى منصة ... للتعصب الإثني والطائفية."
وفي وقت سابق من هذا الصيف، تم انتقاد منظمة "مجاهدي خلق، وهي منظمة تقوم على عبادة الشخصية، وتتبنى تغيير النظام ولها صلات بالمملكة العربية السعودية، بسبب تغطيتها المكثفة والمباشرة لتجمع لها. كبار المسؤولين في إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بمن فيهم جون بولتون، هم من المدافعين عن المجموعة، التي تم إدارجها كمجموعة إرهابية في الولايات المتحدة حتى عام 2012.
وقال المصدر المطلع إن المحتوى التحريري للمحطة قد تم وضعه من قبل مستثمرين سريين مختبئين خلف شركة "أوف شور" في جزر كايمان. وأضاف المصدر أن تغطية أخبار "مجاهدي خلق" هي من الأمثلة على ذلك.
وقد درست شركة "أوفكوم" Ofcom مؤخراً قناة "إيران انترناشيونال" لمنحها وقتاً على الهواء للثناء على الهجوم الإرهابي الذي وقع في إيران الشهر الماضي.
وقالت الصحيفة إن "فولانت ميديا"، الشركة التي تدير محطة "إيران إنترناشيونال"، لديها مدير يدعى عادل عبد الكريم، وهو مواطن سعودي، ولديه علاقة عمل طويلة مع مدراء تنفيذيين سعوديين بعضهم ذوو صلة جيدة بالديوان الملكي، بمن فيهم عبد الرحمن الراشد، وهو عضو مجلس إدارة المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق (SRMG) ، وهي أكبر شركة نشر في الشرق الأوسط.
وأضافت الغارديان أن مصادر متعددة تزعم أن الراشد، وهو المدير العام السابق لقناة العربية الإخبارية المملوكة للسعودية، كان ضالعاً أيضًا محطة "إيران إنترناشيونال".
وقد وُصف نبيل الخطيب، وهو مستشار يعمل مع "إيران إنترناشيونال"، من قبل محرري القناة وموظفيها بأنه مشرف على المحطة أو ممثل للمستثمرين فيها. وقد تم الزعم أن رؤساء تحرير "إيران إنترناشيونال" قد استخدموا الجنسية الفلسطينية لنبيل الخطيب للتضليل بشأن التمويل السعودي للقناة. وقد اطلعت "الغاردينان" على وثائق مسرّبة تظهر أن الخطيب قد طرح أسئلة وقدم تعليقات حول تغطية "إيران إنترناشيونال" لموضوع حقوق الإنسان في السعودية، واقترح بعض أفكار لقصص أخبارية مرتبطة بإيران والمملكة العربية السعودية. وقد نفى الخطيب التأثير على القرارات التحريرية للقناة وقال إنه مستشار مستقل يقدم خدمات للشركات في جميع أنحاء العالم.
والشهر الماضي، ظهر الخطيب كمدير مشروع "بلومبرغ الشرق" وهو صفقة موقعة بين بلومبرغ والمجموعة السعودية للأبحاث والتسويق (SRMG).
ووفقاً لأحد المصادر، منحت السعودية مبلغ 250 مليون دولار (197 مليون جنيه استرليني) كتمويل لمساعدة قناة "إيران إنترناشيونال"، التي لا تبث إعلانات تجارية. ولم يعطِ المصدر إطارًا زمنيًا، بل قام بتدقيق في إيجار مكتب القناة ورواتب الموظفين، لفترة أولية مدتها خمس سنوات، بمعدل 50 مليون دولار سنويًا. وقد خسرت "فولانت ميديا" 26 مليون جنيه استرليني في عام 2017، وفقاً لحسابات قدمت في 4 تشرين الأول – أكتوبر الجاري.
وقال موظف سابق إن العديد من الموظفين عالقون بين مطرقة وسندان. فهم لم تتح لهم الفرصة لإطلاعهم على حقيقة التمويل السعودي للمحطة وفي الوقت نفسه يخشون من عدم قدرتهم على تحمل تكاليف الاستقالة أو ترك الوظيفة خشية من تكبد سداد (بنود جزائية) بحسب عقودهم. ويعتمد البعض على رعاية القناة لتأشيرة الإقامة ليعيش في لندن".
وقال غاري سيك، الذي خدم في مجلس الأمن القومي الأميركي في إدارة الرئيس جيمي كارتر، إن كلاً من إيران والسعودية تستغلان وسائل الإعلام في التنافس الإقليمي. وأضاف أن "تلفزيون "برس تي في" الإيراني مليء بالقصص السلبية عن القيادة السعودية، ووسائل الاعلام السعودية تصوّر إيران باعتبارها المصدر الأعظم للإرهاب في الشرق الأوسط."
أما روب باينون، القائم بأعمال رئيس محطة "إيران إنترناشيونال" فلم ينفِ أن تمويلها يأتي من الديوان الملكي السعودي.
وقال باينون إن "إيران إنترناشيونال" تقدم الأخبار لجميع الإيرانيين، في إيران وفي الشتات، وتعكس أكبر عدد من الآراء. إنتاجنا لا يخضع لأي أشخاص من الخارج، بل لسياستنا التحريرية، المنشورة على موقعنا الإلكتروني بالإنجليزية والفارسية". وأضاف: "إنها سياسة شفافة ونزيهة، كما ترون من إنتاجنا. هيكل الإدارة هو كما تتوقع في أي مؤسسة إخبارية. يتم اتخاذ القرارات من قبل كبار مديري التحرير لدينا، الذين يقدمون لي تقريراً".
ترجمة: الميادين نت