هل تدعم واشنطن خياراً عسكرياً للإطاحة بمادورو؟
رغم أن التدخل الأميركي المباشر في فنزويلا لا يزال فكرة هامشية، فإن شخصيات المعارضة تتقبلها على نحو متزايد.
تناولت صحيفة الغارديان البريطانية في مقالة للكاتب جو باركين دانييلز احتمال لجوء إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى شكل من الخيار العسكري في فنزويلا سواء بتدخل مباشر أو دعم لبعض المعارضين الانقلابيين داخل الجيش والإدارة. والآتي نص المقالة:
عندما طرح دونالد ترامب لأول مرة فكرة "الخيار العسكري" في فنزويلا العام الماضي، تم رفضه على نطاق واسع من قبل القادة الإقليميين وخبراء السياسة.
حتى أن أقرب مساعدي الرئيس الأميركي كانوا مرعوبين من قبل اقتراح الغزو الذي يثير لدى العديد في أميركا اللاتينية ذكريات مريرة عن الغزوات الأميركية السابقة في المنطقة.
ولا يزال التدخل الأميركي المباشر يشكل فكرة هامشية، لكن يبدو أن جزءاً صغيراً من المعارضة الفنزويلية ترى إمكانية حدوث انقلاب عسكري لإزالة الرئيس "السلطوي" نيكولاس مادورو.
وكشفت صحيفة "نيويورك تايمز" يوم السبت، مدفوعة بملاحظة ترامب الارتجالية، أن أعضاء عسكريين متمرّدين التقوا سرّاً مع مسؤولين أميركيين لمناقشة خطط لإطاحة "مادورو".
وعلى الرغم من أن معظم السياسيين المعارضين البارزين قد تجنبوا دعوات واضحة للانقلاب، يبدو أن البعض يعتقد الآن أن مادورو لن يُبعد عبر صندوق الاقتراع.
عندما انقلب المجلس التشريعي للبلاد إلى المعارضة في عام 2016، عزله الرئيس وقام بتركيب مجلس مليئ بالموالين. وقد فاز بإعادة انتخابه في أيار - مايو من هذا العام، في تصويت وصف بأنه مخجل من قبل المنافسين والمراقبين.
وقال خوليو بورغيس، وهو سياسي معارض يعيش الآن في كولومبيا: "لا يوجد مخرج ديمقراطي من هذه الازمة. الجيش لديه عدو جديد وهو نيكولاس مادورو - هم يعرفون أنه يأخذ البلاد في أسوأ مسار".
قد تمتلك البلاد أكبر احتياطيات نفطية في العالم، ولكنها تنهار ببطء. لقد جعل التضخم عملة فنزويلا عديمة القيمة، في حين أن نقص السلع الأساسية شائع. معدلات الجريمة ترتفع والعدل نادراً ما يطبق. حوالي 2.3 مليون فنزويلي هربوا ببساطة من البلاد.
الوضع يائس، لكن صحيفة نيويورك تايمز نقلت أن هناك قلقاً من أن المتشددين في واشنطن وكاراكاس يسعون إلى هندسة تدخل.
وقال جيف رامزي وهو خبير فنزويلا في مكتب واشنطن بشأن أميركا اللاتينية(Wola)، وهو مركز بحثي، "في مناخ نرى فيه أن خطاب الحرب يكسب مزيداً من القبول في واشنطن. أنا أبدأ بالقلق من أننا سنشهد تدخلاً أميركياً في صورة ما". وقال: "من المؤكد أن القصة ستستخدم كعلف لصقور فنزويلا في واشنطن، الذين يزعمون أن محاولات الانقلاب السابقة فشلت لأن البيت الأبيض لم يقدم المعونات المطلوبة".
وكتب عضو مجلس الشيوخ عن ولاية فلوريدا ماركو روبيو (وهو من أصول كوبية)- الذي أفيد بأنه ساعد في صياغة الكثير من سياسة ترامب في أميركا اللاتينية – مقالة رأي في صحيفة ميامي هيرالد في شباط - فبراير الماضي يدعو فيها إلى انتفاضة في فنزويلا. وكتب روبيو: "يذكرنا التاريخ بأن الطغاة نادراً ما يتنازلون عن السلطة الدكتاتورية طواعية. إن الطريق الأكثر استقرارا وسلماً لفنزويلا هو من أجل جبهة موحدة من موظفي الحكومة والعسكريين الساخطين، بدعم شعبي من الشعب الفنزويلي، لإزالة مادورو ودائرته الخاصة".
وقد استُهدف مادورو وحكومته بالفعل عن طريق العنف: فقد نجا الشهر الماضي من محاولة اغتيال استخدمت فيها طائرات من دون طيار مسلحة بالمتفجرات. ويبدو أن مجموعة صغيرة وغامضة تسمى "جنود في تي شيرت" قد أعلنت مسؤوليتها عن الهجوم، على الرغم من أن الرئيس ألقى باللوم على الحكومة الكولومبية وأعضاء المعارضة الفنزويلية، بمن في ذلك بورغيس، وشن حملة قمع ضد المنشقين.
وفي العام الماضي، قام ضابط شرطة مارق، يدعى أوسكار بيريز، باختطاف طائرة هليكوبتر وأطلق النار على مباني حكومية في ما زعم أنه عمل ضد "ديكاتور".وتمت مطاردة بيريز وقتله على أيدي القوات الفنزويلية.
بعد تأملات ترامب الأولية الصقرية، حذر خوان مانويل سانتوس، رئيس كولومبيا آنذاك، من أن ليس هناك بلد أميركي لاتيني سيقبل بـ(تدخل) قوة عسكرية أميركية في فنزويلا.
كان سلف مادورو، هوغو شافيز، قد تعرض لانقلاب عسكري قصير الأجل في نيسان -أبريل 2002. لكن المخططين فشلوا في الحصول على دعم شعبي، وعاد شافيز إلى السلطة بعد ثلاثة أيام، وأكثر نضالاً من ذي قبل.
وظهر في وقت لاحق أن إدارة الرئيس جورج دبليو بوش كانت على علم بمؤامرة الانقلاب، رغم مع أنها نأت بنفسها عن المشاركة علناً فيها. هذا لم يمنع شافيز من وصف الحلقة كمثال آخر للتدخل الإمبريالي الأميركي. إنه سيناريو يتبعه مادورو الآن، والذي طالما اتهم الولايات المتحدة بالتدخل.
وقال أومار لارس، وهو رئيس بلدية سابق للمعارضة فر إلى كولومبيا قبل عام، إن كشف يوم السبت عن مؤامرة جديدة هي اللحوم الحمراء للرئيس المحاصر. وأضاف أن "الطريقة التي أرى فيها هذه التقارير (حول مؤامرة أميركية) هي خدمة كبيرة وغبية لمصلحة مادورو".
ترجمة: هيثم مزاحم - الميادين نت