ماكرون وميركل سيضغطان على ترامب لحفظ الاتفاق مع إيران

اتفق المفاوضون الأميركيون والأوروبيون على اتخاذ تدابير قوية لفرض عقوبات على إيران إذا أجرت اختبارات على صواريخ طويلة المدى، وإذا منعت المفتشين الدوليين من دخول أي موقع، بما في ذلك المواقع العسكرية.

يتعرض ترامب لضغوط أوروبية للإبقاء على الاتفاق النووي مع إيران

تناولت صحيفة نيويورك تايمز الزيارة الدولة التي يقوم بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الولايات المتحدة الأميركية والزيارة المرتقبة للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى واشنطن يوم الجمعة المقبل، واعتبارها ضمن الجهود الأوروبية لحض ترامب على عدم إلغاء الاتفاق النووي مع إيران، مشيرة إلى أن المفاوضين الأميركيين والأوروبيين يحققون تقدماً بشأن الاتفاق على إدخال تعديلات جوهرية على هذا الاتفاق بحيث يشمل قضية الصواريخ الباليستية الإيرانية وتدخلات إيران في الشرق الأوسط. والآتي ترجمة أبرز ما جاء في المقالة:

 

سيتعرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب لضغوط متزايدة من الزعيمين الفرنسي والألماني الزائرين لواشنطن هذا الأسبوع كي لا يلغي الشهر المقبل الاتفاق النووي مع إيران، والذي مضى  ثلاث سنوات مع على توقيعه في عام 2015. ويحرز المفاوضون الأميركيون والأوروبيون تقدماً مبدئياً نحو التوصل إلى اتفاق جديد لتشديد القيود المفروضة على طهران.

وقد وصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى البيت الأبيض في أول زيارة دولة لرئاسة ترامب، عازماً على استخدام علاقاته غير العادية مع الرئيس الأميركي في محاولة لإقناعه بالحفاظ على الصفقة الإيرانية، على الأقل في الوقت الراهن. ورغم أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ليست مقرّبة من ترامب، إلا أنها ستتابع الضغط يوم الجمعة المقبل لتعزيز هذه الرسالة.

وتأتي هاتان الزيارتان المتتاليتان قبل أسابيع من الموعد النهائي الذي حدده ترامب في 12 مايو- أيار المقبل "لإصلاح" الاتفاق الإيراني أو التخلي عنه. وبموجب الاتفاق الذي حدده الرئيس باراك أوباما عام 2015، قامت إيران بوقف برنامجها النووي في مقابل حصولها على إعفاء من العقوبات الدولية التي تعيقها. لكن ترامب وغيره من المنتقدين للاتفاق قد هاجموه لأنه تنتهي مدته بعد عقد من الزمان ولا يمنع تطوير الصواريخ الإيرانية أو يحاول منعها من زعزعة استقرار المنطقة.

في الأسابيع الأخيرة، أحرز المفاوضون الأميركيون والأوروبيون تقدماً نحو الاتفاقات الجانبية التي من شأنها أن تضع معايير جديدة لإيران كي تقبل بها أو تخاطر بإعادة فرض العقوبات عليها من قبل الغرب. وقد توصل المفاوضون عموماً إلى توافق في الآراء حول إجراءات لتقييد برنامج الصواريخ البالستية الإيرانية، وفقاً لما ذكره أشخاص تمت إحاطتهم بالمحادثات، لكن المفاوضين لا يزالون منقسمين حول كيفية تمديد القيود المفروضة على الاتفاق الأصلي بسبب الفشل الناتج عن انتهائه بدءاً من عام 2025.

والأهم من ذلك أن الأوروبيين يريدون ضمانات بأنه في حالة التوصل إلى اتفاقيات جانبية، فإن الولايات المتحدة سوف تبقى في الصفقة، وهو التزام صعب للمسؤولين الأميركيين بالنظر إلى الطبيعة الزئبقية للرئيس ترامب. لكن القادة الأوروبيين يأملون أن يتمكنوا من إقناعه بالدفاع عن إظهار تقدم كافٍ في المفاوضات يمكنه أن يدعي أن هذا التقدم يجعل الصفقة أفضل.

وقالت ويندي ر. شيرمان، المسؤولة السابقة الرفيعة في وزارة الخارجية الأميركية، التي تفاوضت على صفقة إيران خلال إدارة أوباما: "أعتقد أن هذه ستكون محادثة صعبة للغاية. أنا متأكدة من أن ماكرون سيتحدث عن مدى أهمية البقاء في الصفقة لعلاقة قوية عبر الأطلسي في جميع الأمور، ولا سيما الأمن. أعتقد أن ميركل ستوصل الرسالة نفسها يوم الجمعة".

ومع ذلك، أشار البيت الأبيض يوم الاثنين إلى أن ترامب يدخل في المحادثات بانطباع واحد. وقالت سارة هوكابي ساندرز، السكرتيرة الصحافية للبيت الأبيض: إن الرئيس "يعتقد أنها صفقة سيئة - وهذا الاعتقاد لم يتغير بالتأكيد".

قد يؤثر مصير الاتفاق الإيراني على الاجتماع المقبل للرئيس ترامب مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون الذي يملك بالفعل ترسانة نووية صغيرة. ومهما كانت عيوب الصفقة الإيرانية، يدرك المسؤولون الأميركيون أن إلغاءها قبل أيام أو أسابيع من ذلك الاجتماع قد يعقد فرص السيد ترامب في التوصل إلى اتفاق مع السيد كيم.

لقد أشار وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بشكل ضمني إلى تلك النقطة يوم الاثنين من خلال الإشارة إلى أن المفاوضات التي أدت إلى الاتفاق النووي بين بلاده وست قوى عالمية مشاركة فيه، تتضمن تنازلات متبادلة من جميع الأطراف.

وقال ظريف، في مقابلة مع "ذا ناشيونال انترست"، وهي مجلة سياسية في واشنطن، "والآن تقول الولايات المتحدة، ما هو لي هو لي وما هو لك قابل للتفاوض. وكل ما قدمته لك، فأنا أريده الآن. من ذا الذي سيتعامل مع الولايات المتحدة بعد الآن؟".

يواجه السيد ترامب مواقف متضاربة بين مستشاريه في وقت يعيد فيه تشكيل فريق الأمن القومي. فلطالما دافع مستشاره الجديد للأمن القومي جون بولتون، ببساطة عن إنهاء الصفقة الإيرانية، في حين أن مايك بومبيو، الذي من المقرر أن يصبح وزيراً للخارجية، مستعد للاحتفاظ ب الاتفاق إذا كان من الممكن التفاوض بشأن شروط جديدة قوية.

لقد شكّل السيد ترامب (71 عاماً) والسيد ماكرون (40 عاماً) صداقة غير متوقعة، على الرغم من خلافاتهما السياسية حول صفقة إيران والتجارة الدولية وتغيّر المناخ وقضايا أخرى. لكن في حين أن الأوروبيين يعتبرون السيد ماكرون مبعوثهم إلى السيد ترامب، فقد كانت له نجاحات ملتبسة أثّرت على الرئيس. وتعاون الزعيمان على شن غارات جوية ضد سوريا هذا الشهر رداً على هجوم كيميائي مشتبه به، لكن عندما قال السيد ماكرون علناً إنه أقنع السيد ترامب بإبقاء القوات الأميركية في سوريا "على المدى الطويل"، فإن البيت الأبيض خالفه بذلك بسرعة، نافياً تغيير ترامب لقراره بسحب القوات الأميركية في وقت قريب.

وأبلغ السيد ماكرون رسالته عن إيران من خلال الظهور على شبكة الرئيس المفضلة، فوكس نيوز، خلال عطلة نهاية الأسبوع. وقال في مقابلة مع فوكس نيوز الأحد: "هل الميثاق شيء مثالي لعلاقتنا مع إيران؟ لا. ولكن بالنسبة للطاقة النووية، ماذا لديك كخيار أفضل؟ أنا لا أرى أي خيار. ما هو سيناريو "ماذا لو" أو "الخطة ب"؟ ليس لدي أي خطة باء النووية ضد إيران".

وأضاف ماكرون أنه يؤيد التعديلات على الصفقة، المعروفة باسم خطة العمل المشتركة الشاملة، "وجهة نظري هي أن أقول، لا تترك الآن الخطة(الاتفاق). طالما أنك لا تملك خيارًا أفضل للنووي، ودعنا نستكملها بـ(اتفاق حول) الصواريخ الباليستية والاحتواء الإقليمي".

لقد اختار السيد ظريف ذلك يوم الاثنين. وكتب ظريف على تويتر: "إن الرئيس ماكرون محق في قوله إنه لا توجد خطة "ب" على خطة العمل المشتركة الشاملة. إما كل شيء أو لا شيء. ينبغي على القادة الأوروبيين تشجيع الرئيس ترامب ليس فقط على البقاء في الاتفاق النووي، ولكن الأهم من ذلك هو البدء في تنفيذ الجزء الخاص به من الصفقة بحسن نية".

وذكرت "نيويورك تايمز" أن المفاوضات الأميركية مع المسؤولين الأوروبيين، بقيادة مدير تخطيط السياسة في وزارة الخارجية الأميركية براين هوك، "قد وجدت بعض الأرضية المشتركة، وفقاً لما ذكره أشخاص على اطلاع على هذه المحادثات. ويقوم المفاوضون بتطوير ملحقين، أو اتفاقات جانبية، للاتفاق الأصلي، تهدف إلى تقييد برنامج إيران الصاروخي والآخر لمواجهة اعتداءاتها في الشرق الأوسط".

واتفق المفاوضون على اتخاذ تدابير قوية لفرض عقوبات على إيران إذا أجرت اختبارات على صواريخ طويلة المدى، وناقشت الوثيقة الإطارية كيفيك الرد في حال اختبارها صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى. فقد اتفقوا على أنه ستفرض عقوبات على إيران إذا منعت المفتشين الدوليين من دخول أي موقع، بما في ذلك المواقع العسكرية. وقد أحرز المفاوضون تقدماً في تحديد آلية إعادة فرض العقوبات التي تم رفعها عن إيران كجزء من صفقة 2015 - إذا تم اكتشاف أن إيران قامت بتوسيع برنامجها النووي بما يكفي للسماح لها بتطوير سلاح نووي في أقل من عام.

لكن المفاوضين منقسمون حول ما سيحدث بعد ذلك. وتصر إدارة ترامب على إعادة فرض العقوبات بشكل تلقائي إذا انتقلت إيران إلى ذلك الأمر خلال عام، في حين يريد الأوروبيون أن يكون تفعيل العقوبات مجدداً في حال قررت إيران توسيع برنامجها بما لا يتماشى مع برنامجها النووي المدني. إذا اتفق الأميركيون والأوروبيون في نهاية المطاف، فإن ذلك سينهي فعليًا بنود انتهاء الصلاحية المعروفة باسم "غروب الشمس" من خلال جعل مهلة العام الواحد دائمة.

وقال مارك دوبويتز، الرئيس التنفيذي لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات: "لقد تحرك الأوروبيون كثيراً في غضون بضعة أشهر، وأعتقد أن هذا يجب أن يكون قابلاً لردم الهوة بين الطرفين، لكن الأمر يعتمد بالطبع على ماكرون وترامب. يبدو الأمر دقيقاً، ولكنه في الواقع أساسي جدًا. من المحتمل تمامًا أن ينهار الأمر نتيجة ذلك".

وكشفت صحيفة نيويورك تايمز إن الألمان هم الأكثر مقاومة بين الأوروبيين، مجادلين بأن إعادة التفاوض من دون إيران أو الأطراف الأخرى في الصفقة، روسيا والصين، يرقى إلى مستوى سوء النية، وسيؤدي في النهاية إلى انهيار الاتفاق الأصلي.

وأضافت الصحيفة أنه إذا لم يتم التوصل إلى اتفاقات جانبية، فإن إدارة ترامب تعد أيضًا خطط طوارئ للرئيس الأميركي للانسحاب من الصفقة الإيرانية تمامًا وماذا ستفعله الولايات المتحدة حينئذ لمواجهة إيران.

وقد قاومت روسيا والصين إجراء أي تغييرات على الاتفاق النووي. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يوم الاثنين بعد اجتماعه مع نظيره الصيني وانغ يي في بكين: "سنعرقل محاولات تخريب هذه الاتفاقات التي نص عليها قرار مجلس الأمن الدولي".

لكن منتقدي الصفقة ضغطوا على ترامب ليظل قوياً. فقد أدان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو اليوم الاثنين الاتفاق. وقال إن الصفقة "تعطي إيران طريقاً واضحاً إلى ترسانة نووية ولا تتعامل مع الصواريخ الباليستية التي يمكنها تسليم هذا السلاح إلى العديد من الدول. ولهذا السبب يجب إصلاح هذه الصفقة بشكل كامل أو إلغاؤها تماماً".

ترجمة: الميادين نت