"نيويورك تايمز": خطة كوشنر الهجينة للسلام قد فشلت
للإنصاف القول إن هذا الأمر لم يبدأ مع ترامب: لقد عملت أميركا على تمكين الاحتلال الإسرائيلي ومشروع الاستيطان لعقود.
كتبت ميشيل غولدبرغ مقالة رأي في صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية تناولت فيها التصعيد الإسرائيلي في فلسطين المحتلة، وفشل "خطة سلام" الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب وصهره جاريد كوشنر، القائمة على اتفاقات أبراهام للتطبيع بين "إسرائيل" وبعض الدول العربية، في طمس القضية الفلسطينية.
وقالت الكاتبة إن جاريد كوشنر كتب في صحيفة "وول ستريت جورنال" قبل شهرين: "نشهد آخر بقايا ما عُرف بالصراع العربي الإسرائيلي".
قال ذلك حين كان يستعرض نتائج اتفاقات أبراهام، وهي خطة سلام مبتذلة ساعد كوشنر في التفاوض بشأنها في عهد ترامب. وكان لديه وهم قاتل، نتيجة ثقته بنفسه، والاتفاقات نفسها، بأن الفلسطينيين كانوا مذلولين ومهزومين لدرجة أن "إسرائيل" يمكن أن تتجاهل ببساطة مطالبهم.
قال كوشنر في مقالته: "أحد أسباب استمرار الصراع العربي الإسرائيلي لفترة طويلة هو الأسطورة القائلة بأنه لا يمكن حله إلا بعد أن تحل إسرائيل والفلسطينيون خلافاتهم. لم يكن هذا صحيحاً أبداً، فقد كشفت اتفاقيات أبراهام عن الصراع على أنه ليس أكثر من نزاع حقيقي بين الإسرائيليين والفلسطينيين لا يحتاج إلى تعطيل علاقات إسرائيل مع العالم العربي الأوسع".
وقالت الكاتبة إنه للتحايل على هذا الخلاف، قامت الولايات المتحدة برشوة الدول العربية والإسلامية الأخرى لتطبيع العلاقات مع "إسرائيل". إذ حصلت الإمارات العربية المتحدة على صفقة أسلحة هائلة، ونال المغرب دعم ترامب لضمه للصحراء الغربية. وشُطب السودان من قائمة أميركا للدول الراعية للإرهاب.
وأضافت: "لكن انفجار القتال في إسرائيل وفلسطين في الأيام الأخيرة يوضح شيئاً لم يكن يجب أن يكون موضع شك وهو أن العدالة للفلسطينيين شرط مسبق للسلام، وأن أحد أسباب قلة العدالة للفلسطينيين هو السياسة الخارجية للولايات المتحدة".
وقال جيريمي بن عامي، رئيس مجموعة "جي ستريت" الصهيونية الأميركية: "لا أعتقد أن هناك أي طريقة كان يمكن أن يصل بها هذا الاحتلال وعملية الضم الزاحفة إلى ما هو عليه اليوم لو رفضت الولايات المتحدة" هذه العملية.
واعتبرت الكاتبة أن هذا الحريق الهائل الحالي بدأ مع التطرف الإسرائيلي الذي ولد من شعور بالإفلات من العقاب. إذ كانت نقطة الاشتعال الرئيسية هي الحملة التي قادها المستوطنون الإسرائيليون لطرد العائلات الفلسطينية من منازلهم في حي الشيخ جراح في القدس الشرقية. كما كانت هناك هجمة لشرطة الاحتلال الإسرائيلي على المسجد الأقصى في شهر رمضان، لقطع مكبرات الصوت لئلا تطغى صلاة الفلسطينيين على خطاب الرئيس الإسرائيلي.
وتابعت: "يخشى الفلسطينيون من أن "إسرائيل" تحاول إخراجهم من القدس بشكل كامل. وهذا بدوره سمح لحركة حماس بأن تجعل نفسها حامية القدس.. لقد ولد الكثير من الرعب من وهم كل من اليمين الإسرائيلي والأميركي، وعندما يتعلق الأمر بذلك بالنسبة للفلسطينيين، فإن الوضع الراهن مستدام".
وقالت الكاتبة إنه للإنصاف القول إن هذا الأمر لم يبدأ مع ترامب: لقد عملت أميركا على تمكين الاحتلال الإسرائيلي ومشروع الاستيطان لعقود.
وقال طارق باقوني، المحلل البارز في "مجموعة الأزمات الدولية" ومقره رام الله، إن إدارة ترامب كانت بطريقة ما أكثر صدقاً من الإدارات الأميركية التي سبقتها فيما يتعلق بتجاهلها للفلسطينيين. وأوضح أن سياسة ترامب الخارجية سمحت ل"اليمين الإسرائيلي بفهم أنه يمكنهم الإفلات من سياساتهم الأكثر تطرفاً".
فقبل ترامب، كان من الشائع القول إن الاحتلال سيجبر "إسرائيل" في النهاية على الاختيار بين أن تكون دولة يهودية أو دولة ديمقراطية. خلال سنوات ترامب، أصبح خيار "إسرائيل" لا يمكن إنكاره. إذ كرّس "قانون الدولة القومية" الإسرائيلي لعام 2018 "الاستيطان اليهودي كقيمة وطنية" وقوّض المساواة القانونية بين مواطني "إسرائيل" اليهود والعرب. ومع توسّع المستوطنات، تحول حل الدولتين من حلم بعيد إلى خيال.
وقال باقوني إن موت إطار الدولتين عزز الشعور بالمصير المشترك بين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة والعرب الإسرائيليين (فلسطينيي الداخل)، أو كما يشير الكثيرون إلى أنفسهم، المواطنين الفلسطينيين في "إسرائيل". وأضاف: "كلما نظرنا إلى إسرائيل وفلسطين كحقيقة دولة واحدة، حيث يتمتع اليهود بحقوق كاملة ويكون للفلسطينيين مستويات مختلفة من الحقوق، كلما يفهم الفلسطينيون نضالهم على أنه كفاح مشترك".
إن أحد الجوانب الفريدة والمروعة للعنف الذي يهز المنطقة الآن يتمثل في الاشتباكات الطائفية بين اليهود والفلسطينيين داخل "إسرائيل" نفسها. ففي مدينة اللد، تم إحراق ما لا يقل عن أربعة معابد يهودية ومدرسة دينية. و"شوهدت حشود يهود تتجول في شوارع طبريا وحيفا بحثاً عن عرب للاعتداء" عليهم، كما ذكرت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" الإسرائيلية.
وقالت ديانا بوتو، المحامية السابقة لمنظمة التحرير الفلسطينية، للكاتبة عبر الهاتف من حيفا، "لقد عشت هنا لفترة طويلة، ولم أرَ الوضع بهذا السوء من قبل".
وختمت الكاتبة بالقول "إن الولايات المتحدة ضمنت كل من القهر الفلسطيني والقوة المتزايدة للعرقية اليهودية، ولا يكفي أن يكون جو بايدن أفضل قليلاً من ترامب أو أن يحاول إعادة بدء عملية سلام طيفية. فإذا لم تعد إسرائيل قادرة على تجاهل مطالب الفلسطينيين، فلا يمكن للأميركيين تجاهل ذلك أيضاً".
نقله إلى العربية: الميادين نت