"المونيتور": "إسرائيل" لم تطمئن من لقاء بايدن مع كوهن
لم يكن نتنياهو سعيداً بالمقاربة الأميركية التي قدمها الرئيس جو بايدن لرئيس الموساد يوسي كوهن خلال لقائه به في واشنطن، فـ"إسرائيل" قلقة رغم تطمينات بايدن بعدم التخلي عنها، وأن الاتفاق مع إيران حول النووي لا يعني امتلاكها القدرة النووية.
يقول الكاتب بن كسيت في موقع "المونيتور" إن "إسرائيل" لم تطمئن من اللقاء الذي جمع الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الموساد يوسي كوهن في 30 نيسان/أبريل في البيت الأبيض. كما يتناول المحادثات الجارية في فيينا بشأن الملف النوي الإيراني، ويشير إلى أن "الأميركيين يتحركون قدماً بأقصى سرعة نحو الاتفاق".
فيما يلي نص المقال المترجم:
قال متحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي إن لقاء كوهين الأصلي كان مع رئيس المجلس جيك سوليفان، وأن بايدن "عرّج للتعبير عن تعازيه في مأساة جبل ميرون''.
لكن مصادر دبلوماسية أخبرت "المونيتور" أن الاجتماع كان كل شيء ما عدا "تعريج" - نوع الاجتماع الذي اعتاد عليه كبار المسؤولين الإسرائيليين على مر السنين. كان على ما يبدو اجتماعاً كاملاً عقده البيت الأبيض بناءً على طلب الرئيس. كان كوهِن – السلاح الأخير لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في محاولته اليائسة لعرقلة مسار العودة المتبدية للولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي الإيراني – قد اجتمع لمدة ساعة واحدة مع بايدن يوم الجمعة الماضي.
وكون بايدن قد تحمّل عناء لقاء كوهِن، بعد أن لم يفعل ذلك الشهر الماضي عندما عقد مستشار الأمن القومي الإسرائيلي مئير بن شابات اجتماعات رفيعة المستوى في واشنطن، يشهد على مكانة كوهِن في العاصمة الأميركية، حيث يتمتع رئيس الموساد الأنيق بمكانة فريدة كرئيس لوكالة التجسس المتفاخرة على مدى السنوات الخمس الماضية.
في "إسرائيل"، كشخصية مثيرة للجدل إلى حد ما، يخترق الأضواء ولعه بالأضواء وشائعات عن طموحاته بخلافة نتنياهو في المستقبل. ومع ذلك، في مجتمع الاستخبارات، اكتسب كوهِن معجبين في معظم العواصم الغربية.
لغة كوهين الإنكليزية لا تشوبها شائبة، كما أنه يظهر جاذبية شخصية وكاريزما. وصل إلى واشنطن في 26 نيسان/أبريل وأجرى اجتماعات مع مدير وكالة الاستخبارات المركزية وليام بيرنز ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان ووزير الخارجية أنتوني بلينكن ووكيلة الوزارة ويندي شيرمان ومديرة الاستخبارات الوطنية أفريل هينز وآخرين.
من المحتمل أن تكون نوعية الاستخبارات التي أحضرها كوهِن معه قد وصلت إلى المكتب البيضاوي، وأخبره بيرنز في 28 نيسان/أبريل أن الرئيس سيكون سعيداً جداً برؤيته. وعقد الاجتماع بعد يومين في البيت الأبيض.
مصادر دبلوماسية في القدس، مطلعة على مضمون الاجتماع، قالت إن بايدن استقبل كوهِن بفيض من المشاعر الصهيونية. يعود الاثنان إلى الوقت الذي شغل فيه بايدن منصب نائب الرئيس وكوهِن مستشاراً للأمن القومي لـ"إسرائيل". وشدد الرئيس على أنه يحب "إسرائيل"، ويحب الشعب اليهودي، ويضمن أمن "إسرائيل" ورفاهها، ولن يتراجع أبداً عن هذا الالتزام. وأبلغ بايدن كوهِن باهتمامه الشديد بالمحرقة، وأعلن التزامه باتفاقيات السلام الإسرائيلية الأخيرة مع الدول العربية والإسلامية، وتعهد بدعمه لاستمرار الزخم في هذا الصدد.
ثم انتقل الحديث إلى الفيل الإيراني في الغرفة. وفقًا لكل من مصادر دبلوماسية في القدس ومسؤولين أميركيين، قدم كوهِن لبايدن تصور "إسرائيل" للتهديد الإيراني وقدم له ملخصاً للمعلومات الاستخبارية التي قدمها في اجتماعاته الأخرى في واشنطن. وفقاً لكوهِن، فإن العودة إلى الصفقة الأصلية "الاتفاق النووي" ستكون خطأ فادحاً، نظراً للعيوب الموجودة في اتفاق 2015. يجب على واشنطن أن تسعى جاهدة من أجل اتفاقية مختلفة، تُعرف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة الثانية (JCPOA2)، لسد الثغرات في الصفقة الأولى بين إيران والولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين والاتحاد الأوروبي.
ومن بين العيوب الرئيسية التي ذكرها كوهِن، تجاهل الاتفاق لبرنامج إيران للصواريخ الباليستية متوسطة وطويلة المدى، ورعاية إيران للإرهاب من قبل حرس الثورة الإسلامي ووزارة الاستخبارات، وزعزعة استقرار الأمن الإقليمي. وبحسب ما ورد قال كوهِن لبايدن إنه يجب على القوى العالمية أن تضع إيران في مكانها كدولة تدعم الإرهاب وتنشره بدلاً من مكافأتها.
ثم انتقل الحديث إلى مناقشة الأبعاد العسكرية المحتملة لإيران. بايدن عرض وجهة نظر الولايات المتحدة بأن الدول الكبرى يجب أن تعود إلى الاتفاق الأصلي وفقاً لنموذج "الامتثال مقابل الامتثال"، وبعد ذلك سيسعى الموقّعون إلى تحسين وتوسيع الاتفاق.
كوهِن قدّم مقاربة مختلفة، وقال إن الصفقة الأصلية تستند إلى افتراضات خاطئة كشفتها إسرائيل، خاصة في الأرشيف النووي، في إشارة إلى الملفات السرية التي أخرجتها "إسرائيل" من إيران في سنة 2018. اقترح كوهِن أن يتعمّق الرئيس في التطورات منذ توقيع الاتفاق قبل ما يقرب من ست سنوات، بما في ذلك المواقع المشبوهة (مثل المستودع في منطقة توركوز آباد في طهران، على سبيل المثال) الذي لم يتم استكشافه بعد. كما أشار كوهِن إلى العلماء العاملين تحت إشراف وزارة الدفاع لتطوير القدرات النووية العسكرية وغيرها من الأمور التي فشلت إيران في تفسيرها بشكلٍ مُرض.
جادل كوهِن بأن العودة إلى الاتفاق ورفع العقوبات الاقتصادية من شأنه أن يحرم الولايات المتحدة من النفوذ لتعديل الاتفاق وتحسينها. في حين لم يتم حل الخلافات، وُصف الاجتماع بأنه ودي للغاية واستمع الرئيس باهتمام لضيفه. كما أثنى على إنجازات الموساد.
مصدر دبلوماسي إسرائيلي رفيع المستوى في القدس قال لـ"المونيتور"، شريطة عدم الكشف عن هويته: "في نهاية المطاف، اختار بايدن كوهِن من أجل إيصال رسالة واضحة مفادها أن الولايات المتحدة لن تتخلى عن "إسرائيل"، وأنها لن توافق أبداً على امتلاك إيران القدرة النووية العسكرية، وأن العودة إلى الاتفاق ليست نهاية العالم بل مجرد بداية لعملية".
نتنياهو، الذي تلقّى إحاطة موسعة من كوهِن حول اللقاء واستجوبه مطولاً، من دون شك ليس سعيداً بالمقاربة الأميركية. قال أحد مساعديه لـ"المونيتور" هذا الأسبوع، شريطة عدم الكشف عن هويته: "الأميركيون يتحركون قدماً بأقصى سرعة نحو الاتفاق. قد نسمع بعض الاختراق في غضون أيام".
السؤال هو ما إذا كانت تصريحات بايدن موجهة فقط لنتنياهو أم أنه كان يفكر في تراجع احتمالات بقاء نتنياهو في منصبه طوال فترة رئاسته. هناك شيء واحد واضح: مع نتنياهو أو بدونه، ستبقى إيران القضية الرئيسية في المحادثات المستقبلية بين القدس وواشنطن.