"الغارديان": مخاطر ترامب مستمرة حتى يوم التنصيب
المشكلة الحقيقية هي تصرفات إدارة ترامب على مدار السنوات الأربع الماضية، لكن المخاطر قد تتزايد مع اقتراب رحيلها.
قالت صحيفة "الغارديان" البريطانية في افتتاحيتها إن اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده الأسبوع الماضي "كان عملاً طائشاً واستفزازياً، وُصف بأنه انتهاك محتمل للقانون الدولي ليس فقط من قبل مقرر الأمم المتحدة المعني بعمليات القتل خارج نطاق القضاء، ولكن كذلك من قبل رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية السابق جون برينان".
وأضافت الصحيفة أنه على الرغم من عدم إعلان أي جهة مسؤوليتها عن الاغتيال، إلا أن المسؤولين الأميركيين أشاروا إلى أن القتل من صنع "إسرائيل". فالاغتيالات السابقة لعلماء نوويين نُسبت إلى جهاز "الموساد".
وتابعت الافتتاحية: اللافت حقاً هو التوقيت. كان فخري زاده هدفاً رئيسياً، لكن آخر عملية قتل من هذا النوع كانت في عام 2012، وحذرت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما "إسرائيل" من هجمات أخرى. ومن الصعب تصديق أنها مصادفة أن هذا حدث بينما يستعد دونالد ترامب لترك منصبه على مضض. إذ يبدو أن الأمر لا يتعلق بالأحداث في إيران بقدر ما يتعلق بالسياسة في الولايات المتحدة و"إسرائيل"، حيث يبحث بنيامين نتنياهو مجدداً عن آفاقه الانتخابية.
ورأت "الغارديان" أن الضرر الحقيقي الذي حدث ليس للبرنامج النووي الإيراني، ولكن للدبلوماسية، إذ ثمة شك بأن القصد هو إثارة رد فعل قد يشعر الرئيس المنتخب جو بايدن بأنه غير قادر على تجاهله، مما يجعل خططه للعودة إلى الاتفاق النووي أكثر صرامة - أو الأسوأ من ذلك، مما يسمح لإدارة ترامب بالرد بقوة أكبر. وقد تعهدت إيران بالرد، على الرغم من أنها تتفهم القوى الموجودة في اللعبة وعادة ما تكون حريصة على ضبط أفعالها، إلا أن القتل - بعد أشهر من مقتل الفريق الإيراني القوي قاسم سليماني - سلّط الضوء على ضعفها. هذه لحظة خطيرة.
واعتبرت الصحيفة البريطانية أن المشكلة الحقيقية ليست أفعال الأيام القليلة الماضية، ولكن أفعال السنوات الأربع الماضية. فقد انسحب خلالها ترامب من "خطة العمل الشاملة المشتركة" - الاتفاق النووي الإيراني - على الرغم من امتثال إيران له، ومنذ ذلك الحين بذل كل ما في وسعه لتدميره. بمزيج من الأيديولوجية، وفي حالة ترامب، النرجسية والنزعة الانتقامية التي جعلته مصمماً على تفكيك الإنجاز المميز لسلفه، قوضت الإدارة الأميركية المعتدلين في إيران، بمن في ذلك الرئيس حسن روحاني، وعززت المتشددين. وقد تفاقم الضرر بسبب إجراءات مثل الموافقة على بيع التكنولوجيا النووية للعدو الأكبر لإيران، المملكة العربية السعودية.
وقالت الافتتاحية إن الرسالة التي أرسلها ترامب كانت أن الولايات المتحدة غير جديرة بالثقة وغير موثوق بها، وأن أي اتفاق من المرجح أن يكون مؤقتاً ويستند إلى هوى الرئيس. إن اعتبار السيد بايدن لاعباً أكثر قابلية للتنبؤ به قد يؤثر على الحسابات قصيرة المدى. ولكن على المدى الطويل، ترى الدول الأخرى أن الولايات المتحدة أقل موثوقية بشكل أساسي. هذه الدروس لن تلتفت إليها طهران وحدها، بل دول أخرى كذلك، ولا سيما بيونغ يانغ.
وأضافت: لقد كافحت مجموعة الترويكا الأوروبية E3 - المملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا - للحفاظ على موقفها ضد الضغط الأميركي المكثف وبذل كل ما في وسعها لدعم "خطة العمل الشاملة المشتركة" أي الاتفاق النووي مع إيران. وحدّ هذا فقط من الضرر. لقد دأبت إيران على انتهاك التزاماتها في الاتفاق، فيما تصوره على أنه رد على خيانة الولايات المتحدة ومحاولة لزيادة الدعم من الموقعين الآخرين على "خطة العمل الشاملة المشتركة". سيكون من المفيد وضع خارطة طريق لإعادة إيران والولايات المتحدة إلى التوافق مع الاتفاق الأصلي.
لكن بايدن لن يتم تنصيبه حتى 20 كانون الثاني / يناير. لا تزال الخناق تضيق على الاقتصاد الإيراني. نحن نعلم بالفعل أن السيد ترامب ناقش إمكانية شن هجوم على المنشآت النووية، ولكن تم تحذيره من قبل مساعديه. وبحسب ما ورد، أعطى ترامب مستشاريه الضوء الأخضر منذ ذلك الحين لزيادة الضغط طالما أنهم لا "يبدأون الحرب العالمية الثالثة". يأمل البعض في أن يتمكن الجيش الإسرائيلي والبنتاغون من إبطاء أي مبادرات خطيرة بشكل خاص. لكن الخطر حقيقي من أن الضرر الذي حدث منذ عام 2016 يمكن أن يتضخم قريباً. فعلى الرغم من أن رحيل ترامب سبب للارتياح، إلا أنه لا يمكن أن يأتي قريباً بما فيه الكفاية، ختمت "الغارديان".
ترجمة: الميادين نت