ترامب يعرقل الانتقال الرئاسي والجمهوريون ينفضون من حوله
بايدن مستعد للجلوس في مقعد السائق والقيادة لكنه يحتاج إلى وضع يديه على المفاتيح أولاً. وحتى الآن، رفض ترامب منحها له. لم يتلقَ بايدن حتى الآن إمكانية الوصول إلى المكاتب الحكومية أو الاتصالات الآمنة أو الإحاطات السرية.
تساءلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية إن كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب سيعترف بفوز جو بايدن في الانتخابات الرئاسية أم لا؟
وقالت إن ترامب نشر ما بدا أنه تنازل ضمني على تويتر صباح السبت، معترفاً بنتائج الانتخابات، إن لم يكن بشرعيتها، عندما كتب عن بايدن، "لقد فاز لأن الانتخابات كانت مزورة".
وانتزع المراقبون أول كلمتين من تلك التغريدة، مشيرين إلى أنها كانت المرة الأولى التي يقبل فيها ترامب علانية فوز بايدن. لكن بعد ساعة، عاد ترامب برسالة أخرى، أوضح أنه لم يتخلَ عن الرواية الكاذبة بأن نتيجة الانتخابات كانت محل خلاف.
وكتب الرئيس على تويتر: "لقد ربح فقط في عيون وسائل الإعلام المزيفة. أنا لا أعترف بأي شيء! لدينا طريق طويل لنقطعه. كان هذا اقتراعاً صارماً".
ومع ذلك، تتزايد الدعوات من كبار الجمهوريين إلى ترامب لقبول النتيجة المشروعة للانتخابات. فقد تحدث عدد من حكام الولايات الجمهوريين ومسؤولين سابقين في إدارة ترامب محذرين من عواقب وخيمة إذا واصل الرئيس حملته التضليلية.
وقال آيسا هاتشينسون، الحاكم الجمهوري لولاية أركنسو، في برنامج "قابل الصحافة" على قناة NBC إن بايدن على وشك أن يصبح الرئيس المقبل، وإنه يجب أن يكون لديه حق الوصول إلى التقارير الاستخباراتية. وأكد على الحاجة إلى انتقال سلس للسلطة لضمان التوزيع الفعال للقاح فيروس كورونا.
قال هاتشيسون: "أتوقع أن يكون جو بايدن الرئيس القادم للولايات المتحدة. كان من الجيد في الواقع أن نرى الرئيس ترامب يغرد على تويتر أنه فاز. أعتقد أن هذه بداية شكر".
وقال جون بولتون، مستشار الأمن القومي السابق لترامب الذي انفصل عن الرئيس بعد مغادرته البيت الأبيض، إنه إذا جعل ترامب "الحياة صعبة بقدر ما يستطيع" لإدارة بايدن المقبلة، فقد تكون لها نتائج جذرية. وقال في برنامج "This Week" على قناة ABC: "أعتقد أنه من المهم جداً لقادة الحزب الجمهوري أن يشرحوا لناخبينا - الذين ليسوا أغبياء كما يعتقد الديموقراطيون - أن ترامب خسر الانتخابات في الواقع وأن مزاعمه بتزوير الانتخابات لا أساس لها من الصحة".
وقالت الصحيفة إن ترامب لا يزال في الوقت الحالي ترامب يستمتع بدعم المؤمنين الحقيقيين به حيث نزل آلاف منهم إلى العاصمة واشنطن يوم السبت للمشاركة في مسيرة المليون "ماغا" MAGA وتظاهرات أخرى.
وتجمع المتظاهرون، الذين استنكروا نتيجة الانتخابات، حول ساحة الحرية في وسط واشنطن بعد ظهر يوم السبت، ملوحين بالأعلام ومسيرات. وقد شارك عدد من الجماعات اليمينية المتطرفة.
وكانت معظم التظاهرات سلمية، لكن مواجهة واحدة على الأقل بين مؤيدي ترامب والمحتجين المناوئين تحولت إلى عنف، حيث ورد أن رجل واحد طعن. وقامت الشرطة باعتقال ما لا يقل عن 20 شخصاً، بينهم أربعة بتهمة استخدام السلاح.
بالإضافة إلى تظاهرة "ماغا" المليونية، تم تنظيم مسيرة "أوقفوا السرقة" "Stop the Steal" ومسيرة "نساء من أجل ترامب" Women for Trump في واشنطن السبت.
وقد ظهر ترامب نفسه لتقديم الدعم لأنصاره، حيث كان يقود سيارته الجيب ويلوح من نافذتها.
انتخابات مجلس الشيوخ في جورجيا
قالت "نيويورك تايمز" في تقرير منفصل إن من المرجح أن يزور جو بايدن جورجيا في الأسابيع المقبلة لدعم المرشحين الديمقراطيين لانتخابات مجلس الشيوخ في انتخابات الإعادة في أوائل العام المقبل، حسبما قال رئيس مكتبه.
وقال رون كلاين، الذي عينه بايدن الأسبوع الماضي كرئيس للموظفي البيت الأبيض، في برنامج "قابل الصحافة" "Meet the Press" على قناة NBC: "سترى حملة الرئيس المنتخب هناك مع اقترابنا من يوم الانتخابات. سنضع الأشخاص والمال والموارد هناك لمساعدة المرشحين الجيدين لدينا على الفوز".
وقالت "نيويورك تايمز" في تقرير منفصل إن جولات الإعادة في جورجيا الحزب الذي يسيطر على مجلس الشيوخ. فإذا فاز كل من الديمقراطيين، جون أوسوف والقس رافائيل وارنوك، في السباق، فسيتم تقسيم المجلس، بنسبة 50-50، مع تعيين كامالا هاريس، نائبة الرئيس المنتخب، للإدلاء بصوتها الحاسم في حالة التعادل.
وتتدفق الأموال إلى جورجيا على حملتي الحزبين، حيث استثمرت مجموعات المصالح عبر الطيف السياسي بشدة في نتائج انتخابات مجلس الشيوخ.
تاريخياً، كان نظام جولة الإعادة في الولاية - حيث لا يمكن لأي مرشح الفوز بمقعد في مجلس الشيوخ من دون الحصول على دعم غالبية الناخبين في جورجيا - في تفضيل الجمهوريين، وذلك بفضل القاعدة القوية للولاية من الناخبين البيض المحافظين. لكن الناخبين السود يشكلون الآن حوالى ثلث الناخبين في الولاية، وهو جزء كبير من سبب فوز بايدن بجورجيا هذا العام ولهذا يعتقد الديمقراطيون أن لديهم فرصة قتالية لاستعادة مجلس الشيوخ.
ترامب يعرقل الانتقال الرئاسي
أشارت الصحيفة إلى أن بايدن مستعد للجلوس في مقعد السائق والقيام بالقيادة- لكنه يحتاج إلى وضع يديه على المفاتيح أولاً. وحتى الآن، رفض الرئيس ترامب منحها له. لم يتلقَ بايدن حتى الآن إمكانية الوصول إلى المكاتب الحكومية أو الاتصالات الآمنة أو الإحاطات السرية حول الأمن القومي، مما ترك المشرعين في كلا الحزبين قلقين.
لكن ما يزعج فريقه بشكل خاص هو حقيقة أن إنكار ترامب لنتائج الانتخابات قد تركه في حالة جهل بشأن العناصر الحاسمة للاستجابة الفيدرالية لفيروس كورونا في وقت ينتشر فيه الفيروس في جميع أنحاء البلاد. وكونهم غير قادرين على العمل مع البيت الأبيض في الانتقال، تُرك مستشارو بايدن لجمع ما في وسعهم من معلومات من المسؤولين السابقين في إدارة ترامب. ويركز فريق بايدن على عناصر التخطيط لاستراتيجيته الخاصة لمواجهة تفشي وباء كورونا التي لا تعتمد على معلومات من إدارة ترامب. ويتضمن ذلك خطة اختبار على مستوى البلاد، لم يضعها ترامب أبداً، ويقوم بايدن بتصميمها من الصفر بمساعدة خبراء في مؤسسة روكفلر.
وعلى الرغم من رفض البيت الأبيض التعاون، كان بايدن يتحدث مع قادة العالم - على الرغم من أنه كان عليه إجراء اتصالاته الأولى من دون خطوط الهاتف الآمنة التي كان يمكن أن يستخدمها إذا تم الاعتراف به رسمياً كرئيس منتخب. وقد تلقى مكالمات تهنئة من قادة وطنيين في آسيا وأوروبا وأستراليا.
كما تحدث مع البابا فرانسيس، الذي شكره بايدن على "تعزيز السلام والمصالحة والروابط الإنسانية المشتركة في جميع أنحاء العالم"، حسبما قال مكتبه الانتقالي.
وتعهد بايدن، وهو ثاني كاثوليكي ينتخب رئيساً لأميركا، بالعمل مع البابا لمحاربة الاحتباس الحراري ورعاية "المهمشين والفقراء".
وقال عضو مجلس الشيوخ الجمهوري جيمس لانكفورد إنه سيتدخل للتأكد من أن بايدن لديه حق الوصول إلى الإيجازات اليومية إذا كان الرئيس لا يزال لا يتيحها بحلول نهاية الأسبوع.
قال السناتور الجمهوري عن ولاية ميسوري روي بلانت إنه وافق على أن بايدن يجب أن يكون لديه حق الوصول إلى هذه الملفات. وقال بلانت عن مستشاري بايدن: "لا أعتقد أنهم بحاجة إلى معرفة كل شيء. أعتقد أنهم بحاجة إلى معرفة بعض الأشياء، وسيكون الأمن القومي أحدها".
ومثل معظم زملائهم الجمهوريين، لم يعترف لانكفورد وبلانت بشكل صريح بعد بفوز بايدن بالسباق، حتى لو كانت تعليقاتهمت توضح إلى حد ما كيف يريان الأمور. من جانبه، بدا أن لانكفورد يتراجع قليلاً عن تعليقاته السابقة، قائلاً إنه بينما يدعم الإحاطات الإعلامية لبايدن، "ما زلنا لا نعرف من سيكون الرئيس".
لكن الجمهوريين الآخرين توقفوا ببساطة عن اللعب مع ادعاء ترامب بأن نتائج الانتخابات موضع شك. فالحاكم الجمهوري لولاية أوهايو مايك ديواين الذي قال قبل أيام فقط إنه يريد الانتظار حتى انتهاء الخلافات القانونية قبل قبول الفائز في الانتخابات، غير لهجته. وقال ديواين على شبكة سي إن إن: "نحن بحاجة إلى اعتبار نائب الرئيس السابق الرئيس المنتخب. جو بايدن هو الرئيس المنتخب".
ونشر كارل روف، أحد كبار المستشارين المؤثرين للرئيس السابق جورج دبليو بوش الإبن، مقالة افتتاحية في صحيفة وول ستريت جورنال يوم الأربعاء بعنوان "لن يتم نقض نتيجة الانتخابات هذه".
عندما سئل عن موعد يقبل فيه ترامب حقيقة خسارته، حدد تشاك غراسلي، الرئيس الجمهوري للجنة المالية في مجلس الشيوخ، موعداً نهائياً قائلاً إنه 13 كانون الأول / ديسمبر المقبل، قبل يوم واحد من قيام وفود الهيئة الانتخابية بالإدلاء بأصواتهم لمنصب الرئيس.
وينتج عن كل هذا حسابات معقدة للجمهوريين الذين يتطلعون إلى الترشح للرئاسة في عام 2024. ولم يتحدث أي من هؤلاء الذين يُنظر إليهم على نطاق واسع على أنهم مرشحون ليقولوا إن على ترامب قبول النتائج والمضي قدماً.
فترامب نفسه يتحدث بجدية عن الترشح للرئاسة مرة أخرى في عام 2024، وفقاً لمستشاريه، الذين يقولون إنه يعترف الآن بشكل خاص بما يعارضه علناً: أنه خسر.
وبغض النظر عن المسار الذي يختاره، فمن الواضح بشكل متزايد أن إبعاد الرئيس الخامس والأربعين من المكتب البيضاوي لن يعني إبعاده عن دائرة الأخبار.
وقال عضو مجلس الشيوخ الجمهوري عن ولاية ميسوريـ جوش هاولي: "عندما تنظر إلى عدد الأصوات التي حصل عليها، تنظر إلى نوع الحماس الذي يولده، أعني - سيكون شخصية مهمة جداً سواء كان في البيت الأبيض أم لا".
وقال هاولي الذي يُنظر إليه على أنه مرشح رئاسي محتمل: "أنا لا أعرف من يمكن اعتباره القائد، إن لم يكن هو".
إعداد وترجمة: هيثم مزاحم