خديجة جانكيز: قتل النظام السعودي خطيبي، لا يمكن السماح له بشراء "نيوكاسل"
محمد بن سلمان يحاول استعادة صورته. إذا سمح الدوري الإنجليزي له بذلك، فستظل سمعته ملطخة إلى الأبد.
كتبت خديجة جانكيز، خطيبة الصحافي السعودي المقتول جمال خاشقجي، مقالة في صحيفة "ذا غارديان" البريطانية دعت فيها نادي "نيوكاسل يونايتد" الإنجليزي إلى وقف صفقة بيع الفريق العريق في الدوري الإنجليزي للسعودية التي يحاول حاكمها الفعلي ولي العهد محمد بن سلمان تلميع صورته العالمية في "محاولة ساخرة" لغسل الرياضة "لانتهاكات حقوق الإنسان" في المملكة.
والآتي ترجمة نص المقالة:
إن خطط الاستيلاء على نيوكاسل يونايتد من قبل كونسورتيوم يسيطر عليه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، يثير أسئلة حول العالم. فقد أدانت جماعات حقوق الإنسان هذه المحاولة الساخرة التي قامت بها المملكة لـ"غسل الرياضة" لانتهاكاتها لحقوق الإنسان. لكن لا يوجد ما يشير إلى أنه سيتم حظر عملية الاستحواذ التي تبلغ 300 مليون جنيه إسترليني.
فعلى مدى السنوات القليلة الماضية، أنفق ولي عهد السعودية وحاكمها الفعلي، محمد بن سلمان ثروة كي يضع نفسه في العالم كتحديثي. في عام 2017، طلب دعماً عالمياً في تحويل المملكة إلى مجتمع مفتوح من شأنه تمكين مواطنيها - وجذب الاستثمار الأجنبي بشكل حاسم. لقد قام ظاهرياً بإدخال بعض الإصلاحات الليبرالية، وإلغاء الحظر المفروض على قيادة النساء للسيارات وقام بتقييد سلطات الشرطة الدينية. كما أنفق مئات الملايين في بناء آلة علاقات عامة عالمية لتسويق أجندته للعالم.
لكن خلف كل هذا كان الاعتقال والتعذيب والقتل. ومن بين انتهاكات النظام، تلك التي ارتكبت خلال الحرب في اليمن، والتي دفعت الأمم المتحدة إلى تقديم ادعاءات ذات مصداقية بارتكاب جرائم حرب.
وأصبح خطيبي الصحافي جمال خاشقجي ضحية للنظام في تشرين الأول / أكتوبر 2018. وقد ذبحه عملاء الحكومة السعودية في قنصليتها في اسطنبول بينما كنت أنتظر في الخارج. حاولت هذه الحكومة التستر على القتل وفشلت. خلصت وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية والمقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بعمليات القتل خارج نطاق القضاء إلى أن ولي العهد أمر بقتل جمال.
إن القتل الشنيع وآثاره قد شوهت سمعة بن سلمان وخلقت إحراجاً كبيراً للحكومة السعودية. لأشهر عدة تجنب العديد من قادة العالم ولي العهد ورفضت بعض الشركات التعامل مع السعودية. ومع ذلك، فهو يعمل الآن على استعادة سمعته. تعمل شبكة من الشركات، تقع مقرات العديد منها في لندن، على مدار الساعة لتحويل الانتباه عن انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها المملكة. استضافت السعودية مباريات الملاكمة وحدث غولف، ولا يزال اتفاقها الطويل الأمد مع منظمة المصارعة WWE على حاله. هذه الأحداث هي مجرد نافذة، تهدف إلى استعادة الثقة في حكم إبن سلمان، وليس توسيع الحريات الفعلية للسعوديين.
وبعيداً عن كونه حاكماً مستنيراً، أظهر إبن سلمان نفسه قوة مزعزعة للاستقرار في المنطقة. فأثناء أزمة فيروس كورونا، بينما كانت الدول الأخرى تسعى جاهدة لحماية مواطنيها، كان يعمل على تعزيز السلطة. وفي مارس / آذار الماضي، اعتقل 298 موظفاً حكومياً، من بينهم ثلاثة من كبار أفراد العائلة المالكة، تحت ستار مكافحة الفساد. والشهر الماضي، اشترى صندوق الثروة السيادية الذي يرأسه حصة بقيمة 500 مليون دولار (410 مليون جنيه استرليني) في شركة الترفيه الأميركية "لايف نيشن" Live Nation. وقد عمل إبن سلمان منذ أن بدأت أزمة كورونا في استعادة حصة بلاده المفقودة في السوق من خلال حرب أسعار النفط.
لقد شجع إبن سلمان إخفاق حكومات العالم في محاسبته في السنوات الأخيرة. تستعد مجموعته الاستثمارية الآن للاستحواذ على ملكية أحد الأندية الأكثر دعماً في الدوري الإنجليزي الممتاز.
ومع ذلك، ستنتهك الرابطة ميثاقها الخاص إذا سمحت للصفقة بالمضي قدماً: يحظر هذا الميثاق على أي شخص أن يصبح مديراً للنادي إذا "قام بسلوك خارج المملكة المتحدة من شأنه أن يشكل جريمة ... إذا حدث مثل هذا السلوك في المملكة المتحدة، سواء أدى هذا السلوك إلى إدانة أم لا".
ليس لدي شك في أن مشجعي "نيوكاسل يونايتد" لا يرغبون في أن يُدار ناديهم من قبل مهندس هذا القمع الوحشي. إنه نظام يتم فيه تعذيب الصحافيين، ويختفي المنشقون ويحكم على الإصلاحيين بالإعدام.
وقد حذرت منظمة العفو الدولية من أن الدوري الإنجليزي الممتاز يمكن أن يصبح ضحية مخدوعة من أولئك الذين يريدون استخدام "بريق وهيبة كرة القدم في الدوري الممتاز للتستر على الأعمال غير الأخلاقية". لقد اتهمت "هيومن رايتس ووتش" المملكة العربية السعودية باستخدام كرة القدم "كأداة للعلاقات العامة لصرف الانتباه عن سجلها السيء في مجال حقوق الإنسان". مع ذلك، رفض الدوري الإنجليزي منع محاولة إبن سلمان اليائسة لحماية صورته.
للأسف، قال وزير الثقافة البريطاني، أوليفر دودن، إنه من غير المرجح أن تتدخل الحكومة. ولكن حان الوقت لحكومات الغرب وجميع الهيئات الوطنية المسؤولة لمحاسبة إبن سلمان. إن تقاعسها في السنوات الأخيرة أعطاه الاعتقاد بأنه يستطيع أن يفعل ما يرغب به من دون المخاطرة بتداعياته.
إن هذه فرصة للدوري الإنجليزي الممتاز لتوضيح أن المجرمين والطغاة غير مرحب بهم في مسابقة كرة القدم الأكثر احتراماً في العالم. وإذا لم تغتنم هذه الفرصة، فسوف تلطخ سمعته الخاصة إلى الأبد. تأكدوا إلى أن أولئك الذين هم على وشك الاستيلاء على "نيوكاسل"، أيديهم ملطخة بالدماء.
ترجمة: الميادين نت