"فورين بوليسي": ترامب يقوم بعملية تطهير في البنتاغون
يخشى المسؤولون في وزارة الدفاع الأميركية تعيين مساعد كبير لنائب الرئيس مايك بنس، قد يقوض سلطة وزير الدفاع مارك إسبر.
كشفت مجلة "فورين بوليسي" الأميركية في تحقيق مطول لها أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ترسل موالين للبيت الأبيض للعمل في دور سياسي رئيسي في وزارة الدفاع (البنتاغون)، حيث يشعر المسؤولون بالقلق من أن هذه الخطوة تهدف إلى التخلص من المدنيين غير الموالين للرئيس.
ومن المقرر أن يصل مايكل كوترون، الذي كان أكبر مساعد للأمن القومي لنائب الرئيس مايك بنس في شؤون جنوب آسيا، إلى البنتاغون للعمل في دور وراء الكواليس لفحص ولاء مسؤولي وزارة الدفاع للرئيس، وذلك وفقاً لمسؤولَين حاليَين في الإدارة.
ويخشى بعض المسؤولين من أن وصول كوترون وتحركات الأفراد المخططة الأخرى في البنتاغون يمكن أن تقوض وزير الدفاع مارك إسبر حيث كان البيت الأبيض يتطلع إلى تعيين المزيد من مسؤولي الدفاع الموالين للرئيس، والذي جاء على رأسه اختيار العميد المتقاعد في الجيش، الجنرال أنتوني تاتا، بصفته المسؤول السياسي الأعلى في البنتاغون، والذي لفت أنظار الرئيس دونالد ترامب كمعلق على قناة "فوكس نيوز".
وقال أحد كبار المسؤولين الحاليين في الإدارة لـ"فورين بوليسي" بشأن خطط كوترون لتعديل المسؤولين في مكتب وزير الدفاع: "إنه يضغط من أجل استبدال وإبعاد المدنيين في مكتب وزير الدفاع غير المتوافقين مع البيت الأبيض. ليس لإسبر رأي في من هم الأشخاص الرئيسيون الذين يشغلون مناصب عليا".
في الأشهر التي أعقبت محاكمته في مجلس الشيوخ، قام ترامب بتطهير المسؤولين الذين يعتبرون مستقلين وعين مكانهم موالين سياسيين له في عدد من المناصب الرفيعة، مما أدى إلى الإطاحة بأعلى مسؤول رقابي في الحكومة الأميركية، غلين فاين، في الشهر الماضي وترشيح خليفة دائم في مكانه لوظيفته اليومية في البنتاغون. كما أقال ترامب كذلك كبير مسؤولي الرقابة في مجتمع الاستخبارات، مايكل أتكينسون، في نيسان / أبريل الماضي، الذي أخبر المشرعين بشأن الشكوى عن احتجاز البيت الأبيض للمساعدات العسكرية لأوكرانيا والتي أطلقت التحقيق في مساءلة ترامب.
ولم يتضح على الفور متى سيتولى كوترون، الذي يترك منصبه الوظيفي كمحلل لوكالة الاستخبارات المركزية ليصبح مكلفاً سياسياً، منصبه الجديد كنائب مساعد وزير الدفاع للشؤون الأمنية الدولية. وهو يحل محل ديف تروليو، رئيس الأركان السابق لنائب وزير الدفاع لشؤون السياسة، الذي شغل المنصب مؤقتاً قبل مغادرته القسم هذا العام.
يقول المسؤولون إن الوظيفة الجديدة ستسمح لكوترون بتدقيق موظفي البنتاغون دون أن يكون لوظيفته جانب مواجه للجمهور. وقال البنتاغون في بيان لـ"فورين بوليسي" إنه "لم يكن لديه أي إعلان خاص بهذا الشخص أو ذلك المنصب، وليس لدينا أي معلومات حول أي تكهنات أخرى" في القصة.
وقال مسؤول في البيت الأبيض للمجلة إنه تم اختيار كوترون كمحترف معترف به في مجال الأمن القومي للمساعدة في قيادة المنصب، والذي يشمل سياسة الإشراف على دول كتلة الناتو وأفريقيا والشرق الأوسط.
وقد أثارت خطوة التعيين الأخيرة هذه قلق مسؤولي البنتاغون المخضرمين، الذين يخشون من إزاحة عدد قليل من المعينين المتبقيين المفوضين والمتمكين من دفع أفكار السياسة المتخلفة، من مناصبهم أو تقويضها، مما يشير إلى تشديد سيطرة البيت الأبيض أكثر مما كان عليه في ظل وزيلا الدفاع السابق جيمس ماتيس، الذي كان مقرباً من العديد من المعينين السياسيين للوكالة.
وتتولى كاثرين ويلبارغر، وهي موظفة سابقة في لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ برئاسة السيناتور جون ماكين، بشكل دائم الدور الذي حدد لكوترون، لكنها كانت تعمل مساعدة لوزير الشؤون الدولية بالنيابة لأكثر من 18 شهراً.
وأبلغ مسؤول في البيت الأبيض "فورين بوليسي" أن خطوة تعيين كوترون لن تؤثر على ويلبارغر، الذي تم إرسالها هذا العام كمرشحة من إدارة ترامب لنيابة وزير الاستخبارات، لكن مسؤولاً كبيراً في الإدارة أخبر المجلة أن علاقات ويلبارغر مع جون ماكين، الناقد لترامب، ومع ماتيس يمنع الإدارة من تأكيد تعيينها. وأفادت مجلة
"بوليتيكو" في آذار / مارس أن ترشيحها قد تم تعليقه وسط مخاوف من بعض مساعدي ترامب من أنها لم تكن مخلصة بما فيه الكفاية للرئيس.
وقال بلال صعب، الذي كان حتى وقت قريب مستشاراً كبيراً لقضايا الشرق الأوسط في البنتاغون، إنها الشخص الوحيد الذي يمسك بزمام الأمور، وهي معرضة للخطر. وأضاف صعب، وهو الآن زميل في معهد الشرق الأوسط: "إن نقاط المقاومة لأفكار السياسة السيئة تستمر في التبخر واحدة تلو الأخرى".
يعتقد مسؤولو وزارة الدفاع أن كوترون يأخذ إشارات بشأن قضايا التوظيف من مكتب بنس، حيث عمل لمدة ثلاث سنوات تقريباً. وقال زملاؤه السابقون الآخرون الذين عملوا معه إنه ليس إيديولوجياً وقد اكتسب سمعة كخبير في أفغانستان وقضايا جنوب آسيا الأخرى. وقال شخص على معرفة بكوترون، الذي تم تعيينه في مكتب نائب الرئيس منذ 2017: "في مكتب بنس، لم يكن هناك صندوق ولاء للتحقق منه".
وتم تعيين معظم هؤلاء المسؤولين بالفعل من قبل ترامب. ولكن على الرغم من ذلك، كان هناك تركيز أكثر من قبل إدارة ترامب لإزالة المعينين الذين يُنظر إليهم على أنهم مقربون من وزير الدفاع السابق ماتيس، الذين ضغطوا ضد تعامل الرئيس مع الحلفاء في حلف الناتو، وضد الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، والخروج المفاجئ من بعثة مكافحة "داعش" في سوريا، مما دفع الجنرال المتقاعد من مشاة البحرية إلى الاستقالة من منصب رئيس البنتاغون في كانون الأول / ديسمبر 2018.
وقال جيم تاونسند، مسؤول سياسة البنتاغون السابق خلال إدارة أوباما: "لقد أصبح الأمر تطهيراً بعض الشيء". وقال إنه مع زرع الإدارة في البنتاغون لموجة جديدة من المعينين الذين قد لا يكون لديهم الكثير من الخبرة في سياسة الدفاع، يمكن أن تخلق احتكاكًا بينهم وبين الخدمة المدنية والعاملين العسكريين. وهذا بدوره يمكن أن يعرقل عملية صنع السياسات. وقال "بعض هؤلاء المؤمنين الحقيقيين ... قد لا يعرفون كيفية العمل مع البيروقراطية، وقد لا يعرفون القضايا كذلك، وهم يشعرون بضغط من الرؤساء".
وقال المسؤول الكبير في الإدارة إن كوترون سيتحدث إلى نواب الأمناء المساعدين، وهم مدراء المناطق الرئيسية لسياسة البنتاغون، للتدقيق في تعيينات لا تتوافق مع البيت الأبيض.
والمثير للدهشة للكثيرين، إن كوترون قد ساعد على تعيين سيث جونز، وهو مستشار سابق محترم جداً لقوات العمليات الخاصة الأميركية في أفغانستان، والذي كان من المقرر أن يصبح أكبر مسؤول سياسات أفغانستان في البنتاغون.
ويأتي تهميش جونز في الوقت الذي تصدَّر فيه المزيد من المعينين المقربين من ترامب عناوين الصحف، بما في ذلك لو بريمر، وهو أحد أفراد البحرية السابقين الذين أرسل البيت الأبيض إشعاراً عن نيته الرسمية في ترشيحه لمنصب مساعد وزير الدفاع للعمليات الخاصة والصراع منخفض الشدة - وهو الدور الذي ترك من دون تعيين من قبل مجلس الشيوخ لمدة عام تقريباً.
كما تولت سيمون ليدين، الموالية السياسية الأخرى، منصب نائب مساعد وزير الدفاع لشؤون الشرق الأوسط. عملت ليدين في مناصب في البنتاغون ووزارة الخزانة في الماضي وكمديرة تنفيذية في بنك دولي. والدها، مايكل ليدن، مفكر بارز في السياسة الخارجية المحافظ قدم المشورة للبنتاغون ووزارة الخارجية خلال إدارة الرئيس جورج دبليو بوش.
وليس من الواضح ما إذا كان كوترون أو البيت الأبيض قد حددوا مدنيين آخرين لإجراء تخفيضات محتملة، حيث تدخل الرئيس لتعيين المزيد من الموالين له في البنتاغون بعد مغادرة نائب وزير الدفاع لشؤون السياسة جون رود في شباط / فبراير بعد معارضة شديدة للعديد من مبادرات ترامب، بما في ذلك الضربات السريعة ضد أهداف إيرانية وحجب المساعدات العسكرية الأميركية عن أوكرانيا التي أثارت في نهاية المطاف تحقيقاً في عزل ترامب.
وحتى وسط تفشي وباء كورونا، سعى البنتاغون للحفاظ على وتيرة الترشيحات للمضي قدماً. ويوم الخميس، ستستضيف لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ كينيث بريثويت، سفير ترامب السابق في النروج وصديق شخصي للوزير إسبر، في جلسة استماع لتأكيد تعيين وزير البحرية المقبل. سيواجه أسئلة من مجلس الشيوخ إلى جانب جيمس أندرسون، الذي تم تعيينه ليكون المسؤول الثاني للسياسة في البنتاغون، والجنرال تشارلز كيو براون، الذي تم ترشيحه ليكون رئيس أركان القوات الجوية.
إلى جانب الإعلان عن نيته ترشيح بريمر يوم الاثنين، قال ترامب إن الإدارة ستستعين بـ"شون ماناسكو" كنائب الوزير لشؤون القوات الجوية، وميشيل بيرس لتكون مستشارة عامة للجيش، وجون ويتلي ليكون مدير تقييم التكاليف وتقييم البرنامج في البنتاغون.
ولكن مع ضغط المشرعين على جدول زمني تشريعي ضيق بسبب وباء كورونا، يشعر المسؤولون السابقون بالقلق من أن الإدارة يمكن أن تدفع الكثير من البيروقراطيين غير المناسبين إلى أدوار البنتاغون رفيعة المستوى.
ترجمة: الميادين نت