"واشنطن بوست": لا أدلة على تزوير انتخابات بوليفيا التي فاز فيها موراليس

لم يجد باحثان أميركيان كتبا مقالاً في صحيفة "واشنطن بوست" أي سبب للشك في التزوير بالانتخابات البوليفية التي أدت لفوز إيفو موراليس، والتي وصفتها منظمة الدول الأميركية بأنها "مزورة".

  • "واشنطن بوست": لا أدلة على تزوير انتخابات بوليفيا التي فاز فيها موراليس
    انتخاب موراليس قانوني وشرعي ولا أدلة على أي تزوير في الانتخابات.

كتب الباحثان الأميركيان المختصان في علوم الانتخابات في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، جون كورييل وجاك ويليامز، مقالة في صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية استندت إلى بحث قاما به حول نزاهة الانتخابات البوليفية التي زُعم أنها مزورة، وشكّلت ذريعة لتبرير الانقلاب العسكري على الرئيس المنتخب إيفو موراليس.

وجاء في المقالة أنه "فيما تستعد بوليفيا لإجراء الانتخابات التكميلية في الثالث من أيار / مايو المقبل، لا تزال البلاد في حالة اضطراب بعد الانقلاب المدعوم من الجيش في 10 تشرين الثاني / نوفمبر الماضي ضد الرئيس أنذاك إيفو موراليس.

خلاصة سريعة: أعلن موراليس النصر في انتخابات تشرين الأول / أكتوبر ، لكن المعارضة احتجت على ما أسمته تزوير الانتخابات. أشار تقرير صدر في 10 تشرين الثاني / نوفمبر عن "منظمة الدول الأميركية" (OAS) إلى حدوث مخالفات في الانتخابات، والتي "تقود فريق التدقيق الفني إلى التشكيك في نزاهة نتائج الانتخابات في 20 تشرين الأول / أكتوبر". ثم انضمت الشرطة إلى الاحتجاجات وطلب موراليس اللجوء في المكسيك.

اتهمت الحكومة التي نصبها الجيش الرئيس موراليس بالفتنة والإرهاب. وأشار تقرير مراقبة (الانتخابات) صادر عن الاتحاد الأوروبي إلى أن حوالى 40 من مسؤولي الانتخابات السابقين قد تم اعتقالهم ويواجهون تهم جنائية تتعلق بالتحريض والتخريب، وقتل 35 شخصاً في النزاع الذي أعقب الانتخابات. وقد تلقى المرشح الرئاسي صاحب أعلى استطلاعات الرأي، وهو عضو في حزب موراليس، "الحركة نحو الاشتراكية"، استدعاء من النيابة العامة بتهم جرائم لم يكشف عنها، وهي خطوة يشتبه بعض المحللين بأنها تهدف إلى إبعاده عن الانتخابات.

ورأى الباحثان أن وسائل الاعلام قد غطّت الى حد كبير مزاعم التزوير على أنها حقيقة. وبرر الكثير من المعلقين الانقلاب كرد على التزوير الانتخابي من قبل حزب موراليس، "الحركة نحو الاشتراكية". مع ذلك وباعتبارنا متخصَصين في نزاهة الانتخابات نجد أن الأدلة الإحصائية لا تدعم الزعم بحصول تزوير في انتخابات بوليفيا في تشرين الأول / أكتوبر الماضي. 

وأوضح الكاتبان أن الداعم الأساسي لمزاعم التزوير هذه كان تقرير "منظمة الدول الأميركية"(OAS). إذ ادعى المدققون في المنظمة العثور على أدلة على حدوث تزوير في أعقاب توقف في العد الأولي للأصوات – وهو نتائج ليلة الانتخابات غير الملزمة التي تهدف إلى تتبع التقدم المحرز قبل الإحصاء الرسمي.

يتطلب الدستور البوليفي أن يحصل المرشح على أغلبية انتخابية صريحة أو 40 في المائة من الأصوات بفارق 10 في المائة على الأقل بين المرشح الأول والمرشح الثاني. 

وإلا ستكون هناك جولة انتخابات ثانية. جرى التوقف في العد الأولي عند 84 في المائة من الأصوات وكان موراليس قد حصل على 7.87 نقطة مئوية كفارق عن منافسه. وعلى الرغم من أن التوقف كان متسقًا مع وعد في وقت سابق لمسؤولي الانتخابات بأنه سيتم فرز أولى لـ80 في المائة على الأقل من الأصوات في ليلة الانتخابات، ومن ثم الاستمرار من خلال العد الرسمي، إلا أنه سرعان ما أعربت "منظمة الدول الأميركية" عن قلقها بشأن توقف العد. وعندما تم استئناف العد الأولي، كان هامش موراليس قد أصبح أعلى من 10 نقاط مئوية المطلوبة.

وادعت "منظمة الدول الأميركية" أن وقف العد الأولي أدى إلى اتجاه في الهامش "غير مرجح للغاية" لصالح حزب موراليس عند استئناف العد. وأعربت المنظمة عن "قلقها العميق وتفاجئها للتغير الحاد والذي يصعب تفسيره في اتجاه النتائج الأولية". باعتمادها نهجاً جديداً لتحليل التزوير، ادعت منظمة الدول الأميركية أن الانحرافات العالية في البيانات المبلغ عنها قبل وبعد وقف العد تشير إلى أدلة محتملة على التزوير.

لكن التحليل الإحصائي وراء هذا الادعاء إشكالي

يعتمد تقرير منظمة الدول الأميركية جزئياً على أدلة العلم الجنائي التي يقول محللو المنظمة إنها تشير إلى حدوث مخالفات، والتي تتضمن مزاعم بالتوقيعات المزورة وتغيير جداول الحساب، ووقف فرز الأصوات الأولي. وادعت المنظمة في إشارة إلى التوقف في فرز الأصوات الأولي أن "المخالفة على هذا المقياس هو عامل حاسم في النتيجة" لصالح موراليس، الذي كان بمثابة الدليل الكمي الرئيسي لمزاعمهم عن "التلاعب الواضح بنظام تريب TREP (العد السريع)... الذي أثّر على نتائج كل من هذا النظام والعد النهائي".

وقال الباحثان: "لا نقوم بتقييم ما إذا كانت هذه المخالفات تشير إلى تدخل متعمد - أو تعكس مشاكل نظام يعاني من نقص التمويل ومن مسؤولي انتخابات غير مدربين جيداً. بدلاً من ذلك، نعلق على الأدلة الإحصائية. وبما أن موراليس قد تجاوز عتبة 40 في المائة، فإن السؤال الرئيسي هو ما إذا كانت حصيلة التصويت كانت أعلى بـ10 نقاط مئوية من أقرب منافسيه. إذا لم يكن الأمر كذلك، فكان سيتم إجبار موراليس على المشاركة في جولة الإعادة ضد أقرب منافسيه - الرئيس السابق كارلوس ميسا".

وأضافا: نتائجنا كانت واضحة. لا يبدو أن هناك فرقاً جوهرياً إحصائياً في الهامش قبل وبعد إيقاف العد الأولي. بدلاً من ذلك، من المحتمل جداً أن موراليس قد تجاوز هامش الـ10 في المائة في الجولة الأولى.

وأوضح الخبيران أن نهج منظمة الدول الأميركية يعتمد على افتراضات مزدوجة: أن العد غير الرسمي يعكس بدقة التصويت الذي تم قياسه بشكل مستمر، وأن تفضيلات الناخبين المُبلغ عنها لا تختلف حسب الوقت من اليوم نفسه. إذا كانت هذه الافتراضات صحيحة، فإن أي تغيير في الاتجاه لصالح طرف ما بمرور الوقت يمكن أن يشير إلى حدوث تزوير.

لا تذكر منظمة الدول الأميركية بحثاً سابقاً يوضح صحة هذه الافتراضات. هناك أسباب للاعتقاد بأن تفضيلات الناخبين والإبلاغ عنها يمكن أن تختلف بمرور الوقت: مع الأشخاص الذين يعملون ويقترعون في وقت لاحق من اليوم، على سبيل المثال. قد تحتوي المناطق التي يتجمع فيها الناخبون الفقراء على طوابير أطول وقدرة أقل على العد والإبلاغ عن مجاميع التصويت بسرعة. قد تنطبق هذه العوامل جيداً في بوليفيا، حيث توجد فجوات شديدة في البنية التحتية والدخل بين المناطق الحضرية والمناطق الريفية.

هل كان هناك انقطاع بين الأصوات التي تم عدّها قبل العد غير الرسمي وبعده؟ بالتأكيد، قد يكون الانقطاع دليلًا على العبث. في روسيا، على سبيل المثال، هناك ادعاء واحد يتمثل في قيام مسؤولي الانتخابات المحليين بتعبئة صناديق الاقتراع لتحقيق النتائج المحددة مسبقاً.

إذا كانت النتيجة التي توصلت إليها منظمة الدول الأميركية صحيحة، فإننا نتوقع أن نرى ارتفاعاً حاداً في هامش تصويت لموراليس بعد فترة وجيزة من توقف فرز الأصوات الأولي - وسيكون هامش الانتخابات الناتج عن المقارنة مع أقرب منافس له كبيراً جداً بحيث لا يمكن تفسيره من خلال أدائه قبل إيقاف الفرز الأولي. وقد نتوقع رؤية حالات شاذة أخرى، مثل التحولات المفاجئة في الأصوات لموراليس من الدوائر الانتخابية التي كانت في السابق أقل ميلاً للتصويت لصالحه.

ويؤكد الباحثان أنهما لم يجدا أي دليل على أي من هذه الحالات الشاذة، كما يوضح رسم بياني يرفقانه بالمقالة. "لقد وجدنا علاقة بنسبة 0.946 بين هامش موراليس في النتائج قبل وقف العد وبعد استئنافه في الدوائر الانتخابية المحسوبة قبل وقف العد وبعد استئنافه. لا يوجد فرق ملحوظ بين الدوائر الانتخابية في النتائج قبل العد وبعده، مما يشير إلى عدم وجود أي مخالفات كبيرة. حاولنا نحن والعلماء الآخرون في هذا المجال الحصول على تعليق منظمة الدول الأميركية لكنها لم تستجب لنا".

أجرينا كذلك 1000 محاكاة لنرى ما إذا كان من الممكن التنبؤ بالفرق بين تصويت موراليس وحساب مرشح المركز الثاني، وذلك باستخدام الأصوات التي تم التحقق منها فقط قبل توقف العد الأولي. في عمليات المحاكاة التي أجريناها، وجدنا أن موراليس كان يمكنه توقع تقدم بنسبة 10.49 نقطة على الأقل على أقرب منافس له، أعلى من الحد الأدنى البالغ 10 نقاط واللازم للفوز المباشر. مجدداً، يشير هذا إلى أن أي زيادة في هامش موراليس بعد توقف العد يمكن تفسيرها بالكامل بالأصوات التي تم حسابها بالفعل.

لا يوجد دعم إحصائي لمزاعم تزوير الأصوات

يتابع الكاتبان: "لا يوجد أي دليل إحصائي على وجود تزوير يمكن أن نجده: الاتجاهات في العد الأولي، وعدم وجود أي قفزة كبيرة في الأصوات التي نالها موراليس بعد توقف العد ومن ثم استئنافه، وحجم هامش موراليس، كلها تبدو مشروعة. وعليه، فإن التحليل الإحصائي لمنظمة الدول الأميركية واستنتاجاتها ستبدو معيبة للغاية".

وجدت الأبحاث السابقة المنشورة هنا في فقرة Monkey Cage في صحيفة "واشنطن بوست" أن الاختلافات الاقتصادية والعرقية تجعل من الصعب التحقق من تسجيل الناخبين في الولايات المتحدة، مما يؤدي إلى زيادة استخدام الأصوات المؤقتة بين الديمقراطيين - ودعم أكبر للمرشحين الديمقراطيين من بين الأصوات التي يتم فرزها بعد يوم الانتخابات. ووفقاً لمعايير منظمة الدول الأميركية الخاصة بالتزوير، من الممكن أن يتم تصنيف الانتخابات الأميركية التي يتم فيها عد الأصوات لاحقاً وتميل إلى الديمقراطيين على أنها مزورة. بالطبع، يمثل تزوير الانتخابات مشكلة خطيرة، لكن الاعتماد على اختبارات لم يتم التحقق منها كدليل على التزوير يمثل تهديداً خطيراً لأي ديمقراطية. 

ترجمة: الميادين نت