التسابق الإسرائيلي نحو ضم الضفة الغربية
قفز اليسار الإسرائيلي إلى عربة ضم الضفة الغربية هو جزء من ظاهرة انحسار اليسار وتناقص دعمه للحلول التسووية مع الفلسطينيين.
نشر موقع "ميدل إيست مونيتور" مقالة للكاتب ناصر ناصر قال فيها إننا نشهد تصاعد حمى "ضم الضفة الغربية ووادي الأردن" في "إسرائيل" واليسار الإسرائيلي يركض للحاق بركب اليمين في هذا الصدد.
ورأى الكاتب أن هذا هو معنى ما كشف عنه أحد كبار الصحافيين الاستقصائيين في "إسرائيل"، رافيف دركر، في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية في 13 كانون الثاني / يناير الجاري، بشأن دوافع بنيامين نتنياهو الحقيقية لإعلان نيته ضم وادي الأردن.
فوفقاً لمصدر رفيع وموثوق به في حزب الليكود، فإن السبب في ذلك هو حرص نتنياهو على تولي زمام المبادرة بعد تلقيه معلومات تفيد بأن زعيم الحزب المنافس له، "أزرق أبيض"، بيني غانتس يعتزم استخدام ما يعتبر على نطاق واسع في "إسرائيل" بمثابة ورقة رابحة وإصدار إعلان مفاجئ قبل الانتخابات بأن حزبه يريد ضم غور الأردن، في حالة فوزه في انتخابات الكنيست.
وحذر دراكر من خطر أن تصبح مناورات الضم الانتخابية حقيقة واقعة تحظى بتوافق آراء الأحزاب الرئيسية في "إسرائيل".
ويعتبر اعتماد خطاب الضم في العديد من الدوائر في "إسرائيل" انتصاراً ملحوظاً لخط المستوطنين اليميني ونكسة كبيرة في مقترحات اليسار ومواقفه. فالنزاع الماضي بين اليمين واليسار، والذي بدا أنه تلاشى مع اعتماد غانتس لمشروع ضم وادي الأردن، كان مرتبطًا بمدى الضم وليس بفكرة الضم نفسها. إن حزب "أزرق وأبيض"، الممثل الرئيسي لأحزاب يسار الوسط، لا يعتمد مفهوم الضم فحسب، بل يعتمد أيضاً على المدى والحجم اللذين طالب بهما اليمين طوال السنوات السابقة.
فحقيقة أن اليسار قفز إلى عربة الضم هو جزء من ظاهرة انحسار اليسار وتناقص دعمه للحلول التسووية مع الفلسطينيين، بغض النظر عن مدى ضآلتها. فهذه ضربة قاسية أخرى لأولئك على الجانب الفلسطيني الذين يعتمدون على مقاربة المفاوضات والتسويات السلمية، ولا سيما رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.
فالتهديدات التي وجهها زعيم القائمة العربية المشتركة وعضو الكنيست أحمد الطيبي، الموجهة إلى أعضاء حزب "أزرق وأبيض"، وتحديداً ياؤول هندال، بعدم تصويت القائمة لصالحه كرئيس للوزراء ما لم يتوقفوا عن خطاب الضم، هي تعبير عن المحنة والإحراج اللذين يشعر بها أولئك الذين يراهنون على تسوية سلمية بدلاً من تهديد فارغ.
تجدر الإشارة إلى أن مصادرة الأراضي في الضفة الغربية والقدس، وكذلك سن القوانين في الكنيست، هما ضم تدريجي وغير معلوم يهدف إلى القضاء على فكرة الدولة الفلسطينية. هذا على الرغم من تأكيد قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2334، وهو أقوى قرار للأمم المتحدة يدين ويجرّم النشاط الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ومن الضروري التأكيد على أن المواجهة الفلسطينية لجميع التطورات الاستيطانية العنصرية والاستعمارية الإسرائيلية لا يمكن أن تحدث من دون توحيد الجبهة الداخلية الفلسطينية على أساس ما تم الاتفاق عليه بين جميع الفصائل الفلسطينية، بدءاً من وثيقة الأسرى، واتفاق القاهرة، وغيرها.
ترجمة: هيثم مزاحم