"إسرائيل اليوم": السيسي وضع واشنطن في مأزق
مع صعوده إلى الحكم، بدأ الرئيس السيسي بتنفيذ سياسة التقارب مع الدول العظمى، وبتنويع مشتريات الأسلحة. وهكذا تقارب مع فرنسا والهند والصين. لكن تقاربه مع روسيا هو الأكثر أهمية.
تنشغل وسائل الإعلام المصرية والعربية في هذه الأيام بقرار الرئيس المصري تعيين ابنه البكر محمود ملحقاً عسكرياً في روسيا. وتفسر مواقع إلكترونية معادية للرئيس المصري هذا القرار بأنه عملية إبعاد للابن الذي فشل في منصبه الكبير الذي كان يشغله في المخابرات المصرية.
إن هذا الافتراض خاطئ. فمنصب الملحق العسكري في دولة عظمى كروسيا ليس عقوبة، بل هو منصب غاية في الأهمية ومصدر قوة. وينسجم هذا التعيين مع سياسة الرئيس المصري لتطوير العلاقات مع الدول العظمى، ولتنويع مصادر الأسلحة. وسيكون الملحق العسكري الجديد على علاقة قوية مع المؤسستين العسكرية والمخابراتية في روسيا، وسيحظى بالاهتمام الشديد من والده رئيس الدولة.
لقد رأت المؤسسة الأمنية المصرية التي ينتمي إليها الرئيس الحالي، في الإطاحة بالرئيس مبارك في أعقاب ثورة 2011، وبتشجيع من الرئيس أوباما، أمراً خطيراً. وكان الشعور السائد هو أنه يمكن الاعتماد على الولايات المتحدة الأميركية إلى درجة معينة فقط. إذ قال لي أحد العاملين في هذه المؤسسة إن "الولايات المتحدة لم تعد الصديق الذي كان من قبل".
ومع صعوده إلى الحكم، بدأ السيسي بتنفيذ سياسة التقارب مع الدول العظمى، وبتنويع مشتريات الأسلحة. وهكذا تقارب مع فرنسا والهند والصين. لكن تقاربه مع روسيا هو الأكثر أهمية. فقد اختار الرئيس المصري روسيا لبناء أربعة مفاعلات نووية في منطقة الضبعة، بالقرب من الإسكندرية. وهو قد وافق على إشراك موسكو في بناء القرية الاقتصادية بالقرب من قناة السويس، كما اشترى أسلحة من روسيا.
وبعد رفض الولايات المتحدة الأمريكية بيع طائرات F35 إلى مصر، توجه الرئيس السيسي إلى الروس لشراء الطائرة الروسية المتطورة سوخوي35. ويدرك السيسي أن روسيا، وعلى خلاف الولايات المتحدة الأميركية، ليست ملتزمة بمبدأ الحفاظ على التفوق النوعي لصالح إسرائيل.
وعلى الرغم من أن الرئيس السيسي غير معني باستفزاز الأميركيين إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية ترى في محاولاته شراء طائرات روسية بمثابة تجاوز لأحد الخطوط الحمراء. ولم يتأخر الرد الأميركي في الوصول: إذ وجه وزيرا الخارجية والدفاع تحذيراً شديداً للسيسي بأن المساعدات الأميركية لمصر قد تتضرر بشكل شديد إذا ما أتم الصفقة مع روسيا. وجاء تواجد ابن الرئيس كملحق عسكري في روسيا بهدف المساعدة في تنفيذ هذه المهمة الصعبة.
واشنطن في أزمة. فهي ترى كيف أن الرئيس التركي، عدو السيسي، يتجاهل تهديدات الرئيس ترامب. وإذا ما قامت مصر بإكمال الصفقة، وقامت الولايات المتحدة بالمساس بالمساعدات إليها، فإنها تقضي بيدها على أحد عناصر الضغط التي ساعدت في الحفاظ على اتفاق السلام مع إسرائيل. وإذا ما خضعت واشنطن للسيسي وباعته طائرات F35 بدلاً من السوخوي فإنها ستُلحق الضرر بالمبدأ القديم والهام لكل الإدارات الأميركية بالحفاظ على التفوق النوعي لصالح إسرائيل. وفي لعبة ليّ الأذرع هذه، بين السيسي وترامب، يبدو أن يد السيسي، في هذه اللحظة، هي العليا.
ترجمة: مرعي حطيني